مواضيع اليوم

قراءة في كتاب العمامة والافندي لفالح عبد الجبار

علاء الدين الطائي

2012-01-23 07:22:26

0

قراءة في كتاب العمامة والافندي


يستعرض الكاتب فالح عبد الجبار في كتابه العمامة والافندي الحركات الاسلامية الشيعية من منظور اجتماعي مبينا الخلفيات الاجتماعية لهذه الحركات وكيفية نشؤوها وايديولوجيتها اضافة الى البيئة الاجتماعية لمؤسيسيها ويختار المؤلف المقاربة البنويية لدراسة نشوء الاسلام السياسي الشيعي مستبعدا كل المقاربات التي تم على اساسها دراسة الحركات السياسية الشيعية فيبعد عنها تهمة السطحية ورد الفعل كشرط اساسي لنشوء هذه الحركات سواء على التيارات الحداثية التي اجتاحت معاقل الدين وساحات نفوذه الرئيسة أو التأثر بالفورة السياسية للأسلام السني متمثلا بالاخوان وحزب التحريرمؤكدا وبأصرار على ذاتية نشوء هذه الحركات من نفسها كونها تمتلك شروط نشؤها بذاتها فحركتها في صميم الايدلوجية التي تحملها مؤصلا بذلك لأستقلالية هذه الحركات وقد يكون بذلك الاول بين اقرانه من المفكرين اللذين درسوا الاسلام السياسي الشيعي وشخص هذا الاتجاه.
وفي معرض حديثه عن الدعوة صنف الفئات الاجتماعية بفصل كامل تحدث فيه عن المنابع الاجتماعية للمؤسسين واصفا بيئتهم التي عاشوا فيها ومناطقهم والمهن التي عملوا فيها بل حتى فئاتهم العمرية وبين العلاقة التي ربطت ما اسماهم بالدنيويين (يقصد غير المعممين) برجال الدين وبين نمطين من العلاقة بين هاتين الفئتين الاول الذي اعتمد فيه الدنيويون على رجال الدين في العمل الحزبي والتنظيمي واعطاء الشرعية وقد كان هذا النمط فاشلا بالعمل الحزبي كما حصل في تجربة الحزب الجعفري الذي يعزو فيه المؤلف العمر القصير للحزب لهذا النمط من العلاقة ويلمح الى وجود نمط ثاني من العلاقة اتبعه الدعوة في عمله الحزبي فقد كان دور رجال الدين فيه وظيفيا بحيث كان للدنيويين فيه هامش حركة استطاعوا من خلاله انزال افكارهم الى ارض الواقع على الرغم من الصراع الذي تفجر لاحقا بين الفئتين الا ان هذا النمط يمكن ان يعتبر ناجحا ويكون واضحا لمن لديه ولو معرفة بسيطة بتاريخ الدعوة ان المؤلف يشير الى سيطرة الافندية على الحزب ببراغماتية ناعمة لكن دون ان يعلن ذلك صراحة لسبب غير معروف.
كما يتطرق الى استيعاب الدعوة الى التحولات الاجتماعية والضرر الذي لحق بملاك الاراضي نتيجة تطبيق قانون الاصلاح الزراعي والذي بدوره اثر عليهم ايضا كون جزء من الدعوة هم من التجار كصاحب الدخيل الذي كان يتاجر بالحبوب او ينحدرون من عوائل تجارية والجزء الاخر من رجال الدين الذين تضرروا نتيجة انخفاض ايرادات الخمس التي كان ملاك الاراضي يدفعون القسم الاكبر منها هذه الاشارة مهمة جدا كونها تبين بحيادية كبيرة ان الاسباب التي ادت الى نشوء الدعوة جزء منهاو ليست كلها عقائدية .
النقطة الاخرى التي تميز بها المؤلف هو اقناع القاريء بهدوء ومنطقية متماسكة ببراءة حركات الاسلا م السياسي الشيعي في العراق -والتي قضت جل عمرها في المنافي وخصوصا ايران ان لم يكن بعضها قد تأسس هناك اصلا- من الوقوع تحت النفوذ الاجنبي فهو يفسر ذهاب بعض الوفود العراقية الى الخميني او منتظري من اجل ان يكونوا تحت تصرفهم لحل القضية العراقية بأن البعد الاممي هو الاساس في هذه الحركات أما البعد الوطني فيعتبر ثانويا على العكس من الحالة الايرانية التي يرى فيها المؤلف اندماج الوطنية مع الاسلام . وعلى الرغم من ان تأسيس المجلس الاعلى كان فكرة ايرانية الاان الحكيم كان يعتقد ان الحالة العراقية لها وضعها الخاص التي تختلف عن سياق الثورة في الجمهورية الاسلامية حتى انه اخترع مصطلح الجهاد المسلح مازجا بين التكتيك الماوي في حرب العصابات وصبغه بمسحة اسلامية(الجهاد) ؛ وكذلك قادة التنظيمات العراقية الاخرى في ايران كمنظمة العمل الاسلامي الذين رفضوا تفصيل المشكلة العراقية واقحامها بثوب الحل الايراني فقد كان لهم رؤيتهم الخاصة حول اسلوب العمل من اجل الاطاحة بالنظام واقامة النظام الجديد على الرغم من ان هذه الرؤيا قد تكون تطواف نظري الا انها تعبر عن اتجاه مستقل لقوى المعارضة بمعزل عن التأثير الايراني .
يعطي المؤلف مساحة معقولة في كتابه للطقوس والشعائر الحسينية ويتناولها من ناحية اجتماعية متميزة بدراسة هذه الشعائر في مدينتي طويريج والدغارة والفئات الاجتماعية التي تقوم بهذه الطقوس كرجال العشائر والافندية والعاملين في السوق وماهي الاختلافات بين هذه الطبقات ودرجة الاحتفاء بهذه الشعائر بين هذه الفئات بل انه يتطرق حتى الى الفسحة الضيقة التي يلتقي فيها الشباب مع البنات على الرغم من الفصل بين الجنسين في اقامة هذه الطقوس الا انه يقول ان هناك فسحة للتلاقي بينهما عند تقديم الاكل او المشروبات او في ليلة العاشر من المحرم فعلى الرغم من التضييق على الفتيات في مسالة الخروج من البيت الا انه يسمح للفتيات بالخروج في يوم العاشر وهو مايسمح بلقاء بين الجنسين , ويرى المؤلف ان الزيارة الاربعينية هي مؤشر على علمنة الدولة وقدرة مؤسساتها على احتواء المجتمع ففي عام 1959 لم يرتاد الزيارة الا بضعة مئات من الشيعة عندما كان يرتادها الالاف قبل ذلك العام ومعروف أن في تلك الفترة كانت الدولة في اوج علمنتها ومتانة مؤسساتها الى حد كبير يبدو هذا الكلام صائبا خاصة عندما نرى الملايين اليوم يتوجهون الى كربلاء ومشيا على الاقدام وبالتزامن مع الفشل المزمن الذي تعاني منه مؤسسات الدولة في ممارسة مهامها.


 

 

علاء الطائي

 

 

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !