عندما نتحدث عن قصة الدعم علينا أن نقر بان الدولة التى تعانى من أزمة إدارة من المستحيل أن تقوم بإدارة أزمة ، وأزمة الدعم الذى تمُن علينا به حكوماتنا المتتالية - حتى بعد الثورة - لنا فيه وعليه ملاحظات عديدة وكثيرة ، فالسلع المُدعَّمة معروفة وأهمها دعم الطاقة ممثلة فى المواد البترولية المختلفة ثم دعم السلع التموينية ودعم الخبز ودعم الكيماوى للفلاح المصرى .
والشكوى الكُبرى هى كيفية تحديد مُستحقى الدعم وكيفية إيصاله لهم ، وتشخيص المشكلة يُعتبر نصف العلاج إن لم يكن كله ، ولو حددنا أطراف معادلة الدعم سنقول أنها ثلاثة أطراف ( دولة توفر سلعة ثم متعهد أو وسيط يوصلها للطرف الثالث وهو المواطن المدعوم ) ، ويتضح لما أن نوعية السلع المدعمة تختلف درجات التلاعب بها فمنها ما لا يمكن التلاعب بها لصعوبة إحتكارها وإخفاءها مثل البنزين والسولار ومنها ما تم تقنين التلاعب بها وتقليل سرقتها مثل السلع التموينية بعد عمل البطاقات الذكية ، ومنها سلع تُعتبر كنز لمحتكريها ومتعهديها وتتعرض لإحتكار فاجر مثل الكيماوى وأنابيب البوتاجاز .
وعندما يشكو المواطن من عدم وصول السلعة له يدل ذلك أن هناك خلل وتقصير من الطرفين الآخرين – الدولة والمتعهد - أو أحدهما على الأقل ، ولو كانت الدولة توفر السلعة بكميات مناسبة وتقلل الفجوة بين الكمية المطلوبة من السلعة والكمية المطروحة فى الأسواق وقامت الدولة بما عليها من مسئوليات فإنه وفى حالة وجود أزمة فى السلعة فليس أمامنا إلا طرف واحد وهو المتسبب فى تلك الأزمة وهو الوسيط أو المتعهد الذى هو همزة الوصل بين الدولة الداعمة ومواطنها المدعوم ، ولا يفرق الدعم عن العدل كثيراً ـ حرف واحد ـ والعدالة تقول " خير للعدالة أن تحكم ببراءة ألف مذنب ولا تحكم بسجن برىء واحد " وكذلك الدعم فخير للحكومة أن تعطى الدعم لمن يريده لا من يستحقه ـ من وجهة نظرها ـ وذلك لأن كل موظف شريف فى مصر يستحق الدعم مهما علا شأن هذا الموظف .
لذلك فإن المشكلة فى مصر ليست فى تحديد المستحقين للدعم وإن كان المسئولون يرونها كذلك ولكنها تكمن فيمن يستحق أن يحمل أمانة توصيل السلعة المدعمة لمستحقيها ، ولو كان من الصعب على الحكومة أن تحدد الملايين المستحقين للدعم فلماذا لا تتخذ القرار الأسهل وهو إيجاد حلول لتضييق فرص إستيلاء المتعهدين والوسطاء وإخفاءهم السلع المدعمة وتغييرهم بآخرين ممن لديهم أمانة فى حالة تكرار إرتكابهم لجريمة بيع السلع المُدعمة فى السوق السوداء .
التعليقات (0)