تخرج من إحدى الجامعات العريقة، وعمل أستاذاً للعلوم السياسية، ووقف بجانب قضيته العادلة مدافعاً عنها بالقلم والصوت والصورة، كي يكشف زيف الادعاءات والأطماع الصهيوأمريكية في منطقة الشرق الأوسط...
لم يكترث من إهمال حكومته لدور العلماء والباحثين ولأعمالهم، واستمر في عطائه البحثي حتى حصل على أعلى المراتب العلمية بجهد وتمويل ذاتي.
في إحدى الأيام استقبل أستاذنا على هاتفه المحمول مكالمة هاتفية عرّف صاحبها عن نفسه بأنه من إحدى مراكز البحث العاملة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأنهم يدعونه لتقديم ورقة عمل عن طبيعة المتغيرات السياسية في منطقة الشرق الأوسط في ضوء الربيع العربي، وأن تغطية نفقات السفر والإقامة مؤمنة من قبل المركز، وطلبوا منه إرسال سيرته الذاتية وبعض من وثائقه الشخصية على البريد الالكتروني الخاص بهم...
قد يكون العرض مغرياً لأي باحث وطني غيور على قضاياه العربية والإسلامية، فهي فرصة كي ينقل رسائل المعاناة إلى الرأي العام الأمريكي، وفي نفس الوقت يحقق عائداً مالياً قد يكون الباحث بأمس الحاجة إليه كي يعيش حالة من الاستقرار والتوازن.
سافر أستاذنا وألقى بورقة بحثه أمام نخب أمريكية وغربية، وربما يهودية إسرائيلية وهو لا يدري، وبعد أن انتهت أعمال الورشة، أثنى رئيس المركز على أستاذنا ودعاه لشرب فنجان من القهوة في مكتبه، وأثناء اللقاء عرض رئيس المركز على أستاذنا العمل ضمن فريق الباحثين داخل المركز مقابل 10.000 دولار أمريكي لكل دراسة يحكّمها المركز، وأعتقد أن هذا العرض في عالمنا الثالث لا أحد يستطيع رفضه، فوافق أستاذنا على الفور ووقعوا العقود، وكانت أول دراسة يكلف بها هي الدين والدولة في إحدى الدول العربية، ثم عن مستقبل الحركات الإسلامية بعد الربيع العربي، وعن مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين، وطلب المركز من أستاذنا فتح مركز لقياس الرأي العام، وهكذا بدأت حلقات المسلسل لتصل في النهاية إلى أن الغرب باتوا يطلعون على فسيفساء المشهد السياسي العربي دون جهد استخباراتي عملياتي، وبدأ يأخذ هذا السلوك الغربي في التعاطي مع المنطقة العربية مساراً آخر نستطيع أن نطلق عليه مصطلح "الاستعمار الجديد"، وباتوا يتعاملون بشكل فردي مع باحثين أو بشكل مؤسساتي مع بعض المنظمات الأهلية من خلال مشاريع بحثية ومسحية تقوم بها تلك المنظمات مقابل دعم وتمويل سخي...
وقد يأتي ما كشفه الدكتور محمد عنتر رئيس الحملة الرسمية لترشح اللواء عمر سليمان لانتخابات الرئاسية المصرية منسجماً مع ما سبق ذكره، حيث أعلن عنتر عن امتلاكه لمستندات خطيرة جداً حول 36 مركز تجسس على الاراضى المصرية تهدف إلى محو الهوية العربية وتفريغ الإسلام من محتواه الانسانى والحضاري ، وهو الهدف الصهيوني الأمريكي.
وذكر عنتر أمثلة من تلك المراكز البحثية وهي: مؤسسة راند الأمريكية، المركز الثقافي الأمريكي، مؤسسة روكفلر للأبحاث، مؤسسة كارنيجي للأبحاث، معهد بروكنجر، مؤسسة فريد رش نومان ، مؤسسة هانز زايدل، معهد السلام، معهد ماسو شوستس وفروعه بالقاهرة، معهد ام اى تى الأكاديمية الدولية لبحوث السلام بالجامعة الأمريكية، هيئة المعونة الأمريكية".
خلاصة القول: أن الغرب ضالع في استثمار ورقة المساعدات الخارجية من أجل بناء جماعات مصالح تأخذ شكل العمل الأهلي أو الفردي داخل المجتمعات العربية، ويكون ظاهرها خدمة تلك المجتمعات، وفي باطنها التأثير على النظم السياسية والرأي العام لخدمة المصالح القومية للدول الغربية.
HOSSAM555@HOTMAIL.COM
التعليقات (0)