قراءة ........ وكتابة
المرحوم ( كامل زهيرى ) كان يقول عن نفسه أنه كاتب هاو وقارىء محترف .
تلقفت منه الكلمات , وصرت مثله وأنا لست مثله .
حبى للقراءة فاق حبى لأى شىء من متع الدنيا الزائلة - الزائلة تنفع صفة للمتع وتنفع صفة للدنيا - .
فى مرحلة سنية كنت أقرأ كتاب فى الليلة , وكنت أستوعبه تماما .
فى فترة الجامعة قرأت كتاب ( هيكل ) ( خريف الغضب ) الذى وصلنا مهربا من ليبيا , قرأته فى ليلة الامتحان .
لاحساسى بأنه أهم , وأن الامتحان يمكن تعويضه حيث توجد فرصة مساوية فى الدور الثانى أو فى العام التالى , بينما ( خريف الغضب ) المستعار وأصحابه سوف يستردونه غدا , فيجب قراءته كاملا الليله .
فى مرحلة سنية كنت أتمنى أن يكون لدى مكتبة ضخمة , وأن تحضر لزيارتى ( ناديه صالح ) صاحبة البرنامج الأشهر ( زيارة لمكتبة فلان ) , وأن تطلع على مكتبتى وتتجول بين الكتب وتناقشنى فيما قرأت وتسألنى عما أحب وعن الكتاب الأثير لدى , وعن كاتبى المفضل .
وفى مرحلة سنية أخرى كنت أداعب والدتى – رحمها الله – وهى تأمرنى بالكف عن القراءة رحمة بعينى – على حد قولها - , فكنت أقول لها اننى أتمنى أن أموت وأنا أقرأ , ويكون آخر عهدى بالحياة هو القراءة , لدرجة أننى مازحتها بقولى أننى أتمنى أن أدفن فى مكتبة , أو أن تدفن معى كتبى .
فى مرحلة سنية , أنتشرت الفضائيات وذاع صيتها , وأنتشر معها مدعيى الثقافة , أو ما أصطلح عليه المثقفون الجدد , الذين كان كل همهم هضم برامج ونشرات الفضائيات واعادة تصديره الينا فى اليوم التالى , وأنبهر البعض بهم وأحتفوا بهم , ووجدوهم بديلا فاعلا عن مثقفى القراءة .
وأنجرفت بعض الشىء خلفهم , ولكننى سرعان ما ثبت الى رشدى وعدت أدراجى , فهل أترك القراءة التى هذبت سلوكى , وزادت معارفى , ووسعت مداركى , وعلمتنى أن أمنطق الأشياء , وأن أحكم على الأمور بشكل قريب من الصواب .
فى مرحلة سنية لاحقة , ضعف البصر بعض الشىء – الحمد لله – وبدأ يؤثر على كفاءة القراءة فقلت القراءة رغما عنى .
فى مرحلة سنية تالية زادت مشاغل وهموم ومشاكل الحياة , وأصبحت الكتب تحتاج الى ميزانية مستقلة , أو قل تجنيب جزء من الميزانية كى يخصص لشراء الكتب .
فى مرحلة سنية أخيرة زادت المسئوليات وأنشغل الفكر بأشياء كثيرة , فقل الاستيعاب , فقلت القراءة .
حتى قراءة الأنترنت , أو القراءة من على الكمبيوتر , لا تدانى متعة الكتاب .
فى يوم قال لى صديق هل ستظل هكذا تقرأ فقط ؟ متى ستكتب ؟
كانت لى محاولات متواضعة للكتابة منذ صغرى , ونشرت لى بعض الزوايا فى بعض الجرائد .
كنت أراسل بعض الجرائد عند وجود أحداث عالمية أو قومية , وكنت أغضب من تصرف الجرائد فى المقال على نحو لا يرضينى , من تغيير عنوان المقال , الى تلخيص الموضوع على نحو يفقده مبتغاه , الى تعديل فى المقال الى الدرجة التى يختل معها معناه .
هيافة الكتاب – أسم الفاعل – وسطحية وتفاهة الموضوعات المطروحة على صفحات الجرائد حاليا أغرانى بأن أكتب , وسألت نفسى : ما فائدة كتابات تظل حبيسة الأدراج ؟ .
وأجبت على نفسى ان الموضوع المنشور لو قرأه شخص واحد اضافى , لهو أجمل من أن أقرأه بمفردى , والأجمل أن يعلق من قرأ .
أكتب ولا يقرأ لى سواى وزوجتى وأولادى ,
نصيحة صديقى بأن أنشىء المدونة , وأن أنشر فيها ما أكتب
أن يقرأ لى شخص , أثنين , ثلاثة , خير من ألا يقرأ أحد على الاطلاق .
ولكننى أخشى أ ن أصل لمرحلة الروائى الشهير ( اليوت ) حين قال ( ان كتابة بهذا السوء يجب أن تمتنع ) .
بدأت أحب الكتابة ,
ولكن سيبقى حبى للقراءة أكبر .
لأن حب القراءة يشبه الى حد كبير الحب الأول .
عود على بدء : أتمنى أن أكون – أن أظل – كاتب هاو وقارىء محترف .
eg_eisa@yahoo.com
التعليقات (0)