الرّجل صاحب البدلة الرسمية، وربطة العنق المُخططة بالأبيض والأحمر، يُمثل رجل الدولة المُعتّق في كأس الفساد المؤسساتي الحكومي، ورجل النظام الحاكم الذي يُدافع عنه بخسة ودناءة، ويتملقه ويقبل حذاءه في دياثة !..
الرجل صاحب البدلة الرسمية ، يعترف ـ بحسب تعليقه ـ بأن مؤسسات الدولة ـ وبوصفها محركا لعجلة التنمية ولعملية التطور والنماء ـ لم تخضع لعملية إستبدال الزيوت، ولالإعادة التشحيم، منذ الإستقلال سنة 62 !..
الرجل صاحب البدلة الرسمية، يعترف بعلم الحكومة المُسبق ـ ومنذ زمن بعيد ـ بحاجة الجزائر إلى إصلاحات، ولذلك كانت تلجأ إلى ذر الرماد في عيون المواطنين، بمقررات تستفيد منها فئة معينة في قمة هرم السلطة. تتستر بها على خروقاتها وإستنزافاتها لمقدّرات الأمة !..
فعندما تم تقليص فترة الخدمة الوطنية الإجبارية مثلا، فرح الشباب بسرقة الجنرالات لهم في وضح النهار. في مبالغ تُمنح لهم في الستة أشهر الأخيرة من عمر خدمتهم، ورغم أنها مبالغ زهيدة إلا أنها من حقهم، لأن أغلبهم لن يحصل على مثلها خارج أسوار الثكنات العسكرية، أين البطالة تنخر أجساد الشباب وتنهشها !.. تم تقليص فترة الخدمة الوطنية فيما بقيت الميزانية المخصصة للجيش نفسها، ما يعني أن جنرالات الجيش جمعوا ثرواتهم من فائض الستة أشهر المحسوبة لكل مُجنّد، أو أن ذلك مصدرا من مصادر تشكل إمبراطورياتهم !..
وعندما أعلنت الحكومة عن زيادة الرواتب، فرح العمال والموظفين بالتضخيم الذي أجبرهم سريعا على رمي الفائض ـ الذي إفتكه بعضهم بإعتصامات طويلة ومتعبة تحت الشمس الحارقة ، والظروف المناخية القاسية، وحتى بالكدمات على أجسادهم من آثار الضرب والركل والتعذيب على أيدي كلاب الحكومة ـ في بحار جيوب نفس الجنرالات، لأنهم هم أنفسهم أرباب الموانئ والمطارات، والسفن والطائرات والحاويات !.. ولأنهم هم أنفسهم أباطرة السكر والزيت والقمح وكل المواد الأساسية، الذين يرفعون درجة حرارة أسعارها، ليحرقوا بها فتات مرتباتٍ لايغادر أكثر أصحابها الطبقة الوسطى إلا إلى الحضيض !..
أما الرجل المُشمّر عن ساعديه ، فهو يمثل الشعب الكادح، والميكانيكي المخلص والمُتفاني الذي يعي جيدا حجم الأضرار التي لحقت بمؤسسات الدولة ـ على اعتبارها محركا للتنمية والتطور والنماء ـ جرّاء إهمال الحكومة ولا مبالاتها بعمليات الصيانة الدورية، وجرّاء بُخلها على سيارة الجزائر حتى بتبديل الزيوت ، فكيف بتبديل القطع الصدأة والتالفة والمتآكلة ؟!..
الرجل المُشمّر عن ساعدية، هو الشعب المُمتعض من رجال الدولة لأنهم أوصلوا الجزائر إلى حالة يُرثى لها، مع قدرتهم أو قدرة غيرهم على العناية بها أفضل !..
تلك كانت قراءتي الشخصية لحكاية الرسم، وتبقى الرواية الأصلية عند المُبدع أيوب صاحب الكاريكاتير.
04 . 07 . 2011
التعليقات (0)