وفي القسم الثالث من الكتاب والمعنون،السياسة والدين،تحاول المؤلفة المقارنة بين حالة الحوزة الناطقة والصامتة لدى الشيعة،بالمؤسسة الدينية الرسمية في السعودية،فهي في رأيها ناطقة وصامتة بنفس الوقت،والحقيقة ان المؤسسة الدينية الرسمية ماهي الا جزء من الدولة وهي التي تمنح الدولة في جميع الاحوال والظروف ما ترغبه من غطاء شرعي لجميع سياساتها،مهما كانت تلك السياسات التي قد تتعارض احيانا مع الكثير من النصوص الدينية،وكانت الطفرة النفطية بعد عام 1973م قد ادى الى اضعاف دور المؤسسة الدينية،حتى جاءت حرب 1991م التي جلبت معها مئات الالاف من الجنود الغربيين،سببا في تحرك بعض اجزاء المؤسسة الدينية معارضا استدعاء القوات الاجنبية الى البلاد،وفي اعتقادي ان المؤسسة الدينية قد نشطت قبل عقد من غزو الكويت وبالتحديد منذ عام 1979م حيث كان انتصار الثورة الايرانية والغزو السوفييتي لافغانستان،حيث كان الحدث الثوري الاول زلزالا تعرضت له المنطقة باعتبار ان ديكتاتورا سقط وعلى ايدي رجال الدين الشيعة الذين يعادونهم من قبل المؤسسة الدينية السعودية باعتبارهم مرتدين يجب استئصالهم،وكذلك الحكم السعودي باعتباره حكما تقليديا معادي للانظمة الثورية بمختلف اتجاهاتها،وبذلك برزت الحاجة للمؤسسة الدينية كي تعلن النفير العام لمحاربة الشيعة دينيا بعد محاربتهم سياسيا وعسكريا على ايدي الانظمة العربية،اما الحدث الافغاني فقد برز الخطر الشيوعي باعتباره فكرا الحاديا معادي للانظمة التقليدية،فكان اعلان بدء الجهاد وعلى مختلف الاصعدة وبأمكانات الدولة المادية الهائلة وبدعم غربي كامل.ورغم انتهاء حرب الخليج عام 1991م بسرعة الا ان آثارها استمرت وخاصة على الجانب الديني،مما ادى الى انشقاقات كبيرة في المؤسسة الدينية وتمرد عدد كبير من الرموز واتباعهم على السلطتين السياسية والدينية الموالية لها،ومازال الصراع والتمرد مستمر لحد الان،وكجزء من بروز التيار الجهادي العالمي وخاصة التكفيري المتطرف الذي هيمن على الساحة الاسلامية خاصة بعد بروز حركة طالبان الارهابية المتخلفة في افغانستان.
في الفصل الحادي عشر عن ضرورة تغيير الواقع قبل تغيير ثقافة الارهاب،تستعرض المؤلفة الخطاب الاعلامي للدولة وخاصة في تصوريها العنف في البلاد بانه ارهاب ودمار للمجتمع وتقويض للوحدة الوطنية وبالتالي فأن الافضل هو العيش تحت ظل الاسرة الحاكمة باعتبارها صمام الامان للجميع،وتعارض المؤلفة هذا النهج بقولها ان الثقافة باطيافها كافة وليدة واقع وليس العكس،كما انها تنمو وتترعرع بطريقة تعكس بيئة معينة ذات صفات اجتماعية وسياسية خاصة بها،وبذلك ان الواقع هو الذي يخلق الثقافة وليس العكس كما تزعم الدولة،ان ثقافة الارهاب ناتجة بالاضافة الى النهج الديني المتطرف،يعود في اغلبه الى حالة الازدواجية التي تمارسها الدولة السعودية،فمن ناحية تدعي مناصرة قضايا الاسلام والمسلمين وتفتخر بصرفها وكرمها على مثل هذه القضايا،ولكن في الجانب الاخر تتبنى سياسة موافقة على مشاريع الخارج التي ينظر اليها على انها معادية للمسلمين فهي على سبيل المثال تسخر كل طاقاتها وثقلها الديني والسياسي والاقتصادي لخدمة مصالح الولايات المتحدة في جميع انحاء العالم،وتذكر ان الفجوة بين السياسة المعلنة والخفية اتسعت وفي الماضي كان من الصعب اكتشاف هذه الازدواجية وفضح التناقض،وفي الحقيقة ان السياسة السعودية معروفة للجميع منذ ايام لقاء الباخرة عام 1943م بين الملك عبدالعزيز والرئيس الامريكي روزفلت،وبالتالي ان التحالف القائم بين الدولتين غير خافي على احد فالسعودية محمية من قبل امريكا ومقابل ذلك فان السعودية تخدم المصالح الامريكية من جميع النواحي،وبالتالي فان الازدواجية في السياسة السعودية ليست خافية على الجميع،ولم تقف السعودية موقف معادي لامريكا لانها المدافع الاول عنها،اما انه يصعب التعتيم الان فلكون الثورة التكنولوجية الحديثة وخاصة في الاعلام والاتصالات جعلت من الصعب على الحكومة السعودية التغطية على ذلك في الداخل اما الخارج فهو مطلع على خفايا تلك العلاقة القوية بين الدولتين،ورغم ضخامة الاعلام السعودي سواء في الداخل والخارج،ومحاولته التغطية على تلك العلاقة الا ان التحالف القائم بين الدولتين هو استراتيجي طويل الامد لا تقف بوجهه قوة او ثقافة تستطيع تغييره وبالتالي ان المعادين للغرب عموما وامريكا واسرائيل خصوصا سوف يكونوا بشكل طبيعي معادين للسعودية،واي خلاف في ذلك فأن تبريره يكون صعبا للغاية،ومعروف عن السعودية خدمة المصالح الغربية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية باتباعها سياسة نفطية تخدم بالدرجة الاولى الاقتصاد الغربي كما تشتري كميات كبيرة من السلع والمنتجات الغربية وخاصة العسكرية منها،رغم عدم قدرتها على استخدام تلك الاسلحة والدفاع عن امنها الداخلي والخارجي،بالاضافة الى الاستثمارت الضخمة في الاقتصاد الغربي والايداعات المالية في البنوك الغربية لتحريك الاقتصاد الغربي وتنشيطه على حساب المصلحة الوطنية والاسلامية.وفي باب آخر للازدواجية والتناقض تذكر المؤلفة ماتتمتع به العمالة الغربية من امتيازات ضخمة تتناقض مع الواقع السعودي المحلي،خاصة معيشتها في اماكن مرفهة وتحصل على اجور عالية،في ظل وجود بطالة عالية داخل المملكة.
ولتغيير الواقع يجب القضاء على حالة الازدواجية في الجانب الديني والسياسي والاقتصادي،لان الازدواجية هي التي تولد التطرف والعنف ولا سبيل للقضاء على ذلك الا بالانفتاح والعدالة والمساواة والقضاء على الازدواجية بين السياسة الدعائية والواقع المعلن.
في الفصل الثاني عشر تجيب المؤلفة عن سؤال مطروح هو لماذا تقيد امريكا والسعودية الجمعيات الخيرية الاسلامية،وتبدأ الاجابة بتفنيد الاعتقاد السائد بأن هناك ترابط بين العمل الخيري الاسلامي والارهاب خاصة من ناحية تمويل الارهابيين والذين يوجهون عملياتهم نحو الغرب،ورغم انه ليس هنالك اي ادلة على الدعم المزعوم الا انه بالتاكيد انه قد حصلت خروقات في هذا المجال خاصة في ظل تشعب السوق المالية العالمية،وطبعا يستغل المتطرفين وجود الجمعيات الخيرية او يقوموا بتأسيس جمعيات مزيفة يقوموا من خلالها بنقل الاموال وغيرها،الا ان المؤلفة تشير الى انه ليس هنالك محاكمات علنية لاثبات مسؤولية الجمعيات الخيرية،وتشرح بقولها ان امريكا تحارب العمل الخيري الاسلامي لانه يقوم على خلق اتصال مع الطبقات الشعبية المسلمة في مختلف انحاء العالم الاسلامي بالاضافة الى الجاليات المسلمة الموجودة في الغرب وبالتاكيد