ويستمر الاستاذ نبيل هلال استعراض الفوارق التقدميّة والتطوّرية العمليّة بين الأمّتين -بين أُمتنا وبين الأمم المتقدمة- ويُشخّصها بدقّة حالات اللا تنامي اسباب تأخّرنا في العمل والابتكار والابداع والتقدّم العلمي والتربوي وحتى التأخّر في وضع مناهجنا بأنفسنا، حيث ان أُمتنا استعانت بهم حتى في تدريب كوادرنا الرياضية والتنقيب نيابة عنّا حتى عن آثارنا وتراثنا الحضاري.
فضلا عن اغلب الصناعات حتى الصناعات البسيطة، نحن تفتقر لصناعتها فنستوردها منهم: (هم يرسمون إستراتيجيّاتهم ويقومون على تنفيذىا بأنفسهم، لا أن يتولى غيرهم ذلك نيابة عنهم، ونحن نستعين بهم فى وضع مناهجنا التعليمية والتًربوية، وتدريب لاعبينا كيف يلعبون الكرة، حتى آثارنا هم الذين ينقبون لنا عنها فى أرضنا، بل إن علم المصريات ذاته من عملهم هم. ونستعين بهم حتى فى التخلص من قمامتنا، ثم نقول فى دهشة – وغباوة – ما سبب انقلاب الموازين؟). شخّص المؤلف بهذا الكتاب اغلب الاساسيّات والاسباب السلبية الكثير المؤثرة التي تشكّلت واسهمت في التراجع والتخلّف الذي لازالت تعاني منه أمّتنا. والحقيقة هي اساسيّات واسباب استراتيجية غاية في الاهمية على الأمّة ان تعيها بتفكّر وتدبّر اذا ارادت ان يُصار حالها الى الأفضل، فالتقدّم والترقّي والتطوّر في كل المجالات العلمية والاجتماعية يجب ان يأخذ المنحى التربوي التعليمي الكفائي وينبثق تحديدا من سعي الأمة نفسها في تحصيله بقدراتها وكفاءتها وامكانياتها واموالها ومؤسساتها الشخصيّة ككيان اممي يجب ان يأخذ دوره الحضاري المستقل بين الأمم والحضارات الاخرى، لاان يؤخّر نفسه بنفسه ويتخلّى عن قيامه بهذا الدور ويعتمد على الجاهز، فيكون مجرّد حالة استهلاكيّة ومختبرا تجريبيّا لصناعات وابتكارات الجانب الآخر، وبنفس الوقت يتساءل مع نفسه ويستغرب لماذا هو متأخر عن اللحاق بالعالم المتقدّم؟. وفي استعراض رائع يصف الاستاذ نبيل هلال المسلمون في الصفحة 9/ من كتابه "اعتقال العقل المسلم" رغم نسبتهم الكبيرة في العالم التي تجاوزت المليار ونصف إلّا انّهم مع ذلك لازالوا يتلقون الصفعات المتتالية على القفا من أُناس ودول أقل واصغر من دولهم بكثير، من (اسرائيل) وقد شبّه المسلمون (بالأسد العجوز) وياله من وصف رائع صوّر حال المسلمون كما يجب ان يكونوا ماداموا بهذه الحالة من الذلّ والخنوع: (المسلمون مليار ونصف المليار نسمة تقريباً ويتلقون الصفعات على الأقفاء (جمع قفا) من 6 مليون إسرائيلي، لقد تفقد الأسد المسلم العجوز قوته، فلم يجد بها فضلا، إذ أصبح بلا مخلب ولا ناب، وأغرى به حتى الحملان، وهان على الماعز والقردة، وأصبحنا غرضا يُرمى ، و يُغار علينا ولا نُغير إذ تعدو الذئاب على من لا كلاب له. ما سر هذا الهوان ؟ اسمع : هم ديموقراطيون يحترمون القانون الذى يعلو ولا يعلى عليه فى بلدهم وإن أنكرنا ذلك من باب العزة بالإثم. هم ينعمون بالحرية ونحن غير أحرار، إذ لا تكتمل الحرية بدون إنتاج الزاد والزناد. الصهاينة لا يقاتلون بعضهم البعض ونحن نفعل، إذ نضرب رقاب بعضنا البعض منذ 1400 سنة وحتى الآن. وإن حاربونا استعانوا ببعضنا على محاربة البعض الآخر، ثم ندفع لهم تكاليف هذه الحروب التى سُفكت فيها دماؤنا !! وما حرب الخليج عنا ببعيدة. هم-أوروبا-توحدوا اقتصادياً وعسكرياً مع اختلاف الأعراق واللغات والثقافات، ونحن لا نتفق إلا على دوام الخلاف مع توحد لغتنا وثقافتنا وتاريخنا وديننا.). هذه هي حقيقة أمّتنا الاسلامية، هذا واقعها وهذا حاضرها المزري المبكي، تعيش جهالة حالها وافعالها حتى اصبحت محط سخرية القدر ومهزلة الزمن. فضلا عن تأخرها وتخلّفها الاجتماعي والتكنولوجي.. هي تعيش حالة أخرى من التخلف اكثر رجعية واكثر تأثيرا ووقعا واكثر مأساوية، حالة من العنف تكاد تكون حالة مستديمة من الخلاف والاختلاف مع بعضها البعض لتتحوّل مع مرور الزمن الى فعل وفاعل الى حالة عنف ودموية رغم الدين والقيم الاخلاقية التي تتسم بها من جهة، والغنى والثروات التي تمتلكها الأمة من موارد ومقدّرات من جهة اخرى. هي أُمّة ضحيّة نفسها، رضخت للغير يتلاعب بها فأصبحت مطيّة يمتطيها الآخرون متى ما ارادوا وكيفما يشاءوون، أُمّة المسلمون لم تبرع سوى بسفك دماء ابناءها بيد ابناءها بعضهم ضد بعض وقطع رقاب ابناء جلدتهم بأيدي بعضهم.أُمّة أضحت أداة يحركها الاجنبي ليضربنا بها فينتقم بها منها. كما رأيناه في السابق ولازلنا نراه ونعيشه الآن وفي كل يوم. ويستعرض المؤلف واقع حال الرخاء الذي يعيشه ملوك الأمّة وهم يتندّرون بفولوكلورهم العتيد فحسب، من خلال سباقات الجمال التي يقيمونها واللعب بالسيوف التي يرقصونها، غير مبالين بالأفواه الجائعة في أُمّتهم رغم ما يمتلكون من موارد ومنابع الغنى التي لو أُستثمرت بالشكل الصحيح لكانت الأمّة بشعوبها بأناسها بكليّتها تعيش افضل الحياة واكرمها. من ضمن الحالات التي يسردها ويذكرها المؤلف خيارات وبدائل لو تم وتأتّى العمل بها بالتعاون والتنسيق بين الدول العربية والمسلمة لأمكن للأمة ان تُغني نفسها بنفسها ولتمتّعت بأفضل واجمل حالات الرخاء: (إن أمة المسلمين الآن أشتات متباينة، فمنها الدول البترولية الشديدة الثراء، والدول الفقيرة التى يموت أطفالها جوعاً، ودول كثيفة السكان، ودول لديها أراض شاسعة لا يقوى أهلها على زراعتها. ولو كان هناك حد أدنى من التعاون والتنسيق بين هذه الدول" الإسلامية " ! لأمكن- مثلا-زراعة الأراضى فى بلد ما بأموال بلد آخر بأيدى مزارعى بلد ثالث، ولكننا مختلفون، ومازلنا نردد كالببغاوات، وحبات المسابح بين أصابعنا، دون عقل يفهم أو قلب يخشع، نردد: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان "). رغم حالة الثراء الفاحش للدول البترولية المسلمة إلا انه مازالت اطفال وشعوب أمتها في الدول الفقيرة تموت من الجوع، فلو استثمرت الاراضي الزراعية في الدول بأموال دول اخرى مسلمة ثانية وبسواعد وايدي ابناء دول اخرى مسلمة بهذه الحثية من التعاون والتنسيق مع بعضها البعض لأمكن رفع حالة الفقر عن اخوتنا في الاسلام والانسانية من جهة، ولطبقنا حالة مبدأ من مباديء ديننا واسلامنا الذي نضمره في الباطن ونخالفه في الظاهر .
التعليقات (1)
1 - السبب
مصطفى فهمى - 2014-05-19 07:29:07
لايفضل عقلا عربيا ...غربى أو أمريكانى لكن الظلم يحطمنا.....فيشل لسان ويدان ........مع تحياتى أستاذة /صفاء