مواضيع اليوم

قراءات في المعترك الراهن

أحمد الشرعبي

2010-01-02 10:23:45

0

قراءات في المعترك الراهن

كنت انقطعت عن مواصلة الكتابة تحت هذا العنوان لأسباب شتى أهمها توجيهات رئيس مجلس الرئاسة الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام بالانصراف عن تقليب أوراق الماضي وإتاحة الفرصة أمام الخيرين من أبناء اليمن وقواه السياسية والخيرين من الأشقاء قادة ورموز الوطن العربي والأصدقاء في دول العالم الذين يرون في الوحدة اليمنية إحدى مفردات التطور العالمي الجديد بعد أفول المعسكر الاشتراكي وخلاص الإنسانية من الحكم الشمولي وديكتاتورية الحزب الواحد صاحب السطوة والسلطة والنفوذ والمتحكم بقوة أدواته القمعية على مقادير الإنسان ورغباته وعلى تطلع المجتمعات وآمالها وعلى فطرة الله التي فطر عليها الإنسان منذ بدء الخلق.
ومع أني كنت أعلم يقيناً أن الحزب الاشتراكي لم يعد يرى في الوحدة اليمنية ضرورة تستدعيه التمسك بها، ومع قناعتي الكاملة بأن قادة الحزب ماضية دون هوادة في تنفيذ قراره الخاص بالانفصال ومع علمي أن الوحدة مثلت بالنسبة للحزب مخرجاً مؤقتاً من مأزق وطني وقومي وعالمي وأنه عندما شارك في تحقيقها إنما هدف لتجاوز معضلاته والحصول على مغانم ذات طبيعة حزبية واستراتيجية وأنه يرى إلى الوحدة من هاتين الزاويتين ومتى أمكنه الوصول إلى أهدافه الضيقة فلن يتردد عن اعتبار الوحدة اليمنية واحدة من الأوراق التي يمكن إلقائها على قارعة الطريق شأنها في ذلك شأن قناعاته القديمة كالاشتراكية العلمية والطبقة الكادحة والتحرر الوطني وسلطة البروليتاريا وهي أوراق استخدمها الحزب طويلاً وشكلت في مجملها أعلى مراحل ازدهاره العقائدي القائم على الإيمان الكامل بالنظرية الماركسية التي تنكر الخالق وتنحني في خشوع مطلق لجدلية الإلحاد بالله واعتبار المادة بديلاً لكل الأديان السماوية على وجه الإطلاق.
ولم تكن قناعاتي تجاه الحزب منطلقة من موقف عدائي مسبق ولا مجرد ردود فعل أملتها مصالح شخصية ولكنها انبعثت عن إلمام وتجربة وطول معايشة ومراحل تتبع ومعاينة واستقراء.
فالحزب الاشتراكي ليس جديداً عليّ إذ تشيعت لشعاراته منذ ما يزيد على 16 عاماً.
ولست أذكر أن تأثري بهذه الشعارات قد حال بيني وبين الواقعية في التفكير والاستبصار لفترة غير قصية في معدل عمل الأفراد.
ولا أنكر أنني انجرفت مع الحزب حتى لقد صار المجتمع في نظري غير جدير بالحياة لأنه مجتمع رجعي وإمبريالي إلى آخر ما في مستودعات الحزب من مصطلحات وتهم وتخرصات.
ولا أبالغ أن خيبة الأمل التي أصابتني ولفيفاً ممن كانوا على شاكلتي كانت أقصى من التضحيات الموجعة إذ سقطت مصداقية الحزب من قناعاتنا وصار ذلك أقسى من المواجع التي نالتنا بفضل الاشتراكي وما توهمناه به من نبل الغايات وأصالة الانتماء.
بيد أن الإنسان إنما يحمد الله على ما أصابه من مكروه نظراً لما تفضي به التجارب المؤسفة من وعي لاحق بالحقيقة وإدراك لما مر به في ماضي حياته من شرور ولولا ذلك ما قالت العرب قديماً "رب ضارة نافعة" ولما فطن الشاعر إلى القول:
ربما صحة الأجسام بالعلل..
وعلى نحو قريب مما أسلفنا نضرب المثل بالتوجهات الانفصالية لدى الحزب الاشتراكي إذ هي بقدر ما تدمي القلب وتجرح الضمير فإنها إلى ذلك ستجعلنا ذات يوم نحمد الله لأنه قدرها على الحزب الذي مارس كل جرائمه تحت شعار الوحدة وأنهك البلاد بذريعتها.
أما وقد أباح عن مكنوناته الانفصالية فإنه بذلك قد جرد نفسه من سلاح قوي طالما توارى خلفه وغرر بمئات الضحايا تحت طائلة الاعتقاد الساذج بأن الحزب مع الوحدة وأنه يناضل كما في –وثائقه- من أجل استعادتها!!
ولعلي يوم تجاهلت قناعاتي بصدد توجهات الحزب المضادة للوحدة لم أكن أحسن حالاً من المؤتمر الشعبي العام وبمقدمته الأخ الفريق/ علي عبد الله صالح ولا بأفضل تقديراً من الشعب بفئاته الاجتماعية وطلائعه المستنيرة وقواه السياسية حيث ذهب الجميع لتغليب جانب التفاؤل والاعتماد على النوايا الحسنة، والمكابة على حساب الحقائق الدامغة، ولاعتقاد بأن النزعة الانفصالية الشريرة التي انطوت عليها ممارسات الحزب في غضون المرحلة الماضية إنما تعبر عن تشوه ذهني لدى جناح معين من أجنحة الحزب التي كونتها خبرة طويلة في التآمر والتصفيات.
بيد أن أجنحة أخرى على حد اعتقاد البعض ما تزال تملك قدراً من الاستشعار الوطني وهي ولا شك ستقول كلمتها عندما تصل الأمور إلى درجة الخطر على وحدة الوطن وسيادته واستقراره.
ولست أذيع سراً إن قلت أن الرئيس علي عبد الله صالح قال لي قبل أيام معدودات أثناء لقاء خاطف "في الحزب الاشتراكي قيادات وقواعد كبيرة مع الوحدة وسيسمع الشعب رأيها ومواجهتها للعناصر التي افتعلت الأزمة".
حسناً أيها الأخ الرئيس.. ولكن هل في وسع أحد من حسني النية أن يدلنا على عضو واحد من أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي قال رايه بشرف أو أعلن تخليه عن الانفصالية أو تمرده على الجناح المعادي للوحدة أم أننا نذهب بعيداً في الوهم ونريد إرغام الحزب أو جزء منه على نزعة الخير وحب الوطن.
وهكذا فإن الأهداف العظيمة لا تصان بالنوايا الطيبة ومنجزات الشعوب لا تحفظ بالحسن من الظنون واحتمالات الخير أو توقعه من خانقي الحريات، وحرس المشانق، وأجراء الاستعمار.
ولكنها تحمي بسهر الحريصين ويقظة الأحرار ونباهة المؤمنين بعزة الأوطان والذائدين عن كرامة الإنسان.
ولو كان الله استغنى عن القوة لنشر دينه لأرسل الأنبياء إلى الأرض مكتوفي الأيدي ولأمرهم أن يحملوا أغصان الزيتون بدلاً عن الجهاد والاستشهاد سبيلاً لإعلاء كلمته.
لقد كان علينا أن نعترف بالحقيقة منذ الوهلة الأولى، ونتصدى لانفصالية الحزب الاشتراكي بحزم ونتعامل معه وفقاً لمعطيات تاريخه وطبيعة تركيبته، لا أن ننخدع له وهو يستغفل الشعب ويتحين الفرص بل يخلقها بطر شتى كيما ينقض على الوحدة ويسطو على المنجزات ويتآمر على كرامة الشعب.
لقد كان من الواجب علينا أن لا نتهافت للترحيب بالتحولات المفاجئة التي طرأت على سلوك وممارسات قيادة الحزب الاشتراكي منذ الـ 22 من مايو وأن لا نبالغ في إقراره عليها أو على الأقل لا نتسرع بإضفاء صفة الهداية والرجوع لجادة الحق لمجرد أ ن نرى الأستاذ علي سالم البيض يخلع النجمة الحمراء من صدره ويتسربل بثوب الإحرام ولمجرد أن تبدو صورته على شاشة التلفزيون وهو يؤدي مناسك العمرة ويضفي على وجهه ملامح الإنابة والتوبة.
ولم يكن من الدراية أن نطلق الزغاريد كل ما أينا الأخ حيدر أو سالم صالح أو محسن ومن في قيادة الحزب وهم يرتصون خلف إمام الجامع الكبير بغية امتصاص سخط الشعب ولولا أن أحكام الإسلام مبنية على الظاهر لحسبناهم كما هي الحقيقة إنما يؤدون رياضة بدنية لم يعتادوها قبل ويقومون بدور كوميدي في مسرحية عبثية.
إن هذا الماركسي المتشدد وهو يتنازل عن مبادئه ويتخلى عن عقيدته الإيديولوجية أدعى إلى الشك في مواقفه منه إلى التصديق. فهو على استعداد لأن يرتدي كل يوم قناعاً طالما استدعت مصلحته ذلك.
ولقد كانت الوحدة بالنسبة للحزب شعاراً لأغنى عنه حتى إذا ما خلت حاجتهم عن هذا الشعار هبوا لإسقاطه.
وحين وجدوا في التعددية مجالاً للعبث وساحة جديدة لممارسة لعبة أخرى في الملهاة حينها تباكوا على التعددية ونادوا إليها وكان من سوء حظنا كالعادة أن صدقناهم لكن سرعان ما ألفيناهم يتنكرون لها ويضيقون عليها الخناق ويتآمرون عليها عبر إفراز عدد من الأحزاب الوهمية التي تفسد المعنى الحقيقي للتعدد والتنوع.
وعندما أرادوا مجاراة التيار ومصانعة الاتجاه الدولي الجديد تحولوا من ديكتاتوريتهم المطلقة إلى المناداة بالديمقراطية والتباكي باسمها.
وفي أقرب تجربة ديمقراطية مرت بها بلادنا في 27 غبريل 93 دخلوا الانتخابات بكل مقومات الحزب الحاكم ووصلت بهم الحماقة حداً لا مثيل له إذ رشح المهندس العزيز حيدر العطاس نفسه في إحدى الدوائر الانتخابية بمحافظة حضرموت ورفض بقوة الاستقالة من منصبه كرئيس للوزراء، وكسب المعركة بفضل منصبه وتأثير سطوته، ومع ذلك فسرعان ما أقر الحزب بنتائج الانتخابات وأعلن اعترافه بها وما كادت بضعت أشهر تمضي على مواقفه تلك حتى ارتد دون وجل أو استحياء ورفض التسليم بالنتائج ولجأ لممارسة الضغوط والتلويح بالانفصال في سبيل الحصول على مواقع لا تنسجم وثقله ثم إذا به يحول الانتخابات إلى مدخل للانفصالية ويعتبرها استفتاء لصالح تواجده الشطري السابق وينتهي المطاف بإخواننا في الحزب الاشتراكي إلى خاتمة مؤسفة حيث أعلنوا التمرد على الشرعية واعتبروا التمثيل البرلماني استقواء.
ولم يفتهم الإتيان بمصطلحات بلشفية ما أنزل الله بها من سلطان للنيل من الديمقراطية ومؤسساته الشرعية القائمة.
وكان الحزب قد مارس ذات الحماقة بالنسبة للدستور وخاض معركة شغل الناس بسببها لصالح الاستسقاء عليه، بيد أنه لم يتورع فيما بعد عن إعلان جحوده بالدستور وليس أدل على ذلك من أن يقدم الأستاذ البيض نفسه كنائب للرئيس دون نص دستوري من جهة وقبل أداء اليمين الدستورية من جهة ثانية. وكأنه بذلك يتحدث باسم الشرعية الثورية.
أي مهزلة هذه التي نتذرع بالعقل للتواطؤ معها وهل من مصلحة الوطن أن نحني هامته بمبرر تخليصه من شرور الحزب.
إن منطقاً أكثر عوجاً من خراطيم الفيلة مارسناه ودأبنا عليه ويتعين علينا الآن الإقلاع عنه ورفضه مهما كانت الحجج والذرائع والمبررات.
عفوية التفكير
وأحسب أن تمادي الحزب السياسي في تهديد مسيرة النهوض الوطني وإعاقة الخطوات التي كان من المفترض الشروع فيها لاستكمال مقومات الدولة اليمنية الحديثة وإصراره على إسقاط الخيار الوحدوي كل ذلك لم يكن في رأيي ممكناً لولا عفوية التفكير وبساطة التحليل والتشخيص والفراسة لدى المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، ويقابله من الجهة الثانية ارتفاع نسبة الأمية في أوساط المجتمع وتفشي ظاهرة اللامبالاة وتشضي الدور النقابي والمهني والإبداعي في معمعة الصراع الحزبي بطرائقه المختلفة.
وحين بدأ الحزب سياسة تنفير المحافظات الجنوبية والشرقية من الوحدة ويوم أعاق المهندس العطاس توجيهات الرئيس وخطط الحكومة الهادفة لبذل عناية أوسع بهذه المحافظات وتعويض أبناءها عن سنوات القحط والإرهاب المنظم وحين أصر الحزب على الاحتفاظ بقبضته الحديدة لمضاعفة الأذى بهذه المحافظات وإلقاء تبعاته على دولة الوحدة.
حينها والحزب يضرب للناس الأمثال بأفضلية التشطير تحت قيادته السابقة لما كان يسمى بـ "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" فإن أي من الأحزاب والقوى السياسية وفي الصدارة منها المؤتمر والإصلاح التزمت الصمت وسادها الإهمال واستبدت بها نشوة المنجز الوحدوي ولم تقف موقفاً مسئولاً تجاه الحزب.
وحين أخذ الحزب ينتهج سياسة تدمير بنية الاقتصاد الذي كانت عليه صنعاء ويوم فرض التقاسم وأعمل كل جهده لتدمير علاقاتها الطيببة مع بعض الدول الشقيقة.. حينذاك ركن المؤتمر الشعبي العام على الثقة وأعطى للحزب كل فرص النيل من الوحدة وكذلك اعتمد على سياسة الانطواء واكتفى بموقف المتفرج وكأن أمر الوطن لا يعنيه ومواجهة سياسات الحزب التخريبية لا تخصه لا من منظور وطني ولا بوحي من واجباته الدينية. وإن في حدود الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وكان من بين الظواهر الملفتة للنظر تحول قيادة الحزب في المكتب السياسي والبارزين من أعضاء اللجنة المركزية تحولهم إلى مراجعين وأصحاب عرائض تنهال 24 ساعة على رئيس الدولة وطوال المرحلة الانتقالية وهؤلاء يستعرضون ندوبهم ويتمتعون بالهبات ويحصلون على الامتيازات "اعتمادات خاصة" مساعدات علاجية، سيارات، أراضي، منازل، رخص استيراد" الأمر الذي حدا بالكثيرين إلى اعتبار ذلك إحدى الوسائل السياسية التي استحسنها الرئيس على اعتقاد منه بأن إشباع نهم الاشتراكيين للتملك والثروة ربما يساعد في توثيق علاقتهم بالوطن ويجعلهم أكثر ميلاً للاستقرار من نزعاتهم التخريبية التي دأبوا عليها عبر مراحل حكمهم.. لكن الواقع العملي المعاش أثبت بصورة قاطعة أن الطابور الاشتراكي الذي استعذب التسول من خزينة الدولة لا يجد حرجاً من الانتظام ضمن طابور آخر على عتبات الملوك والأمراء بغية الحصول على عربون مقدم لقاء القيام بمهمة تنفيذ مؤامرة القضاء على وحدة البلاد وسيادتها واستقلالها وعلى تقدم الشعب وازدهاره وأمنه.
الشواهد
ولا حاجة بي هنا للتحامل على الحزب أو أنعته بما ليس فيه أو اتهامه بما لم يقم به أو تحميله المسئولية نيابة عن أحد.
وما أشد ما ينتابني من ضجر وأنا أفتش بعناية عن موقف إيجابي اتخذه الحزب أو ممارسة نبيلة سلكها أو نزعة خيرة أفصح عنها أو خطوة بناءة قرر أن يخطوها لصالح قضايا المجتمع وتطور الشعب.
ولعلي في مثل ذلك لا أبحث عن خدمة أسديها للحزب ولكنه الحرص على أن أكون منصفاً وأن أتوخى الدقة والصدق في كل ما أكتبه وحتى لا أقع في محاذير الجمع بين إدانة الحزب واستخدام أساليبه الإعلامية الرخيصة التي تلجأ للتضليل كلما أرادت حجب الرؤية الصافية عن أبناء الشعب.
والحقيقة التي لا مراء فيها أن فشلاً ذريعاً لحق بي في محاولات العثور على ومضة مشرقة في سجل الحزب الاشتراكي أو الوصول على حالة استشهاد واحدة تدل على نقائه الوطني بل إني لما أجهدت نفسي بحثاً وتنقيباً في الذاكرة أو عبر المراجع أو من خلال وثائق وأدبيات ومواقف الحزب كلما أحاطت بي مجازره ومؤامراته على بعضه ثم مؤامراته على الوطن برمته وعلى الثورة بأهدافها وعلى الوحدة بآفاقها الديمقراطي.
وحسبي هنا أن أعلن لجوئي للمتابعين والقراء لمساعدتي في تذكر أي حسنة للحزب خلال حكمه الشمولي إبان التشطير أو عبر الأعوام التي تلت التوقيع على اتفاقية الإعلان عن قيام الجمهورية اليمنية.
ولمن يعثر على بادرة إيجابية أسداها الحزب الاشتراكي لصالح الوطن والشعب فله براءة الاكتشاف.
وللذين لن يجدوا شيئاً مشرفاً في تاريخ الحزب غير مشاركة أمينه العام علي سالم البيض في التوقيع على اتفاقية الوحدة على هؤلاء جميعاً أن يتريثوا قليلاً حتى أقدم لهم وثائق اقتران أن هذا التوقيع بالتآمر على الوحدة قبل وأثناء وبعد تحقيق المنجز الوحدوي!!
ومما يحز في النفس أن الدعوات التي يطلقها الحزب والمبادرات التي ينادي بها والمواقف التي يعلنها عبر أجهزة الإعلام تقف على النقيض تماماً من ممارسته العملية الملموسة.
ولكي أقطع الشك باليقين أستسمح القراء بإيراد الاستفسارات التالية تاركاً للمتهمين والمتابعين والمغرر بهم من ضحايا الوجبة القادمة للحزب كل الحق في التأمل وتحديد الرد الملائم إن لم يكن عبر هذه الصحيفة فأما ضمائرهم.. ومثال ذلك:
1- أين يقف الحزب اليوم من الوحدة اليمنية التي اعتبرها بالأمس أساساً لنضاله؟
2- أين يقف الحزب من برنامجه المطول عن الإصلاح السياسي والاقتصادي الشامل.
3- أين يلتقي الحزب مع الوحدة الوطنية في ظل نزعاته القروية والطائفية والسلالية.
4- ما هو موقع الحزب من الأمن والاستقرار في ظل سياسته القائمة على إحياء المليشيات وتوزيع والأسلحة وتحريض بعض القبائل على التقطع واختطاف الأجانب.
5- أين يقف الحزب من المواطنة المتساوية قياساً بتعامله مع أعضائه من أبناء المحافظات الشمالية.
6- ما مدى تمسك الحزب الدستور مقارنة بوضعه الراهن.
7- ما موقع الحزب من الفساد طوال فترة رئاسته للحكومة والبرلمان ودوره في فرض التقاسم ومشاركته الأساسية في تبدد ثروة الوطن.
8- أن يقف الحزب من الديمقراطية في ظل الامتناع عن عقد مؤتمره العام.
9- إلى أي حد بلغ إيمان الحزب بدولة المؤسسات مع الأخذ في الاعتبار تجاوزه للشرعية.
10- كيف للحزب أن يكون صادقاً في دعوته إلى اللامركزية وهو الذي يدير نفسه وهيئاته التنظيمية بمركزية لا حدود لها.
11- أين يقف الحزب من التقدمية والتحرر في ظل تبعيته الراهنة للأنظمة التي كان يصفها بالرجعية والاستعمار.
بداية التنصل والنكوث
من التكتيكات الاشتراكية التي دأب الحزب على إتباعها بشكل متلاحق تحولت معه فذلكات الحزب التكتيكية إلى استراتيجية عامة فقد كفت قيادة الاشتراكي عن طرح أي مواضيع أو مطالب تتعلق بحياة الشعب وانتقلت منذ تشكيل لجنة الحوار إلى تعاطي قضاياها الذاتية ومطالبها الخاصة وشروطها التعجيزية وتخلت عن البرواز الجميل الذي يزدان بالمساواة والعدالة الاجتماعية وأمن المجتمع واستبدلته بدائرة مغلقة أشبه بالعقال الأسود لإعاقة أي جهد وني مسئول تبادر إليه لجنة حوار القوى السياسية..
لقد كان قبول المؤتمر الشعبي العام بنقاط الأستاذ العزيز علي سالم البيض مدخلاً حضارياً يجسد رغبته بإنهاء الأزمة وعدم الإصرار عل أحادثة الرأي وكان تأجيله لنقاطه الـ 19 تعبيراً عن تعقل وصبر لا حدود لها..
وكانت مباركته لدعوة المعارضة بتشكيل لجنة حوار ومشاركته في أعمال هذه اللجنة تأكيداً صادقاً على نواياه المباركة حيال مصالح الوطن.. ولتأكيد ما ذهبت إليه من مواقف تتعلق بسياسة المؤتمر الشعبي فإني سأضع أمام المتابعين والمتهمين عدداً من الأسئلة التي أتعشم منهم الرد عليها بحياد وإنصاف ومن غير موارية أو وجل..
1- الإشارة لحالة واحدة رفض فيها المؤتمر الشعبي امتثاله للشرعية الدستورية.
2- موقف اتخذه المؤتمر الشعبي العام ضد وحدة الوطن..
3- تراجع عن المسئولية الوطنية تجاه الشعب..
4- تهاون في إنهاء الأزمة..
5- تردد عن العمل بوثيقة العهد.
6- تشجيع على التخريب والفوضى.
7- تنكر للثورة والجمهورية أو موقف يدل على ارتباط المؤتمر بالرموز التي وقفت ضد الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر.
8- ممارسة المؤتمر في أي يوم لإيديولوجيا غير وطنية أو اعتداءه على ممتلكات وحقوق الشعب أو مصادرته لحريات المواطنين أو قيامه بتصفية خصومه أو ارتكابه للمجازر الجماعية.
وأكتفي بهذا القدر من التساؤلات حتى لا يمل القارئ وأنصرف لاستعراض النزر اليسير من الاستشهادات والأمثلة التي تبرهن على تلكؤ الاشتراكي ومحاولاته الدائبة لإعاقة لجنة الحوار ووضع الحواجز المأساوية أمام تنفيذ وثيقة العهد والاتفاق.
فما كادت لجنة الحوار تضع جدولاً لأعمال جلستها حتى بدا الاشتراكي يضع الشروط والمطالب الجديدة ذات الطابع الخاص ومثال تلك المطالب والشروط:
الاجتماعات في عدن؟
العطاس رئيساً لاجتماع لجنة الحوار في العاصمة التجارية؟
المطالبة بتغيير بعض ممثلي المؤتمر في لجنة الحوار؟
الضمانات الدستورية، الضمانات الأمنية، الضمانات القانونية؟ الضمانات السياسية؟
استعباد بعض القوى السياسية من أحزاب المعارضة؟
الاعتراض على توقيع الوثيقة في صنعاء وعدن أو أي مدينة يمنية؟
تدويل الأزمة اليمنية ووضع قوائم بالدول الشقيقة والصديقة التي يريد الحزب اقحامها في المشاركة بحضور توقيع الرئيس ونائبه على الوثيقة؟ البرنامج الخاص "بمراسيم" التوقيع على الوثيقة خارج الوطن؟
ومن التلكؤ عبر لجنة الحوار إلى صناعة أجواء التوتر العسكري والسياسي وذلك ما أتوقف عنده في فقرة لاحقة.
المهم أن الأسابيع التي قضتها لجنة الحوار في البحث والنقاش كانت مدرجاً شاقاً لمكائد الحزب وتراجعاته ولجاجه الطويل..
وحين قرت لجنة الحوار بما فيها ممثلي الاشتراكي تكليف العميد أبو شوارب برئاسة لجنة فرعية للجانب العسكري والأمني في 26/1/94م لم تمض غير ساعات قليلة وإذا بالحزب يتراجع عن ما اتفق عليه وهو الأمر الذي حدا بالعميد أبو شوارب إلى توجيه رسالة إلى لجنة الحوار جاء فيها:
(أرجو أن تعفوني من رئاسة اللجنة الخاصة بالنظر في تكوين القوة الخاصة للأسباب التالية:
1- لكوني مريض لا أحتمل التنقل بين صنعاء وعدن وغيرها..
2- بعد أن فكرت وجدت أن هذا الأمر لا يستحق لجنة بهذا الحجم لاسيما والأخ النائب يرى أنها من مهمة الخبراء الذين وافق عليهم هو والرئيس وأرى أن تعيدوا النظر في حجم اللجنة ويطلب من كل جانب تقديم تصور يمكن على ضوئه إعداد صيغة مشتركة يقرها الرئيس والنائب ويصدران بها قرار عند اللقاء" 27/1/94م.
ولما استعصى الأمر وأصر الحزب على رأيه لم تجد لجنة الحوار غير مجاراته ولم يجد المؤتمر بداً من توفيت الفرصة التي ينتظرها الحزب لإفشال الحوار فأعيد تشكيل اللجنة الأمنية بموافقة الحزب والمؤتمر والإصلاح وكل أعضاء الحوار ولكن الاشتراكي أمر الفريق الممثل له في هذه اللجنة بعدم الحضور دون إبداء الأسباب..
الصحيفة: الميثاق
العدد: 585
التاريخ: 28/2/1994م
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات