ما كان للجنة المبادرة العربية إلا أن ترفض قرار العودة للمفاوضات بين السلطة الفلسطينية و إسرائيل لغياب الضمانات الأمريكية بتوقيف الاستيطان أو بالأحرى تجميده، و كذا لعدم وضوح الرؤيا من حيث مرجعية التفاوض و الأسس المتفاوض عليها، فما وصل إليه العرب من تنازلات أنتجت المبادرة المطروحة، لم يعد مقنعا لنتنياهو ليرسم لنفسه من جديد و للعالم خريطة أخرى لفلسطين المقبلة بحدود غير حدود 67 و بعاصمة غير القدس و بساكنة قد لا تضم اللاجئين الفلسطينيين، و بعد أن فرقت حروب 48 و 67 بين الضفة و غزة ، هاهي سياسة الواقع تفتت الضفة، و إلى حين معاودة المفاوضات، قد لا يجد الفلسطينيون و العرب من ورائهم ما يتفاوضون عليه، إلا إذا اختزلت فلسطين في غزة، هذا إن بقيت غزة، إن أبشع السيناريوهات أن يضم ما لا يصلح من الضفة للأردن و أن تسحب غزة إلى مصر، هذا السيناريو البشع لن يمرر إلا بتخطيط مع الجارتين مصر و الأردن بطلتين أم مكرهتين، و حاليا لا يمكن الجزم بأن المملكة الأردنية ترضى بأن تعوم في بحر أمواجه فلسطينية لأن ذلك يعني ضياع المملكة الصغيرة. أو أن تتجه مصر شمالا لضم غزة ، فيكفيها من المشاكل ما هي فيه.
بالعودة إلى قرار اللجنة العربية، نجد أن الدول العربية فرض عليها واقع الحال الاتجاه نحو التصعيد، فبعد محاولات يائسة مددت فيها المبادرة أملا في أن ينجح الطرف الأمريكي في إقناع إسرائيل بوقف الاستيطان أو بتجميد ه ولو لمدة محدودة، غير أن ضعف الإدارة الأمريكية أو ميلها للجانب الإسرائيلي حال دون تلبية الطلب، ليخيب رجاء العرب في أوباما.فهل يتجهون إلى سحب المبادرة نهائيا، لننتظر شفاء الملك السعودي و ما قد يثمر عنه قادم الأيام.
مضطر أخاك لا بطل، أبلغ وصف يمكن أو يوصف به هذا القرار، الذي قد يستثمر داخليا، خاصة في ترتيب البيت الفلسطيني، عباس يحتاج لدعم عربي لإعادة الثقة في السلطة و في فتح و هذا ما وصل إليه حكما، فهو غالبا ماكان يشتكي من ضغوط تأتي من عواصم عربية للرضوخ للإملاءات الإسرائيلية و الأمريكية، على عكس ذلك جاء القرار التالي ليرفع من معنوياته من حيث عدم الاستسلام و الثبات على موقف اللاعودة للمفاوضات في طل الشروط الحالية.
داخليا، تحدثت مصادر صحفية عن لقاء مصالحة تم بين القدومي و عباس في عمان، خطوة جاءت مباشرة عقب الموقف الأخير للسلطة، فهل مجرد مصادفة أم أنها تعكس توجها جديدا للرئيس أبو مازن. في كلتا الحالتين توجه عباس نحو معارضيه و باقي التيارات الفلسطينية التي تخالفه في الرأي داخل المنظمة أو خارجها خطوة مهمة لإعادة اللحمة و تقوية الصف الفلسطيني و إحياء الثقة بين القيادات الفلسطينية و الشارع ، كما أن عباس قد يلعب بورقة المصالحة للضغط على اسرئيل، فهو يريد أن يرسل رسالة مفادها أن جميع السبل مفتوحة في حالة عدم تجاوب إسرائيل، و من هذه السبل الاتجاه إلى حماس و باقي الحركات الفلسطينية التي لا تعترف بالسلطة و لا باتفاقيات أوسلو لتوحيد الجبهة الداخلية و بناء مرجعية موحدة للتحرير .
التعليقات (0)