اسرعت الخطى ، القت نظرة خاطفة كعادتها على كل عربات القطار ، لتختار الاكثر اكتضاضا بالمسافرين، انها لا تحب كثيرا السفر بالقطار ، قرأت كثيرا قصص اجاثا الكريستي و اثرت فيها ، سكنها الخوف ما اصابها لا تدري، انه الانسان ، غريبة اطواره ، احاسيسه تتغير و مشاعره تتلون من الادنى للاقصى هبوطا و نزولا بحالته النفسية ، جلست في استرخاء ، اغمضت عيناها و استسلمت لاغفاءة اعياء ، كان يومها حافلا ،زبائن المكتب كثيرين اليوم و عصبيين ، لا غرابة ثمة الكثير من القضايا التي صدرت بشانها احكام و نهاية الاسبوع دوما متعبة
توقف القطار في اكثر من محطة و فجأة فتحت عيناها لتجد نفسها وجها لوجه مع شاب بالمقعد المجاور لها ،يجذلق فيها بطريقة غريبة و العرق يتصبب من جبينه و فجأة بدأ ينزع البلوفر الصوفي ثم القميص ، ارتعدت اوصالها ،و لم تشعر بنفسها الا و هي تنتفض برعب واقفة لتقترب بتريث من جرس الانذار امسكت به و يدها ترتعش و بقيت يدها الاخرى متشبثة بحقيبة يدها بالكاد رجلاها تحملانها ترتعش بشكل غريب ، كاد يصيبها نوع من الغثيان ، الخوف ما اقساه الان فهمت ما تعنيه اجاثا كريستي، حين تصور الرعب و الخوف و كيف انه يشل الانسان و يصيبه بالعجز فلا يقوى الحراك و لا فكره يختار الطريق الانسب للخلاص من براثين موت محقق
في اول محطة نزلت مسرعة ، رأت الشاب يقفز من العربة خلفها ،يحاول اللحاق بها و هو في حالة يرثى لها
سيدتي سيدتي توقفي انتظري
لم تدر كيف صعدت العربة الموالية، استأنست بالركاب ، التقطت اتفاسها يصعوبة، لم تستطع حتى الصراخ لنجدتها ، امسك يها الشاب من كتفها ، فسقطت ارضا من رعبها ، كان منهك القوى، شعرت بانفاسه المتسارعة، امسك يدها لا يقوى حتى على الكلام ، فصرحت مرعوبة ، حاولت التملص منه ، اجكم الامساك بيدها ، فتحها وضع بها سلسلة و اغلقها و بصعوبة اردف
ارهقتني سيدتي ، انا مريض مصاب بحمى و نسيت رشاش الدواء عندي صعوبة في التنفس و ها انت تنهكين قواي السلسلة وقعت منك وسط العربة و جريت لاعطيك اياها ، لم يكد ينهي كلماته حتى سقط مغشا عليه احاطه الركاب لاسعافه بينما بقيت متسمرة في مكانها ذابلة مذعورة ، لترتمي على اول كرسي، منهكة القوى لا تقوى حتى على الكلام خجلا و خوفا ، يا لجنون خيالها و اوهامها و لجنوح فكرها ،باي المتاهات يرمينا حين يغرس الخوف مخالبه فينا
التعليقات (0)