لبحث على الإنترنت عن معلومات عن مازن عبد الجواد قد يصيب الباحث ببعض الإحباط بسبب نوعية التعليقات والمقالات المنشورة هنا وهناك وعلى المنتديات. يتراوح معظمها بين الدعوة إلى وضع رأسه تحت دولاب السيارة ودهسه إلى إصدار الأحكام بحقّه قبل وصوله إلى المحكمة. حتى المسؤولون منهم وأصحاب المراكز الرسمية لا يتورعون عن إصدار تعليقات وأحكام قد لا يسمح بها القانون إذا كان المطلوب توفير محاكمة عادلة، خصوصا أن القناة التي ظهر عليها محميّة بمالكها ونسله الملكيّ. يشتم رائحة عنصرية من بعض التعليقات، وكلّها تخاف مبدأ قرينة البراءة حتى ثبوت الإدانة، والمطالبات لا تنتهي بجعله مثالاً لكل من تسول له نفسه إفساد الأمة الطاهرة التي لا تخطيء. لكن صوتاً متميزاً ظهر على أحد المنتديات. صوت عاقل وموزون ومتوازن، يفكّر قبل أن ينفعل وينتقد بعمق وتسامح أيضا، دون أحكام مسبقة أو ادعاءات بالعفة تسمح بجلد الآخرين. وهو بالمناسبة، صوت أنثوي!
قشة مازن عبدالجواد وظهر المجتمع السعودي!
خلـود الفهـد
هناك قضايا اجتماعية كثيرة جداً بدأت تتنامى في المجتمع السعودي بحاجة إلى المكاشفة ومواجهة خطر هذه القضايا الاجتماعية عوضاً عن محاولة الكذب على الرأي العام بكذبة المجتمع الفاضل ..
مازن عبدالجواد المواطن الذي وجه صفعة للمجتمع السعودي من نوع آخر، هي صفعة وجهت لنا جميعاً من خلال إحدى المحطات الفضائية وكلنا استنكرنا فعله. هذا الـ مازن ذو العقلية البسيطة، حسبما ظهر لنا جميعاً من خلال حديثه في برنامج أحمر بالخط العريض، لم يتجنَ على المجتمع السعودي ولكنه قدم صورة سيئة وظهر بقشة جريئة قصمت ظهر البعير لا أكثر، قشة قصمت ظهر من يدافع عن المجتمع الملائكي الطاهر التقي الأسطوري مقارنة بكل مجتمعات الأرض قاطبة.
بتجرد كلنا يعلم بأن المجتمع يحوي آلافاً من مازن عبدالجواد حاضرين في كل مكان يعيشون بيننا ومعنا، لكن الفرق بينهم وبينه أنهم يرتدون لباس بعض الأحاديث الضعيفة، والتي على رأسها "وإذا بليتم فاستتروا". لا أعلم حقاً هل النفاق والكذب والادعاء والرياء أقل خطورة على الدين والمجتمع والأفراد من المشاكل الاجتماعية التي تحدث في هذا المجتمع والاعتراف بها والتوبة منها!!
للأسف فإن الآلية المعرفية التي تستخدم اليوم في الحكم على مثل هذه القضايا هي آلية تختزل وتنتقي وتخفي الكثير من الأمور على البسطاء والعامة من الشعب حتى يسهل التأثير على قراراتهم وشل تفكيرهم، وكي لا ينظروا إلى الجانب الآخر من الصورة المختبئة خلف هذه الآلية الوصائية التي تعرقل حركة الفرد والمجتمع وتجعله مجتمعاً قاصراً، وتخلق - كما هو الحال اليوم - مجتمعاً مزدوجاً بشكل مخيف. هذه الازدواجية كان لا يشعر بها سوانا أما اليوم، في ظل العولمة الحاضرة، فإن هذه الازدواجية صارت من الأمور التي يتندر بها مجتمعات العالم بأسره على المجتمع الوحيد الذي يخضع للوصاية بكافة أشكالها، حتى على التصرفات الفردية، ويصر على أن يبحث عن الفضيلة في الـ "هو" وليس في الـ "أنا"، ويتناسى أن فضيلة أي مجتمع تنبع من داخله فقط، ولا يزالون إلى اليوم يستميتون في محاولة تلميع هذه الصورة الملائكية للمجتمع التي يتخيلونها هم فقط لكن الواقع يرفضها في كل يوم.
أغلبهم يصرون على أن الفطرة البشرية لا تخطئ، ولا تستغفر ولا تتوب، بل الفطرة هي التي تجاهر بالصلاح نهاراً وبالفساد ليلاً حتى غلبت هذه الفطرة على المجتمع السعودي اليوم.
إن كانت المجتمعات الأخرى مجتمعات موبوءة بالفساد الخلقي والتفسخ من الدين كما يقول بعضهم، فمجتمعنا بلا فخر مجتمع موبوء بأفراد متنمرين ومتمردين على الدين وعلى الفضيلة و حتى على الخير، لكنهم يرتدون أقنعة الملائكة. وأنا حذرة من أقنعة الملائكة أكثر من حذري من الشياطين أنفسهم .
لو كان مازن عبدالجواد يعيش في مجتمع بشري إنساني مثل زمن الرسول عليه الصلاة والسلام، المجتمع الذي كان به زنا وسرقة وعصبية وسحر وقتل وردة عن الإسلام ومعاصي وفساد، هل سيكون الحكم عليه كما حكم عليه في مجتمعنا الملائكي السعودي في عام 2009 بالسجن لمدة 20 عاماً!!
للأسف، إننا لا نحكم بمثل هذه الأحكام في قضايا السرقة والرشوة والتحرش والمساهمات العقارية التي استنزفت أموال الناس بالباطل وغيرها الكثير من الأحكام القضائية غير المقننة!
وبتجرد مرة أخرى مالفرق بين قضية ياسر القحطاني الذي قبض عليه بحضرة نساء وفي خلوة محرمة وتم القبض عليه بالجرم المشهود وبين قضية هذا المازن الذي اعترف بأنه يمارس الخلوة ولكن لم يثبت عليه أي شي مادي وملموس؟
هذا السؤال أطرحه عليكم أنتم وأحتفظ بالإجابة أنا لنفسي .. خوفاً عليها من 20 سنة سجن وآلاف الجلدات.
التعليقات (0)