قصص عمليات اعمار العراق قصص تتحدى خيال افضل كتاب القصة وتترك مؤلف الف ليلة وليلة خجلا من عدم قدرته على تاليف قصص مشابهة . وهذه القصص تتنوع في تصنيفاتها لتشمل كل انواع القصة تقريبا. فمنها التراجيدي ومنها الكوميدي ومنها الملحمي ومنها القصة القصيرة وعدد ولا حرج.
اول قصة حصلت في الايام الاولى للاحتلال حين ورث الحاكم المدني بول بريمر 22 مليار دولار من اموال العراق الموجودة في احد البنوك الفرنسية واللتي تجمعت من بيع النفط وفق برنامج النفط مقابل الغذاء ايام النظام السابق. وبدء العهد الجديد باعطاء الاولوية لاعمار السجون والمدارس العراقية. اما المدارس فاني رايت بام عيني احدى المدارس القريبة وهي تدهن ثلاث مرات في خلال شهرين , وعندما حاولت الاستفسار عن السبب قال لي احد العاملين ان المبالغ المصروفة لاعمار المدرسة تبلغ نصف مليون دولار ؟. وهذا مبلغ يبني مدرستين جديدتين وليس اعمارمدرسة موجودة اصلا .
واما قصة اعمار سجن ابو غريب فقد راينا في التلفاز وقرانا في الصحف جواب بريمر في جلسة استجوابه في الكونغرس على سؤال احد السيناتورات ,هل تستطيع سيد بريمر ان تشرح لنا لماذا يبلغ سعر السرير الواحد ثلاثة الاف دولار عند تجهيز سجن ابو غريب؟. فرد بريمر ان هذا هو اقل مبلغ حصلنا عليه لتجهيز الاسرة!. فرد السيناتور لابد ان يكون هذا السرير مصنوعا من الذهب. وعندما حوصر بريمر بمثل هذه االاسئلة اقر بانه كان احيانا يوزع اموال الاعمار نقدا باليد بعد تغليفها بورق الجرائد ؟! وبدون وصولات دفع!!.
القصة الثانية قصة اكتشاف حقائب سفر كبيرة في سيارتين او ثلاث تحتوي على اربعة مليارات ونصف المليار دولار نقدا في لبنان , وصرحت الحكومة اللبنانية ان التحقيقات دلت على ان هذه الاموال هي ملك وزارة الدفاع العراقية , وقد اعترفت الوزارة العراقية بالامر. وكلنا راينا رد وزير الدفاع الشعلان في ذلك الوقت بان هذه الاموال مخصصة لشراء اسلحة للجيش وسيارات مصفحة للمسؤولين , وان الشركة المجهزة طلبت الثمن نقدا؟! . وان هذه المعاملات طبيعية تجري في كل دول العالم.!!!
ومن القصص الاخرى قصة اعمار الارصفة والميادين في محافظات العراق كافة . وهي من القصص الملحمية المستمرة واللتي لا تنقطع منذ خمسة سنوات. حيث توجد ارصفة وميادين معينة بذاتها لا تتبدل ولا تتغير تهدم ويرفع بلاطها ويغير ببلاط جديد وتدهن ثم تترك لمدة شهر او شهرين على الاكثرومن ثم تهدم من جديد ويغير بلاطها وتبنى وترمم وتدهن . وبعد شهر او شهرين تعاد العملية على هذه الميادين والارصفة نفسها!. وغالبا ما تقع هذه الميادين والارصفة في وسط المدينة وقرب مساكن المحافظ والمسؤولين اما المناطق والاحياء الفقيرة فتستغيث كل يوم على القنوات التلفزيونية والجرائد اليومية لردم الحفر وبرك المياه فيها فقط وتنازلوا عن حقهم في رصف الشوارع والارصفة ولا من مجيب . ومن هذه الملاحم ايضا اعمار مداخل وبوابات المدن واللتي تتغير موديلاتها حسب الموضة ولعدة مرات في السنة مع تغيير الصور لابطال وقادة الاحزاب والميليشيات على هذه المداخل.
اما القصة اللتي ذكرتني بالقصص الباقية والهمتني لكتابة هذه المقالة فرواها السيد عموبابا المدرب العراقي الشهير لكرة القدم من على شاشة العراقية الرياضية يوم امس الخميس ,حيث اني فهمت من المقابلة ان الرجل قد عين مسؤولا عن ملعب الشعب في بغداد. يروي شيخ المدربين كما نلقبه نحن العراقيون انه ومنذ عدة اشهر يحاول مع المسؤول الفلاني والمسؤول العلاني لتخصيص اي مبلغ يساعد في اعمار الملعب اللذي بناه كولبكيان منذ 40 عاما وهو الملعب الوحيد في العراق اللذي تقام عليه مباريات المنتخب طيلة هذه السنين,ورغم ذلك فان الملعب في حالة يرثى لها, وحين حاول ان يعرف الجهة المسؤولة عن الملعب لم يستطع ذلك الى الان . كل ذلك والموضوع عادي . ولكن اللذي اضحكني وابكاني قوله بانه يفاجأ بين الحين والاخر بمقاولين بناء يدخولون الملعب بدون علمه لبناء غرف هنا او قاعة هناك او ترميم منشأة معينة وبصورة رديئة جدا . ويقول انه كلما يحاول ايقافهم وطردهم يخرج له المقاول كتابا رسميا من الوزارة الفلانية واحيانا من الحزب الفلاني؟؟؟,بانه مخول بهذه الاعمال. ويضيف عموبابا ان هذه المنشآت العشوائية واللتي تفتقر الى ابسط مقومات المنشآت الرياضية لم يطلب بنائها هو او احد من المسؤولين عن الملعب. وانهم يحتاجون هذه الاموال والجهود لاعمار مدرجات الملعب المتصدعة وارضية الملعب الغير صالحة وغرف تبديل الملابس والحمامات المنفرة كما وصفها وساحات التدريب الخارجية وحتى شبك الاهداف وكل شيء كما يقول الا هذه المنشات العشوائية.
هذا غير المشاريع اللتي تعلنها الحكومات المتعاقبة منذ سقوط النظام المقبور والى الان والتخصيصات المالية لها تكفي لجعل البصرة نيويورك والعراق هولندا. ولكن بدون ماء ولا كهرباء ولا مجاري
التعليقات (0)