مواضيع اليوم

قراءة في الثورة المصرية

مهند الموسوعة الحرة

2011-02-05 15:32:27

0

قراءة في الثورة المصرية:

تسير الثورة المصرية وفق ما يتوقعه الكثيرون من خلال استمرار المواجهات الدامية مع السلطة الارهابية الفاسدة التي هي نموذج للعقلية المتسلطة والمتحكمة بمجتمع في عصر لا يسمح بذلك النوع الهمجي والمتخلف من التحكم والاستعباد!.

طاغية حتى القبر!:

مازالت الاغلبية الساحقة من المتابعين لاحداث مصر في العالمين الغربي والعربي مستغربين ومستنكرين لتمسك الطاغية حسني مبارك بمنصبه بالرغم من رفض الملايين له بالاضافة الى رفضه الانصياع الى طلبات الدول الصديقة له بالتنازل حتى يمكن ان تحقن الدماء وتوفر الخسائر المادية على بلده والانشغال بالمرحلة الانتقالية الممهدة للمرحلة الدستورية الثابتة.

هذا التمسك العجيب بالسلطة حتى لو احترقت البلاد بمن فيها! هو ليس غريبا لا على العقلية العربية المتوارثة لذلك التراث الضخم من الاستبداد والتخلف والخضوع ولا على الشعوب العربية المنكوبة والتي تعرف بدقة اكبر مدى وحشية وهمجية وتخلف حكامها ومن يسير بركابهم!.

ان هذا النموذج المثالي للطاغية يجب ان لا يمر على الجميع دون دراسة آثاره المآساوية سواء على شعبه او على من يشاطره الرأي في ذلك من زملائه الطواغيت...كما ان الواجب على الجميع الاستمرار في الثورة حتى اخراج هذا الديكتاتور المتجبر من جحره ولو بالقوة!...فما اخذ بالقوة والغدر لا يتم ارجاعه الا بالقوة ذاتها!..

انها اللغة الوحيدة التي يفهمها هؤلاء الرعاع المتحكمون بمصائر شعوبهم مع زمر الهمجية والتخلف والانحراف من الممسوخين فكريا وجسديا والتابعين لهم بذل ومهانة.

مهزلة التغيير!:

من السذاجة الاقتناع بفكرة ان حسني مبارك قد قبل بالامر الواقع وعليه فأن ايقاف الثورة لاجل ذلك امرا محببا! من خلال انتظار انتهاء فترة رئاسته الى غير ذلك من الادعاءات الفارغة.

فهذا الديكتاتور لو كان صادقا مع نفسه او غيره لما اتبع الخطوات التالية:

1-تمسكه بالحكم الى درجة تفوق التصور بالرغم من انه يعيش ارذل ايام عمره!مع حكمه الطويل الذي لم يشبع نهمه السلطوي...فالواجب عليه ان يتنازل حقنا للدماء وان يوفر على شعبه التنازع،ولكن هيهات من هذا الفرعون العجوز الذي لا يوجد في قلبه ذرة رحمة لشعب غزة الذي يحاصره فهل يرأف قلبه لابناء وطنه الذين اذلهم واستعبدهم لثلاثة عقود من الزمن؟!.

2- اسقاطه حكومته الاولى وتعيينه لحكومته التالية،يعطي لنا المستوى الفكري والاخلاقي لهذا الطاغية ونظامه،فهو اختار ضابط مخابرات ليكون نائبا له مما يعني انعدام وصول السلطة للمدنيين مستقبلا لما معروف عن ضباط المخابرات بصورة عامة وعن نائبه المعين بصورة خاصة من انحراف فكري واخلاقي لا يستقيم ابدا مع الاعتراف بفكرة الشعب يحكم نفسه وعلينا تركه لحاله! وعليه فأن هذا الاختيار دلل على حجم المناورة والكذب التي يؤديها تجاه الثائرين.

اختياره لرئيس الحكومة من الضباط السابقين هو ايضا يدل على ان هذا الطاغية ونظامه غير مستعدين لانهاء الحكم العسكري الفاشي الذي حكم البلاد منذ عام 1952،مع اختيار اغلبية من العسكريين واقلية من التابعين الاذلاء من مثقفي السلطة واعوانها الذين لا قدرة حقيقية لهم في تغيير الاوضاع في حالة الافتراض انهم يودون التغيير وهو امر مستبعد تماما!.

3- رفضه ونظامه بكل صلافة ووقاحة لكافة الطلبات المقدمة للدول الاخرى بضرورة التنحي عن السلطة وهو دلالة على انعدام فكرة الانحناء امام العاصفة التي يثيرها البعض! او الانصياع للارادة الدولية.

4-مازال اعوان النظام الفاسدين موجودين تحت رعايته او منهم من هرب الى خارج البلاد دون ان يقدم على اعتقال ولو كاذب لبعضهم حتى يبين للجميع رغبته الكاذبة بالتغيير الحقيقي!.

5- استخدام النظام لبلطجيته من الرعاع الذين دربهم وهيأهم لتلك الاعمال الوحشية خلال فترة حكمه الطويلة،في ضرب المتظاهرين الابرياء ومحاولة منعهم من التظاهر بالطرق الوحشية، تدل على ان النظام مازال مصرا على اتباع نهجه الارهابي ضد المناوئين لحكمه الاستبدادي،ولم يقف مترددا خوفا من الفضيحة في استخدام هؤلاء الرعاع بل العكس صحيح هو انه جعل جيشه الخاضع له مراقبا ذليلا دون ان يقوم بعمل يدل على وطنيته المزعومة!...الوطنية ليست بالاقوال بل بالافعال،والجيش المصري على مدار عقود كان المتفرج الرئيسي على مهزلة الاستبداد والخيانة والتفريط بكافة الحقوق الوطنية ،فكيف والحالة تلك حتى نصفة بالوطنية؟!.

6-اعتقاله للثائرين وتغييبهم وتعذيبهم مازال مستمرا!.

7- عدم قيام النظام بألغاء كافة اجهزته التنفيذية والتشريعية المزيفة والمسؤولة عن التدمير المبرمج لاقتصاد البلاد واستقلالها وارهاب الشعب على مدار العقود الماضية.

الانتظار والملل!:

لقد اصاب الملل الكثيرين من المشاركين بالرغم من ان الثورة لم ينقضي عليها سوى بضعة ايام فقط! وكأن الثورات تقوم خلال لحظات لينتهي كل شيء مخطط له!...والغريب ان هؤلاء لم يسألوا انفسهم انهم اذا قبلوا نفي انسانيتهم وحريتهم ثلاثة عقود على يد هذا الطاغية ومن قبل ايضا ثلاثة عقود سابقة! فكيف يضجرون ويتبرمون من بضعة ايام يطالبون بحريتهم التي تعيد اعمارهم وكرامتهم المسلوبة؟!...هل رأينا ثورة انجزت خلال ايام؟!...كل الثورات سالت الدماء الغزيرة فيها كي توفر الحرية والكرامة والحياة الرغيدة للاجيال اللاحقة، وما تنعم به الدول المتقدمة من حريات وتقدم اقتصادي الا بفضل الثورات التي استنزفت مواردها لسنين طويلة...

اذا كان الضجر والملل قد دب في نفوس اقلية من المتظاهرين فليتذكروا بعض الامثلة حتى يستعيدوا رشدهم وينتبهوا الى انفسهم لان خطورتهم لا تكمن في فصل انفسهم عن الاخرين فقط بل واحباط معنويات من يريد الاستمرار! وعليه فأن التنبه واجب لخطورة عامل الملل من الانتظار...ومن خلال التثقيف يمكن درء خطر هذا العامل او كافة العوامل المساعدة، فالثورة الايرانية استمرت 13 شهرا كاملة حتى انتصرت ارادتها الحرة! وكان شهداء التظاهرات المليونية فيها يتراوحون بين 500-3000 شهيد في المظاهرة الواحدة فأين هذا من اعداد الشهداء حاليا؟! بالرغم من القيمة المعنوية العالية لكل شهيد في كل بلاد الدنيا قاطبة وعلى مدار التاريخ!.

الثورة الفرنسية والامريكية والروسية وبقية الثورات الاخرى قدمت الكثيرين من الشهداء وخلال سنوات ايضا حتى انتصرت وثبتت اقدامها!...لا يمكن الجزم بأنتصار الثورة خلال ايام او حتى التوقع انها تقدم الهدايا والمزايا المادية بعد انتصارها،فذلك تفكير سطحي ساذج!...بناء الثورات يتطلب جهودا جبارة من العمل الدؤوب حتى نرى تحقيق كافة آمالها وقد يكون ذلك بعد سنوات طويلة،لان عامل التخريب والتدمير للبنية التحتية وكذلك لنفسية الانسان وقيمه المختلفة في النظم الاستبدادية هو مؤثر جدا ونحتاج الى سنين طويلة كي يتم التعافي فقط من آثاره!.

ما العمل؟!:

المطلوب الان الزحف على قصور الطاغية ومراكز قوته وارغامه على الخروج بالقوة ولو ادى ذلك الى الزحف المليوني المقدس!...فالكثير من الطغاة لم يخرجوا من قصورهم الا تحت ضربات احذية الثائرين البسطاء!.

العمل على استمرارية الثورة حتى النصر التام وتحرير البلاد من كافة اشكال السلطة الغاشمة ورموزها والعمل على بناء الدولة والمجتمع وفق مبادئ الحرية والعدالة للجميع بدون استثناء.

 

 





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات