قانون الغدر ..
وقانون الغدر لمن لا يعرفه هو القانون الإستثنائي الذي قرر العسكر اللجوء اليه بعد ثوره 23 يوليو 1952 عندما إستمرءوا الحكم ورفضوا العوده الي ثكناتهم ولكن مصر في ذاك الوقت كانت تثري بالأحزاب السياسيه الضاربه الجزور في كل شبر من أرض مصر وتزخر بقامات عاليه من رجال السياسه لا يستطيع العسكر حيالهم شيئا فكان الحل هو اللجوء الي هذا القانون لإجتثاثهم وحرمانهم نهائيا من ممارسه العمل السياسي حتي تخلوا الساحه السياسيه الا من العسكر , وقانون الغدر يماثل قانون "إجتثاث البعث" في العراق ..
وقد أصدر مجلس قياده الثوره آنذاك مرسوم بقانون رقم 344 لسنه 52 بشأن جريمه "الغدر" ثم تم تعديله بقانون رقم 173 لسنه 53 ومفاده أن كل موظف عام أو مكلف بخدمه عامه أو من في حكمهم إرتكب جريمه الغدر إذا قام بعد أول سبتمبر 1939 بفعل من الأفعال الآتيه :-
إفساد الحياه السياسيه وإستغلال النفوذ للحصول علي فائده أو ميزه ذاتيه لنفسه أو لأحد أقرباءه أو أصهاره وكل عمل يقصد منه التأثيرفي القضاء أو التدخل في شئون العداله .... الي آخره
وقد عاقب القانون مرتكبي هذه الأفعال بالعزل من الوظائف العامه وسقوط عضويه مجلسي البرلمان والحرمان من حق الإنتخاب والترشح بل والحرمان من الإشتغال بالمهن الحره مع عدم الإخلال بالعقوبات الجنائيه والتأديبه ..
وقد حدد القانون المحكمه التي تعاقب علي هذه الافعال بأنها تتشكل برئاسه مستشار بمحكمه النقض وعضويه مستشارين من محكمه الإستئناف واربعه ضباط لا تقل رتبهم عن الرائد يعينهم القائد العام للقوات المسلحه ..
مما سبق يتضح أن قانون الغدر قانون إستثنائي قد تم تفصيله بالمقاس لتمكين العسكر من العمليه السياسيه وتفريغ الساحه السياسيه تماما من أي أحزاب أو رجال سياسه أو معارضه , وإن كان القانون سالف الذكر قد نجح فيما وُضع من أجله في ذاك الوقت وإنفرد العسكر بالحكم بدون معارض , إلا أن الإنفراد بالحكم صنع الديكتاتوريه والتي صاحبها كل انواع الفساد بل والدعاره والعهر السياسي وتفشت الرشوه والمحسوبيه طيله ستين عام ..
واليوم في مصر الكنانه , من سيتولي الحكم بعد الفتره الإنتقاليه يحيك نفس القانون مع بعض التعديلات الطفيفه حتي يصبح القانون تفصيلا علي كل من إنتمي في يوم من الأيام للحزب الوطني والنظام البائد ..
وهنا يتوجب التحذير من أن من يحتمي بالقوانين الإستثنائيه ويستخدمها في التنكيل بالخصوم هو مشروع ديكتاتور وسينفرد بالسلطه حتما طالت أو قصرت المده ..
والبناء الديمقراطي السليم لا يستقيم بقوانين إستثنائيه , فالديمقراطيه الحقه لها مخالب وأنياب تستطيع أن تحمي نفسها ..
أما قانون الغدر فالكثير من مواده تتعارض مع مواد الكثير من القوانين التي عُمل بها فيما بعد ومنها علي سبيل المثال القانون رقم 34 لسنه 71 والخاص بتنظيم فرض الحراسه وتأمين سلامه الشعب والذي نص علي جواز فرض الحراسه علي أموال الشخص كلها أو بعضها إذا قامت دلائل جديه علي أنه أتي أفعالا من شأنها الإضرار بأمن البلاد داخليا أو خارجيا أو أضر بالمصالح الإقتصاديه للمجتمع أو أفسد الحياه السياسيه , مع إجازه إيداع مرتكب تلك الأفعال مكان أمين مده لا تزيد عن خمس سنوات ..
وأيضا قانون العيب رقم 95 لسنه 80 والخاص بحمايه القيم من العيب والذي أسند الصلاحيات والمحاكمات الوارده بالقانون السابق 34" الي جهاز المدعي الإشتراكي ومحكمه القيم ..
وقد ألغي نظام مبارك تلك القوانين في التعديل الدستوري لسنه 2007 وما تلاه من قوانين 2008 حتي يسبغ الحمايه علي نظام حكمه ويجنب رجاله مثل تلك المحاكمات ..
وهنا يتوجب التوقف قليلا وإلتقاط الأنفاس ..
الهدف الأول للثوره كان الحريه والديمقراطيه والعداله الإجتماعيه , والعداله يجب أن تطبق علي الجميع وإذا كان من عانينا من ظلمه سنوات طوال يجب أن نحاسبه فالحساب يكون طبقا لقواعد العدل وليس الإنتقام والتشفي والإجتثاث والمحاكم الإستثنائيه بدون ضمانات عداله حقيقيه للتقاضي وبقوانين عفي عليها الزمن حتي نرسي قواعد ديمقراطيه سليمه خاليه من التشوهات ..
واليوم يتم الترويج الإعلامي بين العامه والجهلاء عن القانون سيئ الذكر "قانون الغدر" بهدف حشد رأى عام مؤيد ودافع لتفعيله وهو أمر يُعد كارثه بكل المعايير الديمقراطيه وترويجا لأفكار خاطئه وتدخلا سافرا في سير العداله وتشكيكا في القضاء وأحكامه والنيل من هيبته وهيبه الدوله تمهيدا لهدم الأسس الديمقراطيه التي نبتغيها جميعا لنبني عليها مصر المستقبل , فحذاري يا شعب مصر أن تنساقوا وراء التسويق الإعلامي ذو النوايا الغير خالصه لوجه الله تعالي ..
مجدي المصري
التعليقات (0)