مبروك البهجاوي والبنات والبنين ـــ
قصة خيالية ساخرة هادفة من تأليف
الكاتب رضا التونسي ــ
مبروك البهجاوي شاب في مقتبل العمر ،
ممتلىء الجسم ووجهه مستدير مشوب بحمرة
البذخ والصحة ،
أبوه غني جدا لذا ولد
مبروك في الماء الحلو كما يقال ،
مبروك
هذا عوض أن يساعد أباه في إدارة أملاكه
ومصانعه ،
أصبح يفضّل ارتياد المقاهى
والحانات ومجالسة أصحاب السوء ،
في يوم
من الأيام شرب من بنت العنب حتى ثمل مع
أصحابه وكلّه على حسابه كالعادة ،
حكى
لهم قصة عائلته وأمور شخصية ،
فقال لهم
،،، إني وحيد أبوي ولي ست أخوات بنات
متزوجات كلهن وأنا السابع وآخر
تمصميصة ـ
كما يقال عن آخر مولود ،
والمدلّل ودلوع العائلة ،
كان أبي يحب
الأولاد الذكور ،
لكن المولود الأول
طلع بنيّة ، غضب أبي الحاج الصادق وحزن
، فعزّاه الناس قائلين ، مالك يا صادق ،
احمد الله على نعمته كان من الممكن أن
تكون من الذين لا ينجبون بتاتا ،
وهذه
البطن الأولى بنت أحسن من الولد ، ،
فمع
الأيام سكت على مضض ، قائلا لهم إن لي
هدف أن يكون لي ولد يرث اسمي ومصانعي ،
فبعد مدّة ،
والكلام على لسان مبروك قال
إن أبي بقي في كلّ مرّة ينتظر متى يأتي الولد فتكون
بنتا ،
فيغضب ويحزن فيعزونه بالقول هذه
سوف تؤنس أختها ليلعبا مع بعضهما
وتكونا خالتين لما تكبران ،
بعد مدة
تأتي البنت الثّالثة
فيجدون له تعزية مناسبة ،
إلى أن نفدت
أسماء البنات الجميلة كليلى وسماح
ومريم ونورهان فأصبح يسمي ، ليلى مكرر ،
ونورهان مكرر ههه ،
لم ييأس واصل
المحاولات إلى أن كللت مجهوداته بهدف مر
من تحت قدمي الحارس ،
فأتيت أنا ، فكم سر
بي أبي الصادق وكم أقام من احتفالات
وذبائح والناس كلها تهنيء مبروك يا عم
الصادق ،
مبروك الأمّور ، فقر رأيه على
أن يسميني مبروك ههه إثنان في واحد
منها إسم ومنها تهنئة متواصلة هههه ،
فقام أحد الندماء في المقهى يضحك وقال
له ،
باين عليك مبروك بحق لو سماك ـــ
مبارك ــ كما ذاك الرجل لكان أحسن ههه ،
لم يفهم مبروك اللقطة لكنه أجاب مبروك
أو مبارك نفس المعنى ،
فأجابه النديم
ذاك بالنسبة لك وحدك ههه،
مبروك هذا كل
يوم ــ ينصب ـ في مقهى حانة حاشاكم ،
ويبقى مع ندمائه يدفع من جيبه بدون حساب
، اشترى السيارة الأولى ، لعبوا له
والثانية والثالثة ،
إذ يزينون له
بيعها لأحدهم فيشتريها منه بأقل من ربع
الثمن رغم أنها مازالت جديدة ،
ثم
يبيعونها بسعرها الحقيقي ويقتسمون
الربح مع بعضهم ،
في يوم من الأيام
اشترى سيارة ب ـم ـ دوبل فاي ــ ب١٤٠ ألف
دينار نحّوها له ب٣٠ ألف فقط أذ قالوا
له هذه صنف متوسطي الحال اشتر سيارة ــ
نوع بوقاتي ــ
أحسن لك وقالوا له هذه
قوية ، فقال لهم نعم ها إن اسمها يبدأ ب
بو أي أبو قاطي ،
اشتراها ب٥٠٠ ألف
دينار نحّوها له ب١٣٠ ألف فقط ، بعد ٤
أو ٥ أشهر أعادوا له الخطة قالوا له لو
ترى سيارة ــ المازيراتي ــ كأنها
طائرة ،
فقال لهم يبدو أنها مصنوعة في
مصراتة ، بما أن اسمها مصراتي ـ
هذه لا
أريدها قد تكون من عند بوزنقة ،
فما
زالو به حتى أقنعوه بأن لا علاقة بين
مازيراتي الطليان ومصراتة ،
اشتراها ،
ب٧٠٠ ألف دينار ، بعد ستة أشهر زينوا له
اشتراء سيارة ــ فيرّاري ــ فقال لهم
منكّتا هذه جيدة للفرار منكم ،
فتظاهروا بأن النكتة تقتل بالضحك وفعلا
ضحكوا حتى استلقوا فسر بذلك وباع لهم
المزراتي بربع الثمن ،،،،
وهكذا دام
الحال على ذاك المنوال ، وأبوه يرعد
ويزبد ، ولكن لم ينفع ،
مبروك طلع ــ
بيضة حارمة ــ لا يحب العمل ولا تحمل
مسؤولية ولا شيء ، فبدأ أبوه يكرهه
ويقول في نفسه البنات أحسن منّو هذا ،
إنه سيفلس لي الشركات بتبذيره ، فأصدر
أمرا للمقتصد بعدم إعطائه أكثر من ٥٠٠
دينار يوميا هههه ،
ثم خفضها له أبوه إلى النصف ،
علّه يثوب
لرشده ، لكن هيهات لقد فسد وفات فيه
الفوت أي قضي الأمر ولم يعد ينفع معه
شيء ،
بعد أيام توفي الحاج الصادق إثر
سكتة قلبية مفاجأة ،
فورثت البنات نصف
التركة من مصانع ومزارع ومداجن ،
أما
مبروك فقد ورث النصف الآخر لأن والده
اتضح أنه كتبه باسمه ،
ولم تمهله المنية
ليصحح الوضعية ، البنات كان أزواجهن
رجالا صالحين واصلوا النهوض بشركاتهم
أما مبروك فواصل في طريق الغي مع أصحاب
السوء ،
كم حذّره المقتصد صديق أبيه ،
لكنه قام بطرده إذ أصبحت نصائحه تزعجه
، فاقترح عليه أصحاب السوء ـ فتاة ـ
قالوا له إنها متخرجة من جامعة
الإقتصاد ،
أخذت هي مسؤولية ــ تفليسه
هه ، فلم تمض سنة حتى أصبح على الحديدة ،
وتحولت أملاكه لأصدقائه هؤلاء ،
عندها
انفضوا عنه ولم يعودوا يعرفونه ولا حتى
أن يردوا عليه التحية ،
إلى أن كان يوم
إذ فاجأه أحد هؤلاء المنحرفين وهو
الأقل حظا منهم فقال له ،،،
هؤلاء
ساقطين وأنا سأبقى صديقك الوفي ،
كم بقي
عندك من مال الآن ؟
سوف نكون مشروعا
مربحا للغاية ،
فسأله مبروك بلهفة ماهو
؟ فقال له سوف أشرحه لك إذ هو مربح بنسبة
١٠٠بالمائة أي تمول ألفا يصبح عندك
ألفان ،
فسال لعاب مبروك وقال له بقي لي
١٠ الاف دينار فقط ،
فقال له هاتها وسوف
ترى الربح وسوف تسترجع أكثر مما كان
عندك بعد مدة قصيرة ،
وفعلا ناوله إياه
ومن الغد أتاه برطل مسحوق أبيض ، قال له
هذا مسحوق الكيف الغرام يباع ب٢٠
دينارا ،
فخاف مبروك من العاقبة وفهم
أنها من الممنوعات ، لكنه رضخ لتطمينات
صديقه ،
حيث أفهمه طريقة الترويج في
أوساط المنحرفين ،
انجر مبروك للإنحراف
، وبعد يومين ألقي عليه القبض بتهمة
ترويج الممنوعات مما سيكلفه عشرات
السنين في السجن ،
تعرض للتحقيق واعترف
ولم يبق سوى الإمضاء على المحضر ، لكن
في آخر لحظة بينت تحاليل المخبر أن
المسحوق لم يكن سوى دقيق السميد الأبيض
فارينة ، مخلوط بها بعض البهارات لا غير
، فهنأه المحقق بنجاته ،
لكن مبروك أصر
على تتبع صاحبه بدعوى الغش في البضاعة
إذ غشه عوضا عن ممنوعات باعه مسحوق
الفارينة ، فحكموا على صديقه بغرامة
مالية بسيطة بتهمة الترفيع في سعر
الدقيق ،
إذ باعه رطلا ب١٠ آلاف دينار
عوضا عن نصف دينار واحد هه،
أما مبروك
فقد حكم عليه بشهر سجنا مع تأجيل
التنفيذ بتهمة التظاهر ببيع الممنوعات
ههه ،
سمعت أخواته بالموضوع فساندنه
وقلن ما هو إلا أخونا ابن أبينا وأمنا ،
وفعلا مازلن به هن والأم يحاولن إعادته
للجادة والطريق المستقيم ،
فهداه الله
وتاب ، فانتدبته أخته الكبرى كناظر في
مصنعها ، ثم تدبّر أمره ففتح له دكانا
لبيع قطع غيار السيارات ،
وبقي إنسانا
مستور الحال ، ثم تزوج ، وهو يأمل أن لا
يرزقه الله سوى بالبنات ههه ،وتستمر
الأيام ،
فرزقه الله ببنتين وولدين من
أحسن الذرية ، الورع والإستقامة ،
حينها قال ،
سبحان الله في خلقه ، يعطي
من يشاء ويمنع عمن يشاء ،
وما تشاؤون
إلا أن يشاء الله //،
انتهت القصة ، مع
تحية من أخيكم رضا التونسي
في يوم الأربعاء ٢٩ جوان ٢٠١١ ،
الحقوق محفوظة للكاتب رضا التونسي
التعليقات (0)