قراءة فى فيديو السيسى المسرب

                  قراءة فى فيديو السيسى المسرب

على غرار شبكة " ويكليكس" الغربية ، ظهرت هذه الأيام شبكة أخرى عربية لتسريب المعلومات الهامة ، والتى كان يراد لها أن تحاط بالسرية ، أو على الأقل الخصوصية ، وهذه الشبكة هى شبكة رصد .

وأول ما تلقف ما أذاعته هذه الشبكة من تسرياتها على مواقع التواصل الإجتماعى الYoutube  أمس الخميس فى نشرة الظهيرة الإخبارية هى قناة الجزيرة .

وكان ذلك التسريب ، وعلى ما بدى لى ، عبارة عن مقطع مسجل ــ وبواسطة إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة بطبيعة الحال ــ للفريق السيسى فى لقاء خاص ، مع كبار قادة الجيش ، وذلك فى أعقاب إنتخاب مجلس الشعب الأخير ، وقبل حله بواسطة الدستورية ، أى منذ عام تقريبا .

وقد قال السيى فى هذا اللقاء كلام خطير ودال ، وقد أطاح ، عمليا ، وفيما بعد بكل الأمال التى كانت معلقة بالجمهورية الثانية ..!

حيث ذكر السيى لكبار قادة الجيش ما معناه ؛ " إنتبهوا ده فى مجلس شعب جاى ، وعايز يناقش كل حاجة متعلقة بالجيش ، وميزانية الجيش ، وبعدين فيه إستجوابات ، وطلبات إحاطة .." .. إنتهى الإقتباس ، وأعتقد أن هذا المقطع شديد الدلالة ، و كاف ، وبدرجة كبيرة ، للتنبأ بإستكمال ما كان يريد أن يقوله السيسى وسكت عنه من ناحية ، كما يمكن تفسيرة مقصده الحقيقى من تلك العبارة ، وعلى نحو دقيق ، وكذا تعيين وتحديد آليات تحقيق تلك المقاصد من ناحية أخرى .

فما كان يريد أن يقوله السيسى ولم يقله فى هذا المقطع هو ؛ " انه لن يحدث ، ولن يسمح لأى مجلس شعب التعدى ، أو الإنتقاص مما نتمتع به من إستقلالية ــ والمقصود ، هو إمتيازات خاصة لكبار قادة الجيش وأبنائهم ، وربما حتى أحفادهم ــ والنيل من تفرد وسمو المؤسسة العسكرية عن باقى مؤسسات الدولة الأخرى ، حتى ولو أدى الأمر إلى حل مجلس الشعب المنتخب ــ وقد حل بالفعل ــ أو حتى عزل الرئيس المنتخب والإنقلاب عليه ــ وقد حدث هذا أيضا ــ ولابد لأى رئيس قادم لمصر ، وما لم يكن واحدا منا ــ أى من المؤسسة العسكرية ، أو السيسى شخصيا ــ أن ينصاع صاغرا لما يمليه عليه الجيش ــ وكما يفعل الرئيس المؤقت الحالى عدلى منصور ، والذى لقب بالطرطور ، وأرجو أن تتذكروا ، وعلى سبيل المثال ، وليس الحصر ، انه قد أعلن ، أى منصور ، بانه سوف يرأس بنفسه وفد مصر فى بداية الدورة 68 للأمم المتحدة ، فى نيويورك ، ولكننا فوجئنا بعدئذ أن الذى رئس وفد مصر هو وزير الخارجية وليس عدلى منصور ، وذلك لأن الرئيس المؤقت لم يغادر مصر أصلا لأى مكان ، أو أمر بذلك ، فلبى صاغرا..! ــ وإلا فلن يستقر لمصر أمن ، أو أمان ، أو حتى نظام ، حتى يعى ويسوتعب الجميع الخطوط الحمراء لمؤسستنا العسكرية ..!

اما المقصود من كلمة السيسى المسربة تلك هو أن تكون المؤسسة العسكرية بمثابة دولة داخل الدولة ، بل هى التى تقود أيضا الدولة ، وبما يشبه ، أو يتماهى ، وإلى حد كبير ، مع المؤسسة العسكرية فى تركيا فى حقبة ما قبل حكومة ، أو نظام ، أردوجان ، وعبد الله جول ..!

كما ظهرت مقاطع فيديو أخرى تالية مسربة لكلمات للسيسى أيضا مع كبار قادة الجيش ، ولكنه كان يتكلم فى شؤون تتعلق بالحياة المدنية وليس العسكرية ، وكأن مهمة الجيش العسكرية قد إنتهت ، حيث تكلم عن المكالمات الهاتفية ، وانه لو كان بيده الأمر لحاسب كل من المتحدث والمتلقى ، وانه ليس هناك خدمات مجانية ــ وهل سوف يشمل ذلك الغاز المصرى المصدر لإسرائيل ، وكذا الأسعار التفضيلية التى تستحوذ بموجبها على النفط المصرى ..! ــ وأن كل من يريد أن يحصل على خدمة فلابد من أن يدفع ثمنها ..!

والسؤال ، أو بالأحرى ، التساؤل ، الأخير هنا ، و الذى يؤرقنى كثيرا فى حقيقة الأمر ، هو ؛ هل إنصراف قواتنا المسلحة ــ ممثلة فى قيادتها ، الفريق السيسى بطبيعة الحال ــ عن دورها الحقيقى فى حماية الثغور والتخوم ، وكذا تخليها طواعية عن عقيدتها القتالية ، هى نتيجة ثمار التعاون العسكرى المصرى الأمريكى ، والمعونة العسكرية الأمريكية السنوية للجيش المصرى ، وكذا مناورات النجم الساطع السنوية المشتركة بين الجيشين المصرى والأمريكى ــ وربما أيضا الإسرائيلى بطبيعة الحال ــ وذلك منذ إبرام إتفاقية كامب ديفيد عام 1979 ..؟!

ثم هل كان من ضمن أهداف مناورات النجم الساطع هو أن تفرز لنا رؤساء مصر القادمين ..؟!

يبدو إننا لم نعد نتلكم عن وحدة وتماسك دولة ، بل دويلات تحكمها مؤسسات ــ القضاء ، والجيش ، والشرطة ، على سبيل الحصر ــ وليس مؤسسات تحكمها دولة ... وقد عبر عن ذلك صراحة من خلال الأغانى التى ألفت ولحنت على عجل للسيسى مثل ؛ " إحنا شعب ، وهما شعب " .. !

إذن هل يمكن رد كل تلك التداعيات إلى النجم الساطع وحدة ، ثم هل كان الغرض منها التدريب ، أم التجنيد ..؟!

مجدى الحداد