قرأت لك
مختصر وتحليل وتعليق ونقد للكتاب
في سبيل موسوعة معرفية مختصرة
(2)
مقدمة لابد منها:
عند عرض كتاب ما وكتابة مختصر عنه بالاضافة الى شرح وتعليق ونقد له،يحتاج الى مقدرة خاصة تحتاج الى الكثير من الجهد والوقت والصبر لكي يكون العرض في كامل جودته حتى يستطيع القارئ من مختلف الطبقات الثقافية والاجتماعية فهمه على اكمل وجه للاستفادة القصوى منه،وبدون ذلك لا يكون العرض كاملا ولا يرجى منه الفائدة اذا كان قاصرا على عرض متن الكتاب بدون البحث والاستقصاء عن المؤلف وفي الغالب لا تحتوي الكتب على سيرة كتابها ففي سيرة الكاتب وانتمائه القومي والعرقي والديني والمذهبي والاجتماعي،مادة دسمه وذلك لاسباب ودوافع وأغراض تأليف الكتاب،واحيانا من الصعوبة ايجاد المادة المطلوبة عن سيرة الكاتب اذا كان من النوع غير المشهور لانه احيانا كثيرة نجد كتب في غاية الاهمية ولكن لكتاب غير مشهورين والعكس صحيح ايضا فلدى الكثير من المشاهير مؤلفات في غاية التفاهة أوفي مستوى هابط ولكن للشهرة اهمية بالغة في التغطية على ذلك واحيانا تكون الشهرة غير علمية او ادبية كمثل شهرة بعض القادة السياسيين والعسكريين الذين لا يعيرون اهمية تذكر للثقافة وبالتالي يكون الحكم هو المستوى الثقافي للقارئ لكون وسائل الاعلام مسيرة ومسخرة لخدمة هؤلاء والتغطية على واقعهم الثقافي الضحل.
القراءة المتأنية للكتاب وفهمه الكامل او على الاقل مستوى عال من الفهم ضرورة هامة لطرحه وشرحه ولبيان جودته او تناقضه،كذلك معرفة مصدر الطباعة والغرض من طباعته ونشره من الامور الهامة لفهم الكتاب والكاتب فمن الدعم المالي يمكن معرفة الكثير من الدوافع،فهناك الكثير من الكتب غرضها تحريضي او تطرح اكاذيب وامور غير صحيحة على الجمهور ورغم انتشار وسائل الاعلام بمختلف اتجاهاتها وتطور التكنولوجيا الحديثة في طرق نشر المعلومات الا ان الكثير من الكتاب ووسائل الاعلام مازالت تمارس اقذر الادوار في غسل عقول البشر بل البعض ينشر الكذب الواضح بمنتهى الوقاحة دون ادنى خجل من ضميره او مجتمعه ولمختلف الاغراض والاهداف والتي يكون البعض منها شريفا!لكن الكذب وتشويه الوقائع والحوادث تبقى للابد من الوسائل غير المشروعة وتشوه اهدافها مهما كانت فالحقيقة تظهر في النهاية ناصعة البياض تاخذ مكانها في التأريخ والمجتمع بعكس الاكاذيب والافتراءات فانها في مزبلة التأريخ.
ضرورة امتلاك مستوى عال من المعرفة في مختلف الاتجاهات ضرورة هامة لفهم الكتاب ومؤلفه حتى يتيسر طرحه ولكن تبقى مشكلة الاختصار فالكثير من فصول الكتاب وتفاصيل الوقائع فيه تبقى مهمة للغاية وبالتالي يكون من الضروري على القارئ عند شعوره بميل لمعرفة التفاصيل البحث عن طرق للحصول على الكتاب او حتى المزيد من المعلومات حول الموضوع حتى يستطيع فهم الكثير من الامور التي قد تكون خافية عليه مما يجعل له رأي حول مختلف القضايا وخاصة التي تتعلق بحياته الشخصية أو على الاقل رفع مستوى الوعي الثقافي مما يجعل الكثير من الحقائق والاكاذيب واضحة لديه ويستطيع بسهولة التمييز بينها،ففي الوعي يمكن الوصول الى الحد الادنى مما وصلت اليه الامم المتقدمة.
الكتاب الثاني
بن لادن بلا قناع
تأليف احمد زيدان
كتاب:بن لادن بلا قناع،لقاءات حظرت نشرها طالبان-تاليف احمد موفق زيدان مراسل قناة الجزيرة وصحيفة الحياة.
الكتاب يتألف من215 ص من القطع المتوسط وفي يديه طبعة 2003 بيروت-لبنان اما نوعية الورق المستخدم فهي من النوع الرخيص . من اسم الكتاب ومتنه يظهر الكاتب رؤيته الموالية لابن لادن ولكي يمحو ذلك بطريقة مثيرة للسخرية والاستهزاء وايضا لكي يسهل عليه دخوله الى الاسواق العربية،كتب تحت عنوان الكتاب عبارة(لقاءات حظرت نشرها طالبان)حتى يصور الامر بان تلك اللقاءات معادية لتلك الحركة او لا تنسجم مع خط تلك الحركة المتخلفة والهمجية مع العلم ان بين الكاتب وطالبان والقاعدة من المعرفة والصداقة والمودة ما لا تخفى على احد.الكتاب مؤلف في عام 2002م ومعلوماته لغاية هذا التاريخ ويتضمن لقاءات مع اعضاء الحركة والقاعدة قبل ذلك التاريخ وهي في الحقيقة رأي الكاتب حولهما وليست لقاءات بين مراسل يقتضي عمله الحيادية في بلاد غريبة عنه وخاصة تجاه حركة ومنظمة قامتا بحجة الجهاد المزعوم بالكثير من المجازر والجرائم البشعة مما يشوه وجوه القائمين والداعمين لهما على مر التاريخ .
المؤلف في سطور:
سيرته الوحيدة موجودة على موقع قناة الجزيرة التي يعمل بها منذ عام 2000م وهو سوري الجنسية من مواليد 1963م وقد عمل مراسلا لفترة طويلة من الزمن لعدد من الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية مما يرجح كونه خارج سوريا منذ اكثر من عشرين عاما خاصة وانه يحمل فكرا سلفيا وطائفيا متعصبا كذلك معارضته لنظام بلاده العلماني واضحة مما يجعل عودته الى بلده صعبة وعلى الاقل في المرحلة الراهنة،وله مدونة في الانترنت تحمل اسمه وبصماته الطائفية المتعصبة وتأييده للارهاب بحجة الجهاد واضحة للعيان . يسكن مع عائلته ويعمل مراسلا في باكستان وايضا افغانستان المجاورة لها .
من خلال مسيرة الكتاب يبدأ الشك بالتحول الى يقين حول مراسلي قناة الجزيرة ومدى علاقتهم بالحركات المتطرفة مما يؤيد الرأي الداعي الى ربط هذه القناة المبتعدة عن الحيادية بالتطرف الديني،والسني تحديدا وكذلك القومي المتعصب،لان تلك القناة درجت على مبدأ الاثارة لجلب اكبر عدد من المشاهدين وابقاء الاضواء حولها دون التزام بمبدأ الحيادية في التعاطي الاعلامي مع الكثير من القضايا في منطقة ملتهبة المشاعر والمواقف والاعمال،مما يساعد على اثارة الحقد والبغضاء بين شعوبها،وهذا المراسل المتعصب والحاقد على كل ما هو مخالف لرايه هو نموذج مثالي لدراسة تلك القناة ومذيعيها ومراسليها وما يقومون به من اعمال تخالف العقل والمنطق وتتقرب الى الارهابيين والمتطرفين من شتى الاتجاهات وخاصة الشاذة عن الغالبية المؤمنة بالحلول الوسطية والاعتدال في الرأي والعمل.
في الصفحة الاولى صورة تجمع المؤلف بأسامة بن لادن،ومن خلالها تتبين العلاقة الحميمة بينهما مما يشير اليه الكاتب في ثنايا الكتاب،والدليل الاخر كون هذا المراسل من النادرين جدا من الذين التقوا بزعماء واتباع طالبان والقاعدة لكونه مؤيدا وناشرا لافكارهما مما يجعل الرأي بأن محاكمة عدد من مراسلي الجزيرة في الغرب له دوافع قانونية لكون اعمالهم بعيدة عن المهنية.
يبدأ الكتاب بمقدمة فيها 18 ملاحظة من الكاتب حول بن لادن والقاعدة وطالبان،مما يشير الى ان الكتاب يمثل رأي المؤلف وليست مقابلات حظرت طالبان نشرها،وهي التي سمحت له بأجرائها!! وضعها في بداية الكتاب حتى يتسنى للقارئ العاجز عن اتمام قرائته للنهاية قراءة المقدمة التي تمثل رأي كاتبها،في الملاحظات 4،3،2 يبدي الكاتب اعجابه بالقاعدة وزعيمها وكيف سيطرت على حركة طالبان التي يعترف بتقليديتها بينما القاعدة ممثلة بجيل متعلم،وكيف ان المنظمة ابتعدت عن الانقسامات وصمدت بدون دعم،والحقيقة ان المنظمة رغم انتماء عدد من المثقفين لها الا ان القادة فيها من طبقات فقيرة غير متعلمة وان انتماء اعداد قليلة من المتعلمين لا يشير الى انفتاحها ومرونتها بل العكس صحيح ان تشددها وخاصة مع اي تمرد فكري او مسلح لاتباعها هو الذي ابعدها من الانقسامات كذلك انتشار الافكار الطائفية والسلفية في المجتمعات الاسلامية هو الذي يسهل للقاعدة وما شابهها من منظمات تسهيل تجنيد الشباب خاصة اليائس منهم من الاوضاع الراهنة،وحتى الدعم المالي الذي تحصل عليه القاعدة فهو ضخم ولا يقارن بما تحصل عليه الحركات الاخرى وهو يأتي بالدرجة الاولى من تبرعات الاثرياء في الخليج وبعضهم يتبوء مناصب حكومية رفيعة وهي ليست بالضرورة اعتناق فكرهم بل الالتقاء عند المشترك الاكبر وهو الطائفية المتعصبة التي لا تجد سوى في المذهب السنى وفق التفسير المتشدد الممثل الشرعي والوحيد للاسلام!وما عداه هو كفر وضلالة ومما يسر لهم تحقيق اهدافهم وجود تلك المنظمة العنيفة التي تستخدم اقذر الوسائل وابشعها لتحقيق اغراضها بالاضافة الى فرض الاتاوة على مناطق سيطرتهم في عمل شبيه بالمافيا ومن يستطيع القول لا فمصيره القتل بالف حجة شرعية!.يبدي في الملاحظات 5-10 رأيه الممزوج بالاعجاب حول قدرة القاعدة وزعيمها على تجنيد المقاتلين من مختلف البلاد وقدرته على تحويل افغانستان الى دولة مهمة في رأيه تتصدر المناطق المتوترة في العالم،والحقيقة انه في ظل توفر الامكانات المادية الهائلة مع وجود اعداد هائلة من المتعصبين والناقمين على الاوضاع في العالم الاسلامي فأنه من السهولة بمكان ما تجنيد بضعة الآف ويكفي وجود شيخ متعصب بينهم يمكنه ان يجند اضعاف ما تملكه القاعدة في خطاب تحريضي مدعوم بالنصوص الشرعية،اما اهمية افغانستان فهي فقط مكان يختبئ فيه الارهابيون والمتعصبون نظرا للطبيعة الجغرافية القاسية التي تبعد الحضارة والاستثمار فيها مما يجعلها بعيدة عن الاهتمام العالمي،في ظل معيشة تقارن بالعصور الوسطى وبالتالي ان سيطرة هؤلاء زادت من تخلف البلاد وفقرها ولم ينتبه العالم الا بعد ان اصبحت مدرسة لتخريج المتطرفين للعالم الخارجي .يكشف في الملاحظة 12 ظاهرة بروز بن لادن واتباعه في الاعلام الخارجي والحقيقة ان توفر الانترنت والفضائيات اتاح لهؤلاء فرصة البروز مصحوبة ببشاعة اعمالهم الارهابية التي تجلب الانظار وكذلك توفر وسائل الاعلام المؤيدة لبعض افكارهم ان لم تكن كلها وعلى راسها قناة الجزيرة التي يعمل فيها مما سهل عليهم فرصة الظهور التي ينحرم منها الكثير من الحركات والمعارضين في العالم العربي ولا يعود سبب ظهورهم الى عبقريتهم بل بقدر اعمالهم التي تحاول الكثير من وسائل الاعلام الغربية ترويجها لتشويه الدين الاسلامي واتباعه المستنيرين والمعتدلين.الملاحظات الاخرى ليست بالاهمية فهي تكرار لخطاب القاعدة بما انجزته من تهديد وهمي للعالم وتبيان زيف حضارته.في الفصل الثاني يتحدث عن اللقاء الاول مع بن لادن بعد مرور عدة سنوات على اخر لقاء بينهما ويتحدث عن معارك المقاتلين العرب قبل سيطرة طالبان على كابول والتي يذكرها خطا انها سبتمبر1997 والحقيقة سبتمبر1996م و كتب عن رحلته الصعبة للقائه وتحدث بصورة مختصرة جدا عن مآسي الفقر والجفاف تحت حكم طالبان الذي يمتدحه طويلا في كل شاردة وواردة!وتحدث بعد ذلك عن الاجراءات الامنية المتشددة التي تتخذها المنظمة لزعيمها وعن اوصاف مسلحيها التي تكاد تكون متطابقة في كل مكان،لحية ولباس قصير مع لهجة سعودية او يمنية في الغالب،في اللقاء الاول تحدث بن لادن عن آرائه ومدح مؤلفات وخطب الشيوخ المؤيدين لفكره مع أقتباس لها،وفي الحقيقة ان بن لادن ما هو الى ثمرة من ثمرات التعصب والكراهية والعنف التي تغطي المجتمع في الجزيرة وبالتالي ان القضاء عليه وعلى منظمته لا يكون نهاية العنف والتعصب مادام الفكر المدعوم من الدولة باقيا ومسيطرا هناك فسوف يولد اجيالا عديدة من المتعصبين.يعترف في لقاء بن لادن بان دوره تحريضي وبالتالي ان الحديث عن اي دور قيادي أو تنظيمي له هو ضرب من الخيال وتضخيم لصورة غير حقيقية،وبالتالي ان اختفاءه في رأي الشخصي لن يكون له دور على مسيرة منظمته.
التعليقات (0)