مواضيع اليوم

قسنطينة التي زرت

سعيد موفقي

2010-05-26 16:25:41

0

لم تكن مجرد زيارة ، و لم تكن هي مجرد مدينة ، و لم يخطئ من وصفها بمدينة الجسور ، صديقي الشاعر بشير ضيف الله الذي ألهمته بسحرها قال فيهاشعرا لحظة نزوله ، وفجرت فيه كلمات الحب و الرحلة ، كانت غزلا خاصا يحمل أكثر من دلالة ، استشعر فيها جدّه امرئ القيس الذي وقف و استوقف و بكى و استبكى ، وما كنت أعلم أنّه يحسن عشق المكان كجدّه و ينظم الشعر على سليقته و إن أبدا تمردا في اختيار إيقاعها ، تأكّد لي مرة أخرى بأنّ الإنسان عجيب في اختيار اللغة التي توائم تجربته ، فأجدني أصف ما يقول و اهتم بكلمات نصّه الذي ألقاه في حضرة قسنطينة الجميلة و الهادئة العميقة ، وكان لابد أن يلقيه  أمام مجلس الوالي و جمع غفير من الضيوف و المكرمين الذين أحرزوا جوائز مهمة و قد حظي صديقيبالجائزة الأولى في مسابقة عبد الحميد بن باديس التينظمها المجلس الولائي لقسنطينة و هو سبب زيارتنالها ,   و في هذه الغمرة كانت لنا زيارة لمختلف معالمها الهامة ، و لعل جسرها العتيق من بين أهم مرتكزات المدينة ، فإننا إن تذكرنا قسنطينة نتذكر الإمام العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس ، و نتذكر سيدي راشد ، و نتذكر مالك حداد و مالك بن نبي و أحمد رضا حوحو ... و غيرهم من أبنائها الكثر، ما عسانا نقول في حضرتها و هي التي صنعت مجدها بقوة الكلمة و النضال و المكان ,,,هي سيرتا الفخر و العز ، سيرتا التحدي و الصمود ، سيرتا جسور التواصل و البقاء الجميل ، ماذا يمكن أن يقول فيها الشاعر ؟ و ماذا يمكن أن يقول فيها المهندس البارع ؟ و ماذا يمكن أن يقول فيها الرسام و النحات ووو.... إنّها نفحة من نفحات الإنسان الفنان القديم ، و عبقرية من عبقرياته التي وقفت في وجه الطبيعة الصلبة ، الجميلة و الموحشة ، منذ الوهلة الأولى ينتابك الخوف و أنت تجوب حدود جسرها العملاق و ما تلبث حتى يبعث فيك سعادة الاكتشاف ، و تزول مخاوفك لحظة التأمل ، و يدفعك فضول معرفة كل الأسرار ، نظرة واحدة إلى الأعلى تكشف لك عبقرية المكان و صمود البنيان ، و نظرة أخرى إلى الأسفل يرمي بذهنك إلى مجازات عمق الوادي اللامنتهي ، يرغّبك في الحياة و يعلّمك عمق النظر ،  وحسن التذوق ، و لجمال قسنطينة ليلا عبقريته ، تقف على حافة جسرها يلفت انتباهك قران مدينتين يجمع     بينهما في بهاء ، ازدهى بها الليل و تبختر ، حجبت ظلمته بضيائها فتلاشت وحشته فاستأنس به أهلها و القادمون ، ماعسانا نقول و هي المدينة التي قالت كل شيء و صنعت من نفسها تحفة للمكان ، لا يمكنك مغادرتها ما لم تقل شيئا فيها و عن طيبة أهلها ، و جامعة الأمير عبد القادر التي أضافت للمكان معلما مختلفا ، و رمزا شبيها بتلك التي رسمها رجال كانوا هنا ثم مضوا ، تاركين بصمات النبل و العظمة ,,,غادرناها نحن بعد أن وقفنا على معلم صالح باي التاريخي و استحضرنا ماض شاهد على صنيع الحكمة و الفطنة و العمران ، ماعسانا نقول و كل شيء ينطق بسخاء ,,, ماعسانا نقول و واديها يفيض حبا ,,,كانت رحلتنا جميلة جمال هذا المكان ، تركناه و في نفوسنا رغبة ملحة لزيارة أخرى ، شكرا لقسنطينة الجميلة ,



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات