استقبلت البشرية سنة جديدة فى مسيرة الإنسان وفى مسار التاريخ , وأستطيع القول بأن عام 2014 هو عم تقرير المصير لمصر وللمنطقة العربية كلها , كما أنه العام الذى سيتقرر فيه مصير الإسلام السياسى وسترسم فيه حدود انتشاره ومداه , نعم مصر ستكون اللاعب الأساسى فى ساحة أحداث العام الجديد , ليس لحجمها او تعدادها فقط ولكن لكونها الدولة الوحيدة التى قامت فيها ثورة على ثورة فى فى أقل من ثلاث سنوات , وان الثورة الجديدة التى يسميها البعض انقلابا كانت ضد تيارالإسلام السياسى الذى نما وترعرع فى مصر فى ظل حكم الجنرالات على مدى ستين عاما ولو بنسب متفاوته من جنرال لآخر حسب مصالح كل منهم ورؤيته وموقفه السياسى , على أنه يجب أن يكون من الواضح والجلى ان ثورة 30 يونيه فى مصر ليست ثورة علمانية وثوارها وقادتها جزء من تكوين الوجدان المصرى العام الذى يغار على إسلامه ويحرص على تدينه ولكنها كانت ثورة على جماعة غير نقية التاريخ من الإرهاب والاغتيال والتزوير والكذب هذا الكذب الذى ظهر فى الفترة الأخيرة والذى يعرف الجميع انه من أسوأ الرذائل التى نهى عنها الاسلام . ويبقى أن أقول : إن الرواية لم تتم فصولا / وأن الحكومة المصرية الحالية تواجه صعوبات جمة فى مواجهة التيار الدينى الذى لجأ اخيرا إلى سلاح التفجيرات والسيارات المفخخة , والذى الستطاع استثمار فترة العام الذى قضاه فى السلطة فقام ببداية ما يعرف بالتمكين فوضع بعض أنصاره فى مواقع هامة وهم يحركون أنصارهم للقيام بمظاهرات وأعمال عنف دافعها المصلحى أقوى من دافعها العقائدى , ويبدو لى أن المسؤولين المصريين يفتقدون أمرين : أولهما زعيم يتواجد على ساحة الخطاب الإعلامى ويتحدث حديثا قويا عن مساوئ المتاجرين بالاسلام ذلك لأن الثقافة العربية بصفة عامة تحتاج إلى إلهامات الزعامة . الثانى حكومة قوية مستعدة لقبول التحديات ودفع ثمن خياراتها . وأعتقد أنه إذا قام فى مصر نظام قوى لا يكون التيار الدينى جزءا مؤثرا فيه فإن ذلك سوف يمد أثره إلى تونس وسوريا وليبيا وكل دول النطقة . كما أعتقد أن العام الجديد سيكون العام الحاسم فى مسيرة المنطقة التى عانت فى الثلاث سنوات الاخيرة ولا زالت تعانى أكثر من أية فترة من فترات التاريخ . إن المنطقة تنصهر الآن فى بوتقة التغيير . وكان يجب أن يكون الأمل معقودا على عودة الإسلاميين إلى رشدهم وأن يحاولوا أن يكونوا دعاة لا رعاة وانهم يستطيعون نشر الإسلام بين الناس بالقدوة وتقديم نموذج للإنسان الصالح الذى ساعدته عقيدته على تحقيق الحياة العزيزة لنفسه ولوطنه , ولكن من الواضح ان هذه الحياةالكريمة موجودة فقط خارج حدود الذين يصخبون بالاسلام , وحيث إن الأمل فى عودة الإسلاميين إلى طريق الصواب يكاد يكون منعدما فيبقى الأمل فى الشباب المخدوع بشعاراتهم ان يراجع نفسه ومنطلقاته , ويبقى الأمل الأكبر فى زعامات قوية تستطيع أن تفرض إرادتها على الشارع المصرى ولو بإجراءات استثنائية دون خوف أو ارتعاش لتقوم فى مصر دولة مدنية حديثة تمضى بشعبها فى ركب الحضارة وتؤثر فى مسيرة أمتها العربية وتأخذ بيدها إلى طريق الحرية والتقدم وكرامة كل مواطن على أرضها . فهل يتحقق ذلك فى العام الجديد ؟ إنها مجرد قراءة فى دفتر الزمن . مع كل أمنياتى بأن يسود الحب والسلام فى كل أرجاء الأرض لأننى اعتقد أن الله لم يرسل أنبياءه ورسلالاته إلا لرعاية كرامة الإنسان وحرمة دمه , وأنه لو أراد لجعل الناس أمة واحدة
التعليقات (0)