قصر نظر!

علي جبار عطية
ــــــــــــــــــــــــ
aliatia123@yahoo.com
كاتب وصحفي عراقي

   يوجه بعض المتحدثين اهانات الى من يصغي اليهم ويعدونها ضمن سياقات الكلام ومن ذلك قولهم (الا تفهم؟) او (انتبه الي) او (مع احترامي لك فقد يبدو هذا الكلام غريبا عليك)!
بل ان بعضهم يتمادى في توجيه الاهانة حتى لمن لا يعرفه ومن قبيل ذلك ما حدث معي قبل اسبوعين حين راجعت احدى الدوائر وقد احتجت الى كتابة بعض الاسطر على حافة احدى النوافذ الصقيلة وظننت ان المطر قد اثر على النافذة وبلل اطرافها فتجنبت الكتابة عليها فاذا باحد المراجعين يسخر مني ويقول (هذا مو مطر.. هذا تغليف والظاهر انت تسحب خارج)!! ولم اجبه مع الاسف الشديد. وكنت اظن ان حوادث الاعتداء من الكلاب السائبة خاصية من خواص كلاب بغداد حتى قرأت سيرة الباحث العراقي الاصل السويسري الجنسية (سليم مطر) في كتابه الممتع (اعترافات رجل لا يستحي) وهو من اصدارات مركز دراسات الامة العراقية- ميزوبوتاميا- بغداد جنيف- تموز 2008 اذ يقول: اتذكر اني امضيت السنوات الطويلة هنا في سويسرا، اعاني بصورة يومية تقريبا من اعتداء الكلاب علي هكذا بصورة غير مبررة، وانا اسير في ازقة المدن ودروب الحدائق والارياف، ما ان يراني كلب مع صاحبه، مهما كان وديعا حتى يتحول فجأة الى ذئب وحشي يكشر عن انيابه نابحا مزمجرا يريد ان ينهشني… حتى بدأت ادرك مع الزمن هذه الحقيقة الغائبة: اني انا المسؤول عن اثارة الكلاب!
كيف؟ بسبب ميراثي الاسود مع كلاب بغداد اذ عشت سنوات طفولتي اصارع بصورة يومية الكلاب السائبة في حارتنا ثم يقول انه بعد سنوات من اقامته تحولت علاقته مع الكلاب الى صداقة ويردف: (ليست الكلاب هي التي تغيرت بل انا، فبعد ان ادركت حقيقة ان كل الذي كان يحصل لي هو انعكاس لمشاعري انا رحت اتفاهم مع نفسي)!
كاتب هذه السطور بعد مراجعة هذه الفكرة التي اوردها الباحث سليم مطر يظن ان المشكلة هي في الكلاب التي يثيرها الرجل الغريب وكذلك بعضهم حين يضعون مواصفات معينة للشخص الذي ينبغي ان يحترموه اما من كان اعزل الا من قلم يحمله في جيبه فهو غير مشمول بالاحترام حتى لو وضع على رأسه ريشة الطاووس وقد صدق من قال (من لا يعرفك لا يثمنك)!! وكيف نعيب على الشرطي سلوكه الفظ وهناك من لم يتخلص من شرطيه الداخلي!؟