فِجْــلِْ يا كـــلاب
حسني مبارك خلال الجلسة الثانية لمحاكمته .. يفتعل إغماض عينيه لكنه يغلي من الداخل
كانت مصر قبل ثورة 23 يوليو 1952م تحكمها أسرة محمد علي أغا الألبانية التي تدين بالولاء والتبعية الإسمية للباب العالي في تركيا . وكان إسم "محمد علي أغا" حسب النطق الأصلي بالألبانية هو "ميهمات علي" ولكنه حوّل نطقه رسميا إلى "محمد علي" للضحك على دقون المصريين والسودانيين وأهل الشام ونجـدٍ والحجاز .
استمر حكم أسرة "ميهمات علي أغا" المباشر لمصر مدة 147 سنة . وقد إستغل أمراء هذه الأسرة والباشوات الأتراك مصر وشعبها وامتصوا دمائه وسرقوا خيراته وجرعوه كؤوس الحسرة والذل والهوان وأجبروا الفلاحين في الأرياف على العمل في مزارعهم وبساتينهم بالسخرة أو بشبع البطن في أفضل الأحوال ....
وبعد أن ألغت ثورة 23 يوليو 1952م المصرية نظام الحكم الملكي وما كان مرتبط به من مخصصات وإمتيازات الأمراء والباشوات الأتراك وأعادت السلطة والثروة للشعب . أفلس جراء ذلك هؤلاء الباشوات ممن ظل مقيما في مصر فبدأوا يبيعون ممتلكاتهم الشخصية لتغطية منصرفاتهم .. وكان من بين هؤلاء أحد الباشوات الأتراك المستمصرين ضاقت به الحال وسدت في وجهه الأبواب واستحال فجره إلى ظلمات . فذهب إلى السوق ليمارس التجارة عل وعسى ؛ فلم يجد من فرصة سوى أن يبيع الفجل فأخذ قفة منه وفرشها في ميدان العتبة .
تعرف عليه المارّة من لهجته وملابسه وملامحه فتحاشوا الإقتراب منه والشراء . بارت بضاعته فغلبته نفسه وغروره وتعاليه عليهم في الماضي والحاضر. فأخذ يصيح وينادي على بضاعته بصوت جهوري مرتفع يخاطب به المصريين:
- فـِجْـــل يا كــلاب ....... فـجـل يا كـــلاب.
.....................
"حُـسني يا كــلاب"
نفس المنظر والقناعات والمناداة على بضاعتها الرخيصة بعنجهية الباشا التركي أعلاه ؛ نراها قد تكررت أمس ترفع صور حسني مبارك تنادي عليه المصريين :
- "حُسني يا كلاب"
ومع فارق بسيط وهو أنها تجيء هذه المرة على يد ولسان حفنة من الشباب الموتور المفلس من المنتفعين بعضوية الحزب الوطني البائد المحظور الذين تجمعوا شرذمة تعد على أصابع اليد الواحدة . (ومنهم من لا يزال يعمل في شركات وفنادق الفراعنة البائدة) لبمارسوا الإحتجاج على "حيـاء" و "دلــع" خارج أسوار أكاديمية الشرطة بضواحي القاهرة أثناء جلسة محاكمة الفرعون حسني مبارك والفراعنة البائدة الصغار الآخرين ..... يمارسون إحتجاج مثير للشفقة وهم لا يكادون يصدقون أو يكيفون عقولهم مع ما جرى عقب ثورة 25 يناير..... أو كأنّ ما جرى ليس سوى كابوس بعد وجبة عشاء دسمة يكفي معالجتها بشرب ملح فـوّار ليعود الحال على أفضل ما يكون.
(حُـسني يا كــلاب)
لا يصدق هؤلاء المصنفون ضمن قوائم المحظوظين في عهد النظام البائد أن الفرعون ونظامه بأكمله قد زالا وإلى الأبد .. وأن عجلة التاريخ لن تعود إلى الوراء . وأن لكل زمان رجاله وواقعه ومعطياته...... هكذا الحال ولا يزال وسيظل كلما سقط نظام سياسي ونشأ آخر مكانه ؛ وأن دوام الحال من المحال. ولو دامت لغيرك ما جاءت إليك...... ومن ثم فلا سبيل أمامهم لبيع بضاعتهم الكاسدة للشعب المصري عبر الصراخ عليها " حسني يا كلاب".
نشاهد هؤلاء الطفيليين الذين إرتبطت مصالحهم بالنظام القائم والحزب الوطني الحاكم من خلال الصور الفوتوغرافية يختلفون بالفعل عن غيرهم من عامة الشباب المصري العاطل المقهور .. فهم لا تزال آثار النعمة والبحبوحة بادية على وجوههم وأزيائهم جراء إلتصاقهم وخدمتهم للفراعنة وباشوات الحزب الوطني البائد ومليارديراته وأجهزة مخابراته وقمعه ... عاشوا في ظلال هؤلاء على إلتقاط الفتات نعم .... ولكنه كان فـتاتا كفيلا بأن يجعلهم يمتلكون الشقق الفاخرة والسيارات الفارهة ، وينامون ملء جفونهم شبعى البطون وقد ذهب الظمأ وابتلت العروق ؛ في حين لا يمتلك أمثالهم من عامة شباب مصر الشرفاء ما يسد الرمق ويستر من ثياب أو مجرد سرير متهالك داخل حجرة منزوية ضيقة.
فشلت قناعات "فجل يا كلاب" ولم يشتري أحد حسني مبارك فبدأ تبادل الرشق بالحجارة بين الثوار أعلاه وباعة حسني مبارك أدناه
وبقيت الشرطة خلال التراشق في خدمــة نفسها بعد أن كانت في خدمة الشعب
وكان لابد للحق أن ينتصر في النهاية ... فانسحب ياعة حسني مبارك سريعا غير مأسوفا عليهم من الساحة وأعلن شياب 25 يناير النصر على طريقة المصارعة الأمريكية الحرة
التعليقات (0)