يخلق العمل الخيري وعيا ولحمة بين المسلمين على اختلاف اعراقهم واجناسهم،وقد جاء هذا العمل بعد ان كانت معظم الاعمال الخيرية الكبرى في العالم تدار من قبل الدول الغنية وخصوصا اوروبا وامريكا وخاصة المرتبطة بالنشاط التبشيري،ولطالما استخدمت تلك الدول المساعدات الاقتصادية كوسيلة للضغط على الدول الفقيرة لتغيير سياساتها بما يتلائم مع سياسات الدول الكبرى وبذلك اصبح العون الاقتصادي ذراعا للسياسة الامريكية الخارجية،وهي جزء من سياسة الترهيب والترغيب،وباستمرار عمل الجمعيات الاسلامية فأن نفوذ العالم الغربي يضعف كثيرا وخاصة في مجال السياسة والتبشير،وكجزء من عمل الحكومة السعودية للترويج لسياساتها ودعما لنفوذها في الداخل والخارج فقد سخرت العمل الخيري ودعمته بقوة وكذلك في التبشير للفكر الديني المتشدد السائد في السعودية،وهي تشبه في ذلك السياسة الغربية،وقد كان الطموح السعودي لقيادة العالم الاسلامي لا يواجه اي منافسة تذكر لغاية عام 1979م فبعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران،ازدادت المنافسة مع ايران الطامحة لقيادة العالم الاسلامي والتي بدورها تدعم العمل الخيري الاسلامي الا انه ليس بحجم ضخامة الاموال السعودية او التسهيلات المقدمة للسعودية بحكم علاقاتها الوثيقة مع الغرب،الا ان العمل الخيري السعودي لم ينجح في كسب الولاء المتوقع بل على العكس ادى الى نتائج سلبية خاصة ضد السياسة السعودية الموالية للغرب،وقد بدأ الانقلاب لدى الجاليات المسلمة في الغرب بعد صمت السعودية تجاه قضية سلمان رشدي عام1989م ثم ازداد بعد حرب الخليج الثانية واستدعاء القوات الغربية في الجزيرة العربية فبدأ الشعور المعادي للسعودية بالانتشار حتى احداث سبتمبر2001م حيث اتهم الجميع من جاليات مسلمة الى حكومات غربية،الاسلام السعودي بأنه المسبب الرئيسي للاحداث كون غالبية المشتركين هم سعوديون ويحملون الفكر التكفيري المتشدد،وقد استجابت السعودية للمطاليب الامريكية بتقييد العمل الخيري الشعبي واقتصاره على العمل الخيري الحكومي،بعد ان ارتبطت مصالح الطرفين في تلك المسألة بعد ان وجد الجميع ان العمل الخيري المسيس يؤدي الى نتائج عكسية تكون عاقبتها شرا على من روجها.
وفي القسم الرابع المسمى متاهات العنف تذكر المؤلفة حوادث العنف واسبابها في مدينة ينبع مثلا وظاهرة قتل الاجانب اخذت بالانتشار في الداخل كتعبير عن روح الانتقام لزملائهم في خارج المملكة وقد سببت تلك الحوادث اضرارا بالغة سواء بسمعة البلاد او هروب المستثمرين والمقيمين ممن تحتاج اليهم البلاد،او عن توبة بعض شيوخ التكفيريين في السجون الا ان التائبين من الشيوخ تذكر عددهم ثلاثة فقط!ومحتمل الان يكون العدد اكبر ومن الافراد العاديين ربما اكبر بكثير،كون تغيير هؤلاء بالحوار والترغيب والترهيب يؤدي الى نتائج ملموسة،ومن الطبيعي ان الكثير من المساجين يرغبون بمغادرة السجون ولذلك يكون البعض منهم غير تائب ولكن لايرغب بالعودة الى العنف بسبب قوة الدولة او يغادر البلاد في اقرب فرصة،والحلول المطروحة لحل مشكلة التطرف الديني كثيرة منها حل مشكلة البطالة لدى فئة الشباب وايضا تغيير مناهج التدريس التي تشجع على الكره وعدم قبول الاخر واحلال مناهج الوسطية في كل شيء.
وفي الفصل السادس عشر وتحت عنوان،امريكا تفشل في لعبة القبائل في الخليج والجزيرة،تبدأ حديثها عن دعوات واشنطن للمجتمع الاكاديمي الى حل لغز العلاقة بين القبائل والاسلاميين وبخاصة التيار الجهادي،وتعدد اسباب ذلك،ان اهتمام امريكا بدأ بعد احداث سبتمبر2001م كون غالبية خاطفي الطائرات من قبائل الجنوب السعودي قرب الحدود مع اليمن،وهي مناطق ما تزال مهمشه،والسبب الاخر هو قبائل افغانستان وقتالها للقوات الغربية،والسبب الثالث هو قبائل المثلث السني في العراق،والسبب الرابع هو تصاريح شركة فينيل التي تسلح الحرس الوطني السعودي حيث اتهمتهم الشركة بمعرفة تفاصيل تفجير احد المجمعات السكنية في الرياض في آيار2003م.بالنسبة للسبب الاول قد يكون الفقر والتهميش او المصادفة قد جمعا جزء من الخاطفين في عملية تحتاج الى السرية وبالتالي يتعذر البحث في مناطق اخرى كون العدد لايتجاوز15 يعني ان المتطرفين منتشرين في جميع انحاء المملكة ولكن للتهميش دور كبير في تزايد اعدادهم،اما في النقطة الثانية عن قبائل الباشتون فهي تشكل مايقارب نصف سكان افغانستان وبالتالي يكون غالبية المقاومة المسلحة منهم كون عناصر طالبان ينتسبون في الغالب اليهم وبالتالي تشكل معرفة القبائل اهمية لكون بعضها معارض لا لكون القبائل هي المعارضة لان غالبية انتماءات الافغان هي للقبائل والكثير من سكان المدن يقاتلون،والكثير من القبائل في افغانستان هي موالية للسلطة او بعضها يحارب من اجل الاستحواذ على النفوذ والسلطة في انحاء البلاد المترامية.
السبب الثالث وهو الرأي الغالب لدى الكتاب العرب ومنهم المؤلفة كون المقاومة السنية في وسط العراق بتكويناتها القبلية فاجأت الامريكان بشدة المقاومة وكون المعلومات مغلوطة الى غير ذلك من الاستنتاجات الخاطئة لدى المؤلفة او من يأخذون بنفس رأيها،فالاحداث التي تلت صدور هذا الكتاب اي منذ بداية2007م اثبتت خطأ تلك الآراء فالقبائل السنية هي التي تصدت للمتطرفين السنة من القاعدة والبعثيين وغيرهم من المنظمات الارهابية لان اساس العنف هو فقدان الاقلية السنية لاحتكارها السلطة منذ تاسيس الحكم عام1921م وامتلاكهم للاسلحة والمال ودعم الدول العربية مكنهم من القتال واستدعاء المتطرفين التكفيريين من خارج العراق،ولم يتصدى الجيش الامريكي بقسوة تعادل قسوة الجيوش العربية مع التمردات المسلحة،كذلك لم يسمحوا للمتضررين الرئيسيين من العنف وهم الشيعة والاكراد وبقية الطوائف من التصدي بحزم للمتمردين السنة خوفا من الحرب الاهلية وتقسيم العراق او مشاركة الدول العربية في دعم السنة،كذلك ساعد في استمرار العنف التهاون الواضح من قبل مليشيات الاحزاب الشيعية في الدفاع عن المناطق الشيعية والتي كانت في حالة صراع داخلي ايضا فيما بينها،يضاف الى ذلك عدم وجود صلاحيات واسعة للحكومات العراقية المتعاقبة والضعف الواضح لدى قادتها في ادارة الدولة،كل ذلك ادى الى استمرارالعنف لفترة تزيد عن اربع سنوات الى ان جاءت الفرصة الملائمة للقبائل السنية التي تضررت كثيرا من استمرار العنف وفقدان النفوذ داخل الحكم الجديد،ادى الى انقلابها على الارهابيين بعد ان ثبت ضررهم على العراق وشعبه،وبالتالي ان منح القبائل المال والسلاح لمقاتلة المتطرفين هو ممكن بالاضافة الى تحسين ظروف معيشة افراد تلك القبائل وايجاد مختلف الوظائف لهم هو السلاح الرئيسي للقضاء على التطرف وايجاد الوسائل الشرعية الملائمة لدمج المحاربين السابقين.
في الفصل السابع عشر وهو اكبر الفصول في الكتاب والمعنون:هل تسمع الرياض أنين اطفال العراق؟والعنوان لا يدل على موضوع الفصل بتاتا!تبدأ الحديث عن قولها ان جملة من الاكاذيب كشفتها ما تدعوه المؤلفة بالمقاومة وخاصة في مدينة الفلوجة وبأن الاكذوبة الاولى هي الادعاء ان المقاومة يديرها قتلة وقطاع طرق جاؤوا من الخارج،وراي المؤلفة في هذا الفصل هو رأي غالبية الكتاب العرب في معارضتهم للغزو الامريكي وبلدانهم جميعها تقريبا هي تحت الغزو الامريكي الظاهر والمبطن!ان مقاومة الفلوجة والمناطق الاخرى هي معروفة لجميع العراقيين ولذلك نبذها غالبية العراقيين كونها اسوأ من مجموعة من القتلة وقطاع الطرق،ان العصابات الاجرامية التي قادت التمرد لعدة سنين تتكون من مجموعتين رئيسيتين هما اتباع وبقايا النظام البعثي السابق والذين فقدوا جميع الامتيازات والسلطة في فترة قصيرة،لا بل اصبحوا مطاردين من غالبية الشعب العراقي كونهم المسؤولين الرئيسيين عن جميع الجرائم التي وقعت في العراق منذ 9 شباط 1963 -الى 9 نيسان2003م ونظرا لطبيعة النظام الطائفية والعنصرية كون غالبية افراد السلطة ينتسبون لطائفة السنة العرب فمن الطبيعي هم الذين يقاومون التغيير الذي حدث في العراق وايضا مقاومتهم تكون في مناطقهم التي يشكلون الاغلبية فيها،اما بقية المناطق الاخرى التي يتواجدون فيها فقد مارسوا الاجرام بابشع صوره المعروفة،اما المجموعة الاخرى فهي المقاتلين الاجانب والذين يشكل العرب نسبة الاغلبية فيها كون العراق بلد ذو اغلبية عربية ومجاور لبلدان عربية اخرى تسهل مرور ارهابيها عن طريق الحدود،وطبعا جميع هؤلاء الاجانب من السنة المتعصبين الحاقدين على بقية طوائف العراق وخاصة الشيعة،وقد شكل الطرفان جبهة موحدة مارست ابشع انواع القتل والتدمير دون ان تتحرك الطوائف الاخرى لايقافهم حتى بدأت مقاومتهم بعد تفجير سامراء في2222006م وعندها فقد هؤلاء مناطق كثيرة تواجدوا فيها،ثم جاء التناحر الداخلي بين تلك العصابات الاجرامية الذي سبب الكوارث لمن آوهم من السنة فجاءت الصحوات العشائرية لتعيد الطائفة السنية الى احضان العراق وطوائفه الاخرى بعد ابتعادها لسنين طويلة سواء في حالة الحكم او في حالة التمرد. وفي عناوين اخرى شرحت المؤلفة الخلفية التاريخية لموقف السعودية سواء من الحرب على العراق او الجوار العسر بين الجانبين،وقد اعترفت بدعم السعودية الكبير للنظام العراقي ابان الحرب مع ايران،وهو نتيجة لدفع صدام لشن الحرب نيابة عن دول الخليج والغرب ضد ثورة ايران الفتية ولاسباب متعددة منها الخوف من تلك الثورة واضرار امتدادها والعداء الاعمى للمذهب الشيعي،وقد اعترفت بتعاطف السعودية مع المعارضين السنة العراقيين ورفضها التعاون مع المعارضين الاخرين وكذلك رفض قبول اللاجئين الذين يشكل الشيعة الغالبية منهم،وقد جاء غزو الكويت عام 1990م لينهي التحالف المؤقت بين النظامين ونتيجة فعلية لسياسة اشعال الحروب بين الدول الاخرى والعيش الرغيد على مصائب الاخرين،ويجب ملاحظة ان كل ازمة عربية او شرق اوسطية تكون الفائدة العظمى للنظام السعودي من جراء ارتفاع اسعار النفط وضعف الاخرين اقتصاديا وعسكريا وسياسيا،وكانت حرب الخليج رغم فوائدها المادية الا انها مكلفة جدا للانظمة الخليجية وخاصة السعودية واكلت كل زيادة في اسعار النفط،بالاضافة الى اشتعال التمرد الديني المتطرف الذي مازال مستمرا في داخل وخارج السعودية،وبعد عام 2001م وبعد فوز بوش الابن برئاسة الجمهورية بدأ الخوف من ان ينتقم من النظام العراقي الذي هو رغم كل العداء مع السعودية يبقى الاقرب اليها كونه نظاما سنيا اضعف العراق كثيرا وجعل السعودية هي المستفيد الاكبر من وجوده و خاصة في مجال النفط بعد ان فقد العراق منذ عام 1980م حصته التصديرية من النفط لصالح السعودية كذلك عداءه الدائم لايران وشيعة العراق،فبدأت بفتح الحدود بين الدولتين واعادة تأهيل النظام دون ادنى اعتبار لمشاعر وآلآم الشعب العراقي،والخوف من سيطرة الشيعة والاكراد على الحكم في حالة اندلاع الحرب،كذلك السعي الدائم مع بقية انظمة الاجرام العربية لدى الادارة الامريكية لتغيير هدفها المعلن بالاطاحة بنظام صدام الديكتاتوري،فخاب سعيهم وفقدوا من باع وطنه لهم الى الابد.
ولذلك كان الموقف السعودي الدائم ضد الحرب وطبعا ليس الخوف على الشعب العراقي وهم من دعموا قتلته على مدار السنين السابقة،الا ان السعودية ليست لديها القدرة على التأثير في الجانب الامريكي خاصة بعد احداث سبتمبر،كما انها ظلت متوهمة ان امريكا لن تسقط صدام(وكلنا يتذكر مقولة الملك عبد الله المضحكة بقوله ان قلبه يقول له انه ليس هناك حرب!) والان بعد سقوط النظام بقي الموقف السعودي من حالة العداء مع جميع الحكومات العراقية المتعاقبة كون ان السنة فيها يمثلون بحجمهم الطبيعي او اكثر قليلا وكذلك كون تلك الحكومات لا ترضى بيع العراق لبقية الدول العربية،بل جعلت مصلحة العراق فوق كل شيء رغم حالات الفلتان الامني والفساد الناتج من الحروب واقامة حكومات جديدة منتخبة،بالاضافة الى محاولة العراق استثمار نفطه مما يسبب فقدان السعودية لنفوذها في السوق الدولية بالتعاون مع بعض البلدان المعارضة لسياسة السعودية النفطية الموالية للغرب على حساب مصلحتها الوطنية.وحول موقف المجتمع السعودي من الحرب فهو لا يختلف عن موقف الشعوب العربية،فهو ناتج من حالة العداء الدائم للولايات المتحدة نتيجة لسياستها في دعم اسرائيل الدائم وفي نفس الوقت تتحالف انظمة تلك الدول مع امريكا وتعيش شعوب تلك الدول على مساعداتها الاقتصادية او تسمح بالاستثمار في امريكا او تقليد الحياة الامريكية!! وهو تناقض مفضوح لانظمة وشعوب العالم العربي،بالاضافة الى حالة العداء الطائفي والعنصري لطبيعة الشعب العراقي المختلفة الى حد بعيد عن تكوين الشعوب العربية الاخرى من ناحية كون السنة فيها الاغلبية الساحقة،وقد ترجم رفض المجتمع السعودي للحرب باشتراك المتطرفين التكفيريين في التمرد السني وقيامهم بابشع الجرائم واكثرها ضررا للشعب العراقي الذي اصبحت لديه كراهية قوية لكل ما هو عربي وخاصة السعودي منهم خاصة بعد انتشار فتاوى الجهاد والتكفير من قبل المؤسسة الدينية في السعودية وكذلك خوف النظام السعودي من التغيير في العراق كونه داعما قويا للتغيير في داخل السعودية،وقد جاءت التوقعات متطابقة فحالة عدم الاستقرار الامنى انتقلت الى داخل السعودية وخاصة حالات التفجير والاختطاف،وتقوية المطالب باحداث اصلاح داخلي وتقوية وضع السكان الشيعة وازدياد المطالب بضمان الحرية الدينية والحقوق المتساوية،فجاءت مطالبات الليبراليون والاسلاميون وشيعة السعودية متقاربة في التوقيت والنوعية وهي نتيجة طبيعية لحالة التغيير الكبرى في المنطقة بعد زوال اعتى نظام ديكتاتوري في المنطقة مما ادى الى خوف الانظمة العربية على مستقبلها وتشجع النخب المثقفة في طرح مطاليبها الاصلاحية بعد ان وجدت ان الظرف الدولي يساعد ويشجع على ذلك،الا ان العنف المتزايد في العراق والمشكلات الاخرى في الشرق الاوسط جعل التوجه الدولي اقل اندفاعا مما كان بين الفترة بين 2001-2003 ولكن يبقى الامل في التغيير هاجس الشعوب المستضعفة والمحرومة مهما كانت الظروف الدولية ومهما كانت قسوة النظم المستبدة وتفننها في اذلال شعوبها بغية البقاء لاطول فترة في الحكم.
وفي الفصل الثامن عشر وضعت المؤلفة تسعة نقاط مشتركة بين امريكا والسعودية،وكانت المبادرة السعودية لارسال قوات عربية واسلامية للحلول محل القوات الغربية في العراق بعد تفشي الفوضى وانعدام الامن هناك قد فشلت بسبب الرفض العراقي من غالبية اطياف الشعب العراقي لكون تلك القوات سوف تساعد فئة وهم السنة وايضا تدعم انشاء حكم ديكتاتوري جديد في العراق،وكذلك رفض الدول المجاورة للعراق ودول العالم الغربي ايضا،وبعد الرفض المشترك لم تجروء السعودية على طرحها مرة اخرى،وفي رأي المؤلفة ان النظامين في امريكا والسعودية نشأ في عزلة عن العالم لفترة طويلة ولم تكسر تلك العزلة الا بعد ضغط مصالح الشركات في الاولى وفي الثانية بعد الطفرة النفطية الاولى وانفتاح المجال امامها بعد ضعف دول المنطقة الرئيسية(مصر والعراق وسوريا وايران وتركيا) وانشغالها بالحروب والتمردات المسلحة والاضطرابات والازمات الاقتصادية،ولم يخرج النظامان من العزلة الا بمقولات وايديولوجيات مبطنة حسب تعبيرها،حقوق الانسان ونشر الديمقراطية في الاولى،وخدمة الاسلام والمسلمين وزعامة الامة الاسلامية في الثانية،والتغلغل بنفس الطريقة اي عن طريق رأس المال وتشعباته الدولية.
يشترك النظامين في كونهما قائمين على الايدي العاملة المهاجرة وهي صحيحة الى حد كبير وخاصة في مجال الاستغلال،رغم تحسن ظروف عمال المهاجرين في امريكا في الوقت الراهن.وفي نقطة اخرى يستغل النظامين الدول الضعيفة كالتي تعاني من الفقر والازمات السياسية ولايجرؤان على مواجهة انظمة قوية تمتلك قوة موازية او كبيرة،وهذا ينطبق بصورة كبيرة على السعودية التي لا تستطيع مواجهة دول كثيرة في المنطقة عسكريا رغم ضخامة انفاقها الدفاعي،فهي ضعيفة جدا في مواجهة دول مثل ايران والعراق وسوريا ومصر وحتى دول ضعيفة مثل اليمن،ولذلك فهي تلجأ دائما لطرف ثالث في سبيل اضعاف كل الانظمة المنافسة لها وقد يكون الطرف الثالث القوى الغربية او النظام البعثي في العراق ولذلك فأن الكثير من النزاعات الساخنة في المنطقة نجد للسعودية يد فيها او على الاقل مشاركة فيها خدمة لمصالحها الخاصة.
من النقاط الهامة المذكورة هي اعتماد النظامين على الخطاب الديني من اجل تحقيق مكاسب سياسية،واعتمادهما على الاعلام لترويج نفوذهما،فالولايات المتحدة تمتلك من وسائل الاعلام مالاتملكه اي دولة في العالم ومنذ فترة طويلة بينما تملك السعودية امبراطورية اعلامية ضخمة في داخل وخارج العالم العربي وفي امريكا تكون غالبية وسائل اعلامها في الداخل،بينما العكس في السعودية بسبب طبيعة النظام وبنية المجتمع المتشددة والقبلية وكذلك الانتشار في الخارج يؤدي الى مشاركة كثيرين في الجهاز الاعلامي ويصل الى اكبر عدد من السكان.
وفي القسم السادس والاخير والمسمى الاستبداد والمرأة ويتكون من فصلين صغيرين من تسعة صفحات،اعتبره غير كافيا بالغرض ولا يتضمن شرحا وافية للمشاكل التي تعاني منها المرأة السعودية،وفي الحقيقة ان السعودية من اكثر دول العالم تخلفا في اعطاء الحقوق للمرأة ومازالت الدولة الوحيدة التي تمنع سياقة السيارة لاسباب في غاية التفاهة ورغم تطور التعليم الكمي وليس النوعي حيث جميع دول العالم العربي يعاني من تردي نوعية التعليم،الا اننا نلاحظ ضعف مشاركة المرأة في سوق العمل(5%) وكذلك في المناصب العليا في الدولة وهو في الحقيقة يعود الى الدولة والمجتمع القبلي الغالب في السعودية،وفي رأي المؤلفة يعود الى عدة عوامل منها الاحادية السياسية وتعني بها انعدام المشاركة الشعبية في الحكم في جميع الدول العربية وهو يؤدي الى احتكار العنصر الذكوري في قيادة الدولة والمجتمع.
العامل الثاني هو تواجد اعداد كبيرة من العمالة الاجنبية وهي في غالبيتها عنصر ذكوري،وتمتاز بسهولة الاستخدام ورخصها مما يجعل من الصعب على المرأة منافسة العمالة الاجنبية،وفي فصل اخر تثير قضية تجنيد النساء السعوديات للعمل في اجهزة الدولة الامنية وخاصة في المجتمع الانثوي،وهي بالتأكيد خطوة لتثبيت النظام وقد سبقتها في ذلك انظمة الحكم العربية الاخرى دون ان تؤدي الى تطوير وضع المرأة اقتصاديا او معنويا،بل انها تزيد من المشكلات القائمة اساسا.
ان المراة السعودية وزميلاتها العربيات تواجه مشكلة البطالة بصورة كبيرة خاصة ان غالبية الخريجات لا يجدن اي معونة من قبل حكوماتهن او مجتمعاتهن مما يجعلهن يقعن فريسة لليأس والقهر والحرمان،وبما ان غالبية الدول العربية تسيطر على اقتصادياتها القطاع العام فأن مسؤولية الدولة تكون اكبر تجاه خلق فرص العمل والمساواة للمرأة،ويخطأ من يظن ان مجالات المرأة محدودة،بل العكس هناك مجالات كثيرة ومن الضروري تقييد فرص العمالة للاجنبي في مجالات عمل المرأة مثل التعليم والصحة والادارة بل هناك الكثير من القطاعات الانتاجية التي لاتحتاج الى قوة جسدية فوق طاقة المرأة،بالاضافة الى تشجيع منح المرأة اجازات طويلة الامد لخدمة اسرهن والسماح لهن الرجوع بدون معوقات تذكر،ان الحديث عن معاناة المرأة طويل وهناك الكثير من الدراسات والحلول لكن تبقى المشكلة الاعظم وهي عدم تطبيق الحلول او تجاهل المشاكل.
الخلاصة:
كتاب مأزق الاصلاح في السعودية للدكتورة مضاوي الرشيد،كتاب قيم يستحق القراءة والتعليق وهو نتاج امرأة اكاديمية مثقفة تعيش في العالم الغربي،وتتبع احدث الطرق العلمية في طرح المشاكل والحلول ويبقى اثر وتاريخ عائلتها المعارض للحكم السعودي ظاهرا في كتاباتها الا ان ذلك لا يمنع الجميع من متابعة نتاجها العلمي وهي تعطي صورة حسنة للمرأة العربية كونها مثالا للجد والاجتهاد في الدراسة والعمل ومثالا للتحرر الفكري والسياسي ونموذجا يحتذى به في العالم العربي يضاف الى امثلة عديدة من الوجوه النسائية البارزة في مختلف فروع العلم والمعرفة والسياسة والاقتصاد،وتبقى المشكلة الكبيرة في جهل الكثيرين في العالم العربي وخاصة النساء لتلك الوجوه البارزة وخاصة التي تعيش بعيدة عن اوطانها وتعاني من سياسة الحصار الفكري والسياسي الناتجة من المعارضة المستمرة للانظمة الحاكمة،ويبقى التقدير الكبير لدور تلك الرائدات ومنهن الدكتورة الرشيد في قلوب وعقول النخب المثقفة والباحثين عن العدل والحرية والمساواة.
التعليقات (0)