في حادثة اقرب الى الخيال العلمي ..وبشعور اقرب الى فغر الفاه..طالعتنا الانباء بخبر انتحار الرئيس الكوري الجنوبي السابق روه مو هيون، صباح اليوم السبت.
فلقد عمد الرئيس السابق إلى اختيار طريقة غريبة للانتحار من خلال القفز من اعلى قمة جبل قريب من منزله. بعيد خروجه الصباحي المعتاد للمشي في الجبال..وبعد ان ترك وصية انتحار حسب محامي العائلة.
والاغرب من ذلك ان يأتي انتحار السيد هيون بعد تحقيقات جنائية ربطت بينه وبين فضيحة فساد وادت الى اعتذاره علنا واعترافه بتلقي زوجته -دون علمه- رشى تجاوزت الستة ملايين دولار من أحد رجال الأعمال، اثناء فترته الرئاسية التي دامت خمس سنوات وانتهت العام الماضي.
وكاني اسمع الآن- من هنا- قهقهات السادة الراسخون في الفساد من هذا "الغشيم" الذي لم يحسن تغطية ستة ملايين دولار فقط ..رغم كونه رئيسا.. وعدم قدرته على التعتيم وايلاج الحالة في اللاتحديد والضياع..وا دخال اعضاء اللجنة التي تجرأت وتطاولت ولم تتوان عن المس بالذات الرئاسية السامية وبحرمه المصون في دوامة من التفسيرات القانونية الملتبسة المؤدية الى ضمان حصول كل منهم على عقوبة مناسبة ونقلهم الى اقرب مكان من المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين..
وهنا تتجلى العبقرية الفذة الممزوجة ببعد النظر لانظمتنا الراكزة في الحكم من خلال التغييب التام والمتعمد للآليات الرقابية والمحاسبية وتحييد مؤسسة القضاء والتحجيم الكامل للرأي العام الممثل بمؤسسات المجتمع المدني والصحافة الحرة الملتزمة.وتغليف الفساد وتسويقه كممارسات ثورية نضالية تستهدف الحفاظ على المصلحة العامة والتزام تطبيق القوانين وتنفيذها وفق الصورة المثلى المرسومة لها.او في اسوأ الظروف كاجتهاد خاطيء يحصل فيه الموظف المسؤول على اجر واحد فقط بدون حوافز ولا علاوات..فما قيمة بضعة ملايين من الدولارات امام تبديد سمعة مجتمعاتنا الفاضلة في المحافل الدولية وتلطيخ سمعة الوطن والاساءة الى نصاعة ونزاهة السادة المسؤولين ..
وتبرز تلك العبقرية في صورة اكثر وضوحا من خلال عدم احتفاظنا بالرؤساء السابقين ضمن منظوماتنا السياسية ..لكي لا نتحمل اوزار ما ارتكبوه في حاكمياتهم السابقة خصوصا ان كانوا من طراز هذا الرئيس الروه مو هيون الذي يعتبر وصمة عار على جبين اصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
لقد انتحر الرئيس الكوري الجنوبي لأنه ثقل عليه ان تسقط سمعته امام شعبه وامته وان يتهم في وطنيته ونزاهته.. فكان انتحاره كابراء للذمة وكقربان لاثبات نقاء سيرته ونظافة يده من السحت الحرام والاساءة الى المال العام..لقد انتحر الرئيس الكوري من اجل موضوعة قد تبدو ثانوية هنا يطلق عليها الشرف ..وهذا من المستبعد ان تتفتق عنه تلك العبقرية التي تحدثنا عنها..ومن المستبعد ان تمر على خاطر السادة المرتشون الكرام..
قال الرسول الكريم"صلى الله عليه وسلم مخاطبا الامام علي ابن ابي طالب "عليه السلام": يا علي من السّحت: ثمن الميتة، وثمن الكلب، وثمن الخمر، ومهر الزّانية، والرّشوة في الحكم، وأجر الكاهن.
التعليقات (0)