مواضيع اليوم

قبل إعادة إنتاج المآسي

جريدة بلادي اليوم

2013-07-21 05:49:20

0

خصَّص تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق جزءاً مهمّاً من صفحاته عن الحملات الإعلامية، التي شهدتها البحرين في العام 2011، ونتذكر جميعاً كيف كانت الاتهامات والمحاكمات تجرى على الهواء مباشرة، كما نتذكر النداءات والخطب والتصريحات والكتابات التي بثت من أجل الانتقام من هذه الفئة أو تلك، وكيف انتهى الأمر بصورة مأساوية.

في (23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011) نُشر تقرير تقصي الحقائق، ونُشرت التوصيات، وتمت الموافقة عليه من القيادة السياسية، وكانت الآمال معقودة على أن يستفيد الجميع مما ورد في التقرير، وأن يتم تنفيذ التوصيات، وأن يتم تصحيح الشقِّ الحقوقي من الأزمة، وأن يفسح هذا المجال نحو معالجة الشقِّ السياسي من الأزمة.

الآن وبعد مضي فترة غير قصيرة على إصدار تقرير تقصي الحقائق، نعود مرة أخرى لنعيش أجواء محمومة ودعوات من كل جانب، جميعها تؤجج الوضع وتشوشه، وتدعو إلى حسم الأمور عبر وسائل عرفتها البحرين ولم تستفد منها سوى تضييع الفرص والجهود.

الامتحان الذي تمرُّ به بلادنا عسير جدّاً، لكن المشكلات المستعصية قد يصنعها ويعقِّدها الإنسان عندما يترك العنان للعواطف والغرائز من دون تفحص ما حصل في الماضي، ومن دون أن يفكر جيداً في المستقبل. وكذلك الحال على الجانب الإيجابي، فإن الحل يمسك به الإنسان الذي يغلِّب العقل على العاطفة، والذي ينظر إلى الأمور بعمق تأريخي، وبرؤية حضارية نحو مستقبل أفضل.

من السهل جدّاً الانجذاب إلى الحسم عبر القوة، أو اللجوء إلى العنف، أو الاستمرار في الاعتماد على القمع، أو الانخراط في الانتقام وتوظيف الأحقاد... ونحن مهما فعلنا في هذا الجانب فلن نتغلب على مخلوقات الغابة التي لا يوجد لديها غير أسلوب البطش والقوة، لكن تلك المخلوقات لا تصنع حضارة، ولا تفكر إلا في قوت يومها، وفي لذَّتها اللحظية. أما الإنسان العاقل فهو يفكر في تبعات خطواته، ولذلك يستطيع أن يتغلب على المشاكل والمصائب، ويبني ويعمِّر، وينتج وينشر الخير.

عندما يزداد المتحدثون بلغة الانتقام يتشظى الطريق بمزيد من المعاناة، وتختفي الأصوات التي كان بإمكانها أن تحقق خيراً للجميع.

وإذا كان التأريخ سيسجل علينا مواقفنا، فإنني أقف مع كل الداعين إلى مراجعة «ألف باء» الحل المنصوح به، وهو ليس بجديد؛ لأنه ذُكر في تقرير تقصي الحقائق، وذُكر في كل التقارير والتصريحات الصادرة عمَّن اطلع على وضع البحرين بصورة موضوعية.

ما نحتاجه هو الوقوف ضد العنف وضد القمع، وأن نفسح المجال للمساعي التي تحقق الأمن والاستقرار والتنمية وتحفظ الحقوق الأساسية لجميع المواطنين عبر المساواة، وهذه جميعها تحتاج إلى من يفكر ويتأمل قبل النطق بأية كلمة لكي لا نساهم في إعادة إنتاج المآسي.

مقالات للكاتب منصور الجمري 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !