عام مضى، ونواب القدس ما زالوا معتصمين بمقر الصليب الأحمر، والمجتمع الدولي لم يحرك ساكناً، والموقف الفلسطيني الرسمي لم يطرح القضية في المحافل الدولية.
أحمد عطون ومحمد أبو طير ومحمد طوطح هم ممثلو الشعب الفلسطيني عن دائرة القدس في المجلس التشريعي، فازوا بانتخابات ديمقراطية شهد العالم أجمع بنزاهتها، ووافقت (إسرائيل) أصلاً على إجرائها في مدينة القدس، من أجل أن تظهر للعالم بأنها دولة راعية الديمقراطية وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط، ولكن قرار إبعاد النواب ووزير شؤون القدس السابق خالد أبو عرفة لم يكن الأول في تاريخ الدولة العبرية، بل يمثل سياسة قديمة جديدة لدولة الاحتلال حيث عمدت (إسرائيل) منذ احتلالها للقدس في الرابع من حزيران/1967م، إلى اعتماد سياسة ممنهجة لتفريغ المدينة المقدسة من طابعها الديموغرافي، وكذلك تغيير معالمها العربية والإسلامية، فبدأت بسياسة سحب الهويات من المقدسيين، وفرض الضرائب على السكان، ووقف منح تصاريح البناء، وهدم المنازل والمقابر العربية، وشراء العقارات بأموال طائلة، كل ذلك من أجل تهويد المدينة وتفريغها من سكانها، وصولاً إلى إقرار العالم أجمع بأنها العاصمة الموحدة لدولة (إسرائيل).
فتلك الممارسات بحق الشعب الفلسطيني المحتل وممارسة التهجير القسري للسكان الأصليين، ومنها إبعاد نواب القدس، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن (إسرائيل) دولة مخالفة للقانون الدولي الإنساني، ولاتفاقية جنيف الرابعة ولميثاق روما، ولكل الشرائع السماوية، وهذا ليس تجنيا عليها بل مثبت في عقيدتها وقوانينها بأنها دولة عنصرية، وأن الديمقراطية التي تدعيها هي ديمقراطية موجهة تقوم على أساس عرقي، وتخدم جنس اليهود فقط، وهذا مثبت في تلمودهم حيث جاء فيه: " نفوس اليهود من روح الله، ونفوس غير اليهود من روح نجسة".
أما القوانين العنصرية التي تستند إليها (إسرائيل) في تنفيذ سياسات الإبعاد القسري ضد أصحاب الأرض، فهي قوانين وأوامر عنصرية، لابد من ترجمتها وفضحها أمام الرأي العام الدولي، وهي على النحو التالي:
1- أنظمة الطوارئ البريطانية:
هي أنظمة استخدمتها بريطانيا فترة انتدابها لفلسطين عام 1945م، ضد الفلسطينيين واليهود، بحيث تنص المادة (112/1): "تناط بالمندوب السامي صلاحية إصدار أمر، يكلف فيه أي شخص بمغادرة فلسطين والبقاء خارجها".
وبعد احتلال (إسرائيل) لبقية الأرض الفلسطينية في الرابع من حزيران 1967م، وتحديداً مدينة القدس الشرقية، مارست (إسرائيل) سياسة الإبعاد القسري تحت طائلة أنظمة الدفاع البريطانية، والتي ألغيت أصلاً بقرار من ملك بريطانيا اعتباراً من 14/5/1948م، بموجب مرسوم الإلغاءات الصادر بتاريخ 14/5/1948م، أي قبل انتهاء الانتداب على فلسطين بيومين. والتزمت بهذا القرار كل من مصر والأردن اللتين حكمتا الضفة الغربية وقطاع غزة في الفترة التي سبقت العام 1967م.
ولكن (إسرائيل) التي توظف القانون الدولي لصالحها بما يخدم أهدافها التوسعية ومصالحها القومية، فقد استمرت بالعمل ضمن تلك اللوائح والقوانين، وأبعدت مئات الفلسطينيين قسرياً تحت تلك الأنظمة البريطانية، ومن أبرز عمليات الإبعاد القسري هي عملية الإبعاد الجماعي عام 1992 إلى مرج الزهور اللبنانية.
2- الأوامر العسكرية الإسرائيلية:
أصدرت (إسرائيل) أمرين عسكريين على قطاع غزة والضفة الغربية يمنحان الحاكم العسكري حق طرد الفلسطيني سواء مدانا أم غير مدان، فطبق على قطاع غزة الأمر العسكري رقم 290، وعلى الضفة الغربية الأمر العسكري رقم 329، والذي عدل فيما بعد بالقرار العنصري 1650.
3- قانون الدخول إلى (إسرائيل) الصادر عام 1952م:
سكان القدس الشرقية مقيمون دائمون من وجهة النظر الإسرائيلية، وبذلك ينطبق عليهم قانون الدخول إلى (إسرائيل)، ومن رحم هذا القانون العنصري أصدر وزير الداخلية الصهيوني روني بار أون قراراً بموجب البند 11 من قانون الدخول إلى (إسرائيل)، والذي ينص على: "يحق لوزير الداخلية إلغاء تصريح الإقامة الذي منح بموجب هذا القانون".
وبرّر وزير الداخلية قراره بأن هؤلاء النواب يتبعون منظمة إرهابية (حماس(.
من هنا نرى أن (إسرائيل) تتعامل مع القدس الشرقية بأنها أرض إسرائيلية، والفلسطينيون هم ضيوف عليها، وهذا مخالف لقرارات الأمم المتحدة (181- 242-252- 303-2253-2254) والتي جميعها تؤكد على بطلان الإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس الشرقية.
أما ما يتعلق بإبعاد النواب وممارسة سياسة الإبعاد والتهجير القسري، فإن ذلك مخالف للقانون الدولي الإنساني، وهذا يتطلب من القيادة الفلسطينية وجامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي إعادة الاعتبار للقدس وسكانها ومعالمها من سياسة التهويد الصهيونية.
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)