اجه يكحلها عماها
العلامة الدكتور الكبير الاستاذ احمد الوائلي يقال عنه انه رجل مصلح اجتماعي من طراز خاص ويعاب عليه انه يحمل الطائفية في بعض جنباته تحديداً في تحريف بعض احداث التاريخ لامر ما
رغم ان الرجل مقبول لنا جميعا وانا اعتز به رحمه
سمعت له الكثير من الخطب واغلبها لها اهداف ونصائح اجتماعية غاية في الروعة الا انه ما ان يدخل الى التاريخ حتى يقع في الفخ الذي ما كنا نريده ان يقع فيه
مرة سمعت له محاضرة قيمة عن معركة عمورية الشهيرة لكن للاسف الشديد كانت كلماته هي من اوقعته في فخ المشكلة وتعثر هو في كلماته نفسه لاغيره وهذه المحاضرة جعلتني محول العنين والقلب والخاطر معا
ولا اريد الاطالة فقط اقول :قال العلامة احمد الوائلي في سرده لمعركة عمورية بين الروم والجيش الاسلامي العباسي في زمن الخليفة العباسي المعتصم بلله والتي دك بها حصون الروم واعاد السبايا وخلدها الشاعر العربي الكبير ابو تمام الطائي في قصيدة شهيرة
العلامة الوائلي كان يريد ان يفند شهامة الخليفة المعتصم وقال ان المراءة العربية التي اسرها الروم هي شيعية موالية لاهل البيت اي علوية الهوى وتكره العباسين وانها قالت بعد ان اذاها حديد وضغط القيد على معصمها بعد ان اسرها الروم ومن معها في قافلة الحج صاحت ((وامعصماه ))
ولم تقل ابدا (وامعتصماه )) اي انها ابت ان تستنجد في شهامة الخليفة العباسي المعتصم بلله
لا اريد ان ادخل في الاصل التاريخي للحادثة فهي موثقه في امهات كتب التاريخ مثل تاريخ الطبري وابن الاثير وغيرها الكثير وقصيدة الشاعر العربي ابو تمام تؤكد ان الرواية كما جاءت لنا بخلاف رواية العلامة الوائلي
سافترض جدلا ان رواية العلامة احمد الوائلي صحيحة مئة في المئة
وان السيدة الاسيرة هي علوية الهوى وانها صاحت(( وامعصماه ))وليس ((وامعتصماه))
لكن الجيش العربي الاسلامي جاء بقيادة القائد الافشين وتحت امرة الخليفة المعتصم ودك قلاع عمورية ثم حرر الاسرى
هناك فرضيتان حسب الرواية الوائلية لتفسير السبب من وراء النجدة لهؤلاء الاسرى
الفرضية الاولى :
ان احدهم اخطاء في ايصال النداء وربما التبس عليه الامر ليقول للخليفة ان سيدة صاحت واستنجدت به وقالت ((وامعتصماه )) ولبى الخليفة الندى ..هذه الفرضية الاولى على زعم ان المراءة صاحت وامعصماه وابت ان تستنجد بالعباسيين
الفرضية الثانية :
ان المراءة قالت ما قالته سواء علم به الخليفة لم يعلم النتيجة كانت زحف الجيش العباسي الى قلاع عمورية
وقال الخليفة انه قادم بجيش اوله في عمورية واخره عنده
وحررت الفتاة والسبايا وقال ابو تمام في هذا:
السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعبِ
بـيــض الصـفـائـح لا ســـود الـصـحـائـف فــــي مـتــونــهــن جــــــــلاء الــــشــــك والــــريــــبِ
والـعــلــم فـــــي شــهـــب الأرمـــــاح لامــعـــةبـيــن الخميـسـيـن لا فـــي الـسـبـعـة الـشـهــبِ
فــتـــح الـفــتــوح تــعــالــى أن يــحــيــط بــــــه نـظــم مـــن الـشـعــر أو نــثــر مــــن الـخـطــبِ
تـــدبـــيـــر مــعــتــصـــمٍ بـــــــــا لله مــنــتـــقـــم لله مــــرتــــقــــب فــــــــــــي الله مــــرتــــغــــبِ
لـــم يـغــز قــومــاً ولــــم يـنـهــض إلــــى بــلــدٍإلا تــقـــدمـــه جــــيــــش مــــــــن الــــرعـــــبِ
لـــو لـــم يـقــد جـحـفــلاً يــــوم الــوغــي لــفــدا مــــن نـفـســه وحــدهــا فــــي جـحـفــل لــجــبِ
رمــــــــى بــــــــك الله بــرجــيــهــا فــهــدمــهــاولــــو رمــــى بــــك غــيـــر الله لـــــم تــصـــبِ
أجــبــتـــه مــعــلــنــاً بــالــســيــف مـنـصــلــتــاًولــــو أجــبــت بـغـيــر الـســيــف لـــــم تــجـــبِ
خـلـيــفــة الله جــــــازي الله ســعــيـــك عـــــــن جـرثــومــة الــديـــن و الإســـــلام والــحــســبِ
بـصــرت بـــا لــراحــة الـكـبــرى فــلــم تــرهــا إلاّ عـــلـــى جـــســـرٍ مــــــن الــتــعـــبِ
أبـقـيـت بــيــن الأصــفــر الـمـصـفـرِ كـاسـمـهـمُ صفــر الـوجـوه وجـلـت أوجــه الـعــربِ
واعاد اليها الشاعر العربي الكبير عمر ابو ريشة الهيبة والجلال اليها بقصيدته الرائعة والخالدة ((امتي))ويقول في جزء منها:
أمتي هل لك بين الأمم منبر للسيف أو للقلم
أتلقاك وطرفي ..... مطرق خجلا من أمسك المنصرم
ويكاد الدمع يهمي عابثا ببقايا ..... كبرياء ..... الألم
أين دنياك التي أوحت إلى وتري كل يتيم النغم
كم تخطيت على أصدائه ملعب العز ومغنى الشمم
وتهاديت كأني ..... ساحب مئزري فوق جباه الأنجم
أمتي كم غصة دامية خنقت نجوى علاك في فمي
أي جرح في إبائي راعف فاته الآسي فلم يلتئم
ألاسرائيل ..... تعلو ..... راية في حمى المهد وظل الحرم !؟
كيف أغضيت على الذل ولم تنفضي عنك غبار التهم ؟
أوما كنت إذا البغي اعتدى موجة من لهب أو من دم !؟
كيف أقدمت وأحجمت ولم يشتف الثأر ولم تنتقمي ؟
اسمعي نوح الحزانى واطربي وانظري دمع اليتامى وابسمي
ودعي القادة في أهوائها تتفانى في خسيس المغنم
رب وامعتصماه انطلقت ملء أفواه البنات اليتم
لامست أسماعهم ..... لكنها لم تلامس نخوة المعتصم
أمتي كم صنم مجدته لم يكن يحمل طهر الصنم
لايلام الذئب في عدوانه إن يك الراعي عدوَّ الغنم
فاحبسي الشكوى فلولاك لما كان في الحكم عبيدُ الدرهم
أيها الجندي يا كبش الفدا يا شعاع الأمل المبتسم
ما عرفت البخل بالروح إذا طلبتها غصص المجد الظمي
بورك الجرح الذي تحمله شرفا تحت ظلال العلم
هوامش ومصادر:
الطبري: تاريخ الرسل والملوك ـ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ـ دار المعارف ـ القاهرة (1968).
محمد الخضري: الدولة العباسيةـ المكتبة التجارية الكبرىـ القاهرةـ 1959م.
شاكر مصطفى: دولة بني العباس ـ وكالة المطبوعات ـ الكويت ـ 1974م.
فتحي عثمان: الحدود الإسلامية البيزنطية بين الاحتكاك الحربي والاتصال الحضاري ـ دار الكتاب العربي ـ القاهرة ـ بدون تاريخ.
أبو تمام: ديوان أبي تمام بشرح الخطيب التبريزي ـ تحقيق محمد عبده عزام ـ دار المعارف، القاهرة ـ 1972م.
Read more: http://www.islamonline.net
التعليقات (0)