ما أحوجنا إلى جمعياتٍ لـ(الرفق بالإنسان) في مجتمعاتنا العربية، (أسوة) بجمعيات (الرفق بالحيوان) في المجتمعات الغربية !.. لأن هذه الأخيرة سبقتنا بمراحل في مجال حماية (الأرواح)، ورعاية حقوق (الأحياء)، رغم الخلفية (البراغماتية) التي تعتمدها . على عكس مجتمعاتنا المُتشربة عقائديا، ما كان يجب أن يمنحها رصيدا (روحيا عاطفيا) أكبر، لكنها ـ وللأسف الشديد ـ أشد ما تكون فيها قسوة البشر على البشر، فكيف بالحيوان والحجر والشجر ؟!..
في المجتمعات الغربية، تخطى البشر مرحلة الخوف على حقوقهم في الحياة أن يسلبها بعضهم، إلى الخوف على ما دونهم من مخلوقات تنبض بالحياة وتسكن أجسادها الأرواح، وكأنهم هم أمة محمد العارفة بنص الحديث عن المرأة التي دخلت النار في قطة ربطتها . لم تطعمها ولم تتركها تذهب وتأكل من خشاش الأرض . واستخلصوا منه العبرة وعملوا بما جاء به، في وقتٍ لايُقيمون فيه وزنا لمحمد (صلى الله عليه وسلم) ولا لدين محمد !.. وفي وقتٍ يؤمنون فيه بالماديات أكثر من إيمانهم بالغيبيات كالروح ؟!..
أما في مجتمعاتنا فلا يزال البشر يعتدون على بعضهم، ويسفكون دماء بعضهم، ويسلخون جلود بعضهم، ويقطعون رؤوس بعضهم بالسكاكين . ومن أجل ماذا ؟!.. الأرجح من أجل (دنيا فانية) يُدركون جيدا وزنها عند رب العالمين، وأنها لو كانت تساوي عنده جناح بعوضة، ما كان سقى فيها أولئك الكافرون به وبنبيه، شربة ماء . كما يُدركون أيضا وزن إنقاذ روح من الهلاك حتى ولو كانت روح حيوان . ووزن أن يقتل بعضهم بعضا ودماء بعضهم على بعضٍ جميعا حرام !..
فـ(النماذج الإسلامية) التي بدأت تفرزها بعض الدول العربية، من تلك التي قامت بها الثورات الشعبية ـ بوصفها محط أنظار العالم ـ لاتسُرّ عدوا ولا صديق، لأن (سلف القرن الحادي والعشرين) لم يرثوا عن الخلف الصالح (آداب النزاعات) كـ(العفو عند المقدرة)، وهو ما يصل إلى العالم في صور جاهلية رجعية وهمجية لاتمُتّ لدين الإسلام، دين العفو والتسامح بصلة . كذلك التونسي الذي ذبح أخاه من الوريد إلى الوريد ؟!.. أو أولئك المصريون المتشدّدون الذين يُطالبون بإعدام (الطاغية مبارك)، رغم أن هذا الأخير يعيش الرّمق الأخير ؟!..
إذن، ومن واقع حالنا هنا وواقع حالهم هناك، بتنا نعرف الإجابة عن سؤال لماذا تقدّموا هم وتخلفنا نحن ؟!... فهم يعملون بما كان يجب أن نعمل به نحن .. فقد أخذوا (الفعل) وتركوا لنا (القول) !.
15 . 06 . 2012
التعليقات (0)