قراءة في قصيدة جسد للشاعر أحمد قران الزهراني
بقلم:أحمد مكاوي
يبدو أن الشاعر أحمد قران الزهراني في قصيدة جسد يحمل في أغوار رؤاه دنيا من جمال أخاذ يفتح لنا مسارب الدهشة على جنة من حكايا جميلة تنفحنا عطرها بكل ما فيه من نشوة ومتعة !!
تأتي على جسد القصيدة، مثلما تأتي ا...
لسحابة فوق ظلِّ الريح،
يسحرها اقتباسُ القولِ من كتبِ الخرافةِ،
القصيدة التي تستطيع أن تأتي كما السحابة الملأ بكل ما يثير الأرض العطشى يحملها ظل الريح التي تنفحها روح الترحال وسر الاكتشاف لمعنى جديد في مكان جديد , يسحرها بما استطاع الحصول علية من كتب الخرافة هذا الجسد الحامل للقصيدة :
ربما أنثى تُعيرُ الشمسَ نزوتَها،
وتمشطُ شعرها بالنّور سافرةً،
وتعطي صدرها للبحرِ كي يرسو على شطآنه العشّاقُ،
نعم وهل هناك غير الأنثى التي تتلبسها القصيدة بكل ما تحمله الأنثى من طاقات الغواية التي أودعها الله بها نزوة وشعر تمشطه بالنور وصدر يتحدى البحر فيغوي العشاق كي يضعوا عصا الترحال على شاطئه وهي:
ترقص غير آبهة بمن يلتاكها في شارع ما زال يعبره الحفاةُ الكادحون،
ولم يعوا من وصفه إلا رصيف المخبز البلدي،
لا يدرون من سمّى الشوارعَ،
لا عليهم،
كل ما يعنيهمو خبزُ الصباح،
وكوبُ شاي, إنْ بنعناعٍ
وإنْ لا،
لستُ أدري،
كل ما في الأمرِ أنثى تعبرُ الآن القصيدة.
آه ما أتعسها وما أسعدها وهي التي ترقص بين كل أولائك الحفاة الكادحين الذين لا يعنيهم من الدنيا سوى خبز الصباح وكوب الشاي ولا يهمهم أن قصيدة في جسد أنثى تعبر شارعهم الذي لا يدرون من سماه!!!هذا الجسد :
جسدٌ أُحاديٌّ تقدّس سِرُّه،
لا يقرأ الفنجانَ في الصلوات،
لكنْ يقرأ الشعرَ المُغنّى،
رغبة الأنثى إذا ما استسلمت في خلوةٍ محمومةٍ
لا تستكين من الصبابة،
حكمة الصوفيّ حين يلوكُ بعضَ دعائه،
أنثى تداعبُ بعضها نزقا وتهذي،
ربما مسٌّ حميميٌّ غشاها،
لست أدري...
كل ما في الأمرِ عفريتٌ تسَرَّى بوليدة.
إذا هو كل ما خلق الله من غواية ومتعة لا وجود لمثله يحمل من الأسرار ما يجعلنا نترحم ونتقدس على سره فهو لا يؤمن بالغيب الذي يحمله الفنجان لكنه يشتهي الشعر المغنى به رغبة الأنثى التي استسلمت في خلواتها المحمومة بالشوق والعشق والصبابة كما الصوفي وقد تلبسته جبة الحكمة التي تحمله لحارة المجاذيب في سرعة البرق بعد أن بلغ النشوة التي لم تدعه لحظة ! وهي التي تداعب بعضها !! وتهذي لعله المس الحميمي غشاها وآه من مداعبة الأنثى وللمس الذي !!!! والشاعر ليس يدري كل ما في الأمر عنده أن عفريتا تسرى بالوليدة / القصيدة وهي حالة الشعر والشاعر الذي سكن مع قرينه واد عبقر كي يحمل الناس على تصديقه والإصغاء له !
