مواضيع اليوم

قافلة الحرية .. نظرة مختلفة

ياسر العزاوي

2010-06-12 16:41:25

0

بدأت الجماهير العربية الغاضبة ممارسة فعالياتها المعهودة في كل نائبة تنزل بالأمة معبرة عن غضبها واستنكارها لمواقف حكامها قبل استنكارها لمواقف العدو الصهيوني.
الجريمة الصهيونية الجديدة جاءت كعمل منظم ومعد له مسبقا وفق الشواهد والادلاءات الكثيرة التي أدلى بها بعض من كانوا على سفن قافلة الحرية لإغاثة الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة وبضمنهم النائبة في الكنيست حنين الزعبي والتي أسهبت عبر شاشة الجزيرة الفضائية بالحديث عن المجزرة المنظمة التي قام بها الجيش الإسرائيلي معتبرة ذلك تحذيرا لكل الدول بعدم تكرار هكذا مبادرات لأنها ستواجه بمثل ما ووجهت قافلة الحرية.
الموقف الإسرائيلي الرسمي المبارك لهذه العملية يعتبر أن القضية لا تعدو عن كونها شانا داخليا ولا احد له حق التدخل بشان إسرائيل الداخلي وما يؤكد ذلك هو الاستقبال الحافل للخطافين الإسرائيليين على رصيف ميناء اشدود الإسرائيلي من قبل المئات من اليهود الذين جاءوا ليعبروا عن دعمهم الشعبي لهكذا مبادرة حكومية، كما أن القادة العسكريين الإسرائيليين أكدوا لوسائل الإعلام أنهم تعرضوا للهجوم والسب والشتم من قبل أفراد القافلة وهم في عرض البحر مما دعا للرد عليهم بالطريقة التي ارتأوها مناسبة، من جانب آخر فان إسرائيل لا تقدم على هكذا خطوة دون دراسة تداعياتها على كافة الصعد وبالخصوص السياسية والعسكرية، وبأسلوبها هذا تؤكد عنجهية العقل الصهيوني واستبداده واستهانته بكل القيم والأعراف الإلهية والوضعية و(العربية) مؤكدة للمرة الواحد بعد المليون انها لا تعترف باي معاهدة للسلام مع العرب ولا تقيم لهم اي وزن اذا ما قررت اي قرار يصب في مصلحتها، كما انها أرادت ان توصل رسالة مفتوحة عبر دبلوماسيتها المعهودة الى كل الأطراف التي تفكر في الوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني المتروك في محنته.
عربيا فان الحكام العرب وكالعادة يستنكرون ويشجبون ويأكلون وينامون وهي ممارسات يومية يقوم بها القادة العرب وعلى مدى ستة عقود من الزمن وقد تكون واحدة ممن اهم أسباب تراجع القضية الفلسطينية هو بقاء الحاكم العربي مدى الحياة على كرسي الحكم ما يستدعي السأم من تكرار نفس القضية وسماعها كل يوم او حتى كل عام، لذلك هم اثروا ان يتقدموا بالحلول الواحدة تلو الاخرى الى الجانب الإسرائيلي (الصديق) في مبادرات مكتوبة كدليل على حسن النوايا والسجايا العربية الكريمة، ولم يوفق احدهم لحد الآن لعمل جريء كطرد للسفير الإسرائيلي او إغلاق لمكتب تجاري او غلق للحدود امام السياح الصهاينة او .. او، وما قامت به مصر بفتحها معبر رفح ما هو الا من باب دفع التهمة عن نفسها لأنها لم تكن طيلة السنوات السابقة باقل من إسرائيل في اشتراكها بفرض الحصار على قطاع غزة الصابرة، واذا كانت إسرائيل قد اكتفت ببناء جدار الفصل العنصري الذي يفصل بين المناطق الفلسطينية والأخرى المحتلة فقد عمل النظام المصري على ايجاد جدار فصل (عربي) يمتد الى عمق 15 متر تحت الارض لمنع هروب الفلسطينيين الى الأراضي المصرية في حال الحاجة والحرج.
ويبقى العرب في كل مواقفهم تابعين في أقوالهم وأفعالهم وحتى مبادراتهم التي تأتي كردود افعال لا كافعال وبالتالي لا يمكن التعويل على اي من المواقف الرسمية العربية والبقاء على امل تصاعد الحس الشعبي الى درجة الغليان للاطاحة بالدكتاتوريات التي باعت القضية المركزية للعرب والمسلمين.
اما الدور التركي المتنامي فهو يكاد يكون اقوى وأجرأ من الموقف العربي ويأتي نتيجة طبيعية لحجم الدولة التركية وطموحاتها امام التخاذل العربي والإسلامي، إضافة إلى إمكانية لعب دور المنافس القوي للإخطبوط الايراني القادم والذي يخشى منه العرب بفعل الاعلام الصهيوني المكثف لبيان عدوانية المشروع الايراني النووي في المنطقة، ولا يمكن للفعل التركي ان ياتي من فراغ او غباء فهم يحاولون استخدام كل الأوراق المتاحة لتكريس دور تركي جديد يمكن على ضوءه السيطرة واللعب بملفات المنطقة الحساسة لصالح مارب وطموحات عودة الإمبراطورية (...) ولكن بالأسلوب الديمقراطي هذه المرة.
من هنا تحاول تركيا مسك الملف الفلسطيني والتلويح بقدرتها على إرادته مرة عن طريق التوسط لتنشيط عملية السلام واخرى بالدخول على خط المقاومة ودعمها وثالثة عن طريق الدعم الإنساني الذي لا يخلو من توظيف لصالح الموقف العام الداعم لأحلام الإمبراطورية، فهي تعي جيدا ان ما بني من دكتاتوريات وإمبراطوريات لا ياتي على طبق من ذهب وانما يحتاج الى تضحيات، وسقوط 19 شهيد و26 جريح لا يعد شيئا كبيرا امام بناء الصرح الإمبراطوري التركي الجديد، لا سيما وانهم استطاعوا هذه المرة من تحشيد المناصرين لهذه القضية من مختلف الجنسيات املا منهم في تفريق الدم واشراك الآخرين في الثار في حال وقوع اي طارئ وهو ما حصل اذ جاء تصريح وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو لوكالة رويترز بعد يوم واحد فقط من المجزرة ليقول : ( حان الوقت الان ليحل الهدوء محل الغضب) وكذلك اشتراطه الافراج عن المعتقلين الاتراك دون الاخرين لعودة العلاقات (التي لم تنقطع) مع إسرائيل كل هذا يدخل في رسم السيناريو التركي الجديد في التعاطي مع الاحداث ذات المنشأ التركي او الإسرائيلي.
ان حالة التراجع العربي وعزلة الشعوب هو الذي يرشح صعود الموقف التركي وحصوله على التأييد الشعبي العربي والاسلامي وهذا ما شهدناه واضحا من خلال تاييد المتظاهرين في البلدان العربية وهتافاتها المؤيدة للموقف التركي غافلين عما يستبطنه هذا الدفع وهذا الدعم الذي عملت تركيا وبكل ذكاء على تاجيجه في نفوس المسلمين والعرب على وجه الخصوص.
الموقف لا يحتاج الى كثير من التامل وكذلك الوقت لا يسمح بعودة الفرص التي تصنع المواقف فيجب الدفع باتجاه استثمار هذه المواقف لصالح اصحاب الشان الفلسطيني الحقيقي وهم ابناء فلسطين والعمل على خصوصيتها العربية والاسلامية وعدم فسح المجال للاخرين لاستغلالها والصعود على امال وطموحات الشعب الفلسطيني المظلوم، المطلوب هو الوقوف الحقيق الى جانب اصحاب القضية والقرار والعمل على لم الموقف الفلسطيني المشتت والدفع به ليكون في مواجهة الحدث وان لا ناكل طعما مادته ابناء جلدتنا من اجل اعادة امجاد الاخرين.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !