مواضيع اليوم

قراءة متأنية لخطاب متعجل..

جمال الهنداوي

2009-09-26 15:52:08

0

 

قد تكون الدقائق الاربعة والتسعون التي تخللتها الاطلالة الاولى – وقد تكون الاخيرة – للرئيس معمر القذافي في الجمعية العامة للامم المتحدة هي الاطول والاثقل والاكثر مدعاةً للحرج بالنسبة لمجمل حياة السيد علي التريكي الوزير الليبي السابق..والرئيس الحالي للجمعية الاممية..

وقد لا يكون هناك ما هو اشد وطأة منها الا الدقائق الخمس التي اقتضاها وصول المفكر الجماهيري الاعظم الى المنصة..

فبحكم الخبرة..والتجربة الطويلة لم يكن صعبا على السيد رئيس الجمعية العامة التنبؤ بالمنتظر من خطاب الزعيم الظاهرة.. ولا توقع التبسط المبالغ به من قبل الشاهنشاه الافريقي وهو يرى موظفه السابق يعتلي سدة الرئاسة..ولكن من غير المعقول ان يشط به الخيال الى الدرجة التي يستوعب فيها انه وهو في منصة رئاسة الجمعية العامة للامم المتحدة سوف يقذف في وجهه بكتاب من تاليف سيده ويحمل عنوانا غريبا هو "اسراطين"..

فالقائد الذي يبدو ان طموحه قد ضاقت به القارة السمراء.. واثناء خطابه العنيف .. الذي تتناقض حدته وقوة تعابيره مع الاهانة الاستباقية التي تلقاها من سفيرة أمريكا في الأمم المتحدة.. لم ينس ان الجالس خلفه اجير سابق يعمل لديه براتب شهري عندما بدأ يوجه اوامره"إعتبارا من الآن .. من هذا الخطاب الاربعين ووجود علي التريكي بالجمعية العامة للامم المتحدة، سيستجوب في الجمعية العامة مدير الطاقة الذرية البرادعي والذي قبلهً"

وبنفس اللهجة الآمرة طالب القذافي بفتح باب التحقيق في مذبحتي "صبرا وشاتيلا" و"غزة". ولم ينس ان يمر على قضايا  إغتيال لومومبا وهمرشولد وكنيدي ولوثر كينغ وكمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف في عملية "فردان" بلبنان، وموريس بيشوب في غزو غرينادا، وخليل الوزير..

وكمؤشر على رغبة العقيد في التحول الى ملك ملوك للعالم طالب بكشف المستور عن تنكر الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وقيامهما بتنفيذ عملية اعدام الرئيس المخلوع صدام حسين..ولم ينس فضيحة سجن ابو غريب وحرب كوريا وغزو خليج الخنازير وتعويض افريقيا عن سنوات العبودية والاستعمار..

ولكن يبدو ان جسامة المهمات الملقاة على عاتق القائد الجماهيري وطول العهد بالحكم واحكام ومتطلبات العمر التي لا ترحم قد اثرت قليلا على ذاكرة العقيد .. فنسي انه بحكم هويته وانتمائه كان عليه ان يطلب قبلها التحقيق الدولي في جريمة محاكمة طلاب جامعة طرابلس ..واعدامهم داخل الحرم الجامعي في جلسة ميدانية صورية اقرب الى الكوميديا السوداء..ونسي كذلك طلب التحقيق في جريمة تغييب السيد موسى الصدر.. الذي إختفى اثناء تواجده في ليبيا تلبية لدعوة من الأخ العقيد..ولم يراه احد بعدها..او المطالبة بالكشف عن المسؤول عن مقتل اكثر من 1200 شهيدا عزل من السلاح في مذبحة بوسليم.. وكذلك التحقيق في حرب تشاد والالاف الذين قضوا على رمال لم يعرفوا لها اسما.. وكذلك قضايا خطف وتفجير الطائرات وتفخيخ المقاهي والمطاعم ودعم الحركات الارهابية والانفصالية في اكثر من مكان وزمان.. فكلها قضايا كان على العقيد ان يتذكرها..

قال القائد كل شئ ..وتكلم بكل شئ ..وكأنه كان يعلم انه خطابه الاخير في الجمعية العامة..وخلط بين الشعارات الثورية الصدئة..واسرار الرفاق وكلام المقاهي وحكايا الجدات في الليالي الباردة..ولم يكن يبدو عليه انه كان مهتما او معنيا بصوابية او خطل ملاحظاته..لانه مطمئن الى موهبة من سيستنبط له المقاصد الحسنة والرؤية المستقبلية الفذة من كل هذا الهذر..

و لكن الذي تناساه مخترع النظرية الثالثة هو انه لا يملك الحق بالتحدث بلسان احد..ولا يمتلك المصداقية اللازمة لنقد المنظومة الدولية برمتها..وان تصديق التهريج اليومي الذي ينثر فوق رأسه من قبل جيش الاعلاميين  المرتزقة المتملقين ليس ملزما لاحد..وان تحويل ليبيا بثرواتها وطيبة شعبها وعمقها الحضاري الى فقرة ترفيهية في المؤتمرات الدولية الجافة لم يعد مسليا..وان الكلام على منبر الامم المتحدة يختلف عن التحدث في مهرجانات الصراخ والزعيق الممنهج مسبق الدفع..حتى لو كان رئيس الجلسة موظف سابق عند الاخ القائد العقيد..

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !