قراءة في رواية ((عينان في الأفق الشرقي))
للأديب : حسن غريب أحمد
بقلم عبير فوزي أحمد
************************************************** ****************
عيون أبطال قصة ((عينان في الأفق الشرقي ))للكاتب حسن غريب أحمد الصادرة عن الهيئة العامة المصرية للكتاب سلسة كتابات جديدة يناير 2010م. عيون تائهة لاتبصر في اتجاه محدد ، إنهم يتطلعون ويبحثون عن عيون تطل من الأفق الشرقي عليهم ، أبطال من النساء والرجال ، هم يشخصون عيونهم غير تائهة ولا زائغة ...ذواتهم ثابتة قوية ..يعزفون نغمة واحدة يسمعون نغمة واحدة ، وتفاصيل حياتهم جميلة مستمدة من الأرض مثلما يستمدون وجودهم منها وكرامتهم منها فالمقاومة هدف لأن الوطن حياة. وماذا بعد أن انتهيت وانتهينا من الرواية القصيرة ..القضية الكبرى التي توحدنا وهو الوطن وفداؤه. صار الأبطال في الرواية تائهين حتى آلامهم وفقرهم لايجمعهم . وفي ( شبح سعد) أشعر بمنتهى الأحاسيس وملامسة الذات شبح في (( قهوة بنكهة امرأة)) إنها نكهة الحزن : " رحت أتلمس في وجوه الذين من حولي سبب حزن البحر ". حتى الأحلام البسيطة أغنية فيروز ، وكتاب تتوحد معه وعيون تشعرنا بأننا محل اهتمام لا تتحقق : " لم تكن عيون هناك تحدق بي .......الخ". ونخرج من الشبح والأحلام البسيطة المفتقدة إلي " وجه آخر للبؤس " إنه في كل الحالات بؤس لكن للبؤس في شخصيات وابطال الكاتب حسن غريب ، وجوه كثيرة ، وفعلا البؤس هذه المرة إنه بدون سبب سوى أن أيامه تشبه بعضها نمطية : " تتساءل أوراقك وحقيبتك لتغادر ...ليس مهما لماذا تغادر ". تكرارية يومية آلية حياتية صنعت وجها آخر للبؤس ثم لماذا ينتظر التغيير من الأشياء الثابتة : " تتودع بشكل مدهش في الوجه والأنف عدا مالوفا ......" فهي بالطبع مألوفة فما جد فيها الآن كي يلغيها متاخرا. وعندما تمردت علي آلية حياتها في "تمرد" هربت إلي أي وجهة لاشيء سوى أنها تحمل " الغرفة الحقيرة ستبقى في داخلها ....." ومحاولاتن البطل تذهب سدى في "أفول نهار أخضر" ويأفل نهار الأخضرار سريعا لماذا عدم المقاومة ؟ هل مقاومة ذواتنا صعبة إلي هذا الحد؟ نعم. حتى عندما يقتنص البطل وتدخل حزنه خيط نور يصده ويجعله : " قفزت من سريري حتى ارتفعت عن ..............الخ. تصبح أشباح ووهم في (الحب الآخر) وهل الحب الآخر وهم نسج خيال ؟ . وظل البطل في فنجان قهوة ..يبحث في كل شيء ولا يجد نفسه حتى رقوة القهوة لا تنعشه ولا تبعث أملا جديدا وسريعا ما يبتلع محاولات البحث في رقوة القهوة. وبالفعل هو في حالة انكسار " قصة انكسار" و " المرآة والبحر " رائع في وصفه السردي: " دموعي في الصفحة الملساء ليست آثار بكاء " إذن دموع أي شيء ؟ حتى الدموع تاتي من اشياء أخرى غير البكاء . والبحر وثورته وامواجه من جروحه فما أكثر الجروح في أبطال وشخصيات الكاتب حسن غريب. كم هو مهزوم أمام مرآته رغم انها الوحيدة للوجه الحقيقي له رغم ذلك يطل فيها علي تيه وحزن: " أنا وساكن المرآة اثنان متساويان متشابهان " لم لا وهى انعكاس حقيقي له ؟ "كل هذا الوفاء" إلي وفاء يطلبه البطل فقيمة الوفاء تاتي متعادلة ومنطقية مع وجود وفاء حقيقي وليس وهما مع تركيبة البطلة وتعاطفها معه رغم ارتباطها ...هؤلاء الناس هم الكثرة التي نتعامل معها يوميا ونتعايش ...تشعر انهم معك وهم ليسوا معك ويقنعونك بانهم معك والبطل عاطفي وساذج تغيره المثيرات الخارجية السطحية تؤثر فيه بسهولة في عدم قدرته هو علي التاثير والذكاء الوجداني يفتقده ومن هنا يسهل اقناعه بالوهم من هؤلاء . "عيون ترى في الظلام " هل هي عيون صادقة ؟ لكن الحياة والحب " ملوثين بتفاصيل الحياة اليومية ". إن شخصيات وابطال رواية ((عينان في الأفق الشرقي )) وباقي قصصها القصيرة ...هم نحن لا نستطيع أن نضع وجهه لذواتنا ولمشاعرنا ...إنهم أبطال أشخاص حساسين منهزمين تنهك ذواتهم أقل الأشياء ورتابة الأشياء حالمين حلوليين بطبعهم واهنين اجسادهم غير متشبثين بالحياة ، ولا يريدون الانفصال عنها يظلون في المنتصف لا يعيشون ولا يموتون فأصبحوا عبئا علي الحياة وعلي أنفسهم. رغم ذلك هم غير معفيين من المسئولية تجاه ما يحدث لهم فهم الذين صنعوا دوائر حزنهم ومن ثم انكسارهم ليصنعوا وجها آخر للبؤس حتى رقوات القهوة لا تنعشهم ولا تبعث فيهم أملا جديدا لانهم غير قادرين علي التقاط الخيط الذي يوصلهم بالحياة الحقيقية فقط هم متوحدون مع ذواتهم المنكرة حتى عندما يفكرون في التمرد يأخذون أسباب تعاستهم معهم لا أن ينفضوا عنهم الأشباح والحزن ، والأردية البالية التي تشكلت منها ذواتهم .
التعليقات (0)