قبيلة سليم - السودان
قبيلة سليم (بكسر السين) هي إحدى قبائل السودان ، وهي قبيلة عربية رعوية تتخذ من بقاع السودان جغرافياً الاتجاه الجنوبي على امتداد النيل الأبيض ، وهي تقع داخل ولاية النيل الأبيض الحدودية مع دولة جنوب السودان ، ويمتد انتشارها من جنوب مدينة كوستي من منطقة (الرديس) شمالاً إلى (جوري والنعيم والرشيدي وأم جلالة والكويك داخل النيل الأبيض حتى منطقة (تُنجا) جنوباً جنوب أعالي النيل في دولة جنوب السودان .
ولأن امتداد وانتشار قبيلة سليم بطبيعته الرعوية الذي يتطلب الحل والترحال ، جعل من القبيلة أن تكون متجولة معظم العام ما بين الشمال والجنوب سعياً للكلأ كعادة القبائل الرعوية وخصوصاً قبائل البقارة بالنيل الأبيض والتي تعتبر قبيلة سليم أشهرها من حيث الأغلبية والوفرة في قطاعات الماشية من (أبقار وأغنام وأبل ، وغيرها )،حيث أن انتشار القبيلة وامتداد سعيها يصل في أحايين كثيرة إلى بحر الغزال والهجرة شمالاً إلى شمال غرب مدينة كوستي إلى منطقة (كردفان) لفترة ثلاثة أشهر أو أقل ومن ثم العودة إلى الجنوب مرة أخرى .
يلاحظ أن تواجد قبيلة سليم في الجنوب معظم العام عدا الشهرين أو الثلاثة التي يهاجرون فيها شمالاً سعياً للكلأ ، مما يدل هذا الارتباط بالمنطقة جغرافيا على أن هناك مناطق للمصايف وأخرى للمخارف ، فيعني بطبيعة الحال أن هنالك حل مكون من نسيج اجتماعي عريض ذا خصوصية ، وهذا الكيان يعتبر القاسم المشترك في تكوين عنصر القبيلة التي يتبين لنا أنها (رعوية زراعية) في نفس الوقت .
في عهد الاستعمار البريطاني وضع (المطيمر) (اوجبيل محمد آغا) حداً لقبيلة سليم ألا تتخطاه جنوباً ، وبعد خروج الإنجليز رجعت الحياة الى سيرتها الاولى بلا حدود ولا قيود ، ثم التنقل الى جنوب مدينة ملكال وكانت العلاقات ممتازة للغاية والصلات طيبة مع كل (مكوك) شلك والحكومات والاهالي ، لم تكن هناك أي مشاكل ولا خلافات ولا نزاعات وتميزت جداً هذه العلاقات في عهد المك (كور) مك الشلك آنذاك والعمدة (الزين موسى علي) عمدة قبيلة سليم ومولانا (الشيخ النور المقبول) .
في عام 1952م حدث تطور تلقائي وذلك عندما قامت أربعة مشاريع قطن في مناطق الرعي وهي (ود اكونه وليو امارة والبشارة وبر وكدودك) فكان معظم المزارعين اصحاب هذه الحواشات من رحل سليم عدا القليل جداً من قبيلة الشلك وآخرين ، وفي العام 1974م توسعت فرص الاستثمارات في مجالات كثيرة ، فقامت المشاريع الزراعية والآلية المطرية والاسواق التجارية واسواق المحاصيل وزرائب المواشي والمنتجات الغابية كالصمغ العربي والفحم وغيرها ومصائد الأسماك والجنائن والخضروات ، كما توجد قرى ثابتة وفرقان تتنقل في كل مناطق أعالي النيل .
ما سر التواجد في الجنوب طول العام ؟
العلاقة بالجنوب موطن حقيقي له جذور وثوابت قديمة وعلامات ظاهرة وشواهد واضحة المعالم ، حيث توجد كل مقابر أسلافنا قبل ثلاثمائة عام منذ العام 1720م كضرائح المشائخ (الشيخ بر أبو نوح سيد القلم واللوح) له بنية من الحطب تجدد سنوياً وضريح الشيخ (سليمان أبو داؤود والنمر أبو عاجات حافظ الأمانات ) كذلك له بنية من الحطب تحمل الرايات والأعلام وهم أبناء العارف بالله (الشيخ جودات بن علي السماني) الذي درس القرآن الكريم والعلوم الإسلامية والأذكار الخلوتية بالمدينة المنورة على يد الأستاذ الجليل والمربي الروحي الشهير مؤسس الطريقة السمانية (الشيخ محمد بن عبدالكريم السماني) .
إن علاقة قبيلة سليم بالجنوب ليست موسمية كعلاقات قبائل (الصبحة ورفاعة ونزه وغيرها) من القبائل العربية التي تقطن بالنيل الأبيض ، بل هي دائمة ومستديمة طول العام .
أما عن أفرع القبيلة .. تنقسم قبيلة سليم إلى خمسة عشر خشم بيت وهي :
[1] ناس : عطية .
[2] ناس : براهيم .
[3] ناس : سليطين .
[4] ناس : سماعين .
[5] ناس : دريس .
[6] ناس : عوادة
[7] ناس : بلل .
[8] ناس : أبو الضهيبة .
[9] أم كسبة .
[10] أولاد سليم .
[11] أولاد تاير .
[12] حكيما .
[13] الزييدات .
[14] ناس : عبدالله
[15] ناس : سرور .
هذه هي الخمسة عشر بيتاً المكونة لقبيلة سليم ، وكل خشم بيت يتفرع بطبيعة الحال إلى أفرع أخرى (أبناء راجل) .
عمودية قبيلة سليم :
كل قبائل البقارة بالنيل الأبيض سابقاً كانت تحت لواء واحد وهي (نظارة عموم البقارة) والتي كان يقودها الناظر المكي عساكر ، فعندما كانت الحاجة لعمودية منفصلة لقبيلة سليم حسب متطلبات الحياة في عصر قريب ، ذهب وفد من قبيلة سليم للناظر عساكر مطالبين بعموديتهم ، فوافق على ذلك ومنحهم العمودية ، فكان أول عمدة لقبيلة سليم هو العمدة موسى وجاء خلفاً له بعد وفاته العمدة الزين الذي كان عمدة لقبائل سليم أكثر من ثلاثة وستون عاماً .
نبذة عن العمدة الزين موسى :
هو الزين موسي علي سليمان ولد في العام ١٩٢٣م توفي وعمره اثنان وثمانون عاماً ، كان شهماً فارساً ، قوياً وأميناً ينصر الضعيف في أي مكان ، محباً للطرفة كريمآ جوادا محب لأبناء القبيله لا يتراجع عن مبادئه ، عايش عبود والنميري والذهب والمهدي والبشير آلت إليه العموديه وهو إبن ستة عشر عاما ، لم يخب ظن أحد في أي شي ومع هذا كان له ماله الخاص يصرف منه علي نفسه لم يجعل من منصبه مأكله ، فكانت له ما يقارب ألف بقره تسمي (عايره) وله مشروع زراعي ، متزوج من أربعه نساء له سبعه من الأبناء الذكور.
من بعض مواقفه أبان حكم نميري : دخل ذات يوم علي النائب ابوالقاسم محمد إبراهيم ، فقال له أبو القاسم يا شيخ الزين فقاطعه قائلاً : السيد النائب لو سمحت انا عمده ما شيخ !! وعندما حلت الإدارة الأهلية علي مستوي السودان سنة٦٩ هو الوحيد الذي لم يحل .
كان حكيمآ سريع الرد حاضر البديهة لا تفوته المواقف يعطي كل ذي حق حقه توفي رحمه الله بعد معاناة مع المرض وكان يصرف شؤون العمودية إبنه (نصرالدين) عمدة سليم حالياً ، رغم أن له إخوة يكبرونه لكن هذه رغبة والده ونظرة أب لأبنائه .
في العام ٢٠٠٥م وافته المنية وهو طريح الفراش ، له كنيتان أبوموسي وابوقرجه ومازال حياً في وجدان القبيلة التي أجمعت عليه كما لم تجمع علي أحد من قبل .. له الرحمه والمغفرة.
عن شجاعة وكرم قبيلة سليم :
• إن قبيلة سليم ذات تاريخ حافل بالشجاعة والشهامة والمروءة والذكاء الفطري ، وذاخرة بالصلات الطيبة (إكرام الضيف واحترام الغريب وحسن الجوار)
• ففي الأبيات التالية يتحدث الشاعر : موسى سدي – أحد شعراء القبيلة المعروفين عن شهامة وكرم القبيلة يقول :
نحنا سليم وسليم أبونا
نحلة في (كركور) ما تنهشونا
( نكتلو) اكبر الصيد ونسلوا سنونا
كان ابينا بالطلب الترك ما بعصرونا
يا تو الما حلبنا بقرتا اللبانه
وياتو الما كلتنا اكبر تيرانه
شيلت حرابنا تشبه ام بشار
وحس تراكيشنا طيراً فقط ما طار
بينين في الديار وكان جينا خطار
ونكتلو جنانا لي جنى الجار
شهامة وفراسة وكرم .. لا أظن أن هنالك أجدر من هذا الحديث وصفاً يقال في مثل هذه القيم والموروثات .
التعليقات (0)