قبر الأمام البخارى
وفاة البخارى
قال ابن عدي : سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي يقول :
جاء محمد بن إسماعيل إلى خرتنك - " قرية " على فرسخين من سمرقند -
وكان له بها أقرباء ،
فنزل عندهم ، فسمعته ليلة يدعو ، وقد فرغ من صلاة الليل :
اللهم إنه قد ضاقت علي الأرض بما رحبت ،
فاقبضني إليك ، فما تم الشهر حتى مات . وقبره بخرتنك .
وقال محمد بن أبي حاتم : سمعت أبا منصور غالب بن جبريل
وهو الذي نزل عليه أبو عبد الله يقول :
إنه أقام عندنا أياما ، فمرض ، واشتد به المرض حتى وجه رسولا إلى مدينة سمرقند في إخراج محمد ، فلما وافى تهيأ للركوب ، فلبس خفيه ، وتعمم ، فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها ، وأنا آخذ بعضده ،
ورجل أخذ معي يقوده إلى الدابة ليركبها ، فقال - رحمه الله - : أرسلوني ، فقد ضعفت . فدعا بدعوات ،
ثم اضطجع ، فقضى رحمه الله . فسال منه العرق شيء لا يوصف . فما سكن منه العرق إلى أن أدرجناه في ثيابه .
قبر الأمام البخارى
وكان فيما قال لنا ، وأوصى إلينا أن كفنوني في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ففعلنا ذلك .
فلما دفناه فاح من تراب قبره رائحة غالية أطيب من المسك ، فدام ذلك أياما ،
ثم علت سواري بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره ،
فجعل الناس يختلفون ، ويتعجبون .
وأما التراب فإنهم كانوا يرفعون عن القبر ، حتى ظهر القبر ،
ولم نكن نقدر على حفظ القبر بالحراس . وغلبنا على أنفسنا ،
فنصبنا على القبر خشبا مشبكا لم يكن أحد يقدر على الوصول إلى القبر
فكانوا يرفعون ما حول القبر من التراب ، ولم يكونوا يخلصون إلى القبر . .
وأما ريح الطيب فإنه تداوم أياما كثيرة ، حتى تحدث أهل البلدة ، وتعجبوا من ذلك ،
وظهر عند مخالفيه أمره بعد وفاته ، وخرج بعض مخالفيه إلى قبره ،
وأظهروا التوبة والندامة مما كانوا شرعوا فيه من مذموم المذهب .
قال محمد بن أبي حاتم : ولم يعش أبو منصور غالب بن جبريل بعده إلا القليل ،
وأوصى أن يدفن إلى جنبه . [ ص: 468 ]
النبى فى انتظار البخارى
وقال محمد بن محمد بن مكي الجرجاني :
سمعت عبد الواحد بن آدم الطواويسي يقول :
رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم ، ومعه جماعة من أصحابه ، وهو واقف في موضع ،
فسلمت عليه ، فرد علي السلام ، فقلت : ما وقوفك يا رسول الله ؟ قال : أنتظر محمد بن إسماعيل البخاري .
فلما كان بعد أيام . بلغني موته ، فنظرت فإذا قد مات في الساعة التي رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها .
وقال خلف بن محمد الخيام : سمعت مهيب بن سليم الكرميني يقول :
مات عندنا البخاري ليلة عيد الفطر
سنة ست وخمسين ، وقد بلغ اثنتين وستين سنة ، وكان في بيت وحده ،
فوجدناه لما أصبح وهو ميت .
وقال ابن عدي : سمعت الحسن بن الحسين البزاز البخاري يقول : توفي البخاري ليلة السبت ليلة الفطر عند صلاة العشاء ، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر سنة ست وخمسين ومائتين . وعاش اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما .
وقال محمد بن أبي حاتم : سمعت أبا ذر يقول : رأيت محمد بن حاتم الخلقاني في المنام ، وكان من أصحاب محمد بن حفص ، فسألته - وأنا أعرف أنه ميت - عن شيخي رحمه الله ، هل رأيته؟ قال : نعم ، رأيته وهو ذاك ، يشير إلى ناحية سطح من سطوح المنزل . ثم سألته عن أبي عبد الله محمد بن إسماعيل ، فقال : رأيته ، وأشار إلى السماء إشارة كاد أن يسقط منها لعلو ما يشير . [ ص: 469 ]
الناس تتوسل بالبخارى وتصل صلاة الإستسقاء عند قبره
وقال أبو علي الغساني : أخبرنا أبو الفتح نصر بن الحسن السكتي السمرقندي :
قدم علينا بلنسية عام أربعة وستين وأربعمائة . قال : قحط المطر عندنا بسمرقند في بعض الأعوام ،
فاستسقى الناس مرارا ، فلم يسقوا .
فأتى رجل صالح معروف بالصلاح إلى قاضي سمرقند ،
فقال له : إني رأيت رأيا أعرضه عليك . قال : وما هو ؟ قال :
أرى أن تخرج ويخرج الناس معك إلى قبر الإمام محمد بن إسماعيل البخاري ، وقبره بخرتنك ،
ونستسقي عنده ، فعسى الله أن يسقينا . قال : فقال القاضي :
نعم ما رأيت . فخرج القاضي والناس معه ، واستسقى القاضي بالناس ،
وبكى الناس عند القبر ، وتشفعوا بصاحبه ،
فأرسل الله - تعالى - السماء بماء عظيم غزير ،
أقام الناس من أجله بخرتنك سبعة أيام أو نحوها ،
لا يستطيع أحد الوصول إلى سمرقند من كثرة المطر وغزارته ،
وبين خرتنك وسمرقند نحو ثلاثة أميال .
http://www.islamweb.net/newlibrary/d..._no=60&ID=2172
التعليقات (0)