-في دروب الصباح-
ظهرت الشمس وجاسم نائما ,أمهلته قليلا وعرفت نواياه ,لكنه قفز بسرعة قبل ان تضربه يدها الساخنة بصفعة على قفاه ..
هرول نحو الدرج .نزل بسرعة غسل وجهه وتناول فطوره سريعا ..وذهب نحو النعجات والعنزات وأخرجهن من الحظيرة
بدل ثيابه ومشط شعره ووقف طويلا أمام المرآة ..كان يسرح شعره ويطلق صفيرا عاليا مختالا بنفسه ..
لاحظت أمه التغير الذي بدا على ابنها لم تكلمه أو تسأله بل حاولت عدم إظهار معرفتها بتغير سلوكه .. وهي تعلم ربما ان هوى الصبا قد عصف بقلب ابنها المراهق ..
يغادر جاسم مسرعا وكان شيء ما ينتظره ..يطرق بقوة باب ابو خليل ويطلب منهم ان يخرج خليل بسرعة..
خليل : على مهلك يا جاسم فالوقت مبكرا جدا
جاسم : اذا تأخرت عني سوف أتركك واذهب
خليل يسير نحو بيته دون ان يكترث لتهديد جاسم : اذهب عليك اللعنة ..
جاسم في سره : أوه يالهي لا استطيع الذهاب دون خليل .
ينتظر جاسم عند الباب على مضض ..وخليل يمشي متثاقلا عمدا لإخراج ماشيته وأخيرا يخرج وأما خليل تساعده في أخراج الماشية وتقول لهم (( الله معاك يا ولدي ))
خليل يصوب نظره الى امه غاضبا : هيا ادخلي وأغلقي الباب خلفك
أصبح خليل رجلا بحق وحقيق على ما يبدو و يسير أمام جاسم مختالا منتشيا وكأنه فارس مغوار ذاهب الى ساحة القتال لا راعي ذاهب الى المرعى ويذهبان نحو المرعى ..
كان خليل يسير امام جاسم ولا يعلم ماذا ينتظره
عند مرورهم امام بيت ((سليمة )) تترفع كف جاسم عاليا لتسقط على قفا خليل !!!..طرراااخخخخ
ثم يهرب مهرولا ..خلف بيت سليمة
خليل يركض خلف جاسم
لكن جاسم اختباء خلف احد الزوايا ومد رجله الى خليل ففقد خليل توازنه ثم قام جاسم بدفعه بكل قواه ليسقطه في مجرى مياه آسنة ..ويهرب مجددا نحو المرعى .
خليل الثقيل الحجم يخرج رجله اليمنى أولا وهو يصرخ بقوة ::اوه يا جاسم سوف أمسكك ولن أعفو عنك هذه المرة يا جبان يا ...يا ..يا ...ثم يخرج رجله الثانية ويطلب ماء من ام سليمة التي تسأله عن من فعل به هذا فيخبرها طبعا ..
كانت كلمات خليل القاسية تجاه جاسم لها وقع رائع على مسامع سليمة ..والتي اهتزت أوتار قلبها اهتزازا لأنها عرفت أن حبيبها جاسم موجود في القرية ..
هذه كانت خطة جاسم لحمل سليمة على لقاءه في المرعى ..ونجحت الخطة وكان له ما اراد
يصل خليل الى المرعى ولا يجد جاسم ..يجمع الماشية وبضمنها ماشية جاسم ..صحيح ان أفعال جاسم الحمقاء مزعجة لكن لخليل طيبة قلب رائعة وربما إكراما لام جاسم لم يترك الماشية بدون عناية ..
يخرج جاسم من بين أشجار الأثل ويبتسم في وجه خليل ويطلب الصفح
خليل يرفض ويصر على العقاب والقصاص ..جاسم يرجوه ويرجوه ..لكن دون فائدة ..
يخرج لخليل مجموعة من الصور لفتيات شبه عاريات حصل عليهن من احد زملائه في المدرسه وهو ابن بزاز ويعطيها لخليل ..لكن خليل يمسك الصور ويمزقهن ويسحقهن بنعله المتهالك ..
صدم جاسم لرؤيته ردة فعل خليل على امر الصور وقال في نفسه صور هكذا تعامل معها فكيف ان اخبرته بقصة غرامي مع سليمة بنت الحي ..
يقول خليل ساخرا من جاسم : اسمع انت لاتعرفني يا جاسم فانا لست من النوع الذي تستهويني امور الصياعة والفسق لكن يبدو ان الدراسة هي من افسد اخلاقك .. وكان حريا بك ان لاتذهب الى المدرسة ولا توافق على أرادة أمك ..!!
يسكت جاسم ولا يجيب بشيء .
.ثم يطلب من خليل ان يسامحه ويحلف له بأغلظ الأيمان انه لن يعود الى فعلته من جديد ,, يتأثر خليل الطيب القلب ويقبل الصلح هذه المرة ايضا
يهدأ روع جاسم ثم يهرول في إرجاء المرعى بحثا عن غزاله الأسمر الشارد
-وصال الأحبة-
أخيرا تقع عينيه على سليمة وهي تدخل المرعى مع عنزاتها ثم تأخذ له مكان منزويا بعيدا عن باقي الرعاة ..يخطف جاسم رجله ويتسلسل بين أشجار الأثل الضخمة وبعيدا عن أعين الرقباء وخصوصا خليل ..
ثم يأخذ سليمة من يدها ويذهبان نحو ساقية قديمة جافة من الماء.. ولكن بدلا من لغة العيون والهيام وو..
يخرج صوت سليمة مزمجرا حادا قاسيا : ها ياجاسم ما ذا تريد من وراء دراستك في المدينة هل تريد ان تصبح مثقفا مثل الأستاذ عبد الجبار ههههه..
جاسم : كيف حالك يا سليمة ..لماذا لم تأتي الى المرعى في الأمس ؟؟ لقد قلقت عليك ..يا حياتي .
سليمة : اخبرني أنت ماذا فعلت في المدينة .هل أعجبتك بنات الحضر ؟ها اجب ؟
هكذا يصبح الحوار بين الحبيبين كخطين متوازيين لا يلتقيان ابدا ..واضح ان سليمة لاتريد ان تتحدث مع جاسم عن امور العشق والغرام .. كي لا يتطور الأمر الى مالا يحمد عقباه وتريد ان يبقى جاسم أسير هواها حتى ا ن ياتي اليوم الذي يطلب يدها
هكذا تفكر بنات القرية وتجاهد وتقاوم الإغراء ..فسمعة الفجور والفسق ان شاعت عنها تعتبر جريمة قد تصل عقوبتها الى الموت ..
اما جاسم عرف ان سليمة ماكرة لا تريد ان تعطيه ما يريد وهو لا يريد ان يضيع وقته في دردشة لا فائدة منها
ادخل يده في جيبه واخرج زجاجة عطر رخيص جدا بل ورديء وقال : هذه هديتي لك اشتريتها من القرية .
يطير قلب سليمة فرحا وتفتح فمها ملاء مصراعيه وتمسك بالزجاجة بكلتا يديها وتخطفها خطفا ثم تضع قليلا منها تحت آباطها !!! وباقي جسمها لاحقا وتقول :اوه انه جميل ان أخاذ لكن لا أستطيع لاحتفاظ به
جاسم :لما ؟
سليمة أخاف من أهلي ان يسألوني من أين أتيت به ويعرف أبي وتكون المشكلة .
ثم سمع جاسم صوت خليل من بعيد ينادي اين انت ياجاسم ؟؟
هربت سليمة وامسك جاسم يدها بقوة وقال الليلة موعدنا الليلة أفهمت ..
سليمة : دع يدي انك تؤلمني .. وهربت نحو عنزاتها
ورجع جاسم مسرعا تجاه خليل .... ومر اليوم وجاء المساء كالعادة ..
-.سيد القرية !!-
جاء المساء والليلة هي ليلة الجمعة والجلسة هذه الليلة رسمية .. والكل حظر مبكرا مرتديا افخر ما لديه من ملابس ..الأستاذ عبد الجبار وباقي الشيوخ توزعوا في الديوان ..الصبية وجاسم خارجا وبالقرب من الديوان ..
فجاءة نهض الجميع ووقفوا بإجلال واحترام ..يبدو ان احد المحترمين قادم ..انه السيد المبجل سيد القرية ..رجل ستيني العمر معتدل الطول له كرش واسع جدا وضخم الشوارب ..يلف على بطنه حزام اخضر اللون .. وله شاربان طويلان جدا يخرجان من جانبي وجهه بوضوح .. الغترة التي على رأسه زرقاء داكنة اللون ..ويتعكز على عصا فاخرة من باب الابهه ربما
يسير بخطى مسرعة نحو منتصف المجلس ويسلم بصوت جهور ..ثم يجلس ويركض جميع الناس ليسلموا عليه وهو يضع يده عمدا على اعلي عصاه المنتصبة والكل يقبلها ..
ابو خليل كان أيضا من قبل يد سيد القرية المبجل واخذ يضع الوسادات الكثيرة والوفيرة خلف ظهر السيد ويعدل من جلسته ..وهو يقول ويكرر عن رواحه وذهابه ..زارتنا البركة .. زارنا الرحمن .. زارنا النبي .. زارنا أولياء الله الصالحين الليلة ..انها ليلة مباركة فعلا ..
بل ان كل رجال القرية اخذوا يدعون طويلا لسيد القرية بطول العمر وطول البقاء ودوام الصحة ..
والسيد ينفخ في جسمه كثيرا حتى كاد ان ينفجر ..غرورا
جاسم كان يراقب كل ما يدور مندهشا ولفت نظره ان الأستاذ عبد الجبار الوحيد الذي لم يبرح مكانه تجاه السيد المبجل بل لم يكترث له إطلاقا ..
بينما كان خليل يوزع القهوة على الضيوف بالفنجان والدلة وبدا بالسيد ثم من على يمينه وبدر يوزع الشاي ومن السيد ثم من على يمينه ايضا
كان السيد المبجل يضع يده على شارباه الضخمان ويحس عليها تجاه الأسفل وعينيه تسقط على وجه الأستاذ عبد الجبار وبنظر له نظرات كلها شزرا وشررا وغضبا
كان الأستاذ عبد الجبار يجلس في مكانه المعتاد البعيد في جانب المجلس ويسرح بنظره بعيدا عن الجميع
عندما وصل اليه الدور في توزيع الشاي والقهوة رفض وقال له لا يريد شيء منها ..
بدر جلس قرب جاسم بعد ان اكمل توزيع الشاي وخليل رجع الى الموقد يسخن ويعد القهوة ..
بدر: انظر ياجاسم من الليلة هنا انه سيد القرية المبجل أدامه الله لنا ذخرا وحاميا وحارسا ..
جاسم مستغربا : أكل هذا ؟؟
بدر : ويحك انه السيد وهو له كرامات الإلهية الكثيرة والناس تعيش ببركته وترجوا عطفه ورحمته ..
اخذ جاسم يتذكر قبل سنوات كيف كانت حال السيد يرثى لها من فقر وعوز وانه كان يعيش على الصدقات وانه أيضا كان نحيف الجسم ..اما اليوم فاستغرب لهذا المظهر البهي الملابس الفاخرة وكأنه من بشوات هذا الزمان !!يبدو ان وراء الامر سر ا وان السماء استجابت لوكلائها طبعا لان هم الأولى بالنعمة من سائر البشر
حرص جاسم ان لا يسال على سر التغير الذي طراء على احوال السيد المادية خوفا وتخوفا ان يشو به الى السيد وتحل لعنته عليه ا وان ينتقم منه السيد بطريقة ما
جاسم : حسنا يا بدر يقال ان للسيد كرامات ..هل تعرف شيء منها ؟
بدر: طبعا اعرف ومن لا يعرف هنا اسمع يقال ان فلان مرة سب السيد بلا سبب فأصبح لاينام ولا يطيب له مقام ويحك جلده بلا سبب ويهريه هريا من الحك حتى اعترف بذنبه وطلب صفح السيد
احد الصبية : سمعت مرة ان علان من الناس حلف كذبا بحق السيد فسطت عليه نخله فشجت رأسه
صبي اخر: مرة في السوق احد التجار كان يجلس السيد عنده أراد إشعال سيكارة ولم يعثر على عود ثقاب ..فضحك السيد ونظر بعينه المحمرة نحو السيكارة فأشتعلت !!
وقال اخر شيء اخر وهكذا استمر الحديث بين صبية القرية...
المهم في احوال السيد اليوم ان نساء ورجال من القرية والقرى المجاورة يتوافدون على بيت السيد لاخذ بركته او لحل عقده او مشكلة او طلب الشفاء لمرض ما ويحصل هو بالمقابل على الكثير من الهبات والهدايا والخلع وغيرها
السيد يقيم في مزرعة كبيرة جدا عن إطراف القرية ولا يوجد من يسكن بجواره لها فيها بستان كبير من نخل وأشجار فاكهه وأعناب ورمان وسدر وغيرها مثمرة طوال السنة رغم الجفاف الذي في القرية !!!
وله مواشي بالمئات ويعيش عيشة الملوك بل ان بساتينه تجري فيها عيون الماء والسواقي ليلا ونهارا وطوال العام والناس تحفر الآبار للحصول على ماء أجاج لسد الرمق ..
أمر غريب فعلا لكن يبدو ان فعلا السماء تحابي البعض دون البعض والا كيف أصبح سيد القرية المبجل !!!
-الملا قاسم-!!
هنا وصل ابو سليمة الى المجلس . وسلم على الجميع وقبل يدي سيد القرية ..
فرح جاسم لهذا الأمر وقال في سره أخيرا جاء موعد الحب الغرام ..والشوق والهيام.. وبعد انقطاع وصيام ..ياله من شعور جميل اخذ يداعب خيال جاسم وهو يسرح بفكره نحو كونه يمسك بيدي سليمة
ويداعب بإطراف أنامله خصلات شعرها ((المنكوش!!))ويهمس بإذنها بأحلى عبارات الحب الجميل لحملها كأميرة حسناء على ظهره جواده الأبيض ذو الجناحين ويحلق بها الى سماء الحب بين غمام الوجد والشهد ما أجمله من مشهد رائع مرق في خيال جاسم بثواني انتهت مع استقرار ابو سليمة في مجلسه ..
ثم نهض الجميع مرحبين بالقادم الكريم الآخر وهو الملا قاسم الأمام والخطيب المفوه هاهو قد اتى كي يلقي احد عظاته الغر على مسامع الحاضرين في هذه ليلة المباركة
بين الترحاب وعبارات السلام والعناق بين شيوخ القرية والملا قاسم
قال جاسم فرصتي للحاق بسليمة الان أبوها هنا واهلها نيام وهم بالنهوض لكن يد بدر أمسكته أخيرا وقال له الى اين ؟؟
جاسم : الى بيتنا لأنام فأنا الان متعب
بدر : ويلك أتترك العظة السمحاء في هذه الليلة المباركة
جاسم : اذن لهذا السبب السيد المبجل الليلة هنا وهنا الجمع الغفير بهذه الطلة الجديدة !!
وخوفا من الانتقاد من صبية الحي انه لا يبالي لأمور الدين جلس جاسم مهموما لضياع موعده مع فتاته وقلبه حزين مكسور الخاطر واطرق رأسه الى الأرض وظن الصبية انه متأثر بهيبة وجلال الليلة المباركة والحضور الكريم
جلس جاسم ووضع يده على خده متحسرا على ضياع هذه الفرصة الذهبية وما عسا هان يقول لحبيبته او يبرر لها وهو اليوم بصعوبة تمكن من رؤيتها بعدما فعل ما فعل بخليل صديقه وجاره
ثم سرح فكره بعيدا مرة أخرى ليواسي نفسه او خيبته ان صح التعبير فقال يكلم نفسه : ثم أن سليمة ليست بهذا المستوى من الجمال الذي يستحق المغامرة والمخاطرة ..آه لو كانت برقة وعذوبة وحلاوة زينب ..صحيح ان زينب شيء وسليمة شيء اخر ..
زينب هي ليست ككل البشر او البنات انا ملاك من السماء انزله الله بهية فتاة كل ما فيها جميل رقتها عذوبتها دلالها غنجها عفويتها براءتها أنوثتها الساحرة هندامها المحتشم الناسك حقا هي كانها ليست منا وهي خلقت لزمان غير زماننا كيف لهذ ا الجمال ان تعيش وسط كل هذا الشقاء والبؤس !!انها يجب ان تكون اميرة في بلاط الملوك وحولها الجواري والخدم والحشم .في جنائن وخدر والكل ينحي لها ...
اه يا زينب هنيئا لمن تصبحين من حظه ويا سعده ويا هناه ..
وسط هذا البحر المتلاطم من الأفكار كجدول رقراق في رأس جاسم
-دراكولا يظهر في القرية !-
يفيق من أحلام اليقظة على صوت سمج وحاد لملا قاسم وهو يعتلي المنبر المصنوع من جريد النخيل ويطلب من الجميع الإصغاء له
قراء شيء يسير من الآيات القرآنية ثم حمد الله واثني عليه ثم على صوته شيئا فشيئا وصلى على النبي وال النبي ثم أطلق العنان لصوته الجهوري الصارخ النائح وصدح عاليا مدويا:
المجتمع فاسد المجتمع منحرف المجتمع منحل ...الناس انحرفوا عن مبادئ الرحمن وعن مبادئ الحق والعدالة والإنصاف والامر بالمعروف والنهي عن المنكر
وعدم أطاعة وتعاليم أوامر ووصايا أولياء الله الصالحين !!وعدم السير بهداهم وعدم زيارة مراقدهم ..
هدءا صوت ملا قاسم لبرهة ثم صرخ هادرا هائجا : من منكم نذر نذرا وأوفى به ؟؟..إني أكلمكم انتم ايها الجالسون .. من منكم قرب قربانا لأولياء الله الصالحين وفعل؟؟ هل يجبني احد ؟؟طبعا لا احد ولا احد ..الا ترون القحط والجدب الذي انتم فيه و شحة الماء وهلك لزرع وجفاف الضرع الا تسالون ؟؟ عن السبب ؟؟ الا تريدون ان تفيض أرضكم ماء وسمكا وطيرا كما السابق ؟؟كلا والف كلا لن يتحقق اي شيء مما تحلمون به مادمتم في غيكم وانحرافكم عن سواء السبيل ...
... واخيرا بعد طول توعد ووعيد ارتجفت له الشفاه وجفت من هوله الحلوق وارتعشت الابدان ووقفت شعرات الرؤؤس من هول ما سمعوا الليلة خوفا وطمعا
ظن الجميع ان ملا قاسم انتهى من إلقاء عظته هذه لكنه عاد وأدار دفة العظة نحو جانب اخر
انها الحياة في الاخرة والبعث والميعاد والممات والحياة البرزخية وعذاب القبر . وأكمل الملا صائحا نائحا نادبا :لا تقولوا إنا مسلمون وإنا ناجون يوم القيامة من عقاب الله .. ان كل حبة رطب تأكلونها دون اذن صاحبها .. او غيبة الناس ..او عدم ذكر أولياء الله الصالحين بخير ...وعدم إطاعة من كان من ذريتهم .. – ((ويشير الملا قاسم برأسه وعينه تجاه سيد القرية المبجل للدلالة على انه المقصود بوجوب الطاعة -))والذي هو اي السيد المبجل (( نتف ريشه كطاووس مختال فخور))..
وأكمل الملا قاسم حديثه..المرعب..:أنكم قبل ان تصلوا الى يوم القيامة والمعاد والحساب هناك عذاب اسمه عذاب القبر او البرزخ ..كل سيئة كل تقصير سوف تعاقبون عليها ..الحيات والأفاعي والعقارب الضخمة والوحوش والديدان سوف تأكل أجسامكم وانتم تشعرون وتحسون بها وتفتك بكم فتكا ...ثم أسهب وأطنب وأردف واستطرد في شرح امور ربما جعل الحضور يتبولون على انفسهم خوفا ورهبة .. وصف املا قاسم للوحوش والفتك بالأجسام وغيرها أشبه بشخص يروي قصة احدث أفلام هوليوود عن قصص مصاصي الدماء المعروفة بدراكولا !!
ومن حسن حظ الملا قاسم ان الحضور والقوم ففي ذلك الوقت لا يعلمون شيء عن أفلام هوليوود والا قالوا ان ملا قاسم يسرد لنا إحدى مشاهدته عنها ..
..اما جاسم بطلنا فلم يكن حظه أحسن من ممن معه بل ارتجفت كل جوارحه خوفا من كلام ملا قاسم المرعب واخذ قلبه يخفق 200 دقة بالدقيقة ويكاد يقفز من القفص الصدري ويقول مع نفسه
: ياآلهي ياللهول انه عذاب ما بعده عذاب ..الافاعي والعقارب والحيات والوحوش تفتك ببني البشر لانه اكل بلحة واحدة دون اذن صاحبها !!!ماذا لوقفت امام الله وانا ملطخ بذنب الخطيئة مع سليمة ؟؟ماذا سيحصل لي ياربي ؟؟
ثم هدأت ثورة بركان الملا قاسم واخذ يتحدث عن أفضال آيات القران كأنه يريد ان يهداء من روع الناس بعدما استطاروا رهبة وقال من به وجع في كذا موضع في جسمه فقراء الآيات كذا وكذا ويضع يده على المكان المؤلم زال عنه الالم
ومن اراد النجاح في الدراسة او في عمل فقراء الآيات كذا وكذا او يكتبها على ورقه ثم ينقع الورقة بالماء ثم يشرب الماء بعدها طلبه سيجاب فورا..
هدأ روع الحضور واطمأنوا اخيرا وانهى الملا قاسم حديثه ونزل من على المنبر وقام اليه الجميع يتمسحون بثيابه ويتبركون بمصافحته
هنا لفت انتباه جاسم نظرات ما في وجهه الاستاذ عبد الجبار وكانه يخبأ شيء يريد قوله معقبا على مادار هذه الليلة ...
وللحديث بقية
الصفحة -4-
عزام عزام/ادلايد/99
التعليقات (0)