تأتي على جسدِ القصيدة،
كلما آنستُ معنىً ضاق بي صوتي،
خلاسيٌّ إذا ما افتضَّ من شبقٍ،
وأرخى ضفتيه على غلالته الرقيقة،
نزّ بالحمّى،
وشقّ الكهف،
شقّ الكهف حتى ينزوي متوحدا في ذاته وجدا،
وغنّى حلمه الورديّ،
لم ييأس, ولم تيأس،
تماهت فيه حتى ظنّها جسدا هلاميا يشفُّ عن الغواية،
كلما صبأتْ أعادتْ وجهها للنار تعبُدُه،
وتسخرُ من قداسته،
رسولٌ وجهها للوالهين،
تعيْ مكامنَه الخبيئةَ،
لست أدري...
كل ما في الأمرِ أنثى ومكيدة.
نعم كل ما في الأمر أنثى ومكيدة , هي والله القصيدة جسد يحملنا بواد الغواية.يضيق المعنى بالصوت وهو الهجين بكل نشوة وشهوة وينزوي في الكهف وحيدا ينتشي بما قد أزاح عنه الغطاء لتنجلي له الرؤى لوحده داخل ذاته وهو يغنى الحلم يبعد بلحنه اليأس تتماهى به الغواية ووجهها للنار كم عبدته والصورة هنا أروع من إثقالها بالشرح.. وهي القصيدة رسول تعي ما اختفى من جمال يحمل الوالهين على الحج إليه والشاعر المتوحد فيه ليس يدري سوى أن في الأمر أنثى ومكيدة ! وكلاهما لم ييأس لأن الأمر أحلى من تضييعه في يأس يقتل اللذة في مهدها .
جسدٌ بغيٌّ لا يمس النار مرتبكٌ كنصٍ مُشْبَعٍ بالنثر،
تكتبه نساءٌ عاشقات للحكايا،
ليس من أفكارهن الجنس،
لا يمنحن أبطال الرواية في قحقهم من سلطة الأجناس،
يكتبن القصيدة دونما وزنٍ غنائيّ،
نساءٌ عاشقات للحديث الحرِّ،
تفاحٌ شهيّ ناضجٍ للحبِّ،
وردٌ ناعمٌ " لا يجرح الخدين" سحرٌ غامضٌ مُتخَلّقٌ من نطفةٍ نشوى،
شرابٌ سائغٌ،
وحمامتان تعلقان قلادتين على جدارٍ جانبيٍّ،
نزوتان شبيهتان تروضان قصيدةً غزلية،
أنثى و أنثى...
ربما مثليتان،
وربما شخصان ملتبسان في نصِّ الرواية،
لست أدري ...
كل ما في الأمرِ نصٌّ في جريدة.
ويكتمل الجسد /القصيدة بهذا المقطع الرائع نعم القصيدة بغي يشتهيها الكل وهي التي تفتح مسامات جسدها للكل لا تسأل عن سنه أو حالته الاجتماعية ولا مستواه الثقافي بل للكل الحضن الدفيء وبلا تردد وهي نص يحمل ما يشاء كما تفعل النساء حين يفتحن أبواب الحكايا فيختلط القص بالشعر والحقيقة بالأسطورة والعبارة العامية بالصورة المحلقة هي كالنساء اللاتي بهن حدائق من ورد وشجر مثمر وسحر ينسينا أنفسنا..لا نجد أنفسنا إلا في قصيدة غزلية تتغنى بالأنثى وهو الذي ما زال لا يدري كل ما في أمره .. نص في جريدة أننا هنا في دنيا الجمال وبحر الإبداع مع أحمد قران الزهراني في نص يؤسس لتاريخ النص.. لنبض النص ..لروح النص ..جسد هنا هو النص الذي لا يمكن أن يكون دون شكل يغوي ومعنى ينسي صوت الشاعر ليصبح صوت الجسد
هو إبداع يحفر في صخر النفوس التي لم تعد تريد من الشعر إلا منشورا سياسيا وصدى للآخرين ولا شيء غير ذلك .. إن الشاعر هنا استطاع أن يحقق معادلة الجمال الذي لا يختبئ وراء التعمية التي أتعبتنا وأخرستنا ولا يتوسل الوضوح الذي ملأنا غثاثة وتسطيح نص أحمد قران الزهراني هو بحر إبداع بامتياز !!!
التعليقات (0)