قراءات في المعترك الراهن
ليس ذكاء الحزب الاشتراكي وحده الذي أدى لتحول المعادلات السياسية بين اليمن وبعض الأنظمة العربية الشقيقة وكذلك فإن حرب الخليج هي الأخرى لم تكن المحور الذي قاد لتدهور علاقاتنا بالأشقاء بدليل أن مواقف الاشتراكي التي عرفت دائماً دائماً بمناهضتها للقضايا العربية العادلة وعدائه العريق للعقيدة الإسلامية وخطابه الإعلامي الموجه ضد عدد من هذه الأنظمة كل ذلك لم يدفع ببعض هذه الأنظمة لانتهاج سياسة عدائية صارمة في مواجهة الحزب أثناء انفراده بحكم المحافظات الجنوبية والشرقية بمثل ما هو عليه اندفاعها الراهن لمحاربة الوحدة وتسخير الحزب في خدمة مخططها الهادف لضرب اليمنيين ببعضهم وتسليم قيادة الاشتراكي راية الانفصال ومدها بالمال والسلاح لتتكن من تنفيذ المهمة بكفاءة عالية.
ولست أجد حاجة للاسترسال في الحديث عن الأهداف التي جعلت علاقة الاشتراكي ببعض الأطراف الخارجية تتمع بهذا القدر من المتانة والقوة كما أن من السذاجة اعتبار ذلك نتاجاً لحرب الخليج إذ لو كان الأمر متعلقاً بردود فعل لدى الأشقاء أو الأصدقاء لغدا الاشتراكي في طليعة الأطراف السياسية التي تدفع الثمن عن دوره الأكثر عمقاً ودلالة ونشاطاً في توجيه السياسة اليمنية على مستوييها الداخلي والخارجي في هذه الحرب.
غير أن القضية الجوهرية التي وطدت علاقة الحزب بتلك الاتجاهات أو الأنظمة الخارجية هي قضية هدف مشترك غايته النهائية تحقيق الآتي:
1- تعطيل مؤسسات الدولة وتهميش الشرعية.
2- خلق أزمة اقتصادية حادة وإضعاف القيمة الشرائية للعملة الوطنية وإيجاد تضخم تعجز الدولة عن مواجهته.
3- إثارة النعرات القبلية والمناطقية وإشاعة الحق بين المذاهب الدينية.
4- هز ثقة المجتمع بنفسه وتدمير القيم الوطنية والأخلاقية التي تتحكم في سلوكياته وطبيعة تفكيره.
5- تكوين مناخ مشوه يسوده الفساد المالي والإداري وإحاطة المواطنين بمظاهر الاختلال الأمني والوصول بجماهير الشعب إلى حالة من التمزق النفسي الشام..
6- توزيع الأسلحة في أوساط المليشيات وبعض العناصر القبلية المغرر بها ووضعها تحت أهبة الاستعداد للقيام بمهام التخريب و الاغتيالات على غرر تجربة الحزب عامي 80-1981م.
7- إضعاف دور المعارضة وتقمص شخصيتها وتسجيل مواقف وآراء تخض معيشة المواطنين على حساب دور الأحزاب السياسة خارج الحكم.
إفساد الحياة النقابية والمهنية والإبداعية والسعي لاحتوائها وإبهات فعالياتها ودفعها نحو التبعية وإلحاق نشاطها بالمؤسسات الرسمية واستمالتها مادياً.
- إنهاء بوادر الثقة بين الأحزاب والتنظيمات السياسية وتسويق الخلافات في أطرها الداخلية.
- تشدد القدرة البوليسية للحزب وإحياء مؤسساته القمعية السابقة لاسيما على مستوى إدارته للمحافظات الجنوبية والشرقية.
- افتعال الأزمات السياسية والاقتصادية المتوالية وإتباع سياسة تعميم الانهيارات لتشمل كل حقول ومواقع العمل والإنتاج وإفقاد المؤتمر والإصلاح قدرتهما عل التمسك والمواجهة.
- الترويج الإعلامي والدعائي بمسئولية الوحدة عن ك ما يعاينه المجتمع وتهيئة الشعب تدريجياً للقبول بخيار العودة عن منجز الوحدة..
- إطلاق بالونات الاختبار السياسي لمشروع الانفصال وذلك بطرح بدائل ومسميات منها الكونفدرالية "الفيدرالية" الخ..
- تهيئة المواطنين في المحافظات الشمالية لدور تخريبي يبدأ بالمسيرات فالاعتصامات فالعصيان المدني فحالات الشغب وذلك ما أفصح عنه الأستاذ العزيز علي سالم البيض في إحدى الفصول التمثيلية التي قدمت الأستاذ البيض على هيئة "بابا نويل" أثناء لقائه بمجموعة من الأطفال الذين قيل أنهم من أبناء محافظة البيضاء.
- استعداد بعض الأنظمة العربية ضد الجمهورية اليمنية وقيام الحزب بتقديم تقارير سرية لعدد من الأنظمة العربية والأجنبية تمس سيادة الوطنية وتضر بسمعة ومصالح الشعب اليمني.
- التمسك بخطة الاعتكاف وتصعيد الأزمة وتكثيف الممارسات التشطيرية حتى يصبح الانفصال أمراً واقعاً يفرض نفسه على القوى الوحدوية الشريفة.
- التخلص من أهم القيادات السياسية والعسكرية في جناح "الزمرة" الموالين للرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد وإعدادهم لتصفية حساباتهم القديمة مع "لواء الوحدة" الذي تم إقصائه من حضرموت ووضعه في أنسب ساحة يجلس عليها كبش فداء أغلف.
والواقع أن هذا المخطط الاشتراكي لا يحفل بجديد عما كان يفكر به أعداء الشعب اليمني.. وباستثناء بعض التفاصيل التي استجدت حاجة الأعداء إليها بحكم قيام الوحدة فإن هذا المخطط لا يزيد عن كونه نسخة مشوشة لعدد من الوثائق التي عثرت عليها أجهزة الأمن عند قيامها بالقبض على عبد الله الأصنج.
وفي تقديري الخاص أن قرار الحزب باستدعاء الأصنج قبل بضعة أسابيع إنما اتخذ لضرورة ماسة تتعلق بقدرة الأصنج على فك رموز عجز الأخوة في المكتب السياسي عن قراءتها بحكم خبرتهم المبتدئة في التعامل مع حلفاء غير المستعمرين وأجهزة الكي جي بي.
معترك الوثائق
على أن من الضرورة بمكان الاقتراب من الوقائع والشواهد الدالة على حقيقة الحزب ريثما يطمئن المجتمع لمصداقية ما نعرض له من أراء تحليلية عن الاشتراكي الحبيب.
وبهذا الصدد نفرد حيزاً متواضعاً لنماذج تعكس الصورة الحقيقية لتوجهات رفاقنا الأعزاء.
ولقد أدركنا مؤخراً أن الحزب يريد خلط الأوراق ببعضها ويريد أن يجمع الغث بالثمين والحابل بالنابل والصدق بالنفاق وذلك حتى يحدث ربكاً في تفكير الشعب وليحول دون تمييز الحقائق ويجعل كل شيء قابل للتفسيرات الحاقدة ولتغدو قضايا الوطن والشعب مجرد مادة للإشاعة وأرضية للتمويه والتضليل.
والميثاق.. تدرك اللعبة الإعلامية للحزب الاشتراكي وتعرف مدى حرصه على أن تظل قضايا الوطن عرضه للمزايدات السياسية وتعلم عن يقين أن الحزب الاشتراكي لم يدخر جهداً في سبيل تطوير أدواته الإعلامية ورفدها بإمكانات مادية وتكنولوجية هائلة لتقوم بدورها الواسع للتغرير بأبناء الشعب وتعريضهم لمخاطر الدعاية الإعلامية الكاذبة على غرار المنهج الفاشي الذي لجأت إليه النازية بقيادة هتلر وكرسته الأنظمة الشيوعية منذ ماركس حتى مرحلة استالين وانتهاءً بهونيكر..
ولأننا نبتغي الخير لمجتمعنا ونحاور رد الاعتبار لوعي الشعب ونسعى للتعامل مع الحقائق لكل ذلك ندعو القراء للتعرف على بشاعة الحزب الاشتراكي من خلال المقارنة بين ما يدعو إليه في خطابه الإعلامي ويتشدق به قادة المكتب السياسي وما يمارسونه على الواقع العملي..
المواطنة المتساوية
شعار يرفعه الحزب لتزييف وعينا.. ترى هل يتفق هذا الشعار مع أوامر السيد حيدر العطاس رئيس وزراء الجمهورية اليمنية الذي يخفي وجهة خلف متاريس الانفصال.
المواطنة المتساوية شعار جميل.. فما هي معايير الالتزام به وما هي أسس بلورته في حياة الناس لاسيما حين يفرق السيد حيدر العطاس بين مواطن من المحافظات الشمالية وآخر من المحافظات الجنوبية..
والمواطنة المتساوية في نظر الحزب لا تقتصر على معاملة مواطن من الضالع كدرجة ثانية وآخر من تعز كدرجة رابعة بل إن هذا التمايز يصل ذروته حين يسري على قيادات اشتراكية في المحافظات الجنوبية والشرقية فأبناء عدن ولحج وأبين والمهرة هم في نظر قادة الحزب مواطنون من الدرجة الثانية بينا الأقرباء من أبناء حضرموت هم الذين يجب أن يكونوا في المرتبة الأولى من المواطنة ذات الحضوة وإلى ذلك فأبناء حضرموت ليسوا سواسية في نظر الحزب إذ هو يعتقد أن أغلبهم طبقة غير مقبولة ولا مستساغة. وذلك ما تكرسه إيديولوجية الاشتراكي ونضرب المثل بالنماذج التالية من توجيهات السيد حيدر العطاس رئيس وزراء الجمهورية اليمنية.
الصحيفة: الميثاق
العدد: 589
التاريخ: 4/4/1994م
التعليقات (0)