بدأت المواجهات بشن القوات النصرانية الحبشية الهجوم على سلطنة عدل , وقد تصدى لهم الإمام وألحق بهم هزيمة نكراء , وقد كان يقود الطرف الآخر في هذه الفترة الإمبراطور ( لبنا دنقل ) , وعندما تمت هزيمته من قبل القوات المسلمة استغاث بالبرتغاليين , يذكر أن هذا الأمير قتل في مخبئه في عام ( 1540م) وقد استطاع الإمام استرداد العديد من الإمارات التي قد سقطت في أيدي الطرف النصراني مثل – (دوارو ), وإقليم (شوا ), وكان مركز السلطة الجديدة كما مر بعد (لاستا) , (وبالي) (غوارج ), (وسيدامو ). ثم زحفت قوات الإمام شمالاً إلى إقليم التجراي وفي عام 1534م إتجهت قوات الإمام إلى إقليم سراي وأكلي قوزاي وحماسين في إرتريا . وأخيراً وصلت قوات الإمام إلى (غوجام ) في إثيوبيا , ونقل الإمام مقر قياته بالقرب من بحيرة (( تانا )) منبع نهر النيل العظيم .
تدخلت القوات البرتغالية لنصرة نصارى الحبشة في القرن السادس عشر الميلادي .
وقد وصلت أول بعثة برتغالية إلي المنطقة في عهد الملك داوود بن يوسف أرعد في ( 1381- 1411م ) ودعا هذا الملك أن تكون الحرب في المنطقة حرباً شاملة حيث طلب من البرتغاليين دعوة كل من فرنسا , وإسبانيا لمساندته في هذه الحملة .
وصول الأسطول البرتغالي , بقيادة ابن من مكتشف رأس الرجاء الصالح, ( فاسكو دجاما ) , وكان يدعى ( كرستوفر ) ورسا الأسطول في ميناء مصوع الإرتري , وكانت القوة تتكون من ( 450 ) جندياً .
وكانت مدججة بأسلحة نارية حيث كانت أحد العوامل الهامة في حسم المعركة لاحقاً لصالح النصارى إذ كان المسلمون يعتمدون على الأسلحة البيضاء فقط
. قائد القوات البرتغالية (( لوبي سواريز )) يهاجم ميناء زيلع في العام 1517م , ويأمر جنوده بحرق عدل ومن فيها , (وعدل هي عاصمة سلطنة عدل التي مرت بنا من قبل) ثم جاء من بعده قائد آخر وواصل سياسة الحرق والإبادة الجماعية وسبي النساء المسلمات في منطقة وميناء بربرا , دون أن تضبطهم أخلاقيات الحروب أو تضبطهم القيم والأخلاق التي تربوا عليها , مما يعزر بأن القوم تعتبر سياسة الحرق والإبادة الجماعية وانتهاك الأعراض شيمة مغروسة في قيمهم ونفوسهم قديماً وما نشاهده الآن ما هو إلا إستمرار لذات النهج والسلوك القديم المتجدد , وقد حدث مثل هذا في الأندلس والعراق , والشام قديماً ويحدث اليوم في ظل التطور والقانون وسيادة الدستور والمدنية المعاصرة ؟! فيا للمفارقات ؟!! والتاريخ يعيد نفسه , وما أشبه الليلة بالبارحة ؟!
مسلمو المنطقة يطلبون النجدة والاستغاثة من الخلافة العثمانية في تركيا عندما اشتدت عليهم وطأت الكافرين وقد استجاب لهم السلطان العثماني آن ذاك ومدهم ( 10 ) مدافع نارية وبعضاً من جنوده فاستطاع المسلمون من خلال هذه النجدة أن يحققوا النصر المبين على الكافرين وألحقوا بهم الهزيمة النكراء ,وتعقبوا فلولهم في الهضبة , وكعادة المسلمين في رد الجميل أعاد الإمام أحمد بن إبراهيم الجران هذه العهدة والأسلحة إلي السلطان العثماني باعتبارها ملكاً عاماً للمسلمين شاكراً له هذه الوقفة البطولية إلا أن البرتغاليين إستعادوا أنفاسهم , وجمعوا فلولهم الهاربة , وبدؤا الكرة ثانية حيث وقعت معركة فاصلة بين الجيشين بالقرب من مقر قيادة الإمام في بحيرة (تانا ) أصيب فيها الإمام المجاهد أحمد بن إبراهيم الجران وكانت سبباً في وفاته في أول أكتوبر من عام (1542م ) وقتل في هذه المعركة القائد البرتغالي العام ( كرستوفر دي جاما ) .
. وبعد مقتل الإمام أحمد تعرض المسلمون في منطقة القرن الإفريقي للهزيمة المعنوية قبل العسكرية ذلك لأن الرمز القائد قد استشهد قبل أن تتحقق كل آمال المسلمين ومن بعد ذلك تداعت عليهم الإبتلاءات والنكبات منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم , مازالوا يدفعون الفاتورة بأضعاف مضاعفة جداً.
وفي ختام هذا الفصل تناول المؤلف موضوع الجهاد في إطاره اللغوي والشرعي باعتباره مفهوما إسلامياً مقدساً , وذلك في الصفحات من ( 69 - 77 ) , وقد عرج خلاله على العديد من القضايا الفقهية المتعلقة بالجهاد غاية ومقصداً وشرعة , وماذا أصاب المسلمين عندما تخلوا عنه وتهاونوا في فهمه والعمل وفق توجيهات الإسلام في موضوع الجهاد ؟!!
(الاستعمار الأوروبي المسيحي في شمال شرق إفريقيا من القرن التاسع عشر وحتى بداية النصف الثاني من القرن العشرين ):
:
1/ طبيعة الاستعمار الأوروبي الحديث وأهدافه على العالم الإسلامي عموماً ومنها هذه المنطقة .
2/ تناول الأسلوب والنهج الذي سلكه المستعمرون من تقسيم مناطق النفوذ فيما بينهم ليستفيدوا من موارد هذه المنطقة بأقصى ما يمكن , حيث تعرضت كما هو معروف هذه المنطقة إلى الاستعمار الإيطالي , والبريطاني , والفرنسي ووضعت لها حدود وهمية بين شعوب هذه المنطقة واضعة أياها في (كنتونات) بغية تجزأتها واستغلال خيراتها .
3/ تعرض لمحاولات شعوب المنطقة وجهود المصلحين من أبنائها لمقاومة المحتل الأجنبي وركز على الشيخ المجاهد محمد عبدالله حسن الذي كان من أبرز القواد في الصومال ، قاوم المحتل البريطاني حيث ذكر بأنه ولد في 1856م وتوفى 23/11/1921م إثر علة مرضية بعد جهاد استغرق زهاء العشرين عاماً أذاق خلالها الغزاة الأمرين حتى جعلهم يتصرفون تصرفات حمقاء وجبانة .
4/ وعندما عجزت القوات البريطانية من كسر شوكة المقاومة الصومالية بقيادة الإمام المذكور استخدمت الطائرات والقنابل العنقودية وقامت بتسميم آبار الماء وحقول المزارع ومناطق الرعي مما أودت بحياة المواشي والأبرياء وهي عادتهم دائماً كما ذكر من قبل إلا أن كل ذلك لم يفت في عضد المقاومين الأشاوس فاستطاعوا هزيمة الغزاة في نهاية المطاف .
5/ بداية الحركات الوطنية لمقاومة المستعمرين خلال القرن العشرين بصورة أكثر ضراوة عقب الحرب العالمية الثانية .
(ظهور الأحباش الإثيوبيين المسيحيين لقوة استعمارية إقليمية في شمال شرق أفريقيا )
1/ أصل التسمية بلفظ الأحباش ومن أين اشتقت كلمة حبش؟!! وقد أثبت من خلال الشواهد والأدلة التي ساقها بأن هذا الاسم هو اسم لقبيلة عربية يمنية هاجرت إلى هذه المنطقة في الألف سنة الأولى قبل ميلاد عيسى السلام واستوطنت وتصاهرت مع شعوب هذه المنطقة وكانت أسباب الهجرة أما سياسية أو اقتصادية .
والقبائل العربية المهاجرة إلى هذه المنطقة هما ( الأجاعزة والحبشات ) ، ومن الأولى اشتقت لغة الجئز الحيمرية التي تكتب بها اللغة الحبشية وتعرف اليوم بالحروف الحبشية .
2/ كانت هذه القبائل وثنية إلى عهد الملك ( عيزانا ) ملك مملكة أكسوم فأدخل الحبشة إلى المسيحية النصرانية في القرن الرابع الميلادي وأصبح دين الدولة من ذلك التاريخ .
3/ مملكة الحبشة ليست مملكة أكسوم وأن مملكة الحبشة نشأت على أنقاض مملكة أكسوم في القرن العاشر الميلادي .
خاضت مملكة أكسوم العديد من الحروب التوسعية مع جيرانها في المنطقة وكان فيمن خاضت معهم الحروب قبائل البجة التي استطاعت أن تهزم مملكة أكسوم وكانت للبجة ممالك في كل من إرتريا وجزء من أرض السودان الحالي وجنوب مصر .
التعليقات (0)