قصف ليبرتي .. سلاح العاجزين
د . حسن طوالبه
ماذا يعني الهجوم الصاروخي على معسكر ليبرتي , السجن الكبير الذي يقبع فيه الاشرفيون منذ قرابة العام , حيث كانوا يعيشون في مخيم اشرف منذ ربع قرن , ذاك المخيم الذي بنوه بعرقهم وجهدهم ومالهم , وجعلوه صالحا للسكن اليشري , ولان الاشرفيين هم نواة منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة لنظام الملالي في ايران منذ اوائل عقد ثمانينات القرن الماضي , فقد اصبحوا هدفا مركزيا لنظام الملالي , ولقوات القدس الارهابية , وقوات نوري المالكي ( سوات ) سيئة الصيت والسمعة . وقد شنت هذه القوات بتنسيق مع قاسم سليماني والسفير الايراني في بغداد هجومين ضد الاشرفيين عامي 2009 و 2011 , راح فيهما عشرات القتلى ومئات الجرحى .
ومنذ حوالي عام قامت الحكومة العراقية بنقل 3100 من سكّان مخيم أشرف إلى مخيم ليبرتي الذي لاتتجاوز مساحته نصف كيلومتر مربع أي أصغرمن أشرف بثمانين مرة وأصبحوا سجناء في هذا المخيم. ولايوجد في هذا المخيم أي مأوى وملجأ والسكّان يعيشون في كرفانات بعضها بجانب بعض كعلب السيجارة.
وها هي القوات الارهابية تستكمل فصول المخطط الارهابي للقضاء على الاشرفيين قتلا وتشريدا . فقد شنت هجوما على مخيم ليبرتي بما لايقلّ عن 35 صاروخاً وقذيفة هاون. ففي الساعة الخامسة والدقيقة الخامسة والاربعين من صباح يوم السبت بالتوقيت المحلي تعرّض مخيم ليبرتي لهجوم بالصواريخ وقذائف الهاون. وقد أسفر الهجوم عن استشهاد ستة أشخاص، بينهم إمرأة، و أكثرمن 100جريح. وحالة الجرحى خطرة. وقد استشهد أحدهم بعد ساعتين من الهجوم بسبب التأخير في نقله إلى المستشفى. والشهداء هم: بوران نجفي، ويحيى نظري، وأكبرعزيزي، ومصطفى خسروي، مهدي عابد، وهادي شفيعي.
و في الساعات الاولى لم تتوفر سيارات الاسعاف وأيّ مكان للإسعاف. كما أن مولّد الكهرباء في العيادة العراقية اصيبت وأدى إلى قطع التيار الكهربائي ولايمكن الاستفاده منها.ومما زاد من حجم الكارثة ان حكومة المالكي قد امرت القوات المتواجدة في المعسكر بمنع نقل الجرحى إلى المستشفيات بواسطة عدة سيارات جاء بها السكان من أشرف إلى ليبرتي.
وبالرغم من حرص السكّان ومطالباتهم المكرّرة من المسؤلين الامريكيين والامم المتحدة طوال العام الماضي، الا انّ الحكومة العراقية منعت نقل المعدّات الطبية العائدة للسكّان من أشرف إلى ليبرتي.
لماذا هذا الهجوم في هذا الوقت ؟ . النظام الايراني وحكومة المالكي يعانيان من ازمة داخلية حادة , فنظام الملالي يعيش صراعا على السلطة قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة , ووحكومة المالكي تواجه ثورة شعبية عارمة من ابناء العراق الذين يطالبون بارجاع العراق الى سايق عهده النهضوي العربي الاصيل , وهذه العودة لا تكون الا بالغاء قرارات الحاكم الامريكي بول بريمر , التي زرعت الطائفية المقيتة في البلاد , وشرعنت قرارات ارهابية تحت مسمى مكافحة الارهاب , هدفها الاقصاء والابادة الجماعية للوطنيين الاحرار , وطمس عروبة العراق من خلال تجنيس غير العرب بالجنسية العراقية , حيث تم تجنيس حوالي اربعة ملايين ايراني وكردي خلال السنوات الماضية .
وعندما استهدف مخيم ليبرتي في شهر مارس الماضي للمرة الأولى بقذيفة هاون، حذر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أن هذا المكان لايحظى بألامان. وفي وقت لاحق قام موظفو رئيس الوزراء العراقي بازاحة الجدران الخرسانية التي تحمي الكرفانات، ولم تؤدّ احتجاجات السكّان لكوبلر ولبعثة الامم المتحدة في العراق إلى أي نتيجة.
وكان السكّان ومحاموهم قد حذروا منذ ايام من وقوع مجزرة أخرى على يد النظام الايراني والقوات العراقية، وطالبوا الامين العام للامم المتحدة والحكومة الأمريكية مرّة أخرى العودة إلى أشرف الذي توجد فيه بنايات خرسانية وخنادق وملاجى بناها السكّان بأيديهم.
وطالبت السيدة مريم رجوي الرئيس اوباما والامين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لشؤون اللاجئين والمفوضية السامية لحقوق الانسان في الامم المتحدة عودة 3100 من اللاجئين العزّل فوراً من مخيم ليبرتي إلى أشرف، وإن الادارة الامريكية ومنظمة الامم المتحدة مسؤلتان عن أمن وسلامة هؤلاء اللاجئين.
وفي مخيم اشرف الذي ما زالت ممتلكات الاشرفيين مثار جدل بين ممثلي السكان والحكومة العراقية والسيد كوبلر فقد تسللت عناصر من قوة القدس الارهابية وبالتعاون مع القوات العراقية الى داخل السياج الواقع في شمال شرق أشرف في منتصف ليلة الثلاثاء 5 شباط/ فبراير وقامت بسرقة كميات كبيرة من الكيبلات والأجهزة الكهربائية في المنطقة أو العبث بها. واعطاب منظومة الانارة كما انهم قد مهدوا الطريق لسرقات لاحقة. العملاء لاذوا بالفرار من المشهد مع الأموال المسروقة مع اقتراب السكان الى الموقع.
وكانت المقاومة الايرانية قد أصدرت يوم 4 شباط بيانا كشفت خلاله عن مؤامرة جديدة خططتها قوة القدس الارهابية لتقوم بموجبها ومن خلال استغلال الأعداد القليلة من سكان أشرف بالتسلل الى داخل أشرف وسرقة الممتلكات أو احراقها.
وطالبت المقاومة الايرانية في البيان باعادة مجموعة من السكان من ليبرتي الى أشرف لكي يساعدوا في حراسة الأموال حتى حسم قضيتها بشكل نهائي. وأكد البيان: هؤلاء الأفراد يمكن أن يكونوا من الأشخاص الذين تم اجراء المقابلة معهم من قبل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وتم انجاز ملف اعاده تأييد لجوئهم.
وتحذر المقاومة الايرانية من عواقب هكذا أعمال اجرامية وتذكر بمسؤولية الأمم المتحدة والممثل الخاص للأمين العام الذي بتأييده أو صمته تجاه الانتهاكات المستمرة لحقوق السكان من قبل الحكومة العراقية يفتح الطريق أمام الاستيلاء على ممتلكاتهم وسرقة أموالهم.
الحكومة العراقية وبدلاً من تقديم المعدات الطبية ومعالجة الجرحى واستبدال الكرفانات المحطمة، بأخرى بديلة أرسلت قوات الطوارئ القمعية وسيئة الصيت لحكومة المالكي المسماة بسوات الى ليبرتي .
ان الاعمال الارهابية الواضحة الاهداف التي تقوم بها قوات القدس وقوات سوات ضد الاشرفيين لن تزيدهم الا الاصرار على البقاء والنضال ضد الظلم والاستبداد الذي يماسه هذان النظامان القمعيان , وهاهو الشعي في البلدين ينتفض ويثور ضد الطغاة والمستبدين , ولن يدوم الظلم طويلا , ولابد ان تبزع شمس الحرية , وينال الشعب ارادته .
تم استهداف مخيم ليبرتي الساعة 5 و45 دقيقة فجر الصباح اليوم بتوقيت محلي بواسطة على الاقل 35 صاروخ وقذيفة هاون حسب الاحصائيات الاولية) ما ادى الى استشهاد 6 من السكان بينهم امرأة وهم اعضاء في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية واصابة العشرات الاخرين من هؤلاء الاعضاء. كما وان الحالة الصحية للجرحى متدهورة جداً وعدد الشهداء مرشح للتزايد. وليس هناك أي مساعدة ولا سيارات الاسعاف لنقل الجرحى الى المستشفى. واستهدفت ايضا مولدة الكهرباء للمستوصف العراقي في المخيم وانقطع الكهرباء فيه ولا يمكن الاستفادة منه.
نقلت الحكومة العراقية 3100 من سكان أشرف الى مخيم ليبرتي قسريا قبل سنة وهو بمساحة اقل من نصف كيلومتر أي 80 مرة اقل من مساحة أشرف وهم كسجناء في مكان مكتظ. ليس هناك أي ملجأ ويعيش السكان في كرفانات تشبه علبة الكبريت وبفواصل قريبة جداً.
وحذر السكان وممثليهم ومحاميهم يوم أمس وقبل أمس عن وقوع ابادة جماعية أخرى من قبل النظام الإيراني والقوات العراقية مطالبين للمرات العديدة الأمين العام للأمم المتحدة والسلطات الامريكية بالعودة الى اشرف الذي يوجد فيه مباني كونكريتية وملجأ تم إنشاوها بانفسهم.
التعليقات (0)