مواضيع اليوم

قصة (أين كنا نـــعيـــش ؟؟ثــم أين كنا نـــــعــيــش !!)..ص -6-

هاشم هاشم

2010-07-02 17:41:56

0

 

 

 

-الزائدة الدودية -

 

 


عصرا رجع جاسم الى البيت من المرعى وكانه ابو زيد الهلالي عاد لتوه من الغزو والصيد الوفير ..جلس قرب امه وقص لها كيف صلى صلاة الجمعة في بيت الشيخ قاسم والحفاوة التي قابله بها الشيخ هناك ..


فرحت الأم لهذا الخبر السعيد ..لكنها حذرت ابنها من ان هذا الطريق قد يجر عليه الويلات خصوصا أن جواسيس الحكومة تتعقب المتدينين ومعرفة كل شيء عنهم وحتى الايقاع بهم لجرم ارتكبوه ام لم يرتكبوه


لكنها استدركت أخيرا وقالت :

خذ حذرك فقط عندما تكون في المدينة عند بيت أختك اما هنا فلا أظن ان لجواسيس الحكومة اثر لان هذه القرية ناسية منسية من الجميع حتى رحمة الله لم تتداركها وبقيت خاوية على عروشها وأنى لله ان يحييها بعد موتها وأهلها يعيشون على الكفاف ويعانون شظف العيش ..كذلك هذه القرية معزولة عن العالم خصوصا في فصل الشتاء حيث تملا المنخفضات المحيطة بها بالإمطار وتنعزل نهائيا عن من يجاورها من القصبات والمدن والناس في المدينة يطلقون عليها تسمية(( الزائدة الدودية ))!!


سال جاسم أمه : هل صحيح ما قاله الشيخ قاسم عن زواجك من أبي ؟
الأم بحسرة وألم : نعم كله صحيح .


جاسم ولماذا لم تعودي الى اهلك في الشمال بعد وفاة الوالد ؟
صمتت ولم تجب وأخيرا قالت هنا حياتها وهي لا تقوى على السفر ..وقامت متهربة من أسئلة ابنها الى القيام بشؤون البيت ..


ذهب جاسم تجاه المرآة ونظر في وجهه طويلا وقال انه اسمر الوجه مثل وجوه أهل القرية عكس وجه امه الشديدة الشقرة ويا ليته شابه امه وكان له الحظ الوفير من الوسامة ..وجاء الليل والسمر عند ديوان ابو خليل ثم المنام والصباح..جاء

 

-الشيخ يكشر عن أنيابه-

 


عند انتصاف النهار غادر جاسم المرعى نحو بيت الملا قاسم لأداء صلاة الجماعة معهم ووصل واخذ مكانه بين المصلين ..ثم انتهت الصلاة وتجمع الجميع حول الشيخ قاسم الذي يبدو انه يريد ان يقول لهم شيء او يخطب بهم ..كما يفعل القائد في أنصاره..لكنه نصحهم وحثهم على التواصل مع الله والعبادة
لاحظ جاسم أن الجميع فرحوا ب هان ان نظرات الشك والريبة التي كانت البارحة قد تبدلت ,, وارتاحوا له اليوم..


تكرر حال جاسم مع الصلاة كل يوم حتى جاء يوم الجمعة وخطبتها المعروفة ..اعتلى الشيخ قاسم المنبر وكانت مفاجاءة لجاسم هذه المرة وخلاف المعتاد ..الهدؤ والورع والسكينة التي لاحظها في خطبة الشيخ الماضية اختلف هذه المرة اختلافا جذريا ..


