قصة ((أين كنا نـــعيـــش ؟؟؟ثــم أين كنا نـــــعــيــش !!!)))..ص -3-

-الحب الأول-

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى     ما الحب الا للحبيب الاول
كم منزل في الارض يالفه الفتى      وحنينه يبقى لأول منزل

كما قلنا ان ((سليمة )) كان حظها من الجمال سيء

او لنقل  بدبلوماسية نوعا ما لها منه  الشيء القليل بل لا وجود لاشيء اسمه جمال في شخص هذه الفتاة

مع ذلك جاسم مغرما بها ..لماذا ؟؟

ربما هي الوحيدة التي صادفته والتي بادلته الحب و ألإعجاب

هو في سن المراهقة وفي طريقه الى بلوغ مبلغ الرجولة او الفحولة والمراهق كما هو معلوم يحب ان يرى نفسه في عيون الآخرين او يرى شيء من نجاحاته أمامهم وحتى وان كان نجاح في موضوع الحب . وكما هو معروف الإنسان البدائي يرى الانتصار في الحب هو انتصار على الشمس !!

في زمان ومكان وبيئة جاسم أيضا لم يكن لديهم اي وسيلة من وسائل الترفيه والترويح عن النفس من شقاء وتعب العمل وشدة الوضع المحيط سوى الرعي والقراءة للكتب المدرسية والتسلية بالعاب الطفولة الريفية مثل (( الدعبل وطم خريزة وغيرها )) وايضا عمل المقالب المضحكة بالاخرين والضحك عليهم وإضحاك الآخرين ثم الاعتذار لهم ..

هذا الموضوع ذكرني بموضوع في علم النفس التربوي حول العلاقات المفروضة ..
الحق كان موضوع علم النفس من المواضيع الصعبة الفهم واذكر ان الاستاذ كان يلاحظ علينا ذلك ..ويشرح لنا الامور بطريقة سلسلة جدا ..في موضوع الفرض في العلاقات وانعدام الاختيار قال ..تخيلوا شاب اسمه عباس ..يعيش في نهاية زقاق ضيق جدا ((دربونة بالعراقي )) وفي احد جوانب الدربونة كانت فتاة اسمها (( جميلة )) جميلة تغسل الملابس في باب بيتها احيانا بلا حجاب واحيانا ينكشف شيء ما ساقها اثناء العمل ..

عباس يعمل عامل اجير (( عمالة )) وهو ينهض صباحا ويعود عصرا في ذهابه وايابه عينه تقع على جميلة في الغداة والرواح ... بدون تفكير او لا إراديا سوف يعجب بها لأنها انثى وكل ذكر يبحث عن انثاه
ايضا مثال الأستاذ النفساني يذكرني بأغنية لنانسي عجرم بدور الريفية او بنت البلد تغسل الملابس وتكشف عن ساقيها ( عند قصد طبعا )) وعشيقها يختلس النظر .. مع فارق الاختلاف بين ساقي جميلة الافتراضية وساقي نانسي عجرم المزوقه والمزروقة والطرية !!

نعود لحكايتنا

جاسم كان يرعى غنمه ايام العطل وعند ايام الدراسة يتوجه الى المدينة ويترك مهمة الرعي لجاره وصديقه خليل ليقوم بها نيابة عنه بمقابل كل عام يحصل خليل على مولود جديد من ما تلده ماشية اهل جاسم ..وله حصة في حليب ولبن الذي تدره الماشية بين حين وحين لقاء مايجلبه خليل من حشائش من المرعى لهن

كان جاسم قد ترك اصدقاوءه في مجلس ابو خليل وتوجه الى بيت سليمة رؤيتها والاطمئنان عليها
يعود تحت ستر الظلام مسرعا الى الجمع كي لا يطول غيابه عليهم بعد ان كحل عينيه برؤية حبيبته والغالية على قلبه ((سليمة او ام سلوم ))كما يحلو له ان يناديها

يرجع الضجر الى قلب جاسم من الاحاديث المتبادلة بين رجال الحي و التي لايحبها طبعا .

-مثقف القرية !!-

اخيرا جاء الاستاذ عبد الجبار الى الديوان ..هو رجل في الاربعين من عمره ..اعزب ووحيد هنا لان أهله غادروا ا القرية من زمان الى جهة مجهولة وعبد الجبار غادر معهم وعاد وحيدا ..

جاء يحمل راديوه الصغير تحت ابطه .. ويرتدي ((بجامة)) فاخرة جداوهو حليق الذقن انيق ومرتب الهندام ويبالغ في اظهار بالبذخ على نفسه
يدخل المجلس وعطره يعبق في ارجاء المكان
ويسلم على الناس من طرف انفه كما يقال ويجلس في احد زاويا المجلس ويمدد رجليه ..

لكنه مع ذلك يحب اهل قريته وهم يحترمونه وهو مثقف القرية على سن ورمح

أذا سٌئل أجاب واذا اشتد خطب القوم وأصبح جدالهم عقيما او ذو مشكلة بحاجة إلى رأي
دارت الأنظار نحو الأستاذ عبد الجبار ليكون قوله الفصل بينهم ..

بدر ((صديق جاسم ويجلس قربه )): انه أستاذ رائع فعلا

جاسم : وكيف عرفت بالأمر ..؟؟

بدر : اسكت يا جاسم ليس وقت ألان واسمع الأحاديث ..

احد شيوخ القرية : استاذ عبد الجبار ما معنى الدول المتقدمة؟؟

عبد الجبار يعدل من وضع جلسته ثم يسكت انين راديوه الضعيف ويقول بهدؤ نادر وكلمات واثقه ..

الدول في العالم تنقسم الى خمسة اقسام ..الدول العظمى والدول المتقدمة والدول التكنولوجية والدول النامية والدول المتخلفة والتي تعيش في مجاعات ..والدول المتقدمة دول ذات ثروات واقتصاد قوي وحظور بارز في الساحة السياسية الدولية ..
يسال شيخ اخر : استاذ عبد الجبار لماذا اشعر ان هواء غازيا في بطني لا يغادرها ..

عبد الجبار : انه بسبب نوع الخبز الذي تأكلونه انه مصنوع من طحين الشعير العسير الهضم والذي لاكتمل هضمه في معدة الإنسان ويكون هضمه جزئيا وبالتالي يتحول قسم منه الى هواء او ريح في البطن .والشعير هو اصلا من علف الحيوان لكن يبدو أننا اليوم أصبحنا نشارك الحيوانات علفها ..

يستمر الجدال والقاش مع الاستاذ عبد الجبار مثقف القرية ..

ينهض جاسم ناعسا ويهذب تجاه بيته .. ومعه بدر صديقه وفي الطريق :

يقول بدر لجاسم : اسمع ياجاسم ان الاستاذ عبد الجبار الذي يبدو انه لا يعجبك انا عملت في بيته اعرف عنه الكثير انه شخص لاينا م الا بعد يفرش اسنانه بالفرشاة والمعجون ويضع فوق فراشه ناموسية تحميه من البعوض !!انه انسان مثقف بكل معنى الكلمة ..
يقترق الصديقان ويذهب جاسم الى فراشه الوفير ويغط في نوم عميق ..

وللحديث بقية ..

الصفحة -3-

عزام عزام / ادلايد/1999