الكاتب : أ. عمر غوراني - مدرسة ياصيد الثانوية للبنين - نابلس • المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه .
• في هذه الزاوية : ( قضايا للنقاش ) و في نظائرها على صفحات المدونات الكريمة الأخرى حيوات كثيرة تنضاف إلى حياة المرء ، و عقول كثيرة تضاف إلى عقله ..
• ندعو لهذه الزاوية عموم المثقفين و الإخوة الزملاء ، و أصحاب التخصص ، للمشاركة بآرائهم لمزيد من الإثراء و الإغناء ، آملين ألاّ يبخل أحد بما لديه ..
• تتناول هذه الزاوية قضايا تعليمية أو تربوية أو ثقافية مختلفة . و رأينا أن يتم تناول القضية الواحدة منها في حلقات ؛ و ذلك بقصد :
- التركيز على محاور معينة ؛ حفاظا على منهجية البحث و النقاش .
- و تجنبا للتشعيب المشتت .
- و تحاشيا للسأم و الإملال المصاحبين للإطالة عادةً
1
اللغة العربية الفصيحة في المدارس
1
الواقع و المشكلة
و إذا قلنا : العربية الفصيحة في المدارس ، فذلك يعني : في المجتمع و الحياة ، و إنْ لاحقاً . جهود ضخمة
كم بُذِل من قرطاس و قلم .. في تحبير صحائف و كتب ، في النحو و الصرف و الأصوات و اللغة عموما ؟ ناهيك عن البلاغة و النقد و ما إليهما من فروع ذات صلة .. و كم صرف من طاقة ذهنية و صوتية ، بل و حركية عضلية و جسمية ، من أجل اللغة العربية .. ؟ و كم أنفق من مال و ساعات طوال في هذا الخصوص ؟ كم من معلم للغة العربية في المدارس و الجامعات و الدراسات العليا ، في طول الوطن العربي و عرضه ؟
هذه الجهود و الطاقات ، و ذلك المال و تلك الساعات - و هي أمور مسئول عنها المرء يوم القيامة ؛ لا تزل قدما عبد يومئذ حتى يُسأل عنها -أيعقل أن تصرف و تنفق عبثا ؟
تلك إذن مصيبة ، بل فاجعة و كارثة ، بل جائحة و طامة كبرى .. و ما شئت بعدُ من مفردات مرادفات .. ! مَعْلم حضارة و بنيان أمة
و ليس من غريب الإتفاق أن يتصادف مقال مفصّل أعددته في هذا الخصوص، مع دعوة تلقتها مدارس نابلس من مكتب تربية نابلس لحضور ندوة في هذا الشأن . أقول : ليس غريبا .. إنها الغيرة على اللغة العربية . كيف لا ، و اللغة مَعلم أصيل من معالم أيّ أمة ، و ركن ركين في بنيانها ، في وقت يُمكر فيه للأمة مكرا ، لتزول منه الجبال ، و يؤتى فيه بنيانها من القواعد .. !
و إذا كانت اللغة كذلك ؛ ليست محض إشارات و رموز ، بل معلم حضارة و بنيان أمة ، فإن الأمر جد خطير حين يمسي تعليم اللغة عبثا أو شبه عبث – بقصد أو بغير قصد – أو تكون العربية الفصيحة – في أحسن أحوالها - تحفة جميلة على منضدة ، أو مجالا لاستعراض القوى ؛ حين يدور على ألسنة معلميها في منتدياتهم الوجه الخامس أو السادس لإعراب الكلمة .. ! عبثٌ و ضحك .. !
ماذا يسمى تعليم قواعد العربية الفصيحة في المدارس و الجامعات ، و ينفق في ذلك ما ينفق ، ثم لا يلتزم الطالب و المعلم أو يُلزمان بها ، تطبيقا و نطقا ؟ ماذا يمكن أن يسمى هذا الأمر – و اللغة من أبرز مهماتها : الإختيار الدقيق للمفردات - غير ( العبث ) ؟!
و إذا كان من موانع استخدام اللغة فصيحة في الحياة ، و هذا ما يدور على كثير من الألسنة من العامة و الخاصة ، أن ذلك الإستخدام مَثارٌ للضحك ، فإن هذا الضحك – بداية – ما هو إلاّ دليل قاطع على الهزيمة النفسية للأمة ، التي تسخر من مقوم أصيل من مقومات وجودها . هذه الهزيمة التي هي أثر حتمي لهزائم الأمة على الصعد كافة ، بل هي أثر " لسقوط الأمة " كما نص على ذلك الإمام ابن حزم الأندلسي ! ( د. يحيى جبر ، ندوة : الواقع اللغوي في فلسطين ... ، ثانوية جمال عبد الناصر للبنات – نابلس ، 22 /2/2010م )
و هنا بالضبط – الضحك من اللغة فصيحة ً– مثال ، هو غاية في الدقة، على المضحكات المبكيات ! و لا ضير من الضحك على كل حال ، على أن ينظر أولو الأمر بجد لهذا المانع . و لا أظنه مانعا يصمد طويلاً أو يكلف زواله كثيرا ً. طموح واثق .. إنَّ الطموح لدى كل غيور على العربية – فيما أحسب - أن ينطق اللغة فصيحة ً ، لا معلم العربية وطلابه في المدرسة أو الجامعة وحدهم ، بل معلمو المدرسة و الجامعة و طلابهم كلّـُهم جميعاً .. و بالمناسبة ، فإنني أثمن عاليا إقرار العربية مساقا إلزاميا لكل فروع التخصصات في الجامعات .
و لن يمر طويل وقت - فيما أرى - جيل أو جيلان في بضع سنين ، حتى تكون العربية الفصيحة ، لغة الوسط التعليمي و الثقافي . و لن يمر إلّاـ بضع سنين أخرى مثلها حتى تكون العربية الفصيحة لغة الشارع و الحياة العامة . إنني أستبشر بذلك ، و لا أراه إلا ممكنا يسيرا ، إذا توافرت الغيرة و توافرت النوايا الصادقة ، و تضافرت الجهود التي لن تزيد كثيرا عمّا هو مبذول ٌ واقعا ، و رصدت الإمكانات التي لا أحسبها كذلك تزيد كثيرا عمّا هو مرصود . ملخص نقاط محور النقاش
1- هل ترى ضرورة لأن يتكلم المعلم و الطالب العربية فصيحة في حصة اللغة العربية أو محاضرتها ؟
2- هل ترى ضرورة أو حاجة لاستعمال اللغة العربية فصيحة في الحياة ؟
3- هل ترى أن اللغة عموما ، محض إشارات و رموز ؟ أم هي معلم حضارة و بنيان أمة كذلك ؟
4- هل ترى وجها أو وجاهة للتندر أو السخرية باستعمال اللغة فصيحة ؟
5- هل لديك أمل أو طموح في أن تستخدم العربية فصيحة في المجتمع و الحياة العامة ؟
6- و نقاط أخرى تراها مناسبة للنقاش في هذا المحور ..
المحور القادم : الحلول و الوسائل للمشكلة المطروحة : ( العربية فصيحة في المدارس ) ..
التعليقات (0)