فالورع طار والتقوى اختفت وتحول الشيخ الحنون المسالم الى فتوة او قبضاي من قبضايات ذلك الزمن ..صرخ بصوت حاد وجهوري وعالي جدا هز الأركان وكاد أن يشقق الجدران


اذ شن الشيخ قاسم هجوما شرسا ولاذعا على الحكومة ومن يعمل فيها وكانت خطبة نارية بحق وصف الشيخ قاسم الحاكمين بالقتلة الفجرة والكي أموال الناس بالباطل وأطال وأسهب .. وحذر وتوعد ..الى نهاية خطبته السياسية


أحس جاسم ان الشيخ قاسم اليوم هو على حقيقته اما هدوءه وسكونه الخطبة الماضية لم يكن سوى تمثيلا وتصنعا فقط ربما خشي الملا قاسم ومن حوله عندما شاهدوا جاسم او ل مرة حسبوه من جواسيس الحكومة واليوم بعد ان عرفوه وسألوا عنه اطمأنوا له


ثم انتبه الى حديث الشيخ قاسم الصريح عن التقية وكيف ما يجب عليهم ان يقوموا به كي لا يقعوا في أيدي الحكومة الكافرة كما يسميها وأعوانها وجواسيسها


مثلا قال :احلقوا لحاكم ان ذهبتم الى المدن العامرة ..اسمعوا الأغاني الماجنة .. واحلقوا رؤؤسكم كما هي قصات شباب هذا الزمان ........... وغيرها من المظاهر التي تجعل رجال السلطة لا يشتبهون بهم كونهم ملتزمون دينيا ابدا ..


فهم جاسم ألان من هم المقصودين في لفظة الأشرار في الخطبة السابقة الغامضة ..
فرغ الشيخ قاسم من خطبته النارية الصاروخية وبما لو شاء لجعلها تحرق البيت على رؤؤس من فيه من شدتها وقوتها وحدة التعابير التي بها ..


أخيرا سلم الشيخ واقام بقية الصلاة هذه وجلس جانبا وجلس الجميع في أركان الغرفة كما العادة


سال احد المصلين الشيخ قاسم : لماذا يا سماحة الشيخ لا يوجد زرع وكلاء ونخل مثمر في قرانا ؟؟


أجاب الشيخ وهو يبدو صوته متعب من قوة الخطبة لكنه استجمع باقي قواهوأجاب بصوت مبحوح :

 

أنها الحكومة الكافرة التي تقبع في قصور وجنات عدن في العاصمة وأبناؤهم يتنعمون في أفضل الدول وأحلاها وينفقون الملايين من الدنانير .. وآخر عمل قدموه للشعب ورعيتهم التي هي أمانة في عنقهم ان قطعوا الماء عنا وهي مياهنا منذ الآلاف السنين دون جريرة ارتكبناها او تهمة وجهت لنا ..ولذا هاجر معظم أبناء القرية والقرى المجاورة إلى مدن الوسط للعمل كخدم وعبيد في حقول ومزارع ومعامل الحكام العتاة البغاة الطغاة ..لا هنأهم الله بعيش ولا أسعدهم بوقت ..


فهنا قفز جاسم وبدون تحسب وقال : نعم الجفاف يعم إرجاء القرية والقرى المجاورة لكن الشيء الملفت للنظر ان بيت السيد المبجل فيه الماء والخضرة طوال العام ؟؟فكيف ذلك ..


تلعثم الشيخ قاسم وتحرجت منه كلمات مبهمة غطاها بحشرجة البحة التي في صوته ...ثم اجاب ووجهه احمر واصفر :

انه اعتقد ..ربما ..يمكن ..آه انه لديه بئر معطلة فيها القليل من الماء وهي ريكفي بالكاد لإدامة أموره فقط ..لو بها شيء من الوفرة لما بخل بها السيد المبجل أدامه الله وأبقاه على أبناء قريته ...ثم لا تنسوا ان للسيد كرامات ومنزلة رفيعة من السماء لانه من سلالة الأطهار الغر الميامين والناس ليسو سواسية ..


جاسم :لكن من جاور السعيد يسعد ..لماذا لا تعم خيرات السيد على الجميع ؟؟ ويفيض ماء القرية كما ضرب موسى بعصاه فانفلقت منه اثنتا عشرة عينا ..يضرب السيد الأرض بعصاه فتفيض السواقي والأنهار ماء منهمر ا ..او تمطر علينا السماء من غيثها ؟؟


فصاح الشيخ قاسم :
حذاري حذاري يا جاسم من ان تحل عليك لعنة السماء لأنك تتهكم على ولي صالح ومن سلالة الأولياء الصالحون انه سيد مبارك ومبجل لولا كراماته لكانت ألان عيون الحكومة ورجالها تجوب إرجاء القرية وتفعل بكم الأفاعيل لكن أيديهم مغلولة وأعينهم على غشاوة عنا لاننا ننعم بركات سيد القرية المبجل ..فاحذروا من المبالغة من الإفصاح عن آراءكم حتى لا تحل عليكم لعنة السماء وتصبحوا بعدها نادمين ولات حين مندم ..


هل نسيتم ان السيد يزوره الرجال والنساء لحاجات لهم ولم يرجع احد خائبا !!


سكت جاسم وندم على أسئلته تلك وانتهت الصلاة ورجع الى بيته ..

 

-جلسة نسائية-

 


رجع جاسم الى عصرا من المرعى الى البيت


وهنا طرق الباب طارق ..كانت ((زينب )) تدخل بعد ان فتحت لها ام جاسم ..حاول جاسم الخروج لكنه احتار في كيفية ألقاء السلام والتحية على زينب ..حجل وحزن لهذا الأمر وأخيرا دخل في إحدى الغرف وأغلق الباب عليه ..


كان جاسم يسمع الحديث النسائي وهو يفكر بشخص زينب وحسن جمالها ورقة كلامها وهو ان دل على شيء دل على سمو أخلاقها وهدؤوها
كان الحديث يدور حول الزواج


كانت الفتيات في ذلك الوقت تعاني من قلة الخٌطاب وان حصل فهو ليس من المراد وما تحلم به اي فتاة بل من رماه الوقت وأسقطه في أحضان القسمة والنصيب
كثير من الفتيات فاتهن قطار الزواج


ام جاسم : الم يأتي احد لخطبتك ؟


زينب : كلا ..يبدو ان العرسان عليهم غشاوة هههه ولا يعلمون بأمري ..عموما لو حصل الامر فسوف اكون لمن اختارني الزوجة الراعية له ولأولاده واهله ..واهم شيء ان تحصل الفتاة على طفل يملي عليها دنياها وحياتها والأمومة لها سحر خاص في قلب اي فتاة ..ثم العيش عيشة راضية مرضية..

 

كانت كلمات زينب تعزف احلي الأنغام التي ترقص عليها مشاعر جاسم الساذجة والبريئة ..وهو يشعر أن فم الزمان قد سال موسيقى رائعة ساعة أن ضحكة زينب ضحكتها الساخر ة خلال الحديث ..
أنها شخصية حالمة رقيقة وأي شخص يعجب بها طبعا..


لكن كان هناك شيء في عقل جاسم كأنه يؤشر امرأ في كون زينب ليست هو من تكون له الزوجة المناسبة او شريكة فراشه كما هي أحلام المراهقين ..


ربما بسبب البيئة الدينية التي يعيشان بها او القرابة التي بينهم او الاحترام وتضخم الضمير الخلقي لديهم وعدم السماح له للانجرار وراء سؤ فهم او ابتذال ..


او بسبب رؤيته لها وهي بكامل الرزانة والأناقة والاحتشام المبالغ به وان بدى شيء عادي في هكذا مجتمعات محافظة ..

أخيرا انتهى حديث النساء مساء وجاء وقت العشاء .. وأرخى الليل سدوله


خرج جاسم الى ديوان ابو خليل لكنه أحس ان ديوان ابو خليل ما كان ليسعه لا بل كل طرقات القرية وفنائها لم يكن ليسعه ..


ضاق ذرعا بنفسه واحس نفسه كعصفور مسجون في قفص يريد ان يطير ويحلق عاليا عاليا بعيدا جدا
ترك الديوان واخذ يدور في ازقة القرية ..مر بجانب بيت سليمة ..


وتذكرها وسخر من نفسه وسذاجته وكيف وقع في حبائل عشق فتاة حمقاء وضحك على غريزته الحيوانية التي كادت ان تطيح بعفته وشرفه ونبل أخلاقه وسموها ..


.. وعاد الى بيته عند منتصف الليل


وللحديث بقية

 

 

 

 

 

الصفحة -6-
عزام عزام /ادلايد/99




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات