قبل الرحيل ...

حانت اللحظة، وها أنا ذا راحلة والحزن يستنزف كلامي حتى أصبح صمتي بليغا"، انها اللحظة التي يصمت فيها الكلام وتدمع العينان ويغشى السكون ليزلزل كل عمق قد أنتهي اليه...

الحزن يعتصر القلب والأسى يشّل أي ثورة تمرد قد تعصف باحساسي، ما أشد وقع الفراق لكني أتصبب ألما ها هنا ولا أمل يلوح في الأفق يبشّر برائحة فرح قد تأتي ولو بعد حين...

لست أنا من سيرحل ،انها بقاياي الباقية من فتاتي وبعض الرماد من تلك الأحلام المحروقة ،وكل تلك الذكريات التي برعت  في تمزيق أشلائي والقليل القليل منها التي ستذكرني بمن أحبهم...

وآثار طعنات  قسمت الظهر ووابل كلمات ما زالت في أذنيّ ترن ووقع خطوات آلمتني حينها...

لا شيئ يغنيني عن صمتي ولا هنالك  تصرف قد يشفي غليل قهري، ولا من عدالة قد ترجع لي أي حق من حقوقي...

سامحتهم في جرحي فليأذنوا لي بالرحيل فما بقي من الوقت أقل من ما قد فات...

ومن حقي أن أمشي في شوارع لا تربطني بها أي ذكريات  مؤلمة ومن حقي أن أستنشق هواء بدون أن أشم رائحة من أبغضهم فيه ومن حقي أن أذهب لمن لا يعلمون بضعفي و مأساتي فلا يشفق عليّ بعضهم ولا يشمت بي أكثرهم... 

لم أجد من  يسمع دويّ صمتي ليودعني بكل الحب وليتمنى لي الخير غير أمي، حين التقت عينانا انتحر الكلام وانحصر الألم بيننا وتعاهدنا يومها أن تبقى عينانا متعانقتين حتى في بعدنا وأقسمت أنا  أن ألتزم الصمت حتى أرى عيناها مرة أخرى...