مواضيع اليوم

قراءات في المعترك الراهن(4)

أحمد الشرعبي

2010-01-02 10:13:40

0

قراءات في المعترك الراهن(4)

أظن الأخوة الأفاضل شركاء المؤتمر في الحكومة الائتلافية يدركون الفارق بين رأي هدفه تنوير المجتمع بحقائق دامغة ووجهات نظر مسئولة.. وبين توجهات إعلامية تغتلي بمراحل الحقد والضغينة واستنبات الخناجر على واحة الوطن المخضلة بآمال الغد.
وأضننا كتاباً أم سياسيين أو قراء نحسن التمييز بين ما يقال للنيل من كرامة الخصم وتجريحه وما يطرح في صورة نقد بناء تسنده وقائع حدثت وتجارب مرت وأخطاء يجري تعاطيها كامتداد لرواسب من ماض كئيب واجهته إرادة لاعب بمرارة وقسوة وناضلت الجماهير اليمنية في سبيل القضاء عليه باذلة مهجتها الحراء ورعشة قلبها الدامي..
ثمن الصمت
وليكن معلوماً أننا لا نمارس هواية البحث عن خصوم ولا تستهوينا الحماقات أياً كانت حيث يتملكنا إدراك دائم بأهمية العمل مع الآخرين وتجاوز الهنات و الترفع عن تصيد الأخطاء..
ونعني كثيراً ضمن الاتجاه العام لسياسية المؤتمر الشعبي العام بالبحث عن المشترك.. بيد أن هذا كله يجعلنا في أحايين عديدة أشد حساسية مما يمكن تصوره لاسيما حين يتمادى هذا الطرف أو ذاك في استغلال سماحة المؤتمر واعتبار هذه السماحة مدخلاً للنيل من الوحدة وإحاطة مضمونها الديمقراطي بعوامل الهدم والتخريب.
ولعل صمت المؤتمر الذي تبناه الأخ الأمين العام وعمل في سبيل تكريسه طوال الفترة الماضية بمزيد من التجمل وبعد النظر وحنكة التجربة قد شجع شريكنا الذي لم يدع وسيلة من وسائل الفتنة إلا وأشعل فتيلها ولم يترك فرصة لإيغار القلوب ونشر الشائعات واختلاق الأراجيف إلا وانتهزها حتى لقد ظهر إعلام هذا الحليف في هيئة غول كاسر يفترس بوادر الثقة ووشائج الوئام ودواعي الإخاء ويستأسد على الآخرين دون اعتبار لشرف الكلمة ومسئولية العاملين في حقله الإعلامي عن آداب الحوار التي تجعل الإنسان شيئاً مختلفاً عن غيره من الكائنات.
وفي غمرة الزهو انتقلت جحافل الحزب الإعلامية إلى مواقع متقدمة لتخوض بشراسة لا هوادة فيها معركة أكثر انتحارية استهدفت مجمل القضايا الوطنية والإنسانية والدينية التي تحكم مسيرة وتاريخ وسلوك المؤتمر الشعبي فيما راق الأمر لبعض رموز الحز التي انتقلت هي الأخرى إلى جوقة الخطاب التشهيري الهزيل..
أولى محطات التنازل
ولا شك مطلقاً أن تتبع ودراسة الكيفية التي أنجزت بها وحدة الوطن يقودان إلى استنتاجات حقيقية لجوهر التوجهات التي أضمرها شريكنا "الاشتراكي" ضد المؤتمر وأمينه العام وضد كلما يقترن بالوحدة أو يتصل بالديمقراطية.
والحديث عن التنازلات هنا لا يدور حول استئثار الحزب بثلثي سلطات الدولة أثناء المرحلة الانتقالية ولا عن إعطائه أكبر من وزنه إثر انتخابات الـ 27 من إبريل الماضي ولا عن اختراقاته للدستور ولا عن التهاون إزاء دوره في الفساد وتجارة السلاح وتهريب العملة وشل فاعلية مؤسسات الدولة ليس هذا بالذي أورم تناوله ولكني أقصد الحديث عن تنازلات أخرى جسدتها رحابة صدر المؤتمر مكن شريكه من الاضطلاع بدور وطني خارج نطاق التاريخ الذي عرف به.
بيد أن الإيمان بوحدة الوطن طغى على وقائع التاريخ فذهب الرئيس ومعه كل القوى الوطنية الشريفة للتوقيع على اتفاقية الوحدة بثمن لا يدركه الانتقاص وتنازلات لا يشوبها الاستثناء.
إن مما يذكي الحسرة هو هذا التنكر الذي يتمثله شريكنا عبر مواقفه وجحوده في حق الذين سمحوا له بالتسلل خارج إطار التاريخ القائم وجعلوا منه بطلاً يتقنع بالوحدة ويخفي خلف شعاراتها الجميلة نوايا التشطير التي لا تنفصل عن تكوينه لا وتنفك عن جذوره الحقيقة المماثلة الآن بوضوح كامل.
وعندما يبدأ أي حزب بالتآمر على الوطن ويغدو القتل لديه بديلاً لدواعي العقل في استنباط الحل.. فإن هذا الحزب يصبح حينئذ غير مؤهل للمشاركة في قيادة شعب بل يتوجب عليه الوقوف داخل قفص الاتهام لكي يغسل وزر يديه.
سياسية افتعال الأزمات
ومن المؤلم أن الحزب لا يكف عن اتهام المؤتمر بممارسة العنف والتشجيع عليه وهو كلما اشتدت نقمة لاشعب عليه أو أحكمت بوادر الصراع قبضتها وارتفعت وتيرة التآمرات في صفوف قياداته لا يجد حلاً ملائماً غير اتباع سياسة افتعال الأزمات باعتبارها المتنفس الذي لا يستطيع الحزب أن يستمر أو يمارس نشاطه السياسي وحركته التنظيمية بدونها.
وعلى مدى الفترة الماضية ظل الحزب يرشح المؤتمر لتحمل تبعات مشاكله الداخلية ويرشح الوحدة لدفع الثمن عن إخفاقاته وينتدب الوطن ساحة لمخرجات تفكيره المضطرب.
وحين ندعوه لممارسة دوره في معالجة الاختلالات الأمنية والتصدي للخارجين عن القانون ينتبذ بنفسه بعيداً ويرفع عقيرته مستعرضاً أسماء الذين سقطوا من بين أعضائه وكأن الآخرين من أبناء الوطن حين تتعرض حياتهم للخطر لا ينبغي حمايتهم ولا الحديث عنهم. ويوم نناقشه في بعض الملابسات أو نحاول إقناعه بمعالجة الخلافات التي تدور بين أعضائه ونقدم له أمثلة قريبة لانعكاس تلك الخلافات على تدهور الحالة الأمنية كما حدث في مقتل نعمان قاسم حسن بمدينة إب نجده يهرب من الحقيقة ويتوارى خلف شعار المطالبة بالأمن ولافتات الإدانه لغيره ومن عجب أن يدعو الحزب لدولة النظام والقانون واحترام سلطات القضاء بينما يع نفسه دائماً قبل النظام بينما يضع نفسه دائماً قبل النظام والقانون ويستغل مقتل حامد.. سياسياً ويغمض عينية ملابساتها ليضع منها قضية إعلامية لاستئثاره الرأي العام دون العودة إلى سلطات النظام والقانون لتحدد هي وليس الحز ب طبيعة الحادث وتحدد الجهات أو الأشخاص الضالعين في ارتكاب الجريمة.
وفي موقف لا يدعو لأكثر من الضحك يردد المعلق "لقد خرجت عدن عن بكرة أبيها لتدين لتعلن لـ... الخ".
أليست عدن هي المدينة التي قصفتها صواريخ البروليتاريا، أليست ذات المدينة التي لم يخرج ناسها بعد للسؤال عن المفقودين من أبنائها البررة وشهدائها الكرام..!!
13 يناير والمنظمات الإنسانية
إن عجزت الحزب عن أحداث تحول جوهري في نزعته الدموية وفشله في مجاراة العصر وانقضاضه على الوحدة وانسياقه مع المخططات الخارجية لأعداء الثورة اليمنية.. كل ذلك هو ما يجعلنا نتذكر الأحداث الدموية التي حققها إبان سيطرته على المحافظات الجنوبية، وما يدفعنا لمناشدة لمنظمات حقوق الإنسان القيام بدورها حيال ما حدث..
أحداث 13 يناير 1986م جريمة عامة ارتكبت بحق وطن وبحق شعب وأجهضت حتى الأحلام.
20 ألف شهيد.. 20 ألف قتيل.. ومئات الملايين من الدولارات ذهبت ثمناً لحرب العشرة أيام.
وضعوا الأسرى في براميل الإسفلت الساخنة في معتقل المشاريع الرهيب.
تعرض المعتقلون للتعذيب والتمثيل البشع حتى تحولوا خلقاً جديداً.
وما زال من حق المنظمات والهيئات المعنية بحقوق الإنسان أن تدعو لتشكيل لجان مستقلة لتقوم بالبحث عن المقابر الجماعية في طريق (العلم أبين) عندما قصفت إحدى الطائرات سيارتي نقل كبيرتين كانت تقل أكثر من 600 فرد جاءوا من أبين لنجدة أهاليهم المحاصرين في عدن..
وبعد القصف جرت مراسيم الدفن الجماعي ما بين قتيل وجريح!!
ما يزال على هذه المنظمات أن تبحث عن الدماء في معسكر الصولبان عندما جرى قتل 50 موظفاً من مرافق مختلفة، قتل أولئك الخمسين على يد بعض أبناء الشهداء تحت شعار (لكي يبرد دم أبائكم).
وفي اعتقادي أنه لولا منجز الوحدة لنهضت هذه المنظمات بمسئولية البحث عن الضحايا في كالتكس ولباشرت التحقيق في قضية حرق بعض ضباط القوى الجوية في معسكر العند بعد خسارة أنصار علي ناصر.
إننا لا نفتري على أحد.. فهل لكم أن تخبروا الشعب أين دفن سالمين وفيصل عبد اللطيف والآخرون.
وهل لكم أن تقولوا لنا أين اختفى الكثير من أبناء الشعب أثناء الاعتقالات الليلية (أيام اللحس) وأيام (نشتيك خمس دقائق).
سالمين انقلب على قحطان وعبد الفتاح انقلب على سالمين وعلي عنتر أجبر عبد الفتاح على الإقامة بموسكوا.. وعبد الفتاح وعلي ناصر وصراع الحزب أدرى إلى جريمة 13 يناير 1986م.
هذا هو التاريخ المجيد للحزب.. وهذه هي ملحمة الاشتراكيين.
واليوم.. هل يمكن لمن قتل ونهب وشرد وحرم الناس من العمل.. وزرع الجواسيس في الطريق العام وفي عقر الديار.. هل يمكن لهؤلاء قيادة البلاد أو القيام بمشروع حضاري.. أي حضارة يملكها فريق امتهن القتل سبيلاً للوصول إلى السلطة ليعلنوا بعد ذلك أن كلمة (صرف) هي بديلاً لكلمة (صُفي)، دون علم عن قبر ولا إمكانية باستلام جثة.
وثقوا أن القانون لو استقام في هذه البلاد لوجدنا جزءاً كبيراً من تلك القيادات التاريخية في قفص الاتهام.. يواجهون تهم القتل والاختطاف والتشريد والحرمان من الحقوق العامة التي عانى منها الشعب في المحافظات الجنوبية والشرقية منذ الاستقلال.
ريبورتاج الأزمة
ويدرك الجميع إن الأزمة السياسية الراهنة لم تكن نتاج هم وطني ولم تستجمع شروطها من مقومات داخلية على أي صعيد كان.. بل هي في واقع الأمر تضرب جذورها إلى نحو من 3 عقود من الزمن وهي الامتداد الذي يرجع تاريخه إلى معارك التضحية التي خاضها اليمنيون دفاعاً عن الثورة ومقاومة لأعدائها.
وليس سراً أن التخطيط و الإعداد والتهيئة لهذه الأزمة قد استغرق أكثر من شهرين قضاها أحد رموز الأزمة متنقلاً بين مطارات العالم مقدماً مشاريعه الانفصالية المهمورة بوعود الانصياع والامتثال الدائم لمقتضيات الولاء مقابل الحصول على التأييد المناسب لسياسة تقسيم اليمن إلى مشيخات وإمارات وسلطنات وضرب اليمنيين ببعضهم وإضعاف قوتهم وتفتيت منجزهم التاريخ الذي تحقق يوم 22 من مايو 1990م.
التركة وملحقاتها
إثر قيام الوحدة اليمنية المباركة كنا نعتقد أن دولة قوية سوف تنشأ في هذا الجزء من الجزيرة العربية لاسيما وأنه قد صار ممكناً حشد طاقات الشعب علاوة على إمكانات النظامين القديمين والانتقال إلى الخطوة التالية في ميدان العمل والإنتاج وخوض التحديات المستقبلية غير أن تلك الأحلام البيضاء ما لبثت غير أمد قصير وإذا به هشيماً تذروه الرياح وفجأة إذا بدولة الوحدة تواجه تركة ثقيلة من الأعباء وإذا بها تحمل مسئولية تراكمات مهولة..
إنها مسئولة عن تحمل تبعات الصراعات الدموية التي سادت المحافظات الشمالية خلال 27 عاماً ومسئولة عن رعاية آلاف الأسر التي شردها الرفاق.
مسئولة عن استيعاب عقلية تآمرية محنطة.. مسئولة عن رد الاعتبار لمئات الشرفاء الذين مست كرامتهم الوطنية إبان التشطير.. مسئولة عن تلبية الرغبات الطائشة وإنفاق ملايين الدولارات لاستضافة نزلاء فنادق الدرجة الأولى، مسئولة عن إشباع نهم شركائنا على الثروة وبناء وتأثيث الفيلات.
فجأة..
إذا دولة الوحدة ترث أوزار الحزب وإذا هي تدخل دوامة رد الحقوق لأصحابها واستعادة الأراضي المؤممة والمنازل المصادرة. وما من محاولة بذلها التيار الوحدوي المخلص لتضميد الجراح ورأب التصدعات إلا وتصدى لها الحزب بشراسة وأفسدها بصرامة نادرة..
ولم تقف المعظة عند هذا الحد بل لقد تجاوزت ذلك بكثير.
ورحنا نحصي الآمال التي عولناها على تظافر إمكانات النظامين السابقين لصالح الدولة اليمنية الوليدة فلم نجد على مستوى البنية الاقتصادية لما كان يسمى بـ (جمهورية اليمن الديمقراطية) غير محطة كهربائية شبه مدمرة ومصفاة بناها المستعمر عام 1954م وأهملها شريكنا، إضافة على عدد كبير من الإنفاق التي أولاها الشريك عنايته لتكديس الاسلحة وباستثناء ذلك لم نجد شيئاً يفوق أهمية الصنم الستاليني الضخم.
ولولا ذلك الينبوع الدافق من توق الجماهير الوفية في المحافظات الجنوبية لتعين على دولة الوحدة إدراج هذه المحافظات ضمن المناطق المنكوبة عالمياً..
وكان على الدولة الوليدة أن تعمل حسابها لمواجهة شتى المصاعب كان عليها أن ترشد الإنفاق وتبحث عن فرص للعاطلين وتوفر من ميزانيتها ما يكفي لدعم السلع الأساسية، لوقف الغلاء، لبناء تنمية ذات موارد ثابتة، لإيجاد توازن منطقي بين الدخل القومي ومعدلات الإنفاق العام.
لكن من أين لهذه الدولة أن تبلغ غايتها والحزب ينقض عليها بستين ألف موظف أغلبهم إما أمن دولة أو مليشيا تحت الطلب.
إنني أطلب من غير منصف أن يقدم لشعب مقارنة متحيزة لصالح الحزب الوضع الذي كانت عليه المحافظات الجنوبية والشرقية خلال 27 عاماً من الشمولية والتقدمية وما آل عليه الحال خلال ثلاث سنوات من عمر الوحدة..
ومن سخرية الأقدار أن الذين عبروا إلى السلة على جثث الناس وداسوا في طريقهم نحوها على كل أماني وتطلعات الشعب ما زالوا يواصلون الخطى على نفس الطريقة وبذات الأساليب دون اكتراث بعدالة القدر وتذمر الشعب.
بداية الانفصال
لعل من حسنات الأخ سالم صالح الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي الحليف أنه اختصر المسافة التي قرر الحزب أن يضيها وصولاً نحو خيارات التشطير والإفصاح الكامل عن رغبته الجامحة بتمزيق الوطن، ولعلها المرة الأولى التي يجري فيها التعبير الدقيق عن التوجه الحقيقي للحزب في معزل عن التمويه والمخاتلة.
لقد كدنا نتوه في معمعة النقاط التي أرادها الحزب ستاراً لتغطية نشاطه الانفصالي وتضليل العب بذرائع مختلفة تصور الحزب وكأنه المدافع الوحيد عن هموم المجتمع والمناضل من أجل رفع المعاناة عن كاهل الناس، ولقد أشكل الأمر فعلاً وظهرت قيادات الحزب على الشاشة لتخاطب عواطف البسطاء وتدغدغ مشاعرهم وتستغل معاناتهم بحثاً عن نزق طائش يتم توظيفه لصالح قوى الارتداد عن الوحدة.
ولقد استطاع الحزب خلال الفترة المنصرمة أن يستميل قطاعاً واسعاً من الذين يتعاملون مع الخطاب الإعلامي للحزب بنوايا طيبة وبدأ الجميع ينخدع تحت طائلة الاعتقاد بأن الأزمة التي فجرها الأستاذ علي سالم البيض ناجمة عن إحساس منه بمعاناة الشعب لكنما أدركتنا رحمة اله التي أنطقت سام صالح فكف النقاب عن ما وراء الأكمة وعن الهدف في افتعال الأزمات فليس الخلاف مع رئيس مجلس الرئاسة هو السبب ولا الطلب هي ما يريد الحزب ولكن المشكلة قائمة مع الوحدة.. والحزب مختلف معها والحل في رأي شركائنا هو (إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان).
وذلك ما أذكته مصطلحات الأستاذ البيض عن الحديث عن (توازن المصالح) والمن بـ (تقديم ثلثي الأرض وثلث الشعب).
وذلك ما جسدته أراء الأستاذ سالم صالح بصدد الخيار الفيدرالي.. خيار تمزيق رقعة البلاد حتى يتسنى ابتلاعها من قبل الأعداء.
إن حزباً يقصم ظهر الوطن غير جدير بالحديث عن هموم الشعب ولا بادعاء الوطنية وهو وإن طال به الأمد آيل للسقوط.
الفيدرالية
ومع أن تصريح الأمين العام المساعد لحزب النهوض الحضاري والأممية العصماء حزب الكادحين والشغيلة، حزب التضحيات والشهداء مع أن هذا التصريح قد قطع الشك باليقين ووضع حداً للتخرصات الحسنة مع ذلك وسواه إلا أن جرحاً غائراً أصيبت به ضمائر الخيرين الذين ما فتئوا حتى وقت قريب يلتمسون الأعذار لتصرفات شركائنا ويرددون حكمة العرب القائلة (يدي مني وإن كانت شلاء) لكنهم عقب تصريحات الحزب أدركوا تماماً أن اليد ليست شلاء فحسب ولكنه استوطنها الورم السرطاني الذي مس بالضرر الفادح آلاف الشرفاء الذين انتموا للحزب وعاصروا كل الانتكاسات التي قادت إليها عناصره القيادية وتحملوا الكثير من المشاق وأثقلت كواهلهم الخيانات المتبادلة بين رفاق الدرب الواحد من رموز الحزب التاريخية أحياناً والأسطورية في أحايين مختلة.
إن مواجهة حاسمة لا بد من أن تديرها إرادة الخيرين والغيورين على وحدة الوطن في وجه التيار الانفصالي.
وفي تصورنا أن الخيرين داخل الحزب داخل الحزب وخارجه وفي صفوف الشعب اليمني تماماً كما هم في أحزاب سياسية ومنظمات جماهيرية وهيئات رسمية هؤلاء هم القوة الحقيقة المعنية بوقف زحف الانفصاليين أياً كانوا.
ولا ريب أن الأحاجي التي انطوت عليها بعض العبارات والألفاظ التي روجت لها قيادات الحزب والبيانات والتصريحات السياسية هي اليوم أكثر وضوحاً مما كانت عليه بالأمس.
وندرك أن شركائنا حاولوا منذ قيام الوحدة التشجيع على الفساد ودفعوا باتجاه تكريس واقع المعاناة عند قطاع واسع من أبناء الشعب وحاولوا من خلال المواقع السياسية الهامة التي تبوؤها خلال المرحلة الانتقالية وبذلوا كل ما في وسعهم من جهد لخلق رأي عام مضاد للوحدة بل هم حاولوا أن يخلقوا حالة من الاضطراب والريبة والتذمر لدى أبناء الوطن وكانوا في كل محاولاتهم السابقة يهدفون يهدفون لتشويه مسار الوحدة وإلقاء اللائمة على التوحد وتحميل الديمقراطية كل الأخطاء بحيث يستطيعون توجيه الضربة القاضية على الوحدة مع ضمان حياد الشعب وعدم حماسه في الدفاع عن وحدته.
غير أنهم اكتشفوا عدم فعالية هذا التكتيك وسقطت مناوراتهم فركبوا الموجه مرة أخرى وراحوا يناورون باسم قضايا المجتمع وحين أدركهم الفشل وضاقت بهم السبل وانقطع عنهم بصيص الأمل حينئذ لم يجدوا مخرجاً غير الاعتراف بأنهم مع تمزيق البلاد ووأد وحدة الشعب وتقسيم الوطن إلى كيانات هزيلة تتقاذفها الحروب والثارات وتدمرها الخصومات وفي حالة كهذه يصبح الحزب إبانها نموذجاً آخر لتجربة الصرب في يوغسلافيا.
وبهذا المستوى من التفكير المعتل بل وبهذه النفسية المشوهة شاركنا الحزب خلال المرحلة الانتقالية حتى الآن.
ويوم جلست إلى مجموعة من أبناء المحافظات الجنوبية أستجلي رأيهم وأستمع لمداولاتهم وجدت أن الحزب مجرد كيان مفرغ من مضمون الولاء الوطني، مجرد من العواطف، مشبوب بنزاعات غير إنسانية.
ومن سماعي لآرائهم ألفيت أن أغلب المواقع القيادية البارزة في الدولة تكاد تكون ضمن خارجة صغيرة.
ومن محمل الحديث الذي أصغيت له أحسست أن التيار الانفصالي في الحزب الاشتراكي الحليف يعبر عن مشروع تحالف بين قريتين لا أكثر وسيجمعها التناحر.
بين من أعمته الثروة ببريقها الزائل من يمتلك القوة.
وإذاً قيادة الحزب بإعلانها عن الفدرالية قد عاودها الحنين إلى المجازر الدموية الرهيبة على عادتها وبنفس الدرجة من الشهامة في إراقة الدماء وإزهاق الأرواح.
ويبدوا الحزب في حالته المتعبة التي انتابته مؤخراً وكأ،ه يعتذر عن مشروعه الحضاري المزعوم ويقدم مشروعاً آخر للانفصال وتهديد سلامة الوطن و استقرار الشعب.
ولنا إلى ذلك بقية من حديث.
الصحيفة: الميثاق
العدد: 573
التاريخ: 6/12/1993م

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات