مواضيع اليوم

قراءة في كتاب العقل الأخلاقي العربي للجابري

الزوج السابق

2010-07-21 20:17:11

0

 قراءة في كتاب العقل الأخلاقي العربي للجابري

 

إننا في هذه القراءة المتواضعة لكتاب العقل الأخلاقي العربي و هو الجزء الرابع و الأخير سنتطرق إلى أول إشكالية عانى منها الدكتور الجابري وهي النقص الحاصل في الكتابة عن   الأخلاق عند العرب في المكتبة العربية باستثناء بعض الكتابات التي كتبها المستشرقون وبعض الكتب العربية مثل كتاب(الإسلام و أصول الحكم) لعلي عبد الرازق . ومشكلة النقص في المصادر و المراجع سنعود إليها فيما بعد.

إن الجابري ابتدأ كتابه بطرح مسألة المنهج الذي اعتمده في هذه الدراسة بالإضافة إلى طرح مسألة المصطلحات التي تختلف من دراسة لأخرى. فيما يخص المنهج فان الجابري اعتمد المنهج نفسه في الدراسات السابقة وهو المنهج البنيوي التكويني لكن في نظري فقد اعتمد على الدراسة التاريخية الوصفية ، ثم في مرحلة لاحقة اعتمد على التحليل البنيوي الذي من خلاله انطلق لمعرفة الإطار الاجتماعي للبنية و النظام الأخلاقي العربي أما بخصوص المصطلحات  فقد استبعد هذه المرة مصطلحات مثل المعرفة و البيان و البرهان إلى مصطلحات أخرى تعتمد على القيم و الأخلاق .

إن العقل الأخلاقي في نظر الجابري هو عقل جماعي كان في الجاهلية يعتمد على القيم و الأخلاق التي تعارفت عليها القبيلة وكان يحترمها و يقدرها وهي التي سماها بالموروث العربي الخالص ، ومع مجيء الإسلام حافظ على نفس القيم مع إضافة الجديد وذلك بتطويرها وتشذيبها لتكون صالحة للمجتمع الإسلامي الجديد وهي التي سماها بالموروث الإسلامي  الخالص ،هو نفس المنظور أي المنظور القيمي و الأخلاقي الجماعي ، فالعلاقة بين الموروثين كانت علاقة تعايش و تساكن  بالإضافة إلى أن القيم الأخلاقية العربية الإسلامية قد استفادت من الموروث الفارسي و اليوناني و الموروث الصوفي وهذا أعتقد بأنه كان في مرحلة لاحقة في مرحلة انحرفت فيها القيم الأخلاقية الإسلامية عن المسار الصحيح.

فكان لابد للجابري من أن ينطلق تلك الانطلاقة التقليدية وهي البحث عن جذور كلمة أدب في الجاهلية التي تعني الدعوة إلى المأدبة  وفي الإسلام أخذت معنى التربية و الأخلاق و التزكية ،إذن فكلمة أدب كما حددها الجابري تعني الأخلاق وهي الصفات الحميدة وهي كذلك ما به تكتسب هذه الأخلاق وهي كذلك العلم الذي يضم هذه القيم الأخلاقية .

إن الجابري يلاحظ بان الدراسات السابقة للعقل الأخلاقي العربي انقسمت إلى قسمين : القسم الأول يقول بان العرب لم ينتجوا عقلا أخلاقيا بل كانت لديهم حكما و أمثالا و مواعظ ، و القسم الثاني من الباحثين يقول بان العقل الأخلاقي عند العرب مستمد من القرآن .

ويمكنني أن أضيف نوعا آخر من الدراسة التي ترجع العقل الأخلاقي العربي إلى الفلسفة اليونانية مثل الأخلاق عند ابن مسكويه فهي مستمدة من الفلسفة اليونانية  ....

و الملاحظ عند الجابري حسب قراءتي أنه ظل ينظر إلى هذا البحث المتشعب من فوق من خلال قراءة وصفية تاريخية تتحدث حينا عن النخوة العربية وتارة عن القيم و الأخلاق في الإسلام .

يمكنني أن أشير كذلك إلى أن الجابري في هذه الدراسة أغفل أهمية القرآن الكريم الذي أعطى للقيم الأخلاقية مجالا واسعا ومفصلا بل يمكن أن نقول بأن القرآن الكريم مبني في أساسه على القيم الأخلاقية بالإضافة إلى السنة النبوية فالرسول عليه السلام جاء ليتمم مكارم الأخلاق بالإضافة لكتابات أخري في هذا المجال  مثل نهج البلاغة لعلي بن أبي طالب وكتاب إحياء علوم الدين  للإمام الغزالي هذا الكتاب الذي يعتبر من الكتب القيمة في هذا المجال ، لكن الجابري نظر إليه على أساس أنه دراسة تلفيقية تجمع بين القيم الإسلامية و الفلسفة اليونانية و الفكر الصوفي .

 ألخص و أقول بأن العقل الأخلاقي العربي في نظري بدأ مع بزوغ الإسلام  وسيرة الرسول عليه السلام وإنما بعث لأتمم مكارم الأخلاق ، فعلا كانت هناك أخلاق عربية لكن تنمحي عند أول احتكاك أو تجربة أما التجربة الإسلامية فكانت ثابتة و مستقرة لايمكن تغييرها أو تبديلها .

 إن الأخلاق قيم ثابتة تستمر في المكان  وتبقى راسخة في الزمان ، لا تتغير بل الذي يتغير هو الإنسان ولذلك فمقياس التفاضل بين الناس هو التقوى و مدى سمو أخلاقهم وقيمهم الإنسانية و الأخلاقية .

محمد يوب  




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !