قراءة تحليلية لأثار تعديلات برلمان كوردستان
على قانون الأحوال الشخصية رقم ( 188) لسنة 1959
في إقليم كوردستان - العراق
المقدمة
منذ تكون المجتمعات الاولى في تأريخ الإنسانية، ظهرت الحاجة إلى شريعة تضبط إيقاع التصرفات والتدافع الذي يجري من بسبب الاختلاف بالمصالح. وبعيدا عن الجدل المتعلق بتأريخ الدولة والمجتمع والقانون فأن الشرائع السماوية هي الأقدم من بين اللوائح التي ساهمت في تنظيم حياة البشرية.
رغم أن البعض من هذا الشرائع لم يغطي احتياجات مهمة في حياة الإنسان ،كالنظام السياسي و الاقتصادي إلا أن الجميع احتوى على الأحكام التي تنظم العلائق الأسرية والقرابية وتحدد المحرمات والمباحات في مجال الارتباط والزواج،مع وجود فوارق طفيفة في مثل هذه المسائل.
إن تحديات الحياة المدنية الجديدة والظروف المتغيرة التي اكتنفت حياة الإنسان وسعت هذه القوانين واتجهت بها لتغطية الجزئيات التي لم تعالج في عموميات الشرائع، وهكذا نشأت اللوائح التي تنظم مثل هذه العلائق واستقرت التسمية عليها ب(قوانين الأحوال الشخصية) ، أي القوانين التي تنظم الأحوال المختلفة المرتبطة بالشخصية ومن أبرزها مسائل الزواج والطلاق والميراث والنفقة والقيمومة.
اتساقا مع النشاطات المتتابعة لحقوق الإنسان وتطور مفهوم الحريات المدنية والشخصية وتصاعد الاهتمام بقضايا المرأة وحقوقها ، تشكل جدل واسع حول قوانين الأحوال الشخصية ومدى تطابقها مع تلك الحقوق التي تم اكتسابها عبر حركات نضالية ، وانطلاقا من فكرة أن العمل البشري يبقى معرضا للنقص ومفتوحا أمام التطوير والمعالجة ، اتجهت الكثير من البلدان إلى أعادة النظر في مجمل قوانيها ومن أبرزها قانون الأحوال الشخصية.
يتميز العراق بتركة تشريعية كبيرة وناضجة قانونيا لكن تدخل السياسات الطائشة أدى إلى تعطيل الكثير من القوانين وحرفها عن اتجاهها لذلك وجدنا قبل التغيير في 2003 إن اغلب القوانين تعطلت لصالح قرارات ما يسمى بمجلس قيادة الثورة ، ومن جهة أخرى فأن إقرار دستور جديد في 2005 اقتضى أن يعاد النظر في الكثير من التشريعات لتتلائم مع الرؤية الدستورية الكلية.
وبحسب الدستور أعطى للأقاليم حرية النظر في قوانين الأحوال الشخصية وإجراء التعديلات الضرورية على ألا تتعارض والدستور والقوانين الاتحادية النافذة ، وهكذا عمد برلمان الإقليم إلى أجراء تعديلات مهمة على هذا القانون انطلاقا من الالتزام بحقوق المرأة ووجود ثغرات في هذا القانون تحتاج إلى معالجة.
الدراسة تحاول قراءة هذه التعديلات والمغزى الذي تضمنته والآثار الايجابية التي يمكن أن تنعكس على مجتمع كوردستان.
الفصل الاول
لمحة تاريخية لمراحل تبلور قانون الأحوال الشخصية
تؤكد الادبيات الواصلة الينا عن جميع الاديان والشرائع السماوية انها اهتمت بمستويات مختلف بتنظيم العلائق الفردية والاجتماعية ظن وخصوصا في مجال تحديد المحارم وقضايا الزواج والميراث ، وقد يميز الإسلام بوصفه خاتم الرسالات بطرحه المفصل والواضح لهذه المسائل حيث تم معالجتها عبر النصوص القرآنية والسنة المطهرة.
تناولت الشريعة الاسلامية مواضيع الاحوال الشخصية “الزواج وانحلاله - الطلاق والتفريق والخلع - ونتائجهما، الولاية والوصاية، الارث” في أحكام عامة مبثوثة اساساً في القرآن، بالدرجة الاولى، الذي يعتبر المصدر الاول والاساسي من مصادر الفقه، وتليه بالدرجة الثانية السنة النبوية اي ما ورد عن النبي من قول وفعل وتقرير. وقد جرى تدوين الحديث بعد ان امر الخليفة عمر بن عبد العزيز(62-101ه ) بالشروع في تدوينه(1) .
ولكن جرى جمع الحديث في عصر اتباع التابعين من عاصروا البخاري المتوفي256ه. اي ان كتب الحديث الستة “البخاري ومسلم المتوفي261ه والترمذي275ه وابي داود275ه وابن ماجة والنسائي307ه” قد جرى جمعها بعد وفاة النبي بثلاثة قرون(2) .
والجدير بالذكر أن الآيات القرآنية المتعلقة بالاحوال الشخصية والتي تأتي ضمن نطاق آيات الأحكام تصل الى نحو70 آية، من أصل ستة آلاف آية في القرآن عموماً(3) .
في عهد النبي كانت سلطة التشريع والقضاء والفُتْيا في كل ماكان يواجه المسلمين من قضايا يومية وحياتية تتعلق بالمنازعات المتعلقة بالحقوق فيما بينهم، بما في ذلك قضايا الاحوال الشخصية، بيد النبي نفسه لكونه المرجع في ذلك.
لم يترك النبي لأصحابه فقهاً مدوناً، وانما ترك جملة من الأصول والقواعد الكلية، ومن الأحكام الجزئية والاقضية، في القرآن الذي جرى جمعه وتدوينه في مصحف واحد في عهد ابي بكر بعد معركة اليمامة التي قتل فيها عدد كبير من الصحابة من حفظة القرآن.
وعلى هذا الاساس وعلى أثر الحاجات الضرورية التي كانت تظهر تباعاً بصورة تدريجية دون ان يكون لها حكم شرعي في القرآن او في السنة، تطور الفقه الاسلامي بما في ذلك نطاق الاحوال الشخصية “الانكحة والمواريث”. ولم يكن هذا التطور في مجال الحالات التي لم يجد الفقهاء حكماً لها في المصدرين الرئيسيين فقط، ففي ذروة تطور الفقه الاسلامي وعلى ضوء المستجدات الحياتية الجديدة وجد التنوع الفقهي في فهم النصوص المقدسة في القرآن وفي السنة، وذلك انطلاقاً من التعامل مع النص المقدس كمعطى لغوي، اضافة الى ظهور الدراسات في مجال الحديث وتقسيمه الى المصنفات والاثار. وفي ظل هذا التنوع الفقهي من جهة وتبلور الإمبراطورية الإسلامية وحاجاتها كدولة، وجدت الحاجة لتقنين الاحكام الشرعية لكي يتقيد القضاء الإسلامي بأحكام مقننة معينة لكي يعلم الناس سلفاً ما تخضع له معاملاتهم وعقودهم من الاحكام، فيكونوا على بصيرة من صحتها وفسادها.
فبينما كان الاختلاف المذهبي أقرب الى التنوع الفكري في التفسير الذي سلك طرقاً ومناهج متعددة، كظهور أهل الحديث وأهل الرأي وظهور مدارس علم الكلام والمذاهب الاعتقادية “المدارس الفلسفية”، ساعدت جميعها في تحريك المجتمع ووحدته وتجدده على اساس التسامح واللااكراه، اخلت الطائفية بالوحدة الاجتماعية وادت الى انقسام فئوي حاد صرف المجتمع لمصلحة الحكام والمستفيدين منهم الى اهتمامات هامشية ونزعات تصد التقدم. وقد تأثر مجال الاحوال الشخصية بهذه التحولات. فمع نشوء دول الطوائف تغيرت المذاهب الرسمية بتغير مذهب الحكام واختياراتهم. وتحول الافتاء الى وظيفة سياسية رسمية وهيمن الفقه الطائفي الذي يعني الانحياز التقليدي لطائفة معينة ولصالح التحيزات العصبوية التي يكتسبها الأفراد بالوراثة البحتة وتنتقل من جيل لآخر بزخم التتابع المطلق. وبالمقابل نشأ التشدد من قبل الأضداد الطائفية للحيلولة دون تفككها . ويرى الكثير من الباحثين بان مفردات التحول المذهبي الى الطائفية قد تكاملت بانتهاء حكم المتوكل. حيث قتل عام248 ه(4) .
فصلت الشريعة الاسلامية بصورة عملية الجانب الدنيوي المدني عن الجانب الديني، ونظمت امور المجتمع على اساس الجانب الدنيوي المتجسد بالافعال والعقود وكيفية اثباتها حسب المعطيات القضائية. ونجد في التطبيقات التاريخية للمجتمعات الاسلامية الفصل الواضح بين حكم القضاء الذي يعتمد على الاعتبارات القضائية القرائنية وبين حكم الدين الذي يعتمد على الاعتبارات الاعتقادية والاخلاقية ضمن التشكيلة الاجتماعية السائدة. وعليه قد يكون هناك خلاف بين حكم القضاء الذي يحاكم العمل او الحق حسب الظاهر، وبين حكم الدين الذي يحكم على اساس ما في النفوس والدواخل، وعلى اساس الاعتبارات الدينية. فلو عجز الدائن عن اثبات دين حقيقي جحده المدين امام القضاء، لا يستطيع اخذ حقه عنوة ولا يحكم القضاء لصالحه لانه فشل في اثبات حقه، في حين يقر له الاعتبار الديني ان ياخذ منه قدر حقه دون اذن المدين او دون علمه. ولو وصل مثل هذا الامر للقضاء لا يقر للدائن فعلته، بل ويحاسبه . وارتباطاً بفكرة التميز بين الجانب المدني والجانب الديني، نجد ان السلطة الاسلامية وفي العصور المتأخرة ميزت بين وظيفة القاضي الذي يعتمد على الاعتبار القضائي للاعمال والاحكام، وبين وظيفة المفتي الذي يعتمد الاعتبار الديني.
بدايات قانون الأحوال الشخصية
بعد تأسيس الدولة العراقية، كانت المحاكم الشرعية قبل ان يتغير اسمها الى محاكم الاحوال الشخصية تعتمد المذهب الشخصي للمسلمين المتداعين وتصدر قرارها وفقاً لما تنص عليه فتاوى ومقررات هذا المذهب، عبر العودة الى النصوص المدونة في الكتب الفقهية، والى الفتاوى في المسائل المختلف عليها، ويستعان في اغلب الاحيان بالمراجع الدينية لهذا المذهب، او بالعودة الى قضاء المحاكم في البلاد الاسلامية .
كما كانت في محكمة التمييز هيئة تمييزية للجعفرية وهيئة تمييزية للسنة فيما يخص دعاوى الاحوال الشخصية، وهذا ينسحب على عمل المحاكم الشرعية التي تقضي وفقاً لمذهب المتداعيين، والتي تحدد في المناطقية والجغرافية وتعمل على تكريس المذهبية واللجوء الى التحايل على المذاهب بين المتداعيين .
بعد ثورة الرابع عشر من تموز1958 ألفت وزارة العدل العراقية بتاريخ7 شباط1959 لجنة لوضع لائحة الاحوال الشخصية استمدت مبادءها مما هو متفق عليه من احكام الشريعة، وما هو مقبول من قوانين البلاد الاسلامية، وما استقر عليه القضاء الشرعي في العراق. واستطاعت اللجنة صياغة مشروع قانون للاحوال الشخصية والذي عرف بقانون رقم 188 لسنة1959. واشتمل القانون على اهم ابواب الفقه في الاحكام المتعلقة بالاحوال الشخصية الجامعة لمسائل الزواج والطلاق والولادة والنسب والحضانة والنفقة والوصية والميراث (5) .
اخذ هذا القانون احكامه من جميع المذاهب الاسلامية وجرى تطبيق احكامه دون النظر الى مذهب العراقي المسلم حيث ان القانون المذكور يشكل حالة وسطية وشاملة يتم تطبيقها على عموم المسلمين العراقيين والاجانب المسلمين في العراق طبقاً لنص الفقرة (1) من المادة الثانية من القانون المذكور ونصه “تسري احكام هذا القانون على العراقيين الا ما استثني منهم بقانون خاص ". بينما تم العمل في قضايا الاحوال الشخصية للمسيحيين واليهود بموجب لوائحهم الخاصة وفق دياناتهم وتختص بالنظر في قضاياهم محاكم البداءة باعتبار انها محاكم المواد الشخصية التي تختص بالنظر في قضاياهم واصدار الاحكام وفقاً لذلك .
اما الصابئة المندائيون والايزيديون فلا يشملها اختصاص القانون بحجة عدم وجود لوائح شخصية تخصهم على الرغم من ان لكل منهما دينه الخاص ولوائحه الشخصية التي تصلح بان يتم اعتمادها في الاحكام الشرعية وفق دينه المعترف به في العراق اذا ما جرى الاخذ بمبدأ الاختصاص.
لقد اكدت لائحة الاسباب الموجبة لصدور قانون الاحوال الشخصية على حقيقة كون ما وجد “في تعدد مصادر القضاء واختلاف الاحكام ما يجعل حياة العائلة غير مستقرة وحقوق الفرد غير مضمونة، فكان هذا دافعاً للتفكير بوضع قانون يجمع فيه اهم الاحكام الشرعية المتفق عليه " .
وفي الوقت نفسه أشارت الفقرة الثانية من المادة الاولى الى انه “اذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية الاكثر ملائمة لنصوص هذا القانون” وهذا يعني ان القانون المذكور لا يدعو الى التقيد بفقه مذهب معين، بل تجاوز ذلك الى الاستفادة . من مبادئ الشريعة بشكل عام .
وقد راعى القانون المذكور وسطيته في مسألة تعدد الزوجات، فلم يمنعه كالتشريع التونسي ولم يقيده كالتشريع المغربي. فمنع الزواج باكثر من واحدة الا باذن القاضي، واشترط لاعطاء الاذن ان تكون للزوج كفاية مالية لاعالة ما زاد على واحدة، وان تكون هناك مصلحة مشروعة، ومنعت الزواج باكثر من واحدة اذا خيف عدم العدل، وتركت ذلك لتقدير القاضي (6) .
ونجد هذه الوجهة في صياغته لاحكام الميراث حيث ان توحيد تلك الاحكام من جهة، وجعلها منسجمة مع الانتقال الى الاراضي الاميرية التي شرعت منذ عهد الدولة العثمانية من جهة اخرى، اوقف التفاوت في انتقال الحقوق الى الوارثين، وقطع دابر التحايل على القوانين وقواعد الشريعة الاسلامية ، وفي عام 1963 تم اصدار تعديل رقم11 لسنة 1963 لايقاف العمل بالمواد المتعلقة بالمواريث، وتطبيق فقه المذاهب بدلاً منها ، ثم جرى توحيد احكام المواريث واعادة الهيبة والاحترام لقانون الاحوال الشخصية بعد التعديل الثاني على القانون المذكور اواسط السبعينات، من خلال مساواة البنت للابن في حجبها ما يحجبه الابن من ارث ابيها وامها، وايراد مواد خاصة بمنع الاكراه في الزواج واعتباره جريمة يعاقب عليها القضاء، وتحديده مواد خاصة بالتفريق القضائي والحضانة بما يخدم مصلحة المرأة العراقية .
في السنوات اللاحقة ،تعرض قانون الاحوال الشخصية الى عدد من التعديلات المجحفة بحق المرأة والعائلة العراقية عموماً بالتزامن مع تصاعد وتائر الدكتاتورية والارهاب بعد الثمانينات. وبعد انبثاق تجربة اقليم كردستان ، وافق البرلمان الكردستاني على جزء من المقترحات التي قدمتها المنظمات النسائية الكردستانية من اجل تعديل القانون المذكور واعطائها صيغة اكثر عصرية وبما ينسجم مع مفردات التحضر والديمقراطية وحقوق الانسان .
ومن الخطوات الجريئة التي اتخذها البرلمان الكردستاني هي رفضه وباجماع الاصوات للقرار137 الصادر عن مجلس الحكم العراقي والقاضي بالغاء قانون الاحوال الشخصية رقم188 لسنة1959، حرصاً من البرلمان المذكور على الالتزام بمفهوم دولة القانون وحماية حقوق افراد العائلة، ورفضها لمنطق فقه المذاهب الذي اصبح في الممارسة العملية فقهاً للطوائف، وعاملاً على تشرذم الشعب العراقي من خلال اعطاء الاولوية للولاء الطائفي على الولاء الاجتماعي العام للوطن، والذي يجد انعكاسه من خلال وجود قانون موحد للاحوال الشخصية، والذي ساعد على حفظ حقوق العائلة ومنع التحايل، وخلق الارضية المناسبة للتمازج الاجتماعي بين الاسر العراقية واقامة علاقات الزواج والمصاهرة خارج اطر الانغلاق الطائفي او المذهبي .
العلاقة التراتبية بين الدستور والقوانين
يمثل الدستور الاطار القانوني للكلية لتنظيم السلطات والعلاقات والحقوق والواجبات بين السلطة وافراد الدولة وبين الافراد بعضهم الاخر وبين السلطات المتعددة في الدولة.
وعلى هذا الاساس يكون المشروع التنموي للدولة سواء مجال تطورها السياسي او الحقوقي او الاقتصادي والاجتماعي.ولضمان هذه الحقيقة لابد ان تأتي القوانينن منسجمة مع روح الدستور ومنطلقة من الاسس والمباديء التي حددها ، فمن غير المنطقي ان يحدد الدستور قيم المساواة بين الافراد بغض النظر عن الجنس والعرق والقومية وتأتي القوانين الفرعية مخالفة ومكرسة لحالة التفريق والعنصرية او الانحياز في مجال الحقوق ن لذا توجب بعد اقرار الدستور العراقي في عام 2005 أعادة النظر في التشريعات النافذة ومدى صلاحها وانسجامها معه وكذلك العمد الى سن التشريعات الضرورية التي تغطي الفراغات والنواقص والمتطلبات الجديدة التي تتلائم مع حاجات المجتمع العراقي الجديدة ، وفي كل هذا لابد من جعل الدستور هو المسطرة العليا لقياس استقامة القوانين ، فالدستور نفسه منع من تشريع او الابقاء على قانون او لائحة او تعليمات تتعارض واحكام الدستور.
رغم المطالبات الحثيثة باجراء تعديلات دستورية في اكثر من فصل لكن المقطوع ب هان تلك المطالب لم تتناول الفصول المتعلقة بالحريات العامة والمواد الاساسية التي اكدت على مسألة المساواة.
انطلاقا من هذه الرؤية اقر الدستور في احد مواده حرية الطوائف والمذاهب ان تلتزم بالاحوال الشخصية الملائمة لقناعاتها وليس بالضرورة ان يكون قانونا واحدا للاحوال الشخصية ، وقد تعرضت هذه المادة الى نقد شديد ومواجهة من مؤسسات مدنية ومازلت الى هذه الساعة غير مفعلة ، لذلك بقي الامر يجري على اساس قانون الاحوال الشخصية لسنة 1959.
توجه اقليم كردستان وبحسب فهمه للدستور الى جملة من القوانين فعمد الى اجراء تعديلات بحسب رؤيته ترفع التقاطع مع الدستور وتؤكد حقوق المساواة بين الافراد.
الفصل الثاني
الثغرات التي يحتويها قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959
هناك عدة مواد في هذا القانون تحتاج الى اعادة نظر بما يتلائم مع متغيرات الواقع والتطور المجتمعي والزمني ، ومتطلبات الحاجة الى تناسق القوانين مع التغيير وتنامي الوعي والانفتاح على التجارب القانونية للمجتمعات الاخرى وتلبية الاحتياجات الانسانية الى تنظيم اكثر بما يتناسب مع العهود والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان عامة وحقوق المرأة خاصة ومن خلال قراءة تحليلية لقانون 188 لسنة1959 ومقارنته مع المتغيرات مجتمعيا ودوليا نستشف الحاجة لتغيير بعض من هذه النصوص القانونية لتعارضها مع حركة تطور المجتمع على اساس العدالة في الحقوق والوجبات في القانون ، ويمكن تأشير مكامن الضعف في هذا القانون وبما يتعارض مع التوجه العام نحو العدالة :
اولا: المادة(1) و المادة (3)
4- لا يجوز الزواج باكثر من واحدة الا باذن القاضي ويشترط لاعطاء الاذن تحقق الشرطين التاليين:-
أ- ان تكون للزوج كفاية مالية لإعالة اكثر من زوجة واحدة .
ب- ان تكون هناك مصلحة مشروعة
5- اذا خيف عدم العدل بين الزوجات فلايجوز التعدد ويترك تقدير ذلك للقاضي .
هذه المادة تنتهك كرامة المراة . كما ان سوء تطبيق هذه المادة وعدم الالتزام باحكامها ولما ينتج عنها من انتهاكات كثيرة لحقوق المراة واستغلال لها وهدر لكرامتها , يفضل الغاء مثل هذا السماح وان لايسمح للزوج بالزواج باكثر من واحدة الا فقط في حالة عدم استطاعة الزوجة الانجاب لو القيام بواجباتها الشرعية تجاه الزوج , وان يكون كل ذلك مرهون بموافقة الزوجة رسميا والاعدّ الزواج الثاني باطلا وجريمة يعاقب عليها الزوج.
اما باقي فقرات هذه المادة فتلغى لانها تحتمل تفسيرات واسعة ومزاجية وفيها الباب مفتوح على مصراعيه للمخالفة دون حسيب او رقيب وتشكل هدر لحقوق كل من الزوجة الاولى ومن تليها من الزوجات .
(2) – المادة (4) من القانون :
" ينعقد الزواج بايجاب – يفيد لغة او عرفاً – من احد العاقدين وقبول من الاخر ويقوم الوكيل مقامه"
كلمة عرفا يجب ان ترفع من النص لانه مبهم وغير واضح وغير محدد . كذلك مسالة ان يقوم الوكيل مقام من يبدي القبول ايضا مسالة خطيرة لانها ستمنح وليه او وكيله سلطة التحكم بارادة من له حق القبول فاذا ما وافق الوكيل ولكن الموكل عنه رافض فان الوكيل هو من سيبدي رغبته , والعكس ايضا . والافضل ان لاينعقد بالقبول العقد الا اذا كان صادراً ممن له حق اصداره وهو الطرف الاخر شخصيا"
(2) المادة (10)
5 : " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر , ولا تزيد على سنة , او بغرامة لا تقل عن ثلاثمائة دينار ولاتزيد على الف دينار كل رجل عقد زواجه خارج المحكمة , وتكون العقوبة الحبس مدة لاتقل عن ثلاث سنوات , ولاتزيد على خمس سنوات , اذا عقد زواجاً اخر مع قيام الزوجية ".
هذه العقوبة ضئيلة قياسا بالضرر الذي يترتب على مثل هذه الزيجات
وقياساً بما قد يلحق المراة من انتهاكات لحقوقها نتيجة مثل هذا العقد . وكان الاجدر بالمشرع ان يحدد العقوبة بالحبس الذي لاتقل مدته عن 3 سنوات وبالتعويض ( ليس غرامة ) لزوجته التي عقد زواجه عليها خارج المحكمة وان لم يلحقها ضرر . وهذا التعويض تقدره المحكمة حسب الظروف لاسيما اذا كانت الزوجة صغيرة السن , او كان الزواج اصلا مخالفا للشروط الشرعية .
(3) – المادة (25) من القانون :-
تقرر في الفقرة (1- أ) ان لانفقة للزوجة اذا تركت بيت زوجها بلا اذن وبغير وجه شرعي . ان مثل هذه المادة تعود بنا الى العصور السالفة والى عهد الجواري والعبيد . (فمسالة الاذن) : ما اذا كان الزوج مستبد ويمنع زوجته من الخروج او انه يهينها لدرجة دفعتها لترك البيت او لاي سبب اخر اضطرت او احتاجت الى هذا الخروج لعمل او غيره . ثم ان مسالة الاستئذان بالخروج يعد انتهاك لحقوق الانسان بموجب المادة (13) من الأعلان العالمي لحقوق الانسان التي تقرر ان لكل فرد الحق في حرية التنقل . كذلك المادة (12) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تقرر ان لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل اقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه . هذه الصكوك الدولية تمنح الانسان الحق والحرية في التنقل . هذا من ناحية , من ناحية اخرى مسالة ( بغير وجه شرعي) ماهو الوجه الشرعي؟ ان هذا الامر سيخضع للاهواء والامزجة الشخصية وكذلك للاعراف والتقاليد وهذا كله يشكل انتهاكا لحقوق المراة وتعطيل لمسيرة تقدمها وعرقلة لان يكون لها وجود اجتماعي وسياسي وتجعل دورها مرهون باذن الزوج .
كما تقرر هذه المادة في الفقرة (1- جـ) ان لا نفقة للزوجة اذا ما امتنعت عن السفر مع زوجها بدون اذن شرعي . وهذه الفقرة ينطبق عليها نفس النقد السابق لانه انتهاك لحق الفرد في حرية التنقل.
أما الفقرة (5) من هذه المادة فتقرر في البند (أ) ان للزوجة طلب التفريق بعد مرور (سنتين) من تاريخ اكتساب حكم النشوز درجة البتات وعلى المحكمة ان تقضي بالتفريق في حين ان البند ( ب) ينص على ان للزوج طلب التفريق بعد اكتساب حكم النشوز درجة البتات – اي مباشرة - وعلى المحكمة ان تقضي بالتفريق. لماذا هذا التمييز؟ لماذا على الزوجة ان تنتظر سنتين بعد اكتساب حكم النشوز درجة البتات حتى تستطيع التفرقة عن زوجها في حين ان الزوج لا ينتظر بل له ان يطلب التفريق عن زوجته مباشرة بعد الحكم . لو كانت الزوجة تريد ان تستمر حياتها الزوجية ما كانت اصلا (نشزت) وما كان هناك اصلا من داعي لاجراءات حكم النشوز . هذا التمييز فيه الكثير من الانتهاك لحقوق المرأة وكان على المشرع ان يلتفت لذلك ويجدر به تعديل هذه المادة بنصوصها وبنودها ورفع كل أشكال التمييز والانتهاك منها .
(4) المادة (26) :-
" ليس للزوج ان يسكن مع زوجته ضرتها في دار واحدة بغير رضاها وليس له اسكان احد من اقاربه معها الا برضاها سوى ولده الصغير غير المميز".
ماذا لو ان الزوج هدد زوجته اما ان تقبل باسكان الضرة او القريب معها في دارها او انه سيترك لها الدار او ان يمنع عنها المصروف او اي تهديد اخر بامكانه ان يهددها به فترضخ لذلك ولتحافظ على بيتها فتقبل (مضطرة) . ان في ذلك انتهاك كبير لحقها في الاستقلالية وانتهاك لكرامتها وحريتها ولا يشكل اي عدالة. وكان الاجدر بالمشرع ان يلزم الزوج ان لا يسكن الضرة مع الزوجة في بيت واحد وبالتالي فمن لايملك القدرة على اعالة بيتين فالاجدر به ان لا يتزوج مرة اخرى , اذ في ذلك عدم تحقيق للعدالة التي امر بها الله عز وجل في كتابه الكريم بين الزوجات .
(5) المادة (27):
" تقدر النفقة للزوجة على زوجها بحسب حالتيهما يسراً او عسراً " .
في هذه المادة اجحاف كبير للمرأة لان ما يفهم منها انه اذا كانت الزوجة معسرة فان نفقتها قليلة حتى وان كان الزوج موسراً ولكن بامكانه ان يثبت باي شكل من الأشكال عسر حاله – وهذا يحصل وبكثرة في المجتمع – كان الاجدر بالمشرع الابتعاد عن هذا الغموض وان يكون اكثر وضوحا بان يشترط النفقة التي تكفي حاجات المراة المنصوص عليها في المادة (24-2) التي تنص على (تشمل النفقة الطعام والكسوة والسكن ولوازمها واجرة الطبيب بالقدر المعروف وخدمة الزوجة التي يكون لأمثالها معين ) دون ذكر ليسر او عسر.
(6) المادة (33) :-
" لا طاعة للزوج على زوجته في كل امر مخالف لاحكام الشريعة وللقاضي ان يحكم لها بالنفقة".
كان الاجدر بالمشرع ان لا يحصر الامر على مخالفة احكام الشريعة فقط – والذي بدوره ايضا يعد امر غير واضح ومتنازع عليه – بل ايضا ما يخالف احكام القانون لتامين حماية اكبر للمراة.
(7) المادة (36) :-
" لايقع الطلاق غير المنجز او المشروط او المستعمل بصيغة اليمين " .
كان الاجدر بالمشرع ان يقرر عقوبة للزوج في مثل هذه الاحوال ويفرض عليه تعويض لزوجته لعدم احترامه هذا الرباط المقدس وجعله عرضه لايمانه ولشروطه ورغباته وحتى يتعلم ان يحترم ويقدس هذه الرابطة . مثل هذا الامر ( اي فرض العقوبة والتعويض) سيزيد من تامين الحماية للمراة واحترام الزوج لحياتهما الزوجية واحساسه بقيمة هذا الرباط.
ملاحظة عن الباب الرابع الخاص بانحلال عقد الزواج:-
لم تعط الزوجة – كما الزوج – حق الطلاق الا اذا وكلت او فوضت به . لماذا لا يكون للمراة ايضا – اسوة بالرجل – حق تطليق نفسها من الرجل اذا ما وجدت ان حياتهما اصبحت لا يمكن استمرارها . قد يقول قائل ان لها حق طلب التفريق في المحكمة . نرد ونقول ان مثل هذا الحق يتطلب اولا ان يكون هناك احد الاسباب المنصوص عليها في هذا القانون لقبول الطلب والنظر فيه ثانيا الاجراءات الطويلة التي تستغرقها مثل هذه الدعاوى وكذلك النفقات . يجدر بالمشرع ان ينتبه لمثل هذا الامر ويمنح المرأة مثل هذا الحق خصوصا ان لا مانع شرعي في منح المراة مثل هذا الحق.
(8) المادة (40) :-
حددت الاسباب التي تجيز لاي من الزوجين طلب التفريق اذا ما توافر احدهما. وقد ورد في الفقرة (1) منها ان اضرار احد الزوجين بالاخر او باولادهما ضررا يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية يعد من اسباب التفريق كما عدت المادة حالة الادمان على المسكرات والمخدرات من قبيل الاضرار , بشرط ثبوت حالة الادمان هذه بتقرير من لجنة طبية رسمية مختصة .
مثل هذا الاشتراط ( الادمان والتقرير الطبي الرسمي ) امر غير صحيح وغير منصف , اذ ان مجرد تناول الزوج المسكر او المخدر دون حالة الادمان ولكن لعدة مرات وفي كل مرة ينجم عنها ايذاء للزوجة او اولادها فان ذلك يجب ان يمنحها حق طلب التفريق حماية لنفسها او لاولادها.
اما الفقرة (2) من نفس المادة فقد قررت ان يكون ارتكاب احد الزوجين الخيانة الزوجية سببا للتفريق. ولم تحدد ما هي الخيانة الزوجية وما هي صورها. ان هذا يفتح الباب واسعا امام التعسف وانتهاك الحق لاسيما حقوق المرأة.
(9) المادة 43 – اولا /3 :-
" للزوجة طلب التفريق , عند توفر احد الاسباب الاتية :-
اذا لم يطلب الزوج زوجته غير المدخول بها للزفاف خلال سنتين من تاريخ العقد ولا يعتد بطلب الزوج زفاف زوجته, اذا لم يكن قد اوفها بحقوقها الزوجية"
ان مدة سنتين مدة طويلة جدا تبقى فيها الزوجة معلقة ورهن رغبة زوجها ان شاء طلبها وان شاء لم يطلبها وممكن انه يقرر تعذيبها والانتقام منها فيبقيها معلقة , وممكن ان تضيع من حياتها فرص كثيرة بسبب هذا الشرط.
(10) المادة (48 –4):-
" اذا مات زوج المطلقة وهي في العدة , فتعتد عدة الوفاة ولا تحتسب المدة الماضية " .
هذا يعد ظلم واجحاف بحق المراة واسقاط للحقوق , فعلى اي اساس تسقط عنها المدة التي مضت من عدتها كمطلقة لتعتد من جديد عدة المتوفي عنها زوجها ؟ ان مثل هذا الامر فيه الكثير من القسوة على المراة وإهدار لحقوقها. فحتى المجرم عندما يتم توقيفه على ذمة التحقيق ومن ثم يصدر عليه حكم معين( حبس او سجن) فان مدة موقوفيته تحتسب وتسقط من مدة الحبس او السجن المحكوم بها , وهذا مجرم فكيف مدة عدة لا تحتسب؟
الاجدر بالمشرع مراجعة هذا الامر المنتهك للحقوق وان لا يتناسى التأثير النفسي لمسألة العدة(6).
(11) المادة (57 – 3):-
" اذا اختلفت الحاضنة مع من تجب عليه نفقة المحضون في اجرة الحضانة قدرتها المحكمة , ولا يحكم باجرة الحاضنة مادامت الزوجية قائمة , او كانت الزوجة معتدة من طلاق رجعي .
باي حق تحرم الحاضنة من اجرة حضانتها وان كانت متزوجة او معتدة عدة رجعية؟ ان هذا الامر فيه مخالفة لاحكام الشريعة الاسلامية وكذلك لمبادئ حقوق الانسان ويفترض ان تكون لها اجرتها كحاضنة وان يتم العناية بها ورعايتها رعاية كاملة.
منطلقات التعديلات على القانون
منطلق قانوني :
هناك عدة اسس قانونية في الدستور تخول الاقليم ممارسة تشريع القوانين بما يتناسب مع الخصوصية الاجتماعية وحاجات المواطن لضمان استمرارية العلاقة الايجابية بين السلطة والمواطن من اجل توفير حياة افضل تتناسب مع التطور الحال في مختلف الاصعدة، حيث تناولت بعض الفقرات من الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 تنظيم العلاقة بين السلطات الاتحادية وسلطات الاقليم.
المادة (1):
جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة ، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني ) ديمقراطي وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق .
المادة ( 116):
يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمة واقاليم ومحافظات لا مركزية وادارت محلية .
المادة (117):
اولاً: يقر هذا الدستور عند نفاذه اقليم كوردستان وسلطاته القائمة اقبيما اتحاديا .
المادة (120):
يقوم الاقليم بوضع دستوزر له ، يحدد هيكل سلطات الاقليم ، وصلاحياته ، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات على ان لا يتعارض مع هذا الدستور .
المادة (121):
لسلطات الإقليم الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وفقا لاحكام هذا الدستور، باستثناء ما ورد فيه من استثناء من اختصاصات حصرية للسلطات الاتحادية.
ثانيا : يحق لسلطة الاقليم ، تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقليم ،في حالة وجود تناقض او تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الإقليم بخصوص مسالة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسطات الاتحادية .
منطلق اجتماعي:
في بدايات القرن العشرين حينما جاء المستشرقون الأوروبيون إلى كوردستان العراق، اكتشفوا أن للمرأة مكانة متميزة في المجتمع الكوردي. ووفقاً للمستشرق الشهير مينورسكي يعتبر الكورد من أكثر شعوب المنطقة تفتحاً وتفهماً للمرأة ومكانتها وحقوقها. ورغم المكانة المتميزة للمرأة في ظل حكومة إقليم كوردستان العراق الفدرالي، ودورها الريادي في خدمة المجتمع والمشاركة الفعالة على جميع المستويات والمناحي، وتحولها من أنثى مقاتلة وسجينة مطبخ ومنزل، إلى وزيرة ونائبة في البرلمان وأكثر من ذلك، إلا أننا نجد أن المرأة الكردية ما زالت تعيش بين أنقاض الإرث العشائري والقبلي، وتدفع ضريبة ثقافة التبعية والخضوع للرجل، في ظل مجتمع شرقي قد يقبل لها الملبس والأكل والعمل بحرية، لكن تظل في النهاية مساحات تلك الحرية الفردية والاجتماعية ناقصة، ومراقبة بقيود وعادات وأعراف كوردية مستمدة من العقلية العشائرية، التي هي فوق قوانين الحرية وحقوق الإنسان وكينونة المرأة ككائن حر ومستقل.. لها حقوق كما للرجل.
ان العنف ظاهرة خطيرة تصل إلى أبعد من حدود الجريمة ترتكب بحق المرأة الكوردية، ولقد تنوعت اشكال العنف وتعددت الى: (الضرب ـ الحرق ـ القتل ـ التعذيب الجسدي والنفسي ـ التبعية القسرية ـ السب والشتم ـ الزواج القسري ـ التحريض على الزواج ـ الإبعاد القسري عن الدراسة ـ فرض رقابة على الملبس والإختلاط الاجتماعي ـ توجيهها نحو الإنتحار....... الخ).
إن ما يعكر هذه الفضاءات التي تحظى بها المرأة الكردية هو وجود جرائم عنف ترتكب بحق المرأ’ تحت ما يسمى بـ"غسل العار" أو "جرائم الشرف"، في ظل منطق عشائري وتخلف اجتماعي بقي معششاً بسبب الاستبداد، وتحول المجتمع الكوردي إلى حالة الدفاع والثورة لأجل البقاء والحقوق، على حساب تطوير وتوعية الأسرة التي تعتبر البيئة الأولى لخلق جيل واع وحضاري ومنفتح ، فظلت البيئة الكوردية محكومة بقانون القبيلة، وليعتقد الكثيرون أن الشرف هو للمرأة فقط، وأن في قتلها أو معاقبتها سواء أخطات أو لم تخطئ، وصول إلى الكمال العشائري والحظوة لدى رجالات القبيلة .
ان النساء اللواتي يتعرضن إلى العنف تتراوح أعمارهن بين 18 ـ 13 عاما، وهذا العنف تزداد وتيرته صعودا زمنيا ومكانيا ليتحول إلى ظاهرة ، و في تقريرلوزارة حقوق الإنسان في اقليم كوردستان والصادر في 2007 ذُكر أن "عدد النساء اللاتي إنتحرن أو قتلن خلال عام 2005 (289) امرأة، وارتفع إلى (533) امرأة عام 2006، والضحايا المنتحرات ازدادت نسبتهن من 22% عام 2005 إلى 88% عام 2006. وارتفعت نسبة القتل من 4% عام 2005 إلى 6.34% عام 2006 ،وأن أعمال العنف ضد المرأة في كردستان لم تتراجع، وهي أودت بحياة 27 امرأة خلال الأشهر الأخيرة من عام 2007، رغم اعتبار جرائم الشرف عنفا ضد المرأة، وهذه الحالات (10 في أربيل، 11 في دهوك، 6 في السليمانية)، وأن 97 امرأة حاولن الانتحار بحرق أنفسهن خلال الأشهر الأربعة الأخيرة بينهن (40 في أربيل، 41 في دهوك، 16 في السليمانية). وقد رصد مركز حماية المرأة العراقية أنه خلال 12 عاما أقدمت (2604) امرأة على الإنتحار في الإقليم من بينها (2095) حالة تراوحت أعمارهن بين (12 ـ 25 سنة).
ولأجل القضاء على ظاهرة العنف ضد المرأة الكردية، والحد من جرائم القتل تحت دافع غسل العار أو الشرف، لجأت الحكومة الكوردية بمؤسساتها وهيئاتها إلى إجراءات صارمة، في مقدمتها قيام برلمان كردستان بتعديلات على قانون الأحوال الشخصية لتحقيق نوع من العدالة بين المرأة والرجل في المجتمع، وعدم تخفيف العقوبة في حالة غسل العار، واعتبار جرائم الشرف مستثناة من أي عفو عام قد يصدر. وكانت الحكومة الكوردية قد أصدرت خلال آب من عام 2002 القانون رقم 14 الذي ينص على: "لا يعتبر ارتكاب جريمة تستهدف المرأة بذريعة دوافع الشرف تبريرا قانونيا مخففا لأغراض تطبيق القواعد 128 ـ 130 ـ 131 من قانون العقوبات العراقي رقم 11 لعام 1969" والذي كان يستثني القتل دفاعا عن الشرف من عقوبة السجن والإعدام، حيث يسجن القاتل لمدة لاتتجاوز ستة أشهر، وفي الأغلب يطلق سراحه دون عقاب!
كما قامت الحكومة بتشكيل لجنة متابعة "اللجنة العليا للحد من العنف ضد المرأة"، إضافة إلى لجان أخرى في وزارات الأوقاف والتربية والداخلية والعدل لمواجهة هذه الظاهرة، وتقوم المساجد بدور توعية المواطنين.
إلا أن مطالبات منظمات المجتمع المدني تنتقد الإجراءات وتعتبرها ناقصة، وترى أن العنف ضد المرأة يعود إلى غياب القانون، كون السلطة التنفيذية لا تمارس صلاحياتها وهي تركت هذه الأمورللسلطة العشائرية، أو الصلح والفدية، وأعطاء امرأة أخرى مقابل أية مشكلة بين عائلتين أو عشيرتين،وتؤكد جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة ، أن اليأس هو الذي يدفع بالعشرات من النساء إلى حرق أنفسهن، هربا من قسوة التقاليد والأعراف القبلية القديمة، وقتل النساء في الماضي كان يخضع للتعتيم والكتمان خوفا من الفضيحة، لكن نظرا لوجود الصحافة الحرة والإنترنت ومنظمات المجتمع المدني، بات يجري تناقل هذه الأمور بسرعة.
وقامت حكومة الاقليم بتوجيه المنظمات النسائية الناشطة للعب دور أكبر في توعية الأهالي للقضاء على ظاهرة العنف ضد المرأة والوقوف عند أسباب زيادة ظاهرة ما يعرف بجرائم الشرف في مختلف أنحاء الإقليم، وليس معالجة كل حادثة بشكل فردي عند حدوثها ، وبالرغم ازدياد وتيرة أعمال العنف ضد المرأة ،تأمل المرأة في الإقليم ان تحصل على تقدير واهتمام اكثر، بعدما تطور وضعها في مجالات عديدة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والدراسي، وباتت تساهم في اتخاذ القرار، لوجودها في السلطة التشريعية بنسبة 30%، وفي السلطة التنفيذية .
هناك عوائق تحول دون عقاب القاتل، منها قيام العشيرة والأسرة بالتغطية وعدم الإبلاغ بسبب الخوف من الفضيحة والادعاء بانه قضاء وقدر ، جراء انفجار خزان المياه الحارة او موقد الطبخ، وهي ادعاءات لابعاد المسؤولية القانونية ، علما أن الدين الإسلامي وضع شروطا واضحة لتطبيق حد الزنا، ولا يمكن لأحد أن يقتل على أساس الشك، أو التكهن.. فهذا حرام شرعاً
عرض توصيفي للقانون رقم(15) لسنة2008 قانون تعديل تطبيق قانون الاحوال الشخصية رقم (188)لسنة1959المعدل
قامت كل من لجنة الدفاع عن حقوق المرأة ولجنة حقوق الانسان واللجنة المشتركة بين الاوقاف والقانونية بالمشاركة في تقديم تقاريرها حول التعديلات المقترحة بخصوص المواد في القانون 188 لسنة 1959 ومن ضمنها المادة الـ25 من القانون المتعلقة بالنشور حيث تم تعديلها الى :
أولاً: يعتبر عدم تقيّد احد الزوجين بالالتزامات الزوجية التالية نشوزاً:
1- هجر الزوج أو ترك الزوجة بيت الزوجية بلا أذن وبغير وجه شرعي.
2- تعسف أي من الزوجين في اداء الواجبات الزوجية او الاخلال بها قاصداً الاضرار بالزوج الآخر.
3- عدم تهيئة الزوج لزوجته البيت الشرعي المناسب لحالتهما الاجتماعية والاقتصادية.
4- منع الزوج او الزوجة من الدخول الى البيت دون عذر شرعي.
ثانياً: على المحكمة ان تتريث في اصدار الحكم بنشوز احد الزوجين حتى تقف على اسباب النشوز وان تستنفد جميع مساعيها في ازالة تلك الاسباب التي تحول دون ذلك.
ثالثاً: يعتبر النشوز سببا من اسباب التفريق بعد مرور ستة اشهر على اكتساب حكم النشوز درجة البتات وعلى الوجه الآتى:
1- اذا كان الزوج هو الناشز فيلزم بنفقة الزوجة طيلة فترة النشوز وفي حالة التفريق بينهما يلزم بدفع المهر المؤجل ونفقة العدة والتعويض المستحق ان كان له مقتضى.
2- اذا كانت الزوجة ناشزاً فتحرم من النفقة ويسقط مهرها المؤجل في حالة التفريق بينهما بعد الدخول فاذا كانت قد قبضت جميع المهر ألزمت برد نصف ماقبضته، اما اذا كان التفريق قبل الدخول فيسقط المهر المؤجل وتلزم برد ماقبضته من مهرها المعجل.
رابعاً: يعتبر التفريق وفق احكام هذه المادة طلاقاً بائنا بينونة صغرى."
بعد ذلك طرح تعديل المقترح ضمن مشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية المقدم من قبل مجلس الوزراء على الفقرة الثانية من المادة الـ35، وبعد ان ايدت اللجان المعنية مقترح الحكومة جرى التصويت على الفقرة وتمت الموافقة عليها بالاكثرية واصبحت الفقرة (2) من المادة كالآتي:
"يقع طلاق المريض مرض الموت او في حالة يغلب في مثلها الهلاك اذا مات في ذلك المرض او تلك الحالة ولم يكن فاقد التمييز وترثه زوجته ولو كان الطلاق بائناً".
اما فيما يتعلق بالفقرة (2) من المادة الـ37 الواردة في القانون فان اللجنة المشتركة واللجان المعنية الاخرى ايدت مقترح تعديل الفقرة المقدم من قبل مجلس الوزراء لتصبح الفقرة (2) من المادة الـ37 من القانون كالآتي: "لايقع الطلاق المقترن بعدد لفظاً او اشارة الا واحدة ولايقع طلاق المعتدة".
وفيما يتعلق بالمادة الـ38 فان اللجنة المشتركة اقترحت الابقاء عليها لوضوح احكامها وكونها اكثر دقة مما هو وارد في المشروع مع اضافة عبارة (على ان تتوافر الرغبة بالاصلاح)، وجرى التصويت على مقترح اللجنة المشتركة بتأييد من اللجان المعنية وبعض اعضاء البرلمان وتمت المصادقة عليها بالاغلبية.
اما في يتعلق بتعديل المادة الـ39، فان اللجنة المشتركة أيدت التعديل المقترح واقترحت تعديل الفقرة (3) من أصل المادة بما ينسجم مع قانون برلمان اقليم كوردستان المرقم (8) لسنة 2001، كما طالب عدد من الاعضاء بحذف عبارة (بقدر مساهمته في الانفاق) في الفقرة الاولى، وبعدها تمت المصادقة على المقترح بالاغلبية، وطالبت لجنة الدفاع عن حقوق المرأة زيادة المدة المطلوبة لتعويض الزوجة بمبلغ لا يقل عن نفقتها من (2-3) سنة الى (3-5) سنة، وجرى التصويت على المقترح وتمت المصادقة عليه بالاغلبية، كما أجريت بعض التعديلات اللغوية على الفقرة الثانية والرابعة من المادة لتصبح الصيغة النهائية للمادة كالاتي:
المادة الـ39:
1- يوقف العمل بحكم الفقرة (2) من المادة الـ39 من القانون ويحل محلها مايلي:
2- يلزم الزوج بوضع مبلغ من المال على الاسرة لفترة (3) ثلاثة اشهر في صندوق خاص لرعاية الاسرة لدى المحكمة عند رفعه دعوى الطلاق.
3- اذا طلق الزوج زوجته وتبين للمحكمة ان الزوج متعسف في طلاقها وان الزوجة اصابها ضرر من جراء ذلك تحكم المحكمة بطلب منها على مطلقها بتعويض يتناسب وحالته المالية ودرجة تعسفه يقدر جملة على ان لاتقل عن نفقتها لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولاتزيد عن خمس سنوات علاوة على حقوقها الثابتة الاخرى.
4- تلتزم الدولة برعاية المطلقة التي لاتملك دخلا شهريا ويخصص مبلغ شهري لها من قبل الرعاية الاجتماعية ولغاية ايجاد فرصة عمل لها او عند زواجها ثانية.
بعد ذلك جرى التصويت على المادة بفقراتها الاربع وتمت المصادقة عليها بالاغلبية.
وعند التطرق الى المادة الـ40 وبالتحديد الفقرة الخامسة منها، اقترحت اللجنة المشتركة في تقريرها المشترك وقف العمل بالفقرة (5) من المادة الـ40 من قانون الاحوال الشخصية حول حقوق الزوجة بطلب التفريق عند زواج زوجها بزوجة ثانية، وبعد ان أيدت اللجان المعنية المقترح اصبحت الفقرة (5) من المادة الـ40 كالآتي: "اذا تزوج الزوج بزوجة ثانية يحق للزوجة الاولى طلب التفريق"، وتمت المصادقة عليها بالاغلبية.
بعد ذلك جرى التصويت على تعديل (1،2) والفقرة الاولى للمادة الـ43 من القانون المتمثل بالاسباب التي يحق للزوجة عند توفرها طلب التفريق واصبحت الفقرة الاولى والثانية من المادة كالآتي:
1- اذا حكم على زوجها بعقوبة مقيدة للحرية مدة ثلاث سنوات فاكثر بعد مضى سنة على التنفيذ ولوكان له مال تستطيع الانفاق منه.
2- اذا هجر الزوج زوجته مدة سنة فاكثر بلاعذر مشروع، ولو كان الزوج معروف الاقامة وله مال تستطيع الانفاق منه.
كما اقترحت اللجنة المشتركة في تقريرها وقف العمل بحكم الفقرة (ثالثاً) من المادة الـ43 من القانون في اقليم كوردستان ـ العراق.
بعد ذلك جرى التصويت على التعديل المقترح وتمت الموافقة عليه بالاجماع كل على حدة.
ثم تمت المصادقة على وقف العمل بالمادة 44 من القانون كما جاء في التقرير المشترك للجنة القانونية والاوقاف في برلمان كوردستان ليحل محلها ما يلي: "يجوز اثبات اسباب التفريق وانحلال عقد الزواج بكافة وسائل الاثبات بما في ذلك الشهادات الواردة على السماع اذا كانت متواترة ويعود تقديرها الى المحكمة وذلك باستثناء الحالات التي حدد القانون وسائل معينة لاثباتها." وبعد حذف عبارة (وانحلال عقد الزواج) من المادة المقترحة، تمت المصادقة على التعديل بالاجماع.
اما فيما يتعلق بالفقرتين (1و3) من المادة الـ46 فأن اللجنة المشتركة أيدت حذف جملة {من ولا يشترط رضى الزوج الى أخرها} لكونه يتنافى مع مبادئ التفريق الاختيارى (الخلع) الذي هو عقد بايجاب وقبول وتراض بين الطرفين وتصبح المادة الـ 20 من المشروع واصبحت صياغة المادة 46 كالآتي: يوقف العمل بالفقرتين (1و3) من المادة الـ46 من القانون ويحل محلهما مايلى:
1- الخلع ازالة قيد الزواج بلفظ الخلع او مافي معناه مقابل عوض لايزيد عما قبضته من المهر المسمى." وجرت التصويت على الصيغة المقترحة اعلاه وجرى المصادقة عليها بالاغلبية.
بعد ذلك جرى التصويت على تعديل المادة الـ50 من القانون واصبحت كالآتي: "تجت نفقة العدة للمطلقة على زوجها الحي ولا نفقة لعدة الوفاة" وتمت مصادقتها بالاغلبية. وفيما يتعلق بتعديل المادة الـ58 من القانون جرى التصويت على الصيغة الآتية " نفقة كل انسان من ماله إلا الزوجة فنفقتها على زوجها من حين العقد الصحيح" وتمت مصادقتها بالاغلبية.
اما فيما يتعلق بالمادة الـ59 من القانون فان اللجنة المشتركة لم تؤيدها واوصت بالابقاء على اصل المادة في القانون كونها في صالح الاولاد وينظم حالاتها بشكل دقيق وواضح، وعرض رئيس برلمان اقليم كوردستان هذا المقترح على التصويت وتمت المصادقة عليه بالاجماع ولم تجر اي تغييرات على هذه المادة.
وفيما يتعلق بتعديل المادة الـ74 من الباب الثامن في اصل القانون حول (الوصاية) تمت المصادقة على هذه الصيغة بالاغلبية: يوقف العمل بالمادة 74 من القانون في إقليم كوردستان ـ العراق ويحل محلها مايلي:
1- اذا اجتمع اولاد الاولاد مع الاولاد أو اولاد اولاد الاولاد مع اولاد الاولاد وان نزلوا يحلون محل والدهم المتوفى او والدتهم المتوفاة وينتقل اليهم مايستحقه من الميراث لو كان على قيد الحياة على ان لا يزيد عن ثلث التركة اذا لم يرثوا ولم يعطهم الجد او الجدة ما يساوي استحقاقهم واذا اعطاهم الاقل يكمَل من الوصية الواجبة.
2- تسري احكام الوصية الواجبة على اولاد الاخوة والاخوات ذكوراً كانوا او اناثاً وان نزلوا، وعلى الزوجين اذا كانت الزوجة من اهل الكتاب.
3- للمورث حال حياته توزيع ماله على الورثة ذكوراً كانوا او اناثاً بالمساواة اوأن يوصى بذلك على ان لايزيد على ثلث التركة وباجازة البقية فيما زاد على الثلث.
4- للمورث ان يوصى لوارثه بما لايزيد على ثلث تركته.
5- اذا تزاحمت الوصية الواجبة مع الوصية الاختياريه تقدم الاولى على الثانية".
ثم جرت مناقشة المادة الـ91 وكما جاء في تقرير اللجنة المشتركة الذي ايدته اللجان المعنية لبرلمان اقليم كوردستان فيوقف العمل بحكم الفقرة (1) من المادة الـ91 من القانون ويحل محلها مايلي:
1- يستحق الزوج مع الفرع الوارث لزوجته الربع ويستحق النصف عند عدمه اما الزوجة فتستحق الثمن عند وجود الفرع الوارث والربع عند عدمه بعد اخراج حصتها مما ساهمت به في تكوينه من التركة." وتمت المصادقة عليها بالاغلبية.
بعد ذلك اقترح اضافة ثلاث مواد بخصوص الاحكام القانونية وهي:
1- لايعمل بأي نص قانوني او قرار يتعارض واحكام هذا القانون.
2- على مجلس الوزراء والجهات ذات العلاقة تنفيذ احكام هذا القانون.
3- ينفذ هذا القانون أعتباراً من تأريخ نشره في الجريدة الرسمية (وقائع كوردستان).
ثم اقترحت اللجنة المشتركة صياغة الاسباب الموجبة لتشريع هذا القانون كالتالي:
الأسباب الموجبة:
نظراَ لأهمية قانون الاحوال الشخصية وعلاقته المباشرة بالفرد والاسرة والمجتمع وبغية تطوير المجتمع الكوردستاني وتنظيم العلاقات العائلية والاجتماعية السائدة فيه وتحقيق العدالة بشأن التعامل الاجتماعي والاسرى وخلق تنسيق وتناغم متوازنين بين القانون والتطورات المدنية المعاصرة وانعكاس تطلعات منظمات المجتمع المدني نحو تعزيز حقوق المرأة الكوردستانية وضمانهاً وتحقيق المساواة الفعالة بين المرأة والرجل جناحي الحياة الانسانية في المجتمع فقد شرع هذا القانون.
وكان للجنة الدفاع عن حقوق المرأة في برلمان اقليم كوردستان دورها الفعال في تعديل هذ القانون. خدمة للحياة الانسانية والمرأة في المجتمع الكوردستاني .
الاثار الايجابية للتعديلات :
لقد اشتملت التعديلات في قانو ن 15 لسنة 2008 جملة من المتغيرات الايجابية والتي تصب في صالح المرأة واخرى اشتملت متغيرات لفظية الهدف منها الاقتراب الى اقصى حد ممكن لتوضيح النص القانوني دون لبس ، وحذفت بعض الفقرات لعدم اتساقها القانوني مع تعديلات اخرى . وكان من اهم التعديلات هو تقييد حق الزواج من زوجة ثانية عن طريق اعطاء العصمة بيد المراة ان طلبت ذلك ويشترط باذن القاضي وبعدة حالات اهمها موافقة الزوجة الاولى امام المحكمة ومرض الزوجة الثابت والمؤيد بتقرير من لجنة طبية وتقديم مستمسكات رسمية للمحكمة تثبت الامكانية المادية وتقديم تعهد خطي امام المحكمة بالعدالة بين الزوجتين ماديا ومعنويا وان لا تكون الزوجة الاولى قد اشترطت في عقد الزواج عدم التزوج عليها والمخالف يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 شهور ولا تزيد عن سنة ، وبغرامة 10 مليون دينار عراقي ولا يجوز للقاضي ايقاف التفيذ ، وقبول شهادة المرأة الى جانب الرجل في عقد الزواج كشاهدين، و جعل سن الزواج 16 سنة بعد ان كان 15 سنة واعطاء للمرأة عند فقدانها زوجها حق الولاية بغية منع اقاربه من تزويج بناتها ، ويعتبر الزواج باطلا اذا لم يتم الدخول وموقوفا اذا تم ، ويعاقب اقرباء الدرجة الاولى بالسجن 2-5 سنوات، وغيرهم ب 3-5 سنوات اي تم رفع العقوبة في الحالتين ، ورفع الغرامة على كل من اجرى عقد زواج خارج المحكمة الى 1-3 مليون بعد ان كان 300-1000 دينار، واعتبار النشوز تعالي احد الزوجين على الاخر اي يشمل الزوج ايضا في حين النص الاصلي يشمل الزوجة فقط وهو هجر الزوج او ترك الزوجة بلا اذن وبغير وجه شرعي ، اوتعسف اي من الزوجين في اداء الواجبات الزوجية او الاخلال بها واذا كان الزوج هو الناشز فيلزم بدفع نفقة الزوجة طيلة فترة النشوز وفي حالة التفريق بينهما، يلزم بدفع المهر المؤجل ونفقة العدة والتعويض المستحق واعتبار النشوز من اسباب التفريق بعد مرور 6 شهور في حين كان في السابق بعد مرور سنتين .و لا طاعة للزوج على زوجته وللزوجة على زوجها في كل امر مخالف لاحكام الشريعة والقانون ، في حين النص الاصلي لا وجود لحالة الزوجة وتم اضافة كلمة القانون .واحتساب النفقة للزوجة من تاريخ ترك الزوج لها او اختفائه او فقده او سجنه ويقوم صندوق الرعاية الاجتماعية بصرف النفقة المقدرة (في النص الاصلي من تاريخ اقامة االدعوة). ومنح الحق للزوجة الاولى لطلب الطلاق دون شرط في حالة زواج الزوج من امرأة ثانيةفي حين ان هذا الحق كان مشروطا في النص الاصلي باذن من المحكمة.ورفع شرط رضى الزوج بالخلع اذا تبين للقاضي ان الزوجة لاتطيق العيش معه .
الاستنتاجات
على الرغم من أن التعديلات التي أجراها القانون لم تغطي جميع الثغرات وتلبي كل تطلعات المرأة الكردستانية ، لكنها بالجملة تجاوزت الكثير من الثغرات والنواقص في القانون وعمدت إلى تفعيل جزء من المساواة المذكورة في القوانين، وحاولت تلافي الأخطاء والخلل الذي يؤرق الحياة الاجتماعية في الاقليم.
لا شك أن التعديلات تواجه انتقادا دينيا وآخر قانوني وهذا أمر طبيعي لكنها بالمحصلة استطاعت ان تشق طرقها الى التنفيذ عبر إقرارها بالبرلمان واكتسابها الصفة الشرعية.
إن العراق اليوم يحتاج إلى نهضة شاملة في كل المجالات وخصوصا جانب الحقوق والحريات وتأتي التعديلات خطوة فاعلة في هذا الاتجاه .
التوصيات
ان تغيير القوانين في المجتمع وحده لا يكفي بل تبقى الحاجة الى نشر ثقافة الوعي بالحقوق والواجبات، وتظافر جهود كل الاطراف من الحكومة ومؤوسسات ورجال الدين ومنظمات المجتمع المدني لتقليل الفجوة بين سن القوانين وحاجات الافراد، تزامنا مع تغير المجتمع والانفتاح على الثقافات الاخرى .
الخاتمة
خلال المسيرة الطويلة للتشريعات القانونية تم سن قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 ، حيث يعد هذا القانون من اهم القوانين المتعلقة بالاحوال الشخصية الجامعة لمسائل الزواج والطلاق ، النسب ، الحضانة ، النفقة، الوصية ، الميراث ، وقد تعرض هذا القانون لعدد من التعديلات حتى اصدار قرار 137 من قبل مجلس الحكم العراقي حول الغاء قانون الاحوال الشخصية واستبداله ، فيما بعد بالمادة 41 في الدستور العراقي والتي تنص على ( العراقيون احرار في الالتزام باحوالهم الشخصية حسب ديانتهم او معتقداتهم او اختياراتهم وينظم ذلك بقانون ) و تحولت الى احدى المواد الخلافية التي لم يتم التوصل الى اتفاق بشأنها وتم تأجيل البت بها الى مجلس النواب الجديد في 2010، مما ادى الى ترك باب السجالات مفتوحا بين الاحزاب الاسلامية والاحزاب العلمانية ومنظمات المجتمع المدني مما حدا باقليم كوردستان بالابقاء على قانون 188 وبعد ضغوط ومطالبات منظمات المجتمع المدني ومناقشات كثيرة تم تعديل 25 مادة من هذا القانون بما يتناسب مع التطور الحاصل خدمة المجتمع الكوردستاني عموما والمرأة خصوصا ، فكان القانون رقم (15) لسنة 2008 والمسمى بقانون تعديل تطبيق قانون الاحوال الشخصية رقم(188) لسنة 1959 ، الذي ساهم باعطاء المرأة بعض الحقوق لتقليل التمييز لصالح الرجل على حساب المرأة، وهو لم يلبي كل الطموحات لكن هذه التعديلات تعتبر خطوة اولى لتعديلات مستقبلية تشمل كل القوانين التي تنتهك حقوق المرأة وتتعارض مع المواثيق الدولية وحقوق الانسان .
الهوامش :
1 - الدكتور صبحي الصالح- علوم الحديث ومصطلحه ص44 دار العلم للملاين الطبعة 1999/22.
2 - التواريخ مثبتة في كتاب كشف الظنون لحجي خليفة.
3 - الدكتور عبد الكريم زيدان- الوجيز في اصول الفقه ص156 مؤسسة الرسالة الطبعة السابعة 2000.
4- الشيخ محمد الخضري- الدولة العباسية- تحقيق وتعليق ابراهيم امين محمد ص316.
5 - لائحة الاسباب الموجبة لصدور قانون الاحوال الشخصية المرقم188 لسنة 1959.
6 - المصدر السابق ..
المصادر:
1 - الدكتور صبحي الصالح- علوم الحديث ومصطلحه ص44 دار العلم للملاين الطبعة 1999/22.
2 - التواريخ مثبتة في كتاب كشف الظنون لحجي خليفة.
3 - الدكتور عبد الكريم زيدان- الوجيز في اصول الفقه ص156 مؤسسة الرسالة الطبعة السابعة 2000.
4 - الدكتور عبد الكريم زيدان- المدخل لدراسة الشريعة الاسلامية ص149- مؤسسة الرسالة الطبعة الرابعة عشرة1996.
5- القاضي نبيل عبد الرحمن ، مجموعة القوانين العراقية ،قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 وتعديلاته ، بغداد 2009.
6 -الدستور العراقي لسنة 2005، اصدارات مجلس النواب العراقي ،2006.
7 - مصطفى احمد الزرقاء- المدخل الفقهي العام الجزء الاول ص178- مطابع الاديب الطبعة التاسعة 1968.
8 - مناع القطان- تاريخ التشريع الاسلامي ص337 مؤسسة الرسالة الطبعة 26 عام 1998.
9 - نصر حامد ابو زيد/ هل هناك مفهوم للحكم والسلطة في الفكر الاسلامي؟ مقالة في مجلة الثقافة الجديدة العدد295 تموز-اب 2000.
10 - لائحة الاسباب الموجبة لصدور قانون الاحوال الشخصية المرقم188 لسنة 1959.
الانترنت :
11- بشرى العبيدي ،اختصاص القانون الجنائي ،بحث منشور ، موقف التشريعات العراقية من ظاهرة العنف ضد المرأة .
http://wafdionline.org
http://www.perleman.org12- موقع برلمان كوردستان
http://www.mohr.krg.or13- موقع وزارة حقوق الانسان في كوردستان
التعليقات (0)