قشور الحكمة !
ليس خافياً أن الحكمة جوهرة ثمينة ، ولا يأتيها إلا قليل من الناس ، في الوقت الذي يظن كثير منهم أن أساسها المعرفة، أو الثقافة ، أو العلم ، بينما يعتقد آخرون أن الحكمة تتمثل في الفراسة.
والغريب في الأمر أن الحكمة أبسط من ذلك فهي أساساً موهبة تعتمد على كثرة التجارب ، لتظهر جلية في حسن التفكير واعتماد القرار قبل إصداره وإظهاره إلى حيز الوجود .
وفي هذا الإطار كثير ما نسمع من الناس عبارات مثل (آه كنت أعرف هذا) أو (كنت أتوقع شي كهذا) ، وهذه العبارات بالتأكيد ليست عقيمة بل هي نابعة من تجارب سابقة مروا بها أو لآخرين يحيطون بهم .
وفي هذا السياق ألا نسمع في كثير من الأحيان صوت يصرخ داخلنا يدعونا للتأني أو الصبر ، لكننا نعاند أنفسنا دون أن نعيد دراسة الأمر من جميع زواياه ؟! .
وليس بعيداً عن ذلك أتذكر إحدى الزميلات التي كانت تجلس وتستمع لمشاكل الأخريات وتقوم بنصحهن، بناء على تجاربها السابقة، وتختم كل نصيحة بأنها مجرد قشرة من قشور حكمتها التي لا تنتهي ، والمثير للسخرية أنها لم تستطع النجاة بنفسها ، مما وقعت فيه من أمور سلبية بالرغم من أن ذلك يتعارض مع نصائحها الموزونة بحكمة الكلام دون حكمة التصرف.
ومن هنا نجد أن الحكمة أمر يحتاج للتدقيق والتبصر بالأمور ومشاورة الآخرين، من ذوي الثقة بالطبع، لأنها ليست مجرد هبة إلهية تهبط على الإنسان وكفى، لأنها إلى جانب ذلك تصير أكثر نضجاً مع التجارب والمواقف التي عصرت الإنسان وعلمته كيف يتعامل مع الأمور في المستقبل حتى لو كان أمراً جديداً يتعامل معه لأول مرة .
التعليقات (0)