مواضيع اليوم

قراءة في مقالة "نماذج مرنة في اللغويات العربية التليدة"

فيديو العرب

2011-07-02 15:10:08

0

قراءة في مقالة : "نماذج مرنة في اللغويات العربية التليدة"
للدكتور: محمد عبد الرحمان وهابي

الــتــلــخــيــص:

يحاول الدكتور وهابي في هذا المقال أن يدرس مساطر الاستدلال العربية من خلال ما يسمى ب( الأصول النحوية) التي لا تعدو أن تكون معتمدة على القياس أو السماع أو العلة. وذكر مجموعة من المؤلفات التي تعد أصولا للعربية؛ و تشكل نوعا من الابستمولوجيا اللغوية لقيامها على لغة ثالثة تبحث عن تعليل إلا بالنظر إلى لغة النحوي ذاته. أو ما يسمى (باللغة الاصطناعية).
فالأقاويل العقلانية هنا تحيل على نفسها لا على الواقع وبالتالي تأويل الأصول النحوية لتوافق النظر العقلاني. فنتج عنه الخلاف في الاعتلال بين العلماء, ومدى قوة هذا الاستدلال وصلابته.
فبدأوا في وضع المفاهيم التي تخدم استدلالاتهم دون تصريح بالمنهج و الغاية؛ لافتراضهم وجود قارئ له علم ودراية. مع العلم أن هذه الأعمال فتحت المجال للتأويل بشكل واسع لمن يأتي بعدهم.
فجاءت مساطرهم قابلة للتأويل و إعادة النظر كتأرجح مفاهيمهم بين القياس والسماع, أي بين الواقعي والممكن والبحث عن الروابط العقلانية داخلها دون تجاوزها, وهذا القيد لم يستطع اللغويون المحدثون الانفلات عنه؛ فهم ما بين (وصفيين و تفسيريين).فالاختلاف في التسمية فقط.
فمسألة الأصول تبقى محل صراع تتجاذبه المعارف عامة. لأنه رغم وجود النص فالخلاف العقلاني يجعل نفسه أصلا. أو يبحث عن أصل يبني عليه مفاهيمه.
فشكل النص القرآني ــ مثلا ــ أصلا عقلانيا نظريا مجردا.ونقليا في نفس الآن. لكن التأويل دفعهم إلى البحث عن أصل آخر هو (أصل النظر)؛ لإنشاء علم ذي مفاهيم مضبوطة.
فالمنهج واضح لكن الخلاف قائم على كيفية تناول المنهج. فجاء تطبيقاتهم إما قائمة على التحقق التجريبي أو الافتراض أو المقاطعة العقلانية لباقي العلوم. فنشأ الخلاف حتى داخل المدرسة الواحدة.
يرى (كارناب) أن التجريب مهم لإقامة المعارف.فميز بين المستوى الكيفي والكمي والمجرد.
والمعيار الأول هو معيار الصدق في المعرفة العلمية؛ أي الخبرة الحسية؛ الأمر الذي يجعل السماع أصلا استدلاليا. وفي هذا ضرب للاستدلال العقلاني لوجود كثير من الاستدلالات السماعية مخالفة لما هو قياسي. وحتى القياسي ليس فيه أساس نظري له قواعد ضابطة.بل حتى ما يؤخذ من السماع يوظف لموافقة النظر والتصور. فلم يقبل السماع إلا ممن يوثق بعربيتهم في زعمهم.فكان لكل مدرسة من المدارس النحوية تصور خاص عن مفهوم السماع ووظيفته, وعلاقته بالقياس. ليصح الاستدلال؛ ويؤخذ كقاعدة تؤسس عليه المدرسة مفاهيمها.
وبناء على هذا الطرح يتحول السماع مفهوما نظريا يخدم القياس, وحقلا لتجارب النظر. مع العلم أن هذا المفهوم بدأ يثبت حيلولته في الوقت الراهن؛ مما يتيح البحث عن مساطر جديدة للتنظير.
الــتــعــلــيــق:
و كخاتمة لهذا العمل القيم الذي أضاء و فتح في نفس الآن آفاقا كثيرة؛ لإعادة النظر في المفاهيم القديمة, والنظر في إمكانية البحث عن مفاهيم جديدة؛ لبناء أصول للنحو تستجيب لمتطلبات العصر, وتجيب عن التساؤلات التي تطرحها المناهج الجديدة.
وحقا؛ إن ما كان إطارا مفاهيميا عند النحاة كان حوله إجماع, ولم يكن من حيث تناوله وتطبيقه إجماعا, فالسماع كانت له شروط مكانية و زمانية. فالشروط المكانية تستدعي أخذ اللغة السماعية المستشهد بها من القبائل التي يوثق بعربيتها؛ و لم تختلط بالعجم. فنشأ الخلاف حول هذه القبائل, ومن منها نعلم تمام العلم بصحة لغتها؛ كقيس و تميم و نجد... بل نجدهم داخل القبيلة الواحدة يأخذون عن بعضهم اللغة السليمة وليس الكل؛ كأم الهيثم التي يأخذ عنها أبو حاتم السجستاني والمنتجع بن نبهان.
ففي الوقت الذي نجد فيه البصريين يبحثون عن اللغة في أماكنها وأصولها المتمثلة في القبيلة.نجد الكوفيين ينتظرون الأعراب الذين ينزحون إليهم من القبائل العربية, مع بعض الاستثناء. ويعيرون بذلك؛ فنجد أحد البصريين يقول لآخر كوفي:"نحن نأخذ اللغة من حرشة الظباء وأكلة البرابيع؛ وأنتم تأخذونها عن أكلة الشواريز وباعة الكوامخ".
أما المستوى الزماني الظرفي فيأخذون عن القدامى ويتركون المحدثين, ويختلفون حول هذا الزمن الذي تحصر فيه اللغة الفصيحة والشاعر الفصيح, فنجد الشعر يوقفونه عند ابن هرمة لا يتجاوزونه, ويستشهدون بشعره ولا يأخذون بمن بعده. ودون إجماع, وإنما مجرد تواطؤ من بعضهم, وإضفاء حكم القيمة على عمله.
هذا دون نسيان التدليس الذي كان يطأ بعض الأشعار المنقولة للاستشهاد بها عن العرب, ويضعنا أمام بعض الألفاظ الشاذة؛ التي تتخذها بع المدارس قاعدة. بينما يرفضها البعض. فها هو أبو العباس المبرد يرى أن القياس لا تؤثر فيه القراءة الشاذة, وأثبت في كتابه (الكامل) مجموعة من الأشعار خاطئةً في صحة السماع. بل إذا رأى عدم موافقة البيت لمذهبه يغير فيه دون إسناد ويخطئ قائله, ويدَّعي أنه ينبغي أن يكون على هذا الشكل لا الشكل الآخر الذي صحت به الرواية.
وهذا يؤكد صحة الزعم الذي يرى أن السماع في اللغة أشد وهْنًا, ولا يقارن بالسماع كما هو في الفقه. والحكم عليه في نهاية المطاف بسوء التوظيف, رغم ما قام به الأولون من جهود لحفظه من التدليس والتثبت في النقل.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات