قطار طرابلس..متى يسير؟

احلى ما في صيف لبنان هذا العام ..مدينة جبيل وسوقها العتيق الذي لا ينام على وقع اصوات الموسيقى وضجيج رواد المقاهي و المطاعم ...المدينة تخرجك من صوت السياسيين وضجيج العمالة وتدخلك في مزاج اخر وعالم اخر...عالم يبتعد عن وسط بيروت الغارق بالسواح الخليجيين والمغتربين ...وبختلف عن مدينة طرابلس التي تنام مع الغروب ويزيد سواد ليلها قطع الكهرباء ورائحة النفايات...وجبيل التي تقع جغرافيا في الوسط بين وسط بيروت وقلب الشمال الحزين...تحتل المرتبة الاولى لمن يريد ان يمضي ليله بفرح...كل ما في المدينة ينبض فرحا ...قلعتها تغني .وسوقها يرقص حقا يرقص بكل ما فيه محلاته ,مطاعمه,رواده وحتى العاملين فيه...يعيدك السوق تلقائيا الى لبنان القديم او لبنان في العهد الفينيقي ..الحجر الرملي,القرميد الاحمر ..العقد الحجري..الشرفة المظللة بالعريشة والباب الخشبي العملاق..وتحطك ضيافة السوق في قبرص او اليونان ..موسيقى عالية واقدام ترقص من دون كلل او تعب...
طبعا لوسط بيروت رهجه وفرحه ولطرابلس حزنها الذي تحاول كسره ببعض مقاهي الرصيف على خط طريق الميناء ومنطقة الضم والفرز الجديدة...ولكني انتمي الى جبيل بروحها...وجدت نفسي هناك ...بين الحداثة والعراقة وحيث تمشي على هواك لا من يرمقك بنظرة ولا من يدقق في مظهرك ...ماذا ترتدي هل تليق ببيروت ووسطها ؟..او تعتدي على صورة مدينة طرابلس المحافظة....في جبيل الكثير من الحرية والقليل من التكلف ...الكثير من الفرح والقليل من الاسى ..ابن جبيل الجامعي ينظف الطاولة في المطعم من دون خجل وابنة جبيل ترقص في الشارع من دون خجل...جبيل هي مدينتي ...لنشتري منزلا في جبيل ؟اطالب زوجي وهو الذي يحلم بمنزل صغير زوجي في فلب العاصمة ويعرف لوعتي بطرابلس ...لم تعد طرابلس تروي عطشي..اعشقها ويؤلمني حضورها .. .لماذا كل هذا الظلام في طرابلس؟؟؟ ما الذي يعيق سيرها الى الامام ؟لماذا تكتسي بالأسى؟
غير ذلك الحي الصغير في الميناء ..لا مكان لي فيها...فاتني يوم الاحد " درج الدراجة بالأسكلة عالبسكلة "...حيث يتجمع الشباب على دراجاتهم عند الساعة الثامنة صباحا ويجولون في شوارع المدينة الصغيرة ...زحمة برامج الاجازة لم تتح لي فرصة التمتع بالضوء الصغير الذي يسطع من بحر المدينة المظلمة...قرب سكة الحديد والقطار الذي لا بد ان يعود ليسير ..باتجاه جبيل ...