قرّب عالأربعين مليون

في الشارع و أنا أتمشى من تعب نهار طويل و همّ يوم عسير .. حباني الله عز و جل ببائع يانصيب ( بطاقات لوتو ) .. كان شكله بائس قليلاً و يوحي بكاريزما خاصة للبؤس و الشقاء و الطرافة في شيء من تفاصيله لا أدري ما هو بالضبط .

المهم ما علينا .. كان الرجل واقفاً صامتاً يمد يده بأوراق اليانصيب أمام المارة .. و عندما اقتربت منه و  رآني أدخل المدى المجدي لمجاله بدأ ينادي بصوت خفيف لكن سريع كأنه طلقات بندقية .. ( قرّب عالأربعين مليون .. قرّب عالأربعين مليون .. قرّب عالأربعين مليون ) يقولها بتواتر موجي سريع .. حاولت ان أقلده فيما بعد بالمنزل فما استطعت لذلك سبيلاً .

المهم .. أيضاً مرة أخرى ما علينا .. عندما وصلت بمحاذاته تماماً .. تعمدت ألا تأتي عيني بعينيه و ذلك درءاً لفتح باب الطلبات .. لكنه ناداني بصوت حاد هادئ كأنه لحن موسيقي .. قرّب عالأربعين مليون أستاذ .. قرّب عالأربعين مليون أستاذ .

نظرت إليه و قلت له و قد كنت على وشك أن أنفجر من الضحك من أسلوب النداء و لحنه .. هل تقصدني أنا ؟؟ .

قال .. نعم .. قرب عالأربعين مليون .

قلت .. عفواً بالله ؟؟؟!!! على شو بدي قرّب قلتلّي ؟؟ .

قال .. عالأربعين مليون .

قلت .. يعني يا حبيبي و يا بصبوص عيني و مهجة قلبي .. شايفني هربان من الأربعين مليون ؟؟ أو شايفها هي راكضة ورائي تراودني عن نفسي و انا أتمنّع ؟؟

قال .. لالا .. هاهي هنا تعال و خذها .

قلت .. و الله يا حبيبي .. خليها هي تتقرب مني خطوة واحدة فقط و إلك عليي أن أطحش عليها طحش .

مد يده بدفتر اليانصيب و قال .. حسناً تفضل .

قلت .. ما هذا ؟؟!!! .

قال .. هذه الأربعين مليون .

قلت .. لا بالله يا عينيييي هذه ليس الأربعين مليون .. بدك ياني قرّب عالأربعين مليون ؟؟؟ روح جبلي أربعين مليون .. مليون ينطح مليون .. و حطللي إياها بكياس زبالة سوداء متل ما عم يعملوا البعض .. و قللي تعا قرّب عالأربعين مليون .. ساعتها إلك عليي قرّب عالأربعين مليون و أعمل العجائب .. أما غير هيك .. فيؤسفني أن اقول لك .. نوووو .

قال .. و الله هذه صعبة .

قلت .. و الله هذا ما عندي .. و عندما تكون جاهز .. أنا جاهز .. حطللي خبر عند صاحب هذا السوبر ماركت .. هو يعرفني جيداً .. سلام يا صاحبي .