قراءة المرجع الصرخي تتحقق في مطالبة الحشد إخراج الجيش من الانبار.
طلبت فصائل الحشد الشعبي من رئيس الوزراء حيدر العبادي رسميا إخراج الجيش العراقي من الأنبار بشكل كامل بذريعة أن وجود الجيش يجعل القرار العسكري مشتتا وغير موحد وهذا يؤثر سلبا في الواقع الميداني، إضافة إلى فشل الجيش في معارك عديدة كالموصل والأنبار، ونحن هنا لسنا بصدد تقييم الجيش وإبعاده عن دائرة النقد والقصور، ولكن نحاول أن نحلل هذا الطلب وغيره من التصريحات السابقة له لنقف على حقيقة الأهداف والغايات المكنونة من ورائه فكانت لنا عدة وقفات منها.
الوقفة الأولى: إن تشتت القرار ليس بالضرورة إن يكون سببه وجود الجيش العراقي، بل إن اختزال أسباب تشتت القرار بوجود الجيش له من سخف القول، لأن المفروض أن تكون القيادات العسكرية الرسمية هي صاحبة القرار والقول الفصل، طبعا هذا في الدول التي تتمتع بالسيادة وحرية اتخاذ القرار وليس في العراق المحتل إيرانيا.
الوقفة الثانية: إن طلب مليشيا الحشد الشعبي يكشف مُجددا مدى سيطرة وتحكم الحشد في صناعة القرار السياسي والأمني والعسكري، ومدى الاستخفاف الذي يمارسه الحشد مع الحكومة ومؤسساتها، فهل سمعتم أن مليشيا وصلت بها الجرأة والوقاحة والاستخفاف مثلما ما تفعله مليشيا الحشد في العراق؟!!!.
الوقفة الثالثة: لا يوجد في المنطق العسكري المهني أن الجيش إذا خسر في المعارك يمنع من الخوض في غيرها واستبداله بمليشيات، نعم يتم دراسة أسباب الخسائر ومعالجتها ضمن آلية مهنية وليس وفقا لأجندات تستهدف الجيش والوطن وهذا ما سيتضح لاحقا.
الوقفة الرابعة: الخسائر التي مُني بها الجيش أسبابها واضحة ومعروفة فسقوط الموصل كان بسبب أوامر صدرت من القيادات العليا بالانسحاب وكذا الحال في الرمادي، ضمن مؤامرة تكشفت خيوطها تحيكها نفس الجهات التي تحرك الحشد الشعبي.
الوقفة الخامسة: ما هي النتائج الايجابية التي حققها الحشد الشعبي على الأرض والذي حضي بدعم مادي ومعنوي وشرعي وتسليحي يفوق ما حصل عليه الجيش( هذا إن حصل الجيش على شيء يذكر)، مئة ألف مقاتل من الحشد مع إيران لم يستطيعوا أن يوقفوا تمدد "داعش" الذي بدأ باحتلال الموصل ببضع مئات من المقاتلين، فالذريعة التي يتبجح بها الحشد الشعبي لإخراج الجيش أو إقصائه وربما حلَّه تنطبق على الحشد أكثر من انطباقها على الجيش.
الوقفة السادسة: إن هذا الطلب إذا ربطناه بالتصريحات التي أطلقها العامري والتي تسخر من تصريحات العبادي بخصوص تحرير الرمادي، وما شدد عليه العامري من أن الرمادي لا تتحرر إلا من خلال الخطة التي وضعها الحشد الشعبي حصرا وقيادته للعمليات، يمكن أن تكشف لنا حقيقة الأهداف والغايات من وراء هكذا تصريحات ومطالب منها:
أولا: تسقيط الجيش العراقي وضربه نفسيا ومعنويا وصولا إلى إقصائه كليا من المعارك وربما حلّ المؤسسة العسكرية برمتها ليكون الحرس الثوري وميليشيا الحشد الشعبي بديلا له، وهذا ما تخطط له إيران، وآثاره بدت واضحة على الأرض.
ثانيا: إحكام سيطرة إيران كليا على محافظة الأنبار ذات الموقع الإستراتيجي المهم جدا، لتصول وتجول فيها والقيام بعمليات تصفية وتهجير وإفراغها من أهلها ومنع عودتهم إليها، ومن ثم إكمال مخططها المُعَد لتحويل الأنبار إلى درع يقيها من أي اعتداء خارجي يهدد مصالحها، وأيضا جعلها مصدر تهديد للجوار العربي وخصوصا السعودية والأردن، ورافد مهم يغذي أدواتها في سوريا ولبنان.
يقول المرجع العراقي الصرخي:
((إن إيران تعمل على ابتداع كل ما يمكن تصوره من أساليب ومواضِع ووسائل تهديد للآخرين من اجل مشروع التوسع ومن اجل حماية نفسها من اعتداء خارجي فالنخيب والأنبار تدخل في صلب وأساس ذلك ... هما موطأ قدم ورأس حربة لتهديد السعودية والأردن بالمباشر، وهما كذلك موضِع تهديد لقوى محتملة الانتصار في سوريا والتي تنتهج الخط المعادي لإيران... مضيفا قوله: إنهما خط إمداد وتواصل مع القوى الحالية في سوريا ولبنان الموالية لإيران)).
بقلم
احمد الدراجي
التعليقات (0)