قصيدة تتحدث عن نفسها

قالوا :

أتكتب في العروض والقافية
والضرب اذا إنضرب ؟
أتراعي الحشوَ وتراعي المقتضب؟
وتوزن الرويّ والحركات
وبحور الشعر
مستفعلن مستفعلن فاعلات!!

قلت لا
فلا الخليل بن احمد يسعفني
ولا الاخفش يزوّدني بالمستجدات
ولا بالمستحدثات
فشعري يأتيني دون عناء
دون ذكاء
شعري من جسدي
عضو كسائر الاعضاء

شعري لم يكن سوى مطر
وجواز سفرْ
وحقيبة سفرْ
طِيباً وعِطراً وثمر
خبزًا وماء
شعري كقصّاص أثر
يطيل السهر
يدقق النظر
يبحث عن غيمة ضحك الرشيد لها
مرّت من هنا
ولم يعد لها أثر

يبحث في التاريخ
عن بطولات صلاح الدين
ونور الدين
وابن تاشفين
يبحث عن سيف عمر
وعدل عمر
ليلغي ملوك الطوائف
ويوقف صوت القذائف

حاولت مثل الجميع
اكتب عن كل الأشياء
أختصر الأشياء
اكتب مدحًا ، وصفًا
هجاءً ورثاء
لكن قصيدتي تشاء
ما لا أشاء
قصيدتي طائر يحلق في السماء
وشعلة نار تضيء في الصحراء
فلا تعترف بمنطق المنطق
او ضرورة الإنشاء
بسيطة بساطة البسطاء
تريد ان يفهمها جميع الناس
حتى البُلهاء
تريد ان يقرأها
من لا يعرف في الشعر
ألفٌ و باء
فشعري يدور في داخلي
كالماء في الهواء
ليملأ الفضاء
أرضاً وسماء
لا يعرف الحدود والوعود
لا يعرف الإقصاء والإلغاء

لِشعري أمل
لشعري دعاء
ان تُولد قصة حبٍ بعد كل لقاء
أن يجمع الآراء
وأن يُعيد ولاية البراء
أريد من شعري
ان يكفكف دمعة اليتيم
وللسقيم جرعة وشفاء
وللخائف في زمن الخوف
سلاحًا ورجاء

سأنشر شعرًا يُديم الفرح
ويبعث في القلب الحُبور
وينشر في النفس المرح
كقوس قزح
اذا ما اتشح
امام شرفة البيت
في الشتاء قبل المساء
أو كنسمة باردة
تهب في الصيف تلطّف الاجواء

فأنا أكتب عن السماء
وسر النجوم
وأنشر كلماتي بين السحاب
وفوق الغيوم
كالغيث يأتي بالخير
يطرد الهموم
سأنشر شعرًا كشعاع الشمس
أو ضوء القمر
أرقُ من هواء عليل
ليشدو كطائر الوروار
مع قسمات السَحَر
أردت لشعري
أن يسقط كما تسقط في أيلول
أُولى حبات المطر
فتغسل البيوت والشوارع والشجر
وترسل رائحة تزكي الانوف
ومنظر يُجلي البصر
لينزع الحجاب وينقشع الضباب
يزيل الضجر

حاولت ان يكون شعري
منمقًا، مزخرفًا، معلقًا على الجدران
وآية في الفكر والتبيان
وشاهقاً يطاول البنيان
سهلًا ممتنعًا واضح البيان
ينشده العاملُ والطالب والفلاح
ويكون دعاءً وسلاح
ويقرأه المهموم فيرتاح
من غير بحث وعناء

وبدون استفتاء
قررت قراري
أن تصبح أشعاري دواءً وشفاء
فخذ ما تشاء واترك ما تشاء
وان غابت عنكم قصيدتي
فعليكم بدعاء الإستسقاء