القراءة الدقيقة والتحليل الموضوعى للتاريخ السياسى المصرى المعاصر بعد انقلاب يوليو العسكرى يثبت الكثير من الحقائق الغائبة عن القادة السياسيين ممن قادوا مصر خلال هذه الفترة والتى توجت بحكم الرئيس مبارك ..فالناصرية ونموذجها القومى كانت فترة عصيبة جدا فى التاريخ المصرى وكانت بالفعل هى الفترة السوداء التى عانى منها المصريون خاصة الاصلاحيون والديمقراطيون واليساريون ايضا فى ظل السياسة الناصرية التى تتبنى اسلوب المخابرات الروسية والذى يعتمد اساسا على تبنى اساليب مثل التعذيب الوحشى والتجسس على المواطنين والصاق التهم بهم..هذا ما حدث خلال هذه الفترة السوداء والتى اثبت التاريخ السياسى المعاصر مدى فشلها الذريع فى تحقيق اية انتصارات للشعب المصرى بل كانت الهزائم والانتكاسات المتلاحقة هى السمة التى ميزت الحقبة الناصرية البغيضة والتى عانى منها المثقفون والاحرار ..وبعد الهزيمة الساحقة للناصرية والقومية واتباعها من الساديين دخلت مصر مرحلة جديدة من تاريخها السياسى عندما تولى الرئيس السادات الحكم بعد رحيل عبد الناصر ..الذى كان قد خلف وراءه الكثير من المشكلات فى العلاقات المصرية الخارجية نظرا لميله ونزوعه للسوفيت وقد خرب بذلك علاقة مصر بالغرب والتى كانت وثيقة منذ الحملة الفرنسية على مصر وقد بذل السادات الذى كان يمتلك رؤية سياسية جديدة الكثير من الجهود لاصلاح الجبهة الداخلية واحداث المزيد من الاصلاحات السياسية لاول مرة فى تاريخ مصر السياسى فاتخذ اجراءات عملية بحق المعتقلين السياسيين والافراج الفورى عنهم بما فيهم التيار الاسلامى واليسار السياسى وانصاره الامر الذى زاد من شعبية السادات واسترجاع ثقة المواطن المصرى بنفسه بعد ان افقده عبد الناصر كرامته تمامنا بحجج القومية الزائفة التى كانت مجرد غطاء فقط يبرر الاستبداد الناصرى وسارت سوريا والعراق ومعظم دول العالم العربى فى نفس الخط الناصرى من تبنى الاسلوب السياسى الروسى وهو اسلوب شمولى مستبد لا يعرف للحريات طريقا..المهم ان الفترة التى قاد السادات فيها مصر كانت بداية الانفتاح الشامل والاصلاح السياسى فى مصر..وبعد رحيله عام 1981 تولى مبارك السلطة فى مصر واهله تاريخه العسكرى والسياسى من تولى مقاليد الحكم حيث قاد الضربة الجوية الاولى خلال حرب اكتوبر 1973 واستطاع مبارك بحنكته السياسية ورؤيته العقلانية ان يدخل مصر مرحلة الاصلاح الجذرى والديمقراطية الشاملة بفعل تبنى سياسات الاصلاح منذ الثمانينات حيث تبنى مبارك التنوير والديمقراطية ومبادىء حقوق الانسان ودخلت مصر فى عصره الذى يعتبر العصر الذهبى لمصر بالفعل ومن يقل غير ذلك فانه يحتاج الى قراءة التاريخ من جديد..حيث يعتبر مبارك من اكثر القادة السياسيين فى العالم العربى امتلاكا لرؤية سياسية واصلاحية جديدة تسير فى اتجاه التفاعل والتعامل مع المتغيرات واعتبار العمل السياسى مجرد متغيرات ومعطيات يجب التعامل معها من خلال الظروف التى تطرحها طبيعة الفترة السياسية القائمة وطبقا لظروف دولية واقليمية تؤثر بالفعل على عملية صناعة القرارات السياسية فى الشرق الاوسط لان صناعة القرار السياسى الان ليست عملية فردية يتخذها القائد السياسى كما يتصور البعض بل ان صناعة القرار فى الوقت الراهن اصبحت عملية معقدة للغاية وتراعى الكثير من المتغيرات المهم ان مبارك دون غيره يدرك طبيعة هذه المتغيرات والتى تجهلها الاحزاب السياسية فى العالم العربى وتجهلها ايضا التيارات الاسلامية المتطرفة مثل الاخوان المسلمون فى مصر والحركات المسلحة فى فلسطين ولبنان وكلها تيارات تتبنى العنف كايديولوجية جديدة لها وترفض الحوار والتفاعل مع المتغيرات السياسية فى المنطقة ومن ثم تدخل الشرق الاوسط فى نفق طويل من المشكلات مع الدول الكبرى بسبب تبنى الاسلاميين الارهاب والتطرف كعقيدة دائمة لهم تنطلق من فكر اسلامى اصولى متخلف وقد حاول هؤلاء الارهابيين خلال الثمانينات تصفية الرئيس مبارك بسبب اختلافه الفكرى مع اتجاهاتهم المتطرفة والارهابية المنطلقة من الاسلام الشعبى والسلفية الاسلامية فى مصر والعالم العربى وتلقى مثل هذه الحركات دعما من الخارج فخلال الثمانينات كان مبارك يقود التنوير ونشر وبث الفلسفة التنويرية الجديدة التى تعتمد على تبنى الافكار الجديدة التى ينتج عنها التطور الشامل.
التعليقات